مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةغير مصنف

أَزْوَاجُ النَّبِي صَلى الله عَليه وَسَلَّم

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه

 

 

بقلم الباحث: د/محمد علي اليُولو الجزولي*

تمهيد:

       الحمد لله الذي جعل الليل والنهار آيتين لمن أراد أن يتذكر أو يخشى، وجعل مِرقاة الصعود لمرضاته العمل الصالح الذي يُجْزَى عليه يوم القيامة الجزاء الأوفى، وجعل شُكر نعمه سبيلا للزيادة والحُسنى، ومن هذه النعم الجليلة التي منَّ الله تعالى بها على العالمين أن خلقه من  زوجين الذكر والأنثى، وجعل بينهما مودة ورحمة وقربى، قال تعالى: (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) [1]، وقوله تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)[2]

       وقد أجمع العقلاء من فضلاء البشر أن الزواج من الرجال كمال وليس نقصا، وأن الإنسان بفطرته مجبول على الاعتزاز بما ينتج من الزواج من ذرية وأبناء قال تعالى: (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) [3].

      وقد شُرع الزواج في جميع الأديان السماوية وعلى رأس من شُرِّع لهم الزواج أنبياء الله تعالى ورسله قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) [4] .

      ولم يكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدعا من الرسل؛ بل استن بهدي من سلف من إخوانه الأنبياء عليهم السلام في الزواج والنكاح، ودعا إلى هذه الشعيرة فقال:»يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج«[5]، وقال: »تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة«[6].

     وهذا المقال سيتناول إن شاء الله أزواجه صلى الله عليه وسلم الطاهرات رضي الله عنهن، وبيان عددهن، مع ذكر الحكمة من تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من امرأة.

أولا: عدد نسائه صلى الله عليه وسلم:

      قال ابن كثير:»لا خلاف أنه عليه السلام توفي عن تسع وهن: عائشة بنت أبي بكر الصديق التيمية، وحَفصة بنت عمر بن الخطاب العَدوية، وأم حبيبة رَمْلة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية الأموية، وزينب بنت جحش الأسدية، وأم سَلَمة هند بنت أبي أمية المخزومية، وميمونة بنت الحارث الهِلالية، وسَوْدَة بنت زَمْعَة العامرية، وجُويْرِية بنت الحارث بن أبي ضِرَار المُصْطَلقية، وصَفية بنت حُيَيّ بن أَخْطَب النَّضَرية الإسرائيلية الهارونية، رضي الله عنهن وأرضاهن.

      وكانت له سُرِّيتَان وهما: مَارية بنت شَمْعُون القبطية المصرية من كَوْرَة أنْصِنَاء وهي أم ولده إبراهيم عليه السلام، وريحانة بنت شمعون القُرظية، أسلمت ثم أعتقها فلحقت بأهلها، ومن الناس من يزعم أنها احتجبت عندهم والله أعلم«[7].

      وأول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم هي أمنا خديجة رضي الله عنها، لم يتزوج عليها حتى ماتت، وأول بكر تزوجها صلى الله عليه وسلم هي أمنا عائشة رضي الله عنها، وأول نسائه صلى الله عليه وسلم لحوقاً به بعد وفاته أم المؤمنين زينب بنت جحش، وآخر نسائه موتا أم سلمة رضي الله عنها.

1 ـ أم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها:

     هي بنت خويلد بن أسد بن عبد العُزَّى، تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في جده قصي، وخويلد هو ممن قادوا قريشا في حرب الفِجار، وأمها هي فاطمة بنت زائدة بن الأصم من بني عامر بن لؤي أحد أجداد محمد صلى الله عليه وسلم، وعمها هو عمر بن أسد، وأبناء عمها حكيم بن حزام وورقة بن نوفل، فهي من كبريات القوم، قرشية شريفة موسرة ذات جمال وفطنة. ولدت بمكة حوالي منتصف القرن السادس الميلادي، ونشأت معززة مكرمة، ثم تزوجت في فجر شبابها من عَتيق بن عابد بن مخزوم فولدت له حارثة، ثم خلف عليها بعده أبو هَالة مالك بن القياس بن زرارة أحد بني عمر بن تيم فولدت له ولدا وبنتا، فلما مات خطبها كثيرون من سادات قريش فأبت وامتنعت برغم توددهم لها.

      قال ابن كثير:»أول من تزوج صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فكانت وزير صدق له لما بعث وهي أول من آمن به على الصحيح وقيل: أبو بكر، وهو شاذ. ولم يتزوج في حياتها بسواها لجلالها وعظم محلها عنده، واختلف أيها أفضل هي، أو عائشة رضي الله عنهما؟ فرَجَّح فضل خديجة جماعة من العلماء وقد ماتت قبل الهجرة«[8].

2 ـ أم المؤمنين سودة بنت زمعة القرشية رضي الله عنها:

      ثم تزوج سَودة بنت زُمْعَة القرشية العامرية رضي الله عنها بعد موت خديجة بمكة ودخل بها هناك، ثم لما كبرت أراد صلى الله عليه وسلم طلاقها فصالحته على أن وهبت يومها لعائشة، وقيل: له، فجعله لعائشة وفيها نزل قوله تعالى (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا) [9]. الآية وتوفيت في آخر أيام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه[10].

3 ـ أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما:

      وقيل تزوج عائشة قبل سودة رضي الله عنهما؛ ولكنه لم يبن بها إلا في شوال من السنة الثانية من الهجرة؛ ولم يتزوج بكرا سواها؛ ولم يحب أحدا من النساء مثلها؛ وقد كانت لها مآثر وخصائص ذكرت في القرآن والسنة؛ ولا يعلم في هذه الأمة امرأة بلغت من العلم مبلغها؛ وتوفيت سنة ثمان وخمسين[11].

4 ـ أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما:

      ثم تزوج حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما في السنة الثالثة من الهجرة، وقد طلقها صلى الله عليه وسلم ثم راجعها، وتوفيت سنة إحدى وأربعين، وقيل سنة خمسين، وقيل سنة خمس وأربعين[12].

5 ـ أم المؤمنين أم سلمة هند بنت أبي أمية رضي الله عنها:

        اسمها هند بنت أبي أميه، واسمه حذيفة، ويقال: سهيل بن المغيرة بن عبدالله بن عمر بن مخزوم القرشية بعد وفاة زوجها أبي سلمة عبد الله ابن عبدالأسد بن هلال بن عبد الله  بن مخزوم مرجعه من بدر، فلما انقضت عدتها خطبها صلى الله عليه وسلم، وهذا يقتضي أن ذلك أول السنة الثالثة، وقد كان ولي عقدها ابنها عمر كما رواه النسائي عن طريق حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن ابن عمر ابن أبي سلمة، عن أبيه، عن أم سلمة[13] وقد جمعت جزءا في ذلك وبينت أن عمر المقول له في هذا الحديث إنما هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه كان الخاطب لها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر الواقدي وغيره[14] أن وليها ابنها سلمة، وهو الصحيح إن شاء الله، وقد ذكر أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها بغير ولي والله تعالى أعلم، قال الواقدي: توفيت سنة تسع وخمسين[15]، وقال غيره في خلافة يزيد بن معاوية سنة اثنتين وستين[16].

6 ـ أم المؤمنين زينب بنت جحش أم ا لمساكين رضي الله عنها:

      ثم تزوج زينب بنت جحش رضي الله عنها في سنة خمس من ذي القعدة، وقيل سنة ثلاث وهو ضعيف، وفي صبيحة عرسها نزل الحجاب كما أخرجاه في الصحيحين عن أنس[17] ، وأنه حجبه حينئذ وقد كان عمره لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة عشرا فدل على أنه كان استكمل خمس عشرة سنة والله أعلم وقد كان وليها الله سبحانه وتعالى دون الناس قال الله تعالى (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا) [18] وروى البخاري في صحيحه بسند ثلاثي أنها كانت تفخر على نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول:»زوجكن أهاليكن، وزوجني الله في السماء«[19]، وكانت أول أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفاة، قال الواقدي: توفيت سنة عشرين[20]، وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه[21].

7 ـ أم المؤمنين جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية رضي الله عنها :

      ثم تزوج جُويرية بنت الحارث بن أبي ضرار المُصْطَلِقية رضي الله عنها، وذلك أنه لما غزا قومها في سنة ست بالماء الذي يقال له المُرَيْسِيع وقعت في سهم ثابت بن قيس ابن شماس وكاتبها، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها فاشتراها وأعتقها وتزوجها، فقيل: إنها توفيت سنة خمسين، وقال الواقدي[22]: سنة ست وخمسين[23].

8 ـ أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب النضرية رضي الله عنها:

        ثم تزوج صَفية بنت حُيَيْ بن أَخْطَب الإسرائيلية الهَارونية النَّضَرِيّة ثم الخيبرية رضي الله تعالى عنها وذلك أنه صلى الله عليه وسلم اصطفاها من مغانم خيبر وقد كانت في أوائل سنة سبع فأعتقها وجعل ذلك صداقها فلما حلت في أثناء الطريق بنى بها وحجبها فعلموا أنها من أمهات المؤمنين قال الواقدي: توفيت سنة خمسين[24]، وقال غيره[25]: سنة ست وثلاثين والله اعلم[26].

9 ـ أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما:

      وفي هذه السنة وقيل في التي قبلها سنة ست تزوج أم حبيبة رضي الله عنها، واسمها رَملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموية خطبها عليه عمرو بن أمية الضّمْرِي وكانت بالحبشة وذلك حين توفي عنها زوجها عبيدالله بن جحش فولي عقدها منه خالد بن سعيد بن العاص، وقيل: النجاشي، والصحيح الأول؛ ولكن أمهرها النجاشي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار وجهزها وأرسل بها إليه رضي الله عنه،  فأما ما رواه مسلم في صحيحه من حديث عكرمة بن عمار اليماني[27]، عن أبي زُمَيل سِمَاك بن الوليد، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن أبا سفيان لما أسلم قال في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم: »عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها«[28] الحديث …

      وتوفيت أم حبيبة رضي الله عنها سنة أربع وأربعين فيما قاله أبو عبيد، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة سنة تسع وخمسين قبل أخيها معاوية بسنة[29].

10 ـ أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي اللهه عنها:

        ثم تزوج في ذي القعدة من هذه السنة ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها، واختلف هل كان محرما أو لا ؟ فأخرج صاحبا الصحيح عن ابن عباس أنه كان محرما، فقيل: كان ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم لما رواه مسلم عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: » لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب«[30]، واعتمد أبو حنيفة على الأول، وحمل حديث عثمان على الكراهة، وقيل بل كان حلالا كما رواه مسلم عن ميمونة أنها قالت: »تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حلال، وبني بها وهو حلال«[31]، وقد قدم جمهور العلماء هذا الحديث على قول ابن عباس؛ لأنها صاحبة القصة فهي أعلم، وكذا أبو رافع أخبر بذلك كما رواه الترمذي عنه[32]، وقد كان هو السفير بينهما وقد أجيب عن حديث ابن عباس بأجوبة ليس هذا موضعها، وماتت بسرف حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من عمرة القضاء، وكان موتها سنة إحدى وخمسين، وقيل: سنة ثلاث، وقيل: ست وستين، وصلى عليها ابن أختها عبدالله ابن عباس رضي الله عنهما،  فهؤلاء التسع بعد خديجة اللواتي جاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم مات عنهن، وفي رواية في الصحيح أنه مات عن إحدى عشرة والأول أصح.

 وقد قال قتادة بن دعامة: أنه صلى الله عليه وسلم تزوج خمس عشرة امرأة، فدخل بثلاث عشرة، وجمع بين إحدى عشرة، ومات عن تسع، وقد روى الحافظ أبو عبدالله محمد بن عبدالواحد المقدسي نحو هذا عن أنس في كتابه ( المختارة ) [33] ، فهذا هو المشهور وقد رأيت لبعض أئمة المتأخرين من المالكية وغيرهم في كتاب النكاح تعداد زوجات لم يدخل بهن مع اللواتي دخل بهن ما ينيف على العشرين[34].

11 ـ أم المؤمنين مارية القبطية رضي الله عنها:

       وقد كان له من السراري اثنتان هما:  مارية بنت شمعون القبطية رضي الله عنها، أم إبراهيم ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم أهداها له المقوقس صاحب إسكندرية ومصر، ومعها أختها شيرين، وخصي يقال له ما بور، وبغلة يقال لها الدلدل، فوهب صلى الله عليه وسلم شيرين إلى حسان بن ثابت فولدت له عبد الرحمن، وتوفيت مارية في محرم سنة ست عشرة، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يحشر الناس لجنازتها بنفسه، وصلى عليها، ودفنها بالبقيع رضي الله عنها[35].

12 ـ أم المؤمنين ريحانة بنت عمرو رضي الله عنها:

       وأما الثانية فريحانة بنت عمرو رضي الله عنها، وقيل بنت زيد اصطفاها من بني قريظة وتسرى بها ويقال: إنه تزوجها، وقيل: بل تسرى بها ثم أعتقها فلحقت بأهلها، وذكر بعض المتأخرين انه تسرى أمتين أخريين والله تعالى أعلم[36].

      ونظم عدد زوجاته الحافظ العراقي في ألفية السيرة النبوية[37]. قائلا:

زَوْجَاتُهُ اللاَّتِي بِهِنَّ قَدْ دَخَلْ

***

ثِنْتَا أَوْ إِحْدَى عَشْرَةٍ، خُلْفٌ نُقِلْ

خَدِيْجَةُ الأُوْلَى، تَلِيْهَا سَوْدَةُ

***

ثُمَّ تَلِي عَائِشَةُ الصِّدِّيْقَةُ

وَقِيْلَ: قَبْلَ سَوْدَةٍ، فَحَفْصَةُ

***

فَزَيْنَبٌ وَالِدُهَا خُزَيْمَةُ

فَبَعْدَهَا هِنْدٌ أَي أُمُّ سَلَمَهْ

***

فَابْنَةُ جَحْشٍ زَيْنَبُ الْمُكَرَّمَهْ

تَلِي اِبْنَةُ الْحَارِثِ أَي جُوَيْرِيَهْ

***

فَبَعْدَهَا رَيْحَانَةُ الْمَسْبِيَّهْ

وَقِيْلَ: بَلْ مِلْكُ يَمِيْنٍ فَقَطُ

***

لَمْ يَتَزَوَّجَهَا، وَذَاكَ أَضْبَطُ

بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ وَهْيَ رَمْلَةُ

***

أُمُّ حَبِيْبَةٍ، تَلِي صَفِيَّةُ

مِنْ بَعْدِهَا، فَبَعْدَهَا مَيْمُونَةْ

***

حِلاًّ، وَكَانَتْ كَاسْمِهَا مَيْمُونَةْ

وَاِبْنُ الْمُثَنَّى (مَعْمَرٌ) قَدْ أَدْخَلاَ

***

فِي جُمْلَةِ اللاَّتِي بِهِنَّ دَخَلاَ

بِنْتَ شُرَيْحٍ وَاسْمُهَا فَاطِمَةُ

***

عَرَّفَهَا بِأَنَّهَا الْوَاهِبَةُ

وَلَمْ أَجِدْ مَنْ جَمَعَ الصَّحَابَةْ

***

ذَكَرَهَا، وَلاَ ب‍أُسْدِ الْغَابَةْ

وَعَلَّهَا الَّتِي اِسْتَعَاذَتْ مِنْهُ

***

وَهْيَ اِبْنَةُ الضَّحَّاكِ بَانَتْ عَنْهُ

وَغَيْرُ مَنْ بَنَى بِهَا أَوْ وَهَبَتْ

***

إِلَى النَّبِيِّ نَفْسَهَا، أَوْ خُطِبَتْ

وَلَمْ يَقَعْ تَزْوِيْجُهَا فَالْعِدَّةُ

***

نَحْوَ ثَلاَثِيْنَ، بِخُلْفٍ أَثْبَتُوْا

ثانيا: الحكمة من تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من امرأة

      وقد كان في هذا التعدد من الحكم البليغة ، والفوائد الجليلة ما لا يخفى على منصف متجرد أذكر بعضا منها:

1 ـ حكمة تعليمية:

     وذلك من خلال كون نسائه صلى الله عليه وسلم يتلقين عنه الأحكام الخاصة بالنساء، وكل ما له علاقة بأحكام العشرة بين الزوجين، ونحوها، ونظرا لما جبل عليه النساء المؤمنات من الحياء، فكان نسائه صلى الله عليه وسلم أوعية للعلم يبلغنه من ورائه لنساء المؤمنين،  ومن أمثلة ذلك الحديث الذي روته عائشة رضي الله عنها أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسلها من المحيض، فأمرها أن تغتسل قال: »خذي فرصة من مسك فتطهري بها«، قالت كيف أتطهر؟ قال: »تطهري بها« قالت كيف؟ قال: »سبحان الله تطهري«، فاجتبذتها إلي فقلت تتبعي بها أثر الدم«[38].

2 ـ حكمة سياسية:

      فقد تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من بيوتات لها وزنها السياسي والاجتماعي في الجزيرة العربية وما حولها، ولهذا راعى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المصلحة ، ومن هذا الباب زواجه صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، ولا يختلف عاقل من أن المصاهرة عند العرب لها آثار اجتماعية، وسياسية في ربط أواصر القرابة بين الناس، والتآزر والتراحم، ولا يخفى علينا ما لأبي سفيان من مكانة ومنزلة في قومه، وقس على ذلك زواجه صلى الله عليه وسلم من جويرية بنت الحارث، فقد كانت من الأسيرات في غزوة بني المصطلق، وزواجه بأم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب اليهودي..الخ.

3 ـ حكمة اجتماعية:

      ويتضح ذلك في زواجه صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما، وزواجه من أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، والحكمة في ذلك أن أبا بكر وعمر هما وزيريه، اللذين يستشيرهما في كثير من عويص المسائل، بحيث يحتاج للدخول عليهما في أوقات لا يدخل فيها أحد على أحد إلا من كان من بطانته وخاصته. وكذلك زواجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة رضي الله عنها وهي أرملة عبد الله بن عبد الأسد من السابقين الأولين، واستشهد في غزوة أحد وخلف أيتامها الأربعة، ولم ير عليه السلام عزاء ولا كافلا لها ولأولادها غير أن يتزوج بها.

**************

لائحة المصادر والمراجع:

1- الأحاديث المختارة أو المستخرج من الأحاديث المختارة مما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما: لأبي عبد الله ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي، ت: د. عبد الملك بن عبد الله بن دهيش، دار خضر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت ، ط3، 1420 هـ / 2000 م.

2- ألفية السيرة النبوية المسماة: نظم الدرر السنية في السيرة الزكية: لزين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي، ت: طارق بن سعيد بن سالم آل عبد الحميد، ط دار اللؤلؤة، ط1، 1431هـ/2010م.

3- تهذيب الكمال: لأبي الحجاج يوسف بن الزكي عبدالرحمن المزي، ت: د. بشار عواد معروف،  مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1 ، 1400هـ/ 1980م.

4- الجامع الصحيح المختصر: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي، دار ابن كثير ، اليمامة، بيروت، ط2 ، 1407هـ/ 1987م.

5- السنن: لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، ت: الألباني، ط، دار المعارف الرياض. السعودية.

6- الطبقات الكبرى: لمحمد بن سعد الزهري، تقديم: د. إحسان عباس. دار صادر ـ بيروت ـ بدون تاريخ.

7- الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: لأبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي، ت: مصطفى عبد الواحد، ت: عبد الحميد محمد الدرويش، دار النوادر،الكويت، ط1431هـ/2010م.

 8- المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، ت: أبو قتيبة نظر محمد الفاريابي، دار طيبة، الرياض، ط1، 1427هـ/2006م.

هوامش المقال:

*************

 

[1]  ـ  النجم:45.

[2]  ـ الروم: 21

[3]  ـ  آل عمران:14.

[4]  ـ  الرعد: من الآية 38.

[5]  ـ   أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: النكاح، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم:” من استطاع منكم…” (5065)، ومسلم في كتاب: النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه (1400).

[6]  ـ  أخرجه أبو داود في سننه كتاب: النكاح، باب: النهي عن تزويج من لو يلد من النساء (2050) من حديث معقل بن يسار رضي الله عنه.

[7]  ـ  السيرة النبوية (4 /579).

[8]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 248).

[9]  ـ  النساء: 128.

[10]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 248).

[11]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 248-249).

[12]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 249-250).

[13]  ـ  أخرجه أحمد في المسند (6 /295-313-317)، والنسائي (6 /81)(3254) عن أم سلمة، وأخرجه أحمد (6 /314) عن عمر بن أبي سلمة مرسلا.

[14]  ـ  الطبقات الكبرى (8 /52)، الإصابة (3 /117).

[15]  ـ  الطبقات الكبرى (8 /67).

[16]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 250-251).

[17]  ـ  أخرجه البخاري (رقم الحديث: 4512-4513-4514-4515-4516)، ومسلم (1428-89-92-93) عن أنس.

[18]  ـ  الأحزاب: 37.

[19]  ـ   أخرجه البخاري في صحيحه كتاب: التوحيد، باب: وكان عرشه على الماء (7420) من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه بلفظ :»زوجكن أهاليكن، وزوجني الله تعالى من فوق سبع سماوات«.

[20]  ـ  الطبقات الكبرى (8 /81-115).

[21]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 252).

[22]  ـ  الطبقات الكبرى (8 /85-120).

[23]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 254).

[24]  ـ  الطبقات الكبرى (8 /91-92-128).

[25]  ـ  المزي في تهذيب الكمال (35 /211).

[26]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 254).

[27]  ـ  أخرجه مسلم (2501).

[28]  ـ   أخرجه مسلم في صحيحه كتاب: فضل الصحابة رضي الله عنهم، باب: من فضائل أبي سفيان بن حرب رضي الله عنه (2501) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه.

[29]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 255).

[30]  ـ  أخرجه البخاري (4824)، ومسلم (1410) (46).

[31]  ـ  مسلم (1411) (48).

[32]  ـ  أخرجه الترمذي(841).

[33]  ـ  أخرجه الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة (2524).

[34]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 257).

[35]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 261).

[36]  ـ  الفصول في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: ابن كثير (ص: 261).

[37]  ـ  نظم الدرر السنية في السيرة الزكية: زين الدين العراقي(ص: 258- 261).

[38]  –  أخرجه البخاري في (اللباس) باب ترجيل الحائض زوجها، وأخرجه مسلم في كتاب الحيض برقم 297).

*راجعت المقال الباحثة: خديجة أبوري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق