مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

اختلاف أقوال مالك وأصحابه

اختلاف أقوال مالك وأصحابه لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري الأندلسي(ت463هـ)

يمثل الخلاف الفقهي مرتبة عالية ضمن درجات سلم علم الفقه، فهو يحكي مختلف أقوال الفقهاء، ويذكر آراءهم في المسألة الواحدة، ويستوعب جميع المذاهب الفقهية المعتبرة، وقد يكون التأليف في الخلاف الفقهي داخل المذهب الواحد إذا تعددت الأقوال والروايات عن صاحب ذلك المذهب، كما هو الشأن بالنسبة لكتاب «اختلاف أقوال مالك وأصحابه» للإمام الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد البر النَّمَرِي الأندلسي (ت463هـ) الذي قصد فيه مؤلفه إلى إبراز الخلاف بين الإمام مالك بن أنس وتلامذته، وتأتي أهمية هذا الكتاب كونه من أهم كتب الخلاف الفقهي في المذهب المالكي، وزاد في قيمته كونه من تأليف الحافظ ابن عبد البر النَّمَري القرطبي الإمام المحدث الكبير الذي يعتبر أحد أساطين المذهب المالكي في عصره، وكبير رجال مدرسة الحديث بالأندلس في القرن الخامس الهجري.

ومن أسف أن الكتاب الذي نتحدث عنه لم يصل إلينا تاما، فهناك قطعتان منه؛ أولاهما في المكتبة الوطنية بالرباط تحمل رقم: (3369ك)، والثانية بخزانة الجامع الكبير بمكناس تحمل رقم: (387=554)، ونشرت القطعة الأولى قبل سنوات، وهي من أول الكتاب، وتشتمل على مقدمة المؤلف، وكتاب الوضوء، وجزء من كتاب الصلاة.

وبالنظر في مقدمة الكتاب نجد المؤلف ينبه إلى أنه اقتصر فيه على ذكر ما حضره من أقوال مالك وأصحابه في مشكلات الفقه والأحكام، ولم يستوعب فيه كتب المالكية لأنه ترك ذلك لمؤلَّف يضم ذلك كله، وطريقته أنه يُعَنْوِن للمسألة التي يريد مناقشتها ثم يورد تحتها أقوال العلماء مجردة بحيث لم يُلزم نفسه التماس الأدلة لكل فريق، ومن غير أن يرجح بين هذا القول، أو ذاك إلا في النادر، فهو هنا مجرد ناقل للأقوال، على خلاف طريقته في «الاستذكار» و«التمهيد» حيث يطلق العنان لفكره وحفظه؛ فيسند الأحاديث والآثار، ويحكم على الرواة جرحا وتعديلا، ويشرح الغريب بينما لم يفعل ذلك في هذا الكتاب، وهذا من دقة منهجه رحمه الله في كل كتاب، وغالبا ما يُصَدِّر بالقول الموجود في المدونة، ثم يعقبه بالأقوال الأخرى، فينسب كل قول لصاحبه، أو يصرح بمصدره، وعلى الرغم من كونه سلك فيه سبيل الاختصار فإن الكتاب يعتبر مصدرا مهما، وديوانا جامعا لا يقل أهمية عن باقي الكتب في هذا الباب مثل «النوادر والزيادات» لابن أبي زيد، و«البيان والتحصيل» لابن رشد، وغيرهما من المصنفات الجامعة لأقوال فقهاء المالكية الأوائل كابن وهب(ت197هـ)، وأشهب(ت204هـ)، وابن نافع(206هـ)، وابن الماجشون(ت212هـ)، وابن عبد الحكم(ت214هـ)، ومطرف(ت220هـ)، وابن حبيب(ت238هـ)، والعُتْبي(ت255هـ)، وغيرهم، ومن بعدهم كيحيى ابن إسحاق بن يحيى الأندلسي (ت303هـ)، وابن زَرْب (ت381هـ)، وأبي بكر الأبهري (ت395هـ)، وغيرهم، وقد سبَك ابن عبد البر مادةَ كتابه بأسلوب سهل يوائم مقصده من الكتاب الذي هو الاختصار.

صدرت قطعة من الكتاب كما سبقت الإشارة إليه بتحقيق د.حميد محمد لحمر، ود.مِيكْلُوش مُورَاني، وصدرت طبعته الأولى عن دار الغرب الإسلامي ببيروت، سنة 2003م.

الكتاب اختلاف أقوال مالك وأصحابه
المؤلف أبو عمر يوسف بن عبد البر النمري الأندلسي (ت463هـ)
مصادر ترجمته جذوة المقتبس(ص586)، ترتيب المدارك (8/127)، الصلة (2/640)، بغية الملتمس (ص589)
دار النشر دار الغرب الإسلامي بيروت، تحقيق د. حميد لحمر، ود. مِيكْلُوش مُورَاني، ط.1 سنة 2003م
الثناء على المؤلف قال ابن بشكوال في الصلة: (2/641): «كان موفقا في التأليف، معانا عليه، ونفع الله بتآليفه»

إعداد: ذ.جمال القديم

Science

الدكتور جمال القديم

باحث مؤهل بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء،

ومساعد رئيس مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بملحقة الدار البيضاء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق