مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

أمّ المؤمنين أمّ حَبِيبَة (رَمْلَة بنت أبي سفيان) رَضيَ الله عنها

اسمها ونسبها وولادتها:

هي رَمْلةُ بنتُ أبي سفيان صخر بن حرب، بن أميّة، بن عبد شمس، بن عبد مناف بن قُصي[1]. أمّ المؤمنين، وزوج النبي صلى الله عليه وسلم، تكنّى أم حبيبة، وهي بها أشهر من اسمها، وقيل: بل اسمها هند، ورملة أصح. وأمها صفية بنت أبي العاص بن أمية. ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما[2].

زواجها الأوّل وإسلامها:

تزوجت أمّ حبيبة قبل رسول الله صَلّى الله عليه وسلم عبيد الله، بالتصغير، ابن جحش بن رِئَاب بن يَعْمُر الأسدي، من بني أسد بن خُزَيْمَة، فأسلما، ثم هاجرا إلى الحبشة، فولدت له حبيبة فبها كانت تكنى. وقيل: إنما ولدتها بمكة وهاجرت وهي حامل بها إلى الحبشة. وقيل: ولدتها بالحبشة وتزوج حبيبة داود بن عروة بن مسعود، ولما تنصّر زوجها عبيد الله بن جحش، وارتد عن الإسلام فارقها[3].

زواجها من رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ولمّا أسلمت، وثبتت على دينها، وفارقت زوجها الأول، ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي بالحبشة، زوّجها منه عثمان ابن عفان، وقيل: عقَد عليها خالد بن سعيد بن العاص بن أمية، وأمهرها النجاشي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعمائة دينار، وأولم عليها عثمان لحماً. وقيل: أولم عليها النجاشي، وحملها شُرَحْبِيل ابن حَسَنَة إلى المدينة. وقد قيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بالمدينة[4].

وأما قصة زواجها فقد رواها ابن سعد في الطبقات، عن أم حبيبة قالت: رأيت في النوم عبيدالله بن جحش زوجي بأسوأ صورة وأشوهه، ففزعت فقلت: تغيَّرتْ والله حاله فإذا هو يقول حيث أصبح: يا أم حبيبة إني نظرت في الدِّين فلم أر دِيناً خيراً من النصرانية، وكنت قد دِنْتُ بها ثم دخلتُ في دين محمد، ثم قد رجعت إلى النَّصرانية، فقلت: والله ما خير لك وأخبرته بالرؤيا التي رأيت له، فلم يحفل بها وأكب على الخمر حتى مات، فأرى في النوم كأن آتيا يقول: يا أمّ المؤمنين، ففزعت، فأوّلتها أن رسول الله يتزوجني، قالت: فما هو إلا أن انقضت عِدَّتي فما شعرت إلاَّ برسول النجاشي على بابي يستأذن، فإذا جارية له يقال لها أبرهة كانت تقوم على ثيابه ودُهْنه، فدخلتْ علي فقالت: إنَّ الملك يقول لك: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إليّ أن أزوّجكه، فقالت: بشّرك الله بخير، قالت: يقول لك الملك وكّلي من يزوجك، فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص، فوكلته وأعطت أبرهة سوارين من فضة، وخَدَمَتَيْنِ[5] كانتا في رجليها، وخواتيم فضة كانت في أصابع رجليها، سُرُوراً بما بشّرتها. فلما كان العشي أمر النجاشي جعفر بن أبي طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا فخطب النجاشي، فقال: الحمد لله الملك القدوس، السلام المؤمن المهيمن، العزيز الجبار، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وأنّه الذي بشَّر به عيسى ابن مريم، صلى الله عليه وسلم. أما بعد، فإن رسول الله كتب إليّ أن أزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان، فأجبت إلى ما دعا إليه رسول الله، وقد أصدقتها أربعمائة دينار، ثم سكب الدنانير بين يدي القوم، فتكلم خالد بن سعيد، فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه وأستنصره، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون.

 أما بعد، فقد أجبت إلى ما دعا إليه رسول الله وزوجته أم حبيبة بنت أبي سفيان، فبارك الله رسول الله، ودفع الدنانير إلى خالد بن سعيد بن العاص فقبضها، ثم أرادوا أن يقوموا، فقال: اجلسوا فإن سنة الأنبياء إذا تزوجوا أن يؤكل طعام على التزويج، فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا، قالت أم حبيبة: فلما وصل إليّ المال أرسلت إلى أبرهة التي بشرتني فقلت لها: إني كنتُ أعطيتك ما أعطيتك يومئذ، ولا مال بيدي، فهذه خمسون مثقالاً فخذيها فاستعيني بها، فأبت فأخرجت حُقّاً فيه كل ما كنت أعطيتها فردّته عليّ وقالت: عزم علي الملك أن لا أرزأك شيئا، وأنا التي أقوم على ثيابه ودهنه، وقد اتبعت دين محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسلمت لله، وقد أمر الملك نساءه أن يبعثن إليك بكل ما عندهن من العطر، قالت: فلما كان الغد جاءتني بعُودٍ ووَرْسٍ وعَنْبَرٍ وزَبَادٍ كثير، فقدمت بذلك كلّه على النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يراه علي وعندي فلا ينكره، ثم قالت أبرهة: فحاجتي إليك أن تقرئي رسول الله مني السلام وتعلميه أني قد اتّبعت دينه، قالت: ثم لطفت بي وكانت التي جهزتني فكانت كلّما دخلت علي تقول: لا تنسي حاجتي إليك، قالت: فلمّا قدمت على رسول الله أخبرته كيف كانت الخطبة، وما فعلت بي أبرهة، فتبسم رسول الله وأقرأته منها السلام، فقال: «وعليها السلام ورحمة الله وبركاته»[6].

روايتها للحديث النبوي الشريف:

روت أمّ حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث. وروت أيضاً عن زينب بنت جحش أم المؤمنين.

وروت عنها بنتها حبيبة، وأخواها: معاوية، وعتبة، وابن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان، وأبو سفيان بن سعيد بن المغيرة بن الأخنس الثقفي، وهو ابن أختها، ومولياها: سالم بن سوال، وأبو الجراح. وصفية بنت شيبة، وزينب بنت أم سلمة، وعروة بن الزبير، وأبو صالح السمان، وآخرون[7].

وفاتها ومقبرها:

توفيت أم المؤمنين أمّ حبيبة رضي اللهُ عنها وأرضاها، بالمدينة سنة أربع وأربعين، جزم بذلك ابن سعد، وأبو عبيد. وقال ابن حبان، وابن قانع: سنة اثنتين. وقال ابن أبي خيثمة: سنة تسع وخمسين، وهو بعيد. والله أعلم[8].

—————————————————–

[1]  سير أعلام النبلاء:3/477.

[2]  الإصابة:8/140.

[3]  الإصابة: 8/140.

[4]  أسد الغابة:6/115.

[5]  الخَدَمَة: الخَلْخَال.

[6]  الطبقات الكبرى لابن سعد:8/96.

[7]  سير أعلام النبلاء:3/477، والإصابة:8/140.

[8]  الإصابة:8/140.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق