مركز ابن البنا المراكشي للبحوث والدراسات في تاريخ العلوم في الحضارة الإسلاميةأعلام

أم الحسن بنت القاضي الطنجالي

نساء عالمات 

نالت المرأة في الحضارة الإسلامية مكانة متميزة ووضعية متقدمة جدا قياسا إلى وضعيتها في الحضارات السابقة عليها. فقد كان المجتمع الإسلامي يتيح الفرصة للواتي يرغبن في التحصيل العلمي منهن، فكن يتلقين العلوم الدينية في سن مبكرة كالذكور من الأطفال، ويسمح للراغبات منهن في التحصيل العلمي بمتابعة دراستهن، والبروز في علوم أخرى كان الطب والتاريخ والأدب من أبرزها. فحفظ تاريخ العلوم في الإسلام أسماء مجموعة من النساء العالمات اللواتي برعن في حقول معرفية شتى، والشاهد على ذلك ما تحمله كتب التراجم من نتف وأخبار منثورة بين ثناياها عن أسماء وأخبار للعديد منهن.

            من هنا ارتأينا أن ندرج ضمن هذه النافذة المخصصة لتراجم الأعلام أسماء بعض النساء العالمات اللواتي برعن في بعض المجالات العلمية مع التعريف بهن وبأعمالهن، في حدود ما تسمح به المصادر الموجودة.

أم الحسن بنت القاضي الطنجالي

أم الحسن بنت أحمد بن عبد الله بن عبد المنعم أبي جعفر الطنجالي، تنتمي إلى بيت أندلسي عرف بالعلم والتقوى، فوالدها هو أحمد بن عبد الله بن عبد المنعم الهاشمي الطنجالي، الذي جاء الأندلس قادما إليها من المغرب، وقد كان ملما بصناعة الطب معتنيا بها، كما ولي قضاء بلوشة، وهي مدينة بالأندلس غربي البيرة قبل قرطبة، وبينها وبين قرطبة عشرون فرسخا.  وقد مات في الطاعون سنة 750هـ.

وقد أسهم والدها هذا بحظ وافر في تكوينها العلمي، إذ تشير كتب التراجم إلى أنها أخذت عنه صناعة الطب.

 لم تذكر كتب التراجم معلومات دقيقة عن تاريخ ولادتها أو وفاتها، ولا نعرف سوى أنها عاشت في خلال القرن الثامن الهجري، أي أنها ولدت وعاشت قبيل سنة 750هـ وهي سنة وفاة والدها.

 درست الطب على أبيها كما تقدم، ولم تكن ملمة بأصول صناعة الطب فحسب، وإنما كانت تدرسه لطلابها إيمانا واقتناعا منها بأن العلم لا يؤخذ من بطون الكتب ولكنه يؤخذ من حلقات الدرس والعلم، إذ تقول في ما وصلنا من شعرها:

الخط ليس له في العلم فائــدة         وإنما هـو تزيين بـقرطـــاس

والدرس سؤلي لا أبغي به بدلا         بقدر علم الفتى يسمـو على النـاس

وقد وصلنا بالإضافة إلى بيتي الشعر هذين، شعر آخر لها في المدح. ولكننا لا نتوفر على كتب لها في الطب؛ إذ قد تكون قد قدت مع ما فقد من النصوص القديمة، أو لتفضيلها التدريس والتطبيب على التأليف، كما جاء في متن البيتين المذكورين.

لم تكن أم الحسن الطنجالي ملمة بالطب وناظمة للشعر فحسب، بل كانت تجيد قراءة القرآن، مما يؤكد الطابع التكاملي في تكوينها العلمي. وقد ترك لسان الدين بن الخطيب في خاتمة كتابه الإكليل شهادة مهمة في حقها، فقال: “ثالثة حمدة وولادة، فاضلة الأدب والمجادة تقلدت المحاسن من قبل ولادة، وأولدت أبكار الأفكار قبل سنة الولادة، نشأت في حجر أبيها لا يدّخر عنها تدريجا ولا سهما، حتى نهض إدراكها وظهر في المعرفة حراكها، ودرّسها الطبّ ففهمت أغراضه، وعلمت أسبابه وأعراضه”.

مصادر ترجمتها:

 – الإحاطة في أخبار غرناطة، لسان بن الخطيب،   ترجمه وضبطه وقدم له يوسف علي طويل، دار الكتب العلمية بيروت لبنان، الطبعة الأولى، المجلد الأول ص237.

 – تاريخ البيمارستانات في الاسلام، عيسى بك،  ص17.

  – نساء من الأندلس، أحمد خليل جمعة، اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع، دمشق بيروت، الطبعة الأولى 2001، ص 101/104

 – أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام، عمر رضا كحالة، مؤسسة الرسالة، الجزء الأول ص259 ج2

 – أعلام الحضارة العربية الإسلامية في العلوم الأساسية والتطبيقية في الأندلس والمغرب والجزائر وتونس وليبية، زهير حميدان، منشورات وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية، 1996، المجلد الخامس، ص141.

Science

ذة. كنزة فتحي

حاصلة على الإجازة في الفلسفة

باحثة سابقة بمركز ابن البنا المراكشي

مهتمة بدراسة تاريخ النساء العالمات في الحضارة العربية الإسلامية

ترجمت عدة مقالات من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق