مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

أمّ المؤمنين عائشة الصدّيقة بنت أبي بكر الصديق رَضي الله عنها

اسمها ونسبها وولادتها:

هي أم المؤمنين، عائشة الصديقة، بنت أبي بكر الصديق، زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأشهر نسائه[1]. تكنى أمّ عبد الله، وأمُّها أمُّ رُومان بنت عامر بن عُوَيْمر بن عبد شمس بن عتاب بن أذينة بن سبيع بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة، وقيل غير ذلك في نسبها، وأجمعوا أنها من بني غَنْم بن مالك بن كنانة[2].

 زواجها من رسول الله صَلى الله عليه وسلم:

تزوج النّبيّ صَلى الله عليه وسلم عائشة بمكّة قبل الهجرة بسنتين وهي بِكر، قاله أبو عبيدة. وقيل: بثلاث سنين. وقال الزّبير: تزوجها رسول الله صَلى الله عليه وسلم بعد خديجة بثلاث سنين. وتوفيت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين. وكان عمرها لما تزوّجها رسول الله صَلى الله عليه وسلم ستّ سنين، وقيل: سبع سنين. وبنى بها بعد منصرفه من وقعة بدر في شوال سنة اثنتين من الهجرة وهي بنت تسع سنين بالمدينة. وقيل: بنى بها في شوال على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجره إلى المدينة.

 وكان جبريل قد عَرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم صُورتها في سرقة حرير في المنام، لما توفيت خديجة، وكنّاها رسول الله صَلى الله عليه وسلم أمّ عبد الله، بابن أختها عبد الله بن الزبير[3].

وأخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي سلمة قال: «لما هلَكَت خديجةُ جاءت خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون، قالت: يا رسول الله، ألا تزوج قال: من قالت إن شئت بكراً وإن شئت ثيّباً، قال: فمن البكر؟ قالت: ابنةُ أحبّ خلق الله عزّ وجل إليك، عائشة بنت أبي بكر، قال: ومن الثيّب؟ قالت: سودة ابنة زمعة، قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول، قال: فاذهبي فاذكريهما عليّ، فدخلت بيت أبي بكر فقالت: يا أمّ رومان، ماذا أدخل الله عزّ وجل عليكم من الخير والبركة، قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلَني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قالت: انتظري أبا بكر حتى يأتي. فجاء أبو بكر فقالت: يا أبا بكر، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟ قال: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلّم أخطب عليه عائشة، قال: وهل تصلح له؟ إنما هي ابنة أخيه، فرجعت إلى رسول الله صَلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، قال: ارجعي إليه فقولي له: أنا أخوك، وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي، فرجعتُ فذكرتُ ذلك له، قال: انتظري، وخرج. قالت أمّ رُومان: إن مُطْعِم بن عَدِي قد كان ذكرها على ابنه، فوالله ما وعد موعداً قطّ فأخلفه لأبي بكر، فدخل أبو بكر على مطعم بن عدي وعنده امرأته أمّ الفتى، فقالت: يا ابن أبي قُحافة، لعلك مصب صاحبنا مدخله في دينك الذي أنت عليه إن تزوج إليك، قال أبو بكر للمطعم بن عدي: آقول هذه تقول؟ قال: إنها تقول ذلك، فخرج من عنده وقد أذهب الله عزّ وجل ما كان في نفسه من عدته التي وعده، فرجع فقال لخولة ادعي لي رسول الله صَلى الله عليه وسلم، فدعته فزوجها إياه، وعائشة يومئذ بنت ستّ سنين، ثم خرجت فدخلت على سودة بنت زمعة فقالت: ماذا أدخل الله عَز وجل عليك من الخير والبركة، قالت: ما ذاك، قالت: أرسلَني رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطبك عليه، قالت: وددت ادخلي إلى أبي فاذكري ذاك له، وكان شيخاً كبيراً قد أدركه السّنّ قد تخلف عن الحجّ، فدخلت عليه فحيّته بتحيّة الجاهلية، فقال: من هذه؟ فقالت: خولة بنت حكيم، قال: فما شأنك؟ قالت: أرسلني محمد بن عبد الله أخطب عليه سودة، قال: كفء كريم، ماذا تقول صاحبتك؟ قالت: تحب ذاك، قال: ادعها لي، فدعيتها، قال: أي بنيّة، إنّ هذه تزعم أنّ محمد بن عبد الله بن عبدالمطلب قد أرسل يخطبك، وهو كفء كريم، أتحبين أن أزوّجك به؟ قالت: نعم، قال: ادعيه لي، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسَلم إليه، فزوّجها إياه، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج، فجعل يحثي في رأسه التّراب، فقال بعد أن أسلم: لعمرك إني لسفيه يوم أحثي في رأسي التراب أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة. قالت عائشة: فقدمنا المدينة، فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج في السنح، قالت: فجاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فدخل بيتنا، واجتمع إليه رجال من الأنصار ونساء، فجاءتني أمّي وإني لفي أرجوحة بين عذقين ترجح بي، فأنزلتني من الأرجوحة، ولي جميمة، ففرقتها، ومسحت وجهي بشيء من ماء، ثم أقبلت تقودني حتى وقفت بي عند الباب، وإني لأنهج حتى سكن من نفسي، ثم دخلت بي فإذا رسول الله صلى الله عليه وسَلم جالس على سرير في بيتنا وعنده رجال ونساء من الأنصار، فأجلستني في حجره، ثم قالت: هؤلاء أهلك، فبارك الله لك فيهم، وبارك لهم فيك، فوثب الرجال والنساء فخرجوا، وبنى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا، ما نحرت علي جزور ولا ذبحت علي شاة حتى أرسل إلينا سعد بن عبادة بجفنة كان يرسل بها إلى رسول الله صَلى الله عليه وسلم إذا دار إلى نسائه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين » [4].

 فضائلها:

ورد في شأن أمّنا عائشة رَضي الله عنها فضائل كثيرة،  منها: ما رواه أنس بن مالك عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنّه قال: «فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام»[5].

ومنها: ما أخرجه البخاري بسنده أنّ عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم يوماً: «يا عائش، هذا جبريل يقرئك السلام» فقلتُ: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا أرى «تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم»[6].

ومنها: ما رواه عمرو بن العاص رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم، «بعثه على جيش ذات السَّلَاسِل، فأتيتُه فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال: «عائشة»، فقلت: من الرجال؟ فقال: «أبوها»، قلت: ثم من؟ قال: «ثم عمر بن الخطاب» فعد رجالاً»[7].

علمها الواسع:

عرف عن أمنا عائشة رضي الله عَنها علمها الواسع بالفقه وبالسّنة، فكانت مقصودة من قبل كثير من الصحابة الكبار، الذين كانوا يطلبون منها الفتوى، وكان بحكم قربها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، مؤهّلة لهذا الغرض، فهي تنفرد عن باقي أمهات المؤمنين الأخريات بفقهها وعلمها الواسع. وقد جمع الإمام بدر الدين الزركشي (ت: 794هـ) الزركشي كتاباً ضمّنّه  ما استدركته على الصحابة من آراء سمّاه: (الإجابة، لإيراد ما استدركته عائشة على الصّحابة).

قال الزهري: لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلّم وعلم جميع النساء، لكان علم عائشة أفضل[8].

روايتها للحديث النبوي الشريف:

تعدّ أمّنا عائشة رضي الله عَنها من راويات الحديث النّبوي الشريف، بل من المكثرين في روايته، فقد روت عن جمع من الصّحابة، وروى عنها جمهور عريض منهم.

وممن روت عنه: سيّد الخلق، زوجها نبيّنا صلى الله عليه وسلّم، و حمزة بن عمرو الأسلمي، وسعد بن أبي وقاص، وعمر بن الخطاب، وأبيها أبي بكر الصديق، وفاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى عنها: إبراهيم بن يزيد التيمي، وإبراهيم ابن يزيد، وإسحاق بن طلحة بن عبيد الله، وإسحاق بن عمر، والأسود بن يزيد النخعي ، وأيمن المكي، وثمامة بن حزن القشيري، وجبير بن نفير الحضرمي، وخالد بن سعد، وخالد بن معدان الكلاعي، وخباب صاحب المقصورة، وخبيب بن عبد الله بن الزبير بن العوام، وخلاس بن عمرو الهجري، وأبو زياد خيار بن سلمة الشامي، وخيثمة بن عبد الرحمن الجعفي، وذكوان أبو صالح السمان، وذكوان أبو عمرو مولى عائشة، وخلق كثير[9].

 وفاتها ومقبرها:

توفّيت أمّنا عائشة رَضي الله عنها سنة سبع وخمسين للهجرة،  وقيل: توفيت في شوال سنة ثمان وخمسين، وأمرت أن تدفن ليلاً، فدفنت بعد الوتر بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة ونزل في قبرها خمسة: عبد الله بن الزبير، وعروة بن الزبير، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وأخوه عبد الله بن محمد بن أبي بكر، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت ثماني عشرة سنة[10].

——————————————————————–

[1]  أسد الغابة:6/188.

[2]  تهذيب الكمال: 35/227.

[3]  أسد الغابة:6/189. تهذيب الكمال: 35/227.

 أخرجه أحمد في المسند: 42/501.[4]

[5]  أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأطعمة. باب الثريد: 7/75. ح: 5419.

[6]  اخرجه البخاري في صحيحه: كتاب فضائل الصحابة. باب فضل عائشة رضيَ الله عنها. 5/29. ح: 3768.

[7]  أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب أصحاب النبي صَلّى الله عليه وسلم. باب قول النّبيّ صَلّى الله عليه وسلّم: لو كنت متخذا خليلاً..5/5. ح: 3662. ومسلم في صحيحه: كتاب فضائل الصحابة. باب من فضائل أبي بكر الصديق: 4/1856. ح: 2384.

[8]  تهذيب الكمال: 35/227.

[9]  تهديب الكمال: 35/227.

[10]  تهذيب الكمال: 35/236.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق