الرابطة المحمدية للعلماء

الآثار البيئية للأزمة المالية العالمية..

 “ماتيس فاكيرناغل”: “إذا لم نوقف جموحنا الاستهلاكي، فسنُـواجه انهياراً بيئياً عاجلا أو آجلا”

 يطغى على معظم التحليلات المتعلقة بالأزمة المالية العالمية الراهنة التركيز على الآثار الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، دون كبير اهتمام بالآثار البيئية لهذه الأزمة، سيما تلك المتصلة بالآثار المترتبة عنها فيما يتعلق بالموارد الطبيعية. وفي هذا السياق فقد أجرى موقع “سويس أنفو” مع البروفيسور”ماتيس فاكيرناغل”، المختصّ في الاقتصاد البيئي والأستاذ في جامعة كاليفورنيا، حوارا حول هذا الموضوع.

انطلق الباحث من جود علاقة مباشرة بين الأزمة المالية الراهنة واستخدام الموارد الطبيعية؛ مفسرا ذلك بكون نقص الموارد البيئية عادة ما يسفر عن مضاعفات اقتصادية، كاشفا أن الضغط الحاصل على الموارد الطبيعية يعد بمثابة القوة الدافعة التي أدّت إلى الأزمة العالمية التي بدأت مع أزمة الرّهن العقاري في الولايات المتحدة.

وهي الأزمة التي كان لا مفر منها، من وجهة نظر الباحث، من منطلق أن النّـقص في الموارد يؤدّي إلى الرّكود؛ “ففي كل يوم ترتفع فيه أسعار المواد تسقط قيمة الاستثمارات الطويلة الأجل..”

ومع وعي “ماتيس فاكيرناغل” بأن كلّ أزمة من شأنها أن تستبطن جدليا فُـرصا غير متوقعة، إلا أنه يعتبر أن “من الصّـعب التكهّـن حالياً في أي اتجاه ستهُـب الرياح. نحن نقف الآن أمام مفترق طرق: إما أن نعترف جميعاً بالتحدي، ونعمل جميعا على تجاوزه، وإما نمعن في  تعميق حجم الهوة التي أمست ترتهننا جميعا،  ونحن نعتقد، مخطئين، أننا نقوم بِبناء “قلاعنا المحصنة” الخاصة بنا.”

لذلك لا يخفي تشاؤمه لِـما ستؤول إليه مفاوضات الأمم المتحدة حول قضية المناخ في كوبنهاغن عام 2009؛ ففي ضوء الأزمة المالية، وندرة الموارد المالية، سيصبح من الصّـعب إيجاد الحلول للمشكلات القائمة..

وبعد تأكيد “ماتيس فاكيرناغل”أن القرن الحادي والعشرين سوف تُـهيمِـن عليه معضلة نقص الموارد الطبيعية، يفسر ذلك بكون البَـشرية عادة ما تقوم  باستهلاك الموارد الطبيعية بصورة أسرع، وفي الوقت الحالي، تستهلك هذه الموارد بسرعة تزيد عن 30% بالنظر إلى المدة التي تحتاجها هذه الموارد لتتمكن من تجديد نفسها، وذلك بعدما كانت البشرية، قبل 45 سنة، تستهلك ما يناهز النصف فقط ممّـا تستطيع الأرض أن تُـعيد تدوير إنتاجه.

وفي هذا الإطار يحذر الباحث قائلا: “إذا لم نُغيّـر نهجنا في الموارد الطبيعية، فإن ما يسمى “بصمة القدم الإيكولوجية” بحلول عام 2050، ستكون قد نمَـت بمعدّل ضعفي طاقة الأرض البيولوجية. وإذا لم نوقف جموحنا الاستهلاكي، فسنُـواجه انهياراً بيئياً عاجلا أو آجلا.

 ومع أنه لم يستبعد أن يكون للأزمة المالية تأثير إيجابي على البيئة، ولو على المدى القصير، بفعل احتمال تغيير الناس لسلوكياتهم الاستهلاكية في الدول الصناعية، إلا أنه اعتبر أن هذا التأثير لن يكون إلا محدودا بالنظر إلى حجم الأزمة وخطورتها، مشددا على أن “الأرض بحاجة إلى تَغَيـّر نموذجي وجذري في طريقة استخدامنا للموارد الطبيعية”.

وينتقد الباحث التصور الخطي المتصاعد دون حدود للنمو قائلا: ” يتوجب على هؤلاء الذين يدعُـون إلى النُـمو المستمِـر أن يُـدركوا بأنه لا يُمكن الاستمرار هكذا، وبأن الزيادة في استهلاك الموارد الطبيعية تَجعَلنا أكثر فَقراً وتُقَوّض مستقبلنا.” مضيفا أننا” بحاجة إلى إصلاحات ضريبية بيئية تعمل على الزيادة في  الضرائب على الطاقة، بينما تعمل في المقابل على خفض الضرائب المتعلِّـقة بالعمل.. كما دعا إلى تصميم مدن تستهلك أقل ما يمكن من الطاقة.

كما نادى بالأخذ الديناميات السكانية على الصعيدين، العالمي والوطني، بِجدّية أكبَر، خاصة على ضوء ندرة الموارد..منوها،في الوقت ذاته، لما للمرأة من دور مركزي بهذا الخصوص؛ بحيث “إذا تمتّـعت بتعليم أكثر وصحة أفضل، وتحَسّـنت سُبُـل وصولها إلى خَدمات تنظيم الأسرة وأُتيحَت لها المزيد من الفُرص، ستكون الأُسَـر أقل عدداً وستتحسّـن حياة الأطفال..” الأمر الذي سيؤدي، لا محالة، إلى تخفيف الضغط على الموارد البيئية..

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق