الرابطة المحمدية للعلماء

أمير المؤمنين يترأس درسا دينيا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية

“التزكية وأهميتها للأمة الإسلامية”

ترأس أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أمس السبت(13-09-2008) بالقصر الملكي بالدار البيضاء ، درسا جديدا من سلسلة الدروس الحسنية الرمضانية.

وقد ألقى درس الأمس، بين يدي أمير المؤمنين، الأستاذ حمزة يوسف رئيس مجلس إدارة معهد وكلية الزيتونة بولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة ، وتناول فيه بالدرس والتحليل موضوع ” التزكية وأهميتها للأمة الإسلامية ” انطلاقا من قوله تعالى ” هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ” صدق الله العظيم.

وهكذا، استهل الأستاذ حمزة يوسف درسه بالتأكيد على أهمية تزكية النفس وطهارتها لأن تزكية النفس من هداية الخلق والتحلي بمكارم الأخلاق، معتبرا أن مجهود كل إنسان يتمثل بشكل جلي في تطهير ذاته من الشوائب وتصفية قلبه من المعاصي التي تهدم روحه وتبعده عن اتباع التقوى وهدي الشريعة الربانية.

وبعد أن أشار إلى أن المملكة المغربية عرفت عبر تاريخها بأساتذة أمجاد تسلحوا بهداية النفس وتزكيتها بمكارم الأخلاق، سجل المحاضر أن تزكية النفس تقوم على مقامين رئيسين هما: تطهير النفس من أمراضها وصفات الرذيلة، وملؤها بالأخلاق الفاضلة وإحلالها محل الأخلاق الرذيلة.

وأضاف أن الأخلاق الرذيلة تتمثل على الخصوص في الشرك والرياء والكبر والبغض والحسد والشح والبخل والحرص على الدنيا وإيثارها على الآخرة، وعدم الجد في الحياة.

وتابع أن الأخلاق الفاضلة تتمثل في التوحيد والإخلاص والصبر، وحسن الخلق في التعامل مع الناس، والشفقة عليهم، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ونفعهم بقدر المستطاع، وعدم تغيير قلوبهم بما ليس بلازم شرعاً.

وانتقل الأستاذ حمزة يوسف، بعد ذلك، إلى إبراز معاني الآية الكريمة ” هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم أياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين” ، مشيرا إلى أن هذه الآية تبرز أن الله الذي أرسل رسوله النبي الأمي من أجل إرشاد الناس ودعوتهم إلى التمسك بدينهم الحنيف ، بعث إليهم نورا نبيلا حاملا لهم رسالة الحق والسلام والرشد والإيمان.

وأشار إلى أن الله يصف نفسه عز وجل في سورة ” الجمعة ” ب” الملك القدوس العزيز الحكيم “، حيث يذكر سبحانه وتعالى أنه بعث إلى أمته رسوله الكريم محمد صلى الله وعليه وسلم نبيا أميا من أمة أمية ليكون لها معلما وليكون لها ملقنا من وسائل الارتقاء والتحضر التي لم تكن تعرفها من قبل.

وأكد أن رسالة الحق جل وعلا هي دار السلام التي هي بمثابة دعوة الإنسانية إلى التمسك برقي الحياة وحضارتها وإعمار الأرض، معتبرا أن ذلك يعد من أهم مقاصد خلق الإنسان .

وأشار إلى أن معرفة الإنسان بالوسائل الكفيلة بإنجاز هذا المقصد السامي ، تتمثل في وجود كتاب يهدي الناس في طريقهم، لكن هذا الكتاب، يضيف المحاضر، لا يقرأ إلا تحت نور يضيء للقارىء ما يقرأه، لذلك أرسل الله رسوله ليكون ذلك النور، مبرزا أن الله أنزل الكتاب وأرسل معه معلما رسولا لقوم كانوا في جاهلية جهلاء ولم يكونوا يدرون ما الكتاب وما الإيمان.

واعتبر الأستاذ حمزة يوسف أن طهارة النفس تأتي من القرآن الذي هو الكتاب العزيز الذي علم الناس الحكمة والإيمان، مشيرا إلى أن امتثال الأمة إلى نبل رسالة القرآن هو امتثال لأوامر الشريعة ولهدي الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع المعروف والنهي عن المنكر وإرضاء الله بالعبادة والتقوى وعدم الشرك به.

وأكد الأستاذ حمزة يوسف أن اتباع الهدي هو اجتناب للكفر وتكريس للزهد والتحلي بطيبات الرزق ورفع المباحات إلى مستوى الوجوب، معتبرا أن تزكية النفس هي تصفية القلب وتخليته من الرذائل والمعاصي وعلائق الدنيا والشهوات.

وشدد المحاضر على أن من أراد تصفية قلبه يجب عليه أن يهدي روحه وأن يطهر نفسه ليزداد إيمانا وخشوعا وتقربا إلى الله عز وجل، مشيرا إلى أن تهذيب العقل ركن من أركان تزكية النفس وتكريس للحكمة المتمثلة في تصرف الإنسان بعقلانية بينة في كل أمور الحياة.

وأضاف أن تزكية النفس تتجلى كذلك عندما تترسخ الحكمة في سلوك الإنسان، وتكسب الذات الإنسانية صفات حميدة من قبيل الشجاعة والعدل والنبل والكرم والخلق القويم ، وتبتعد عن الشهوات والغرائز والفاحشة، وتضفي على الذات ألفة القلب وطهارة النفس.

وأشار المحاضر إلى أن العدالة التي هي الشعور بالحق وإضفاء الحقيقة على الواقع، صفة من صفات اليقين والعقل وعفة النفس وان المتحلي بها يمكن أن يتحلى بباقي الفضائل الكريمة.

وخلص الأستاذ حمزة يوسف إلى أن الدعوة إلى سبيل الله تبرز من خلال اتباع الحكمة والموعظة وبصيرة العلم، داعيا إلى إعادة تدريس الفقه الشرعي في المدارس والمعاهد من أجل تزكية النفوس بالفقه والهداية الربانية التي تقود إلى إصلاح الأمة.

وفي ختام هذا الدرس الديني تقدم للسلام على أمير المؤمنين الأستاذ المحاضر حمزة يوسف والعديد من السادة العلماء الضيوف الذين يفدون على المغرب خلال هذا الشهر المبارك لحضور الدروس الحسنية الرمضانية وهم الشيخ عبد الله بن بيا نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، وشيخنا ولد عبد الله مدير (جي.سي.اير.جي) في بريطانيا، وإبراهيم محمود جوب الأمين العام لرابطة علماء المغرب والسينغال.

وتقدم أيضا للسلام على أمير المؤمنين الشيخ عبد العزيز سي الابن رئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية والناطق بلسان الأسرة التيجانية المالكية بالسينغال، والأستاذ محمود منصور سي الخليفة العام للطريقة التيجانية بالسينغال، والأستاذ عرابي عيديد مدير الجامعة الاسلامية العالمية بماليزيا والمستشار الخاص لرئيس وزراء ماليزيا الحالي، والأستاذ محمد قطب سانو مدير المعهد العالي لوحدة الأمة الإسلامية بماليزيا، والأستاذ شوقي أيدين نائب رئيس رئاسة الشؤون الدينية التركية وأستاذ الشؤون الدينية بجامعة أنقرة.

كما تقدم للسلام على أمير المؤمنين كل من الأستاذ علي ديري رئيس قسم العلاقات الخارجية برئاسة الشؤون الدينية التركية وأستاذ مشارك بجامعة أنقرة، والأستاذ علي وترة الإمام الأكبر المكلف بتطوير الإمامة ومراقبة الإمامة بكوت ديفوار، والأستاذ إدريس قدوس كوني رئيس المجلس الوطني الإسلامي والإمام الأكبر المكلف بالشؤون الخارجية في المجلس الأعلى للأمة بكوت ديفوار، والأستاذ الطاهر التجكاني رئيس المجلس العلمي ببلجيكا، والأستاذ صلاح الأنباري رئيس المسجد المغربي “التوبة” بالنرويج، والأستاذ مصطفى الشنديد رئيس المركز الإسلامي بكوبنهاكن بالدانمارك.

(عن و.م.ع )

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق