الرابطة المحمدية للعلماء

أهمية التوجيه التربوي للتلاميذ والطلبة داخل المؤسسات التعليمية

ذ. الموس: لا زال الطريق طويلا لمواجهة أزمة الشعب الأدبية والاقتصادية

كان الخوض في موضوع التوجيه التربوي للتلاميذ والطلبة داخل المؤسسات التعليمية محور ركن “حوار حي” الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء على شبكة الإنترنت، من خلال استضافة الأستاذ الحسين الموس الأستاذ المبرز بثانوية مولاي يوسف بالرباط، زوال أمس الخميس 16 شتنبر الجاري.

وبداية، توقف الضيف الكريم، عند المقصود بالتوجيه التربوي، معتبرا أننا طبائع تدبير الآباء والأمهات وأهل التربية التعليمية لتوجيه التلاميذ والطلبة في دراستهم حتى يتمكنوا من صقل مواهبهم وطاقاتهم ومن ثم الولوج إلى المؤسسات والمعاهد العليا التي تمكنهم من الاندماج بسلاسة في عالم الشغل، مضيفا أنه لا يمكن حصر التوجيه التربوي على ما يقوم به مستشاروا التوجيه على مستولى المؤسسات التعليمية، لأنه بالرغم من أهمية الدور المنوط بهم من أجل إيصال المعلومات اللازمة حول مسالك التعليم وآفاق الدراسات الجامعية فإن قلة الموجهين (موجه واحد لـ2500 تلميذ)، فإن التلميذ والطالب بحاجة إلى رعاية نفسية وتربوية تمكنه من اكتساب الشروط الضرورية لولوج المؤسسات العليا وهذا ما ينبغي أن تقوم به الأسرة والأساتذة.

كما توقف الأستاذ الحسين الموس عند أهم المشاكل التي تعترض التلميذ في مشواره الدراسي، وفي مقدمتها ضغوط الأسرة عليه، مؤكدا أن بعض الآباء والأمهات ينظرون إلى آفاق الشغل ببلدنا التي تكاد تنحصر في مجال الهندسة والطب فيلزمون أبنائهم بالتوجه إلى الشعبة العلوم الرياضية أو العلوم الفيزيائية ولا يراعون قابلية الأبناء وقدرتهم على مسايرة الدراسة في تلك الشعبة فيفشل التلميذ في دراسته ولو أن الآباء احترموا رغبة الابن وقدراته لجنبوه ذلك الفشل، مضيفا أن الأساتذة يعيشون باستمرار المعاناة مع التلاميذ الذين فرض عليهم توجه لا يناسب قدراتهم وأحيانا كثيرة رغم تنبيه التلميذ إلى مصلحته في تغيير التوجيه فإنه يتشبث برأي والديه وبما يمليه عليه واقع أقرانه.

وعن أُسس هذا المفهوم في التراث الإسلامي أضاف الضيف الكريم، أننا نجد في هذا التراث الإسلامي الغني، ما يُسمى بفروض الكفايات وقد تكلم الشاطبي في الموافقات عن هاته الفروض وأشار إلى أن الله تعالى خلق الخلق غير عالمين بمصالحهم قال تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا) [سورة النحل/الآية: 78]، ثم بالتعلم  يتمكن الإنسان بالتدريج من إبراز كفاءاته الفطرية ولا بد من أن يقوم المجتمع عبر مؤسساته بتوجيه المواهب والطاقات لتملأ التخصصات التي تحتاجها الأمة. وعلى صعيد آخر، وفي نفس السياق الرباني، أعطى النبي صلى الله عليه وسلم الأسوة في توجيه الطاقات وحسن استثمار الملكات، حيث وجّه زيد بن ثابت إلى تعلم لغات الأقوام الذين تربطهم صلة بالدولة الإسلامية، كما أنه عليه السلام وجّه فئة أخرى من الصحابة إلى العناية بالجانب الأدبي والفني.

وعن واقع مؤسسات التوجيه التربوي في المغرب، أضاف الأستاذ الحسين الموس أنه توجد في المغرب  مجموعة من الأطر المتخصصة في الإعلام والمساعدة على التوجيه التربوي للتلاميذ والطلبة، إضافة إلى وجود مراكز جهوية وإقليمية تقوم بالتواصل مع التلاميذ والطلبة من خلال ملتقيات التوجيه التي تنظمها، ومن خلال الزيارات التي يقوم بها مستشاروا التوجيه إلى المؤسسات التعليمية قصد إطلاع التلاميذ على مستجدات المسالك وشروط القبول في المؤسسات الجامعية والمعاهد العليا.

وبالنسبة للتخصصات العلمية اللصيقة بالتوجيه التربوي، فإنها متوفرة في وطننا فيمكن للتلميذ الحاصل على شهادة الباكلوريا في شعبة العلوم الرياضية أو العلوم الفيزيائية أن يتابع دراسته بالمغرب في الأقسام التحضيرية لمدارس المهندسين ثم بعد اجتياز المباراة الوطنية يلتحق هؤلاء الطلبة بمدارس المهندسين بالمغرب. كما أنه يمكنه أن يلتحقوا بمدارس المهندسين بفرنسا؛ أما بالنسبة لتخصصات الاقتصاد وإدارة التسيير، فقد تم اعتماد مسلك الأقسام التحضيرية الاقتصادية، ولكن للأسف، برأي الضيف الكريم، فإن الفرص بالمغرب تبقى محصورة في المدرسة العليا للتجارة والتدبير (ENCG) وفي المدرسة العليا للتجارة وتسيير المقاولات (ESCAE) ومعلوم أن المقاعد في هاتين المدرستين تبقى جد محدودة، مما يدفع الطلبة إلى الهجرة إلى الخارج لمتابعة الدراسة في هاته التخصصات.

وتوقف الأستاذ الحسين الموس عند معاناة تعليمية قائمة في المغرب، وهي أزمة التوجه نحو الشعب الأدبية والاقتصادية، بحيث أن التلاميذ الثالثة إعدادي لا يتوجه منهم إلى الجذع المشترك الأدبي إلا من خانهم التوفيق فلم يحصلوا على معدلات مقبولة للتوجه للجدع المشترك العلمي أو التكنولوجي، والسبب في ذلك أن نظرة المجتمع إلى التخصص الأدبي نظرة سلبية كما أن فرص الشغل بهذا التخصص محدودة، مما يجعلنا نفقد طاقات شابة متفوقة لو وجهت توجيها أدبيا لغطت النقص الحاصل في الإبداع الأدبي والفني الذي نحتاجه للحفاظ على هويتنا.  

وخُصّصت آخر الأسئلة للاستفسار عن سُبُل محاصرة الظواهر اللاأخلاقية في الوسط التعليمي، حيث أكد الأستاذ الحسين الموس أن الأمر يحتاج إلى تظافر الجهود من طرف كافة الفرقاء، انطلاقا من حديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، مضيفا أنه لا بد إذن من أن نتحمل جميعا مسؤولية رعاية النشء وحسن تربيته وعلينا أن نعلم أن الحرية الفردية لابد أن تقيد بما لا يعود بالضرر على قيم المجتمع وأخلاقه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق