مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةقراءة في كتاب

“إضاءة الدجنة* في عقائد أهل السنة”

للإمام شهاب الدين أبي العباس أحمد بن محمد المقري(تـ1041هـ)

   شهاب الدين أبو العباس أحمد بن محمد المقري التلمساني القرشي المالكي الأشعري، المؤرخ والأديب والحافظ؛ ولد ونشأ في تلمسان بالمغرب  الأوسط، وانتقل إلى فاس، فكان خطيبها والقاضي بها، ومنها إلى القاهرة سنة (1027هـ)، وتوفي بمصر ودفن في مقبرة المجاوريين، وقيل: توفي بالشام مسوما سنة (1041هـ)؛[1].
له مؤلفات كثيرة، في فنون مختلفة، و أشهر ما له في العقائد:

إضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة:

وهي: منظومة في العقيدة الأشعرية.

أولها:
 يقول أحمد الفقير المقري*****المغربي المالكي الأشعـري
الحمد لله الـــذي تــوحيــده *****أجل مـا اعتنـى بـه عبيــده

وآخرها:
ههنا نظـــم العقيـــدة انتهـــى*****مبلغا لمن وعاه مـا اشتهـى
وفــأعـدهـــا بنصــــف ألـــف*****و الرمـز بالجمـل فيـه ألـف
وكان إتـمامي له في القاهرة*****و فيه تاريخ حلاه ظـاهـــره
وأرتـجي من مانح العطـــايــا*****سبحانه الغفـران للخطايـــا
بجاه نبراس الهدى الوهـــاج*****أحمد من أرشـد للمنهـــــاج
كنز البرايا الهاشمي العربـي*****منيلهم ما أملــوا مــن أرب
عليه مع آل و أصحاب علــوا*****قدرا و أتباع بإحسان تـلـوا
أزكى تحيات و أسمى و أتـــم*****يزكو بها مبتــدأ و مخـتـتــم

   قال عنها الإمام عبد الغني النابلسي في شرحه عليها: «العقيدة المنظومة، والعقيلة المعصومة، واللؤلؤة المكنونة، والجوهرة المخزونة، فريدة التوحيد، وخريدة التمجيد، منظومة العلامة، والعمدة الفهامة، سيد العلماء العامليبن، وإمام الفقهاء والمحدثين، شيخ مشايخنا المرحوم أحمد المقري المغربي رحمه الله[2] .
وقال النابغة الغلاوي الشنقيطي في البطليحية:[3]وقال في إضاءة الدجنــة*****المقري قولــة كالجُنــة

تاريخ تأليفها:

   بدأ تأليفها أثناء زيارته للحجاز سنة ( 1038هـ /1629م)، ودرسها في الحرمين الشريفين، وأتمها في القاهرة سنة (1039هـ/1630م)، ثم درَّسها بعد ذلك في الشام، يقول المقري في نفح الطيب:
وإنّنـــي كنـــت نظمــــت فيــه*****لطـــالـبٍ عـقــيـــدةً تكـفــيـــه
سمّيتها “إضــاءةَ الدّجــنّـــهْ”*****وقد رجوت أن تكـون جُنَّـــه
وبعد أن أقـــرأتهـــا بمـصـــرِ*****ومكّة بعضاً من أهل العصـرِ
درّستها لمّا دخلت الشــامـــا*****بجامعٍ في الحسن لا يسامــى
وكان في المجلس جمعٌ وافر*****من جلّةٍ بدورهم سوافرُ [4]

 سبب تأليفها:

   ذكر عبد القادر الغصين تلميذ المقري في سبب تأليف “إضاءة الدجنة”، ما نصه: (…فإني كنت أقرأ عليه صغرى الشيخ السنوسي بمصر، فسألنا منه نظماً في العقائد، فكان كلما قرأ درساً نظمه فيقرأه غداً كذلك إلى أن ختمه). وكانت عند عبد القادر نسخة منها، عليها تعليقات للمقري بخطه، قيدها لدى مروره بمدينة غزة، وكتب المقري في آخر تلك النسخة ما نصه: “يقول مؤلف هذه العقيدة العبد الفقير أحمد وأصلحتُ فيها ما عثرت عليه، وقد كُتب من هذه العقيدة -فيما علمت- بمصر المحروسةِ، والشام، والحجاز، والمغرب، نيف على ألف نسخة، ولله الحمد، وكتبت خطي على نحو المائتي منها، وقد كتبها غالب طلبة مكة لما قرأتها هناك، وأهل بيت المقدس لما قرأتها به أيضاً، وأهل دمشق حين درستها بها، وأخذ منها أصحابنا إلى المغرب والصعيد نسخاً، وكتب لي بعض أصحابنا بالصعيد أنه كتب منها هناك نيف على مائة نسخة، وكذلك برشيد والإسكندرية، جعلها الله خالصة لوجهه الكريم، وكُتب لشوال سنة 1037 [5].

موضوعاتها:

– اشتملت المنظومة على مقدمة وثمانية عشر فصلا وخاتمة، في خمسمائة بيت، عالجت بعد خطبة الناظم  المواضيع  الآتية:
– فصل في أحكام النظر.
– في أول واجب.
– في الحث على النظر.
– في الصفات النفسية والسلبية.
– في المعاني.
– في المعنوية.
– في التعليق.
– في منافيات المعاني والمعنوية.
– في الأمر والإرادة والرضا والمحبة.
– في حدوث العالم.
– في الجائز في حق الله تعالى.
– في الرؤية.
– في أحكام الرسالة والنبوة.
– فيما يجب لهم ويستحيل.
– فيما يجوز في حق الرسل.
– في عدد الرسل في إعجاز القرآن.
– في السماوات الأخروية والبرزخية والبعثية.
– في الحساب والميزان والصراط والشفاعة
– خاتمة في القضاء والقدر ومسائل أخرى تتعلق بعلم التوحيد.
– رواية الناظم لكتب السنوسي في العقائد.

شروحها:

* عبد القادر بن بهاء الدين بن نبهان بن جلال الدين بن تقي الدين أبي بكر المعروف بابن عبد الهادي العمري الدمشقي الشافعي…، ألف كتبا كثيرة منها شرح على عقيدة المقرى المسماة بإضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة[6].
* فتوحات ذي الرحمة، للسيد مختار .
* رائحة الجنة في شرح إضاءة الدجنة – للشيخ عبد الغنى ابن إسماعيل النابلسي الحنفي.
* إرشاد خالقي ومصوري لشرح عقيدة الإمام المقري للشيخ محمد الغدامسي [7].
* الفتوحات الإلهية الوهبية، على المنظومة المقرية، المسماة إضاءة الدجنة، في اعتقاد أهل السنة، لمحمد عليش المصري المتوفى سنة (1299هـ) [8].
* شرح الشيخ محمد بن أحمد الملقب بالداه الشنقيطي[9].

منتخبات من العقيدة:[10]

 وأفــضـــل الأمــــة ذات اـلقــــدر*****أًصحاب من أعطي شرح الصدر
إذ جاء في القرآن ما يقـضي لهم*****بالسبق في آي حوت تفضيلهــــم
وكـم أحــاديـــث عليــهـــم تثـنـــي*****كقولــه خيــر القــــرون قــرنـــي
وقول طـه المصطفـــى لـو أنفقـــا*****فجـــل مــن زكــاهـم ووفـــقــــــا
ثم يليهــم تـــابـــع بـــادي السنـــا*****فتــابــع لتـــابــع قــد أحـسـنــــــا
والخلفـاء الراشـــدون الأربــعــة*****خير الصحابة الألى كانوا معــــه
ورتـــبــــن الفـــضـــــل بــينــهـــم*****علــى خـلافـــة وقــدم عينــهــــم

إلى أن قال:

فهم نجوم في الـسرى من اقتدى*****بهم إلى معالم الحق اهتــدى
فلا تخض فيما من الأمر اختلـط*****بينهم واحذر إذا خضت الغلط
والتمـســن أحســـن المخــــارج*****لهم  فالاجتهــاد ذو معـــارج

 

 

الهوامش:

 

* الدُجُنةُ من الغيم: المُطبقُ تطبيقًا، الريّانُ المظلِم، الذي ليس فيه مطر؛ يقال يومُ دَجْنٍ، ويوم دُجُنَّة، وكذلك الليلة على الوجهين، بالوصف والإضافة. (الصحاح – باب النون فصل الدال).
[1] ترجمته في: خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر لمحمد المحبي طبعة مصر1867م 1/302-311؛ صفوة من انتشر لمحمد الأفراني 143؛ نشر المثاني للقادري 1/291؛ شجرة النور الزكية في طبقات المالكية لمحمد بن محمد مخلوف 1/434-436 رقم 1183؛ تراجم إسلامية شرقية وأندلسية لمحمد عبد الله عنان 245-257؛ معجم أعلام الجزئر (ط 3) 309؛ مقدمة كتاب المقري “روضة الآس العاطرة الأنفاس في ذكر من لقيته من أعلام الحضرتين مراكش وفاس” التي كتبها الأستاذ عبد الوهاب بن منصور؛ اليواقيت الثمينة للأزهري 1/29-30؛ هدية العارفين للبغدادي 1/157؛ نفح الطيب: مقدمة تحقيق الدكتور إحسان عباس و1/13-107 ؛ وغيرها…
[2] رائحة الجنة شرح إضاءة الدجنة، للعلامة عبد الغني النابلسي، خرجها الدكتور، أحمد فريد مزيدي، (ص:6).
[3] البوطليحية نظم في المعتمد من الكتب والفتوى على مذهب المالكيةّ، محمد النابغة بن عمر الغلاوي، تحقيق ودراسة يحيى بن البراء، المكتبة المكية، مؤسسة الريان، الطبعة2، 1425هـ/2004م، (ص:68-69).
[4] نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، أحمد بن المقري التلمساني، تحقيق إحسان عباس دار صادر بيروت ط5 1429هـ/2008م. (5ص:424/425)
[5] جاء في صفوة من انتشر (ص: 146) (… وإضاءة الدجنة بعقائد أهل السنة، درسها بمصر والشام والحجاز، وكُتبت منها أكثر من ألفي نسخة، كَتب خطه على أكثرها.) طبعت بمصر سنة 1304 بهامش شرح العقيدة السنوسية للشيخ عليش.
[6] خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر، (2/ 92)
[7] قطف الثمر في رفع أسانيد المصنفات في الفنون والأثر، لصالح بن محمد العمري المسوفي الشهير بـ: الفلاني تحقيق عامر حسن صبري، دار الشروق، الطبعة الأولى 1405 هـ (1/228)، وإيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامى الكتب والفنون، لإسماعيل باشا البغدادي،عنى بتصحيحه وطبعه على نسخة المؤلف محمد شرف الدين بالتقايا ورفعت بيلكه الكليسى، دار إحياء التراث العربي بيروت – لبنان، (ص: 1/547)، وإيضاح المكنون 1/60،  وشرح “رائحة الجنة”طبع بتعليق وتخريج أحمد فريد المزيدي، دار الكتب العلمية
[8] معجم المطبوعات، ادريس بن الماحي الإدريسي  القيطوني الحسني،تقديم الأستاذ عبد الله كنون بدون تاريخ الطبع (ص: 2/1374)، طبع في القاهرة سنة (1306هـ) بهامش شرح كبرى السنوسي لعليش أيضا المسمى هداية المريد لعقيدة أهل التوحيد وفي أول هذا الكتاب ترجمة حال المقري.
[9] طبع بهامش المنظومة، بمراجعة وتعليق وتصحيح الشيخ أبو الفضل عبد الله محمد الصديق الغماري، طبعة دار الفكر.
[10] منظومة إضاءة الدجنة في عقائد أهل السنة، (ص: 97/98) طبعة دار الفكر بدون تاريخ.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق