مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةقراءة في كتاب

إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه (المتوفى عام: 263هـ) لمحمد الحفيد بن عبد الصمد كنون (المتوفى عام: 1416هـ): منهجه

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا  محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أما بعد؛

فإن علماء المغرب اعتنوا بحديث رسول الله صلى الله عليه رواية، وجمعا، وشرحا، ولهم باع طويل في شروح كتب السنة، ومن المتأخرين الذين اعتنوا بها من آل كنون: العلامة محمد الحفيد، أو عبد الحفيظ بن عبد الصمد كنون، وقد وضع حاشية على سنن ابن ماجة سماها: “إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه”، فمن هو: محمد الحفيد، أو عبد الحفيظ بن عبد الصمد كنون؟ وما هو منهجه في حاشيته المسماة: “إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه”؟

أولا: محمد الحفيد بن عبد الصمد كنون:

إن شح المراجع التي عرفت بهذا العلامة رحمه الله تعالى، جعلني أرجع إلى ما كتبه الأستاذ عبد الصمد العشاب رحمه الله تعالى (المتوفى عام: 1433هـ) في مقدمة تحقيقه لكتاب: “إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه”[1]، باعتباره شيخه، وقد نقل عنه جماعة ممن جاء بعده، منهم: الدكتور إبراهيم الوافي في رسالته المعنونة بـ: “عبد الله كنون (تـ: 1409هـ): العالم المصلح”، فقد عقد عنوانا سماه: من أعلام أسرة آل كنون العلمية[2]، عرف بثمانية أعلام من هذا البيت، منهم مترجمنا، وأنا بدوري أنقل شيئا مما تعرض إليه في تلك الترجمة.

فالعلامة محمد الحفيد، أو عبد الحفيظ –كما نص على ذلك تلميذه الأستاذ عبد الصمد العشاب-، هو: ابن الشيخ المفتي عبد الصمد بن محمد التهامي كنون (المتوفى عام: 1352هـ)[3]، ولد بفاس، ثم حل هو وأسرته بطنجة عام 1320هـ، وأخذ العلوم الشرعية على والده وشيوخ طنجة، وكان مدرسا بالمعهد الديني بطنجة، كما كان خطيبا بالمسجد الأعظم بها إلى أن عزله الاحتلال الفرنسي؛ لتشبته ببيعة الملك محمد الخامس رحمه الله تعالى، فلما عاد المغفور له من المنفى عاد الشيخ إلى التدريس والخطابة، حتى أعجزه المرض عن القيام بمهامه، فوفاته المنية يوم 10 ذي القعدة عام: 1416هـ، ودفن بمقبرة المجاهدين بطنجة.

وقد كان قلمه سيالا، فخلف قبل وفاته مجموعة من التآليف منثورة ومنظومة، وقد عدها الأستاذ عبد الصمد العشاب رحمه الله تعالى ثلاثة عشر تأليفا، غالبها لا زال مخطوطا، وأما المطبوع: فإني أذكر ما قام بشره تلميذه الأستاذ عبد الصمد العشاب رحمه الله تعالى في تسع مجلدات من القطع المتوسط، وهي: حاشيته على سنن ابن ماجه التي سماها: “إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه”.

ثانيا: إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه ومنهج المؤلف فيه:

دون في هذا الكتاب حواش رائقة، وفوائد وطُرَف فائقة على سنن ابن ماجه، قدم الكتاب بمقدمة[4] جليلة، مشتملة على فوائد بمهمات كفيلة، وهي ثلاثة:

فأما الفائدة الأولى: في فضل العلم ومجالسة العلماء، وأفضلية علم الحديث بعد كتاب الله تعالى، وفضل أهل الحديث، مستشهدا بأحاديث نبوية شريفة مخرجة، وأقوال علماء الحديث منظومة ومنثورة.

وأما الفائدة الثانية: في ذكر علم الحديث؛ إذ هو كالذهب الإبريز؛ لأنه يعرف به مراد رب العالمين، ويظهر به مقصود الذكر المبين، من حيث تبيين المجملات، وظهور الأمور الجزئيات، وذكر نبذة من آداب المحدث، وطالب الحديث، وكاتبه.

وأما الفائدة الثالثة: في التعريف بالمؤلِّف رحمه الله تعالى: اسمه، ونسبه، ونسبته، ووفاته، والتعريف بالمؤلَّف، والثناء عليه، وأنه سادس الكتب الستة، ورابع السنن، وانتقاد العلماء ما فيه من الأحاديث، وأورد بعض أقوال العلماء في جواز واستحباب العمل بالحديث الضعيف في الفضائل، والترغيب والترهيب، وأقوال العلماء في صيغ الأداء.

وبعد المقدمة انتقل لشرح السنن، فبدأ بالبسملة وما ورد فيها من خبر: «كل أمر ذي بال» الحديث، فقد شرحه وخرجه، ثم ثنى بالتصلية، والغالب عليها أنها من وضع الناسخ كما أشار. ثم شرح أول باب من كتاب العلم، وهو: اتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انتقى الأحديث المراد شرحها، فشرع في شرح متنها، والحديث عن سندها، والحكم عليها، مستندا إلى أئمة الجرح والتعديل.

وموارد العلامة كنون في هذا الكتاب كثيرة فهي ما بين كتب التفسير، وكتب الحديث: كالبخاري، ومسلم، والموطأ، والسنن، والإكمال للقاضي عياض، وشرح البخاري لابن بطال، وشرح مسلم للنووي، وفتح الباري لابن حجر، وغيرها من الشروح، والفقه كالمدونة، والمدخل لابن الحاج، وشروح مختصر خليل، وكتب التاريخ، كتاريخ ابن عساكر، وكتب التراجم والرجال ككتاب الجرح والتعديل لابن أبي حاتم الرازي، والكشاف للذهبي، والتهذيب للمزي، وكتب الطبقات ككتاب طبقات ابن سعد، وغير ذلك.

وفي ختام الكتاب أورد أحاديثا في ختم المجلس: كحديث: «ما جلس أحد في مجلس فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت» الحديث، وحديث: «ما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسا، ولا تلا قرآن، ولا صلى صلاة إلا ختم ذلك بكلمات» الحديث، وحديث: «كلمات لا يتكلم بها أحد في مجلس» الحديث، وحديث: «من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة» الحديث.

وكان الفراغ من إخراج الكتاب من مبيضة المؤلف: يوم الاثنين العشرين من شهر جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وثلاثمة وألف، ووقع نسبه هكذا: محمد الحفيد بن عبد الصمد بن محمد التهامي بن محمد المدني الكنوني الحسني الإدريسي[5].

*****************

هوامش المقال: 

[1]– إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه (1 /7_10).

[2]– عبد الله كنون (تـ: 1409هـ): العالم المصلح (ص: 22_32).

[3]– إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه (1 /7_10).

[4]– إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه (1 /13_27).

[5]– إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه (9 /284).

*******************

جريدة المراجع

إتحاف ذوي التشوق والحاجة إلى قراءة سنن ابن ماجه، لمحمد الحفيد أو عبد الحفيظ بن عبد الصمد كنون الحسني الإدريسي، تحقيق: عبد الصمد العشاب، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، مطبعة فضالة، المحمدية-المغرب، ابتداء من: 1421/2000.

عبد الله كنون (تـ: 1409هـ): العالم المصلح لإبراهيم بن أحمد الوافي، منشورات الرابطة المحمدية للعلماء، مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث، دار الأمان، الرباط-المغرب، الطبعة الأولى: 1434/2013.

راجع المقال: محمد إليولو

Science

يوسف أزهار

  • باحث بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسير ة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق