مركز الدراسات والبحوث في الفقه المالكيأعلام

أصوليو القرن الثالث الهجري

أصبغ بن الفرج (ت225ﻫ)

اسمه:

    هو أصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع أبو عبد الله المصري[ المدارك 4/17].

شيوخه:

    “روى عن الدراوردي، وابن سمعان، ويحيى بن سلام وعبد الرحمان بن زيد بن أسلم… وصحب ابن القاسم وأشهب وابن وهب، وسمع منهم وتفقه معهم”[ المدارك 4/17].

تلاميذه:

    “روى عنه الذهلي والبخاري ويعقوب بن سفيان ومحمد بن أسد الخشني، وابن زنجويه، وابن وضاح، وسعيد بن حسان”[ المدارك 4/17].

    وتفقه على يديه “ابن المواز وابن حبيب وأبو زيد القرطبي، والبرقي وابن مزين وعبد الأعلى القرطبي”[ المدارك 4/18].

مكانته في العلم وثناء العلماء عليه:

    قال ابن حبيب: “كان أصبغ من أفقه أهل مصر”[ المدارك 4/18].

   كما قال ابن معين: “كان أصبغ من أعلم خلق الله كلهم برأي مالك، يعرفها مسألة مسألة، متى قالها مالك، ومن خالفه فيها”[ المدارك4/20].

   “قال ابن غالب: خرجت من الأندلس، وأصبغ عندي أكبر أهل زمانه: لما كنا شاهدناه من تعظيم شيوخنا له.

  وحكى الكندي عن المزني والربيع قالا: كنا نأتي أصبغ قبل قدوم الشافعي، فقلنا له: علمنا مما علمك الله”[ المدارك4/19].

مكانته في علم أصول الفقه:

1- قال ابن حارث: “كان ماهراً في فقهه…حسن القياس، من أفقه هذه الطبقة، وأهل التبيان والبيان. وتكلم في أصول الفقه”[ المدارك 4/18].

وقول ابن اللباد: «ما انفتح لي طريق الفقه إلا من أصول أصبغ»[ المدارك 4/19].

2- ألف أصبغ بن الفرج كتابا في أصول الفقه جاء «في عشرة أجزاء»[ المدارك4/20، التعريف ص:218]. وهو كتاب مفقود.

3- أقواله الأصولية:

   قال أصبغ بن الفرج نقلا عن مالك: الاستحسان تسعة أعشار العلم. ونصه عند ابن رشد في البيان والتحصيل، قال : “قال أصبغ ها هنا: إن الولد يلحق بالذي يدعيه استحسانا على غير مقتضى القياس، وقال: إن الاستحسان قد يكون أغلب من القياس، وحكى عن ابن القاسم روايته عن مالك أنهما قالا: تسعة أعشار العلم الاستحسان”[ البيان والتحصيل 4/156].

   نقل ابن أبي زيد قولا لأصبغ في كتابه النوادر والزيادات: قال أصبغ في كتابه: “وإذا لم يجد الحكم في الكتاب ولا في السنة، ولا فيما اجتمع عليه الصحابة، رضي الله عنهم، ولا فيما اختلفوا فيه، اجتهد رأيه، وشاور من يثق به، وقاس الأصول، فإذا وداه اجتهاده بالتشبيه إلى شيء، وقد جاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن الصحابة، رضي الله عنهم، فليترك ذلك الحديث، ويرد ذلك إلى الأصول”[ النوادر والزيادات 8/16]. 

 ************

أبو مصعب أحمد بن أبي بكر (ت242ﻫ)

اسمه: 

  أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحرث بن زرارة قاضي المدينة، يعرف بأبي مصعب الزهري[المدارك 3/347].

شيوخه:

    روى عن مالك والمغيرة، وابن دينار وإبراهيم بن سعد، وابن أبي حاتم، وصالح بن قدامة والداروردي، والعطاف بن خالد، وغيرهم[ المدارك 3/347].

تلاميذه:

   روى عنه البخاري ومسلم والذهلي وإسماعيل القاضي، وأخوه حمّاد وأبو حاتم وأبو زرعة الرازي، وابن نمير، ومحمد بن رزين وغيرهم[ المدارك 3/348].

مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:

    قال أبو إسحق الشيرازي: كان من أعلم أهل المدينة. روي أنه قال: يا أهل المدينة: لا تزالون ظاهرين على أهل العراق: ما دمت لكم حياً[ المدارك 3/347].

   قال ابن أبي خيثمة: وأبو مصعب ممن حمل العلم، وولاَّه عبيد الله بن الحسن قضاء الكوفة، ثم ذكر أنه ولي قضاء المدينة[ المدارك 3/348].

أبو مصعب الزهري أصوليا:

*آراؤه الأصولية  

   لم يعرف لأبي مصعب الزهري تأليف في أصول الفقه، إلا أنه كان عالما بأصول المذهب صاحب رأي ونظر، ويدل عليه أمور منها:

– تفسيره لأصل عمل أهل المدينة لسؤال الشافعي عنه ، “قال الشافعي لأبي مصعب: الذي يقول مالك: أمرنا والذي عليه أهل بلدنا، والذي عليه أئمة المسلمين الراشدين المهديين أي شيء هو؟ فقال: أولهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أبو بكر وعمر وعثمان الذين ماتوا بالمدينة “[ المدارك 3/179].

– نصرته لعمل أهل المدينة وقوله بحجيته، وإن كان مظنة اجتهاد ونظر ، وهو قول متقدمي مالكية العراق قال القاضي عبد الوهاب البغدادي في شرح الرسالة قال:”…والأول قول قوم من متقدمي أصحابنا، وهو الذي يدل عليه قول ابن مصعب الزهري وأحمد ابن المعذل وغيرهما…واحتج من نصر هذا بأن قال: لأن المدينة لما كانت عرصة النبوة، ودار الوحي، وأهلها قد شاهدوا التنزيل، وسمعوا ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم، كانوا أعرف بطرق الأدلة، وأبصر من غيرهم ممن ثبت له هذه المزية بوجوه الاجتهاد، وطرق الاستخراج والاستنباط”[ شرح الرسالة 2/46].

 *************

أحمد بن المعذل (من طبقة أبي مصعب الزهري)

اسمه:

    أحمد بن المعذل بن غيلان بن الحكم العبدي البصري يكنى أبا الفضل[المدارك 4/5].

شيوخه:

   تفقه بابن الماجشون، ومحمد بن مسلمة، وإسماعيل بن أبي أويس، وغيرهم[ المدارك 4/6].

تلاميذه:

    وعليه تفقه جماعة من كبار المالكية، كإسماعيل بن إسحق القاضي وأخيه حماد، ويعقوب بن شيبة، وسمع منه ابنه محمد بن أحمد وعبد العزيزبن إبراهيم بن عمر البصري[المدارك 4/6].

ثناء العلماء عليه:

   قال أبو القاسم الشافعي المعروف بعبيد: كان ابن المعذل من العلماء الأدباء الفصحاء النظار[ المدارك 4/6].

   قال ابن حارث: كان فقيهاً بمذهب مالك. ذا فضل وورع ودين وعبادة[المدارك 4/7].

    “وكان ممن يقرض الشعر من الفقهاء النساك…وكان فقيهاً بقول مالك، لم يكن لمالك بالعراق أرفع منه، ولا أعلى درجة ولا أبصر بمذهب أهل الحجاز”[المدارك 4/7].

   وقال القاضي إسماعيل عن أستاذه: أفخر على الناس برجلين، بالبصرة: بابن المعذّل يعلّمني الفقه، وابن المديني يعلمني الحديث[ المدارك 4/279].

مكانة ابن المعذل الأصولية:

مؤلفاته في الأصول:

ألف ابن المعذل كتاب الرسالة، وكتاب الحجة،[المدارك 4/6] وأحكام القرآن[الفهرست ص:  59، انظر معجم المفسرين: 1/80.]، وكلها كتب مفقودة.

آراؤه الأصولية

   عرف ابن المعذل بذبه عن مذهب أهل المدينة، واحتجاجه لأصول  المذهب التي انتقدها مخالفو الإمام مالك، ويعتبر عمل أهل المدينة من أشهر هذه الأصول التي انتقدت عليه، فانبرى مالكية العراق الأوائل ومن بينهم ابن المعذل لتأصيل العمل، ودفع الشبه عنه، والاستدلال على حجيته. ومن ذلك:

– ما رواه عن شيخه الأول عبد الملك ابن الماجشون قال: سمعت إنساناً سأل ابن الماجشون لم رويتم الحديث ثم تركتموه؟ قال: ليعلم أنا على علم تركناه”[ المدارك:1/45]، ويقصد الاحتجاج بعمل أهل المدينة وتقديمه على خبر الآحاد.

– قوله بحجية عمل أهل المدينة وإن كان مظنة اجتهاد ونظر، ونصه عند القاضي عبد الوهاب في شرح الرسالة قال: “…والأول قول قوم من متقدمي أصحابنا، وهو الذي يدل عليه قول ابن مصعب الزهري وأحمد ابن المعذل. وغيرهما…واحتج من نصر هذا بأن قال: لأن المدينة لما كانت عرصة النبوة، ودار الوحي، وأهلها قد شاهدوا التنزيل، وسمعوا ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا أعرف بطرق الأدلة وأبصر من غيرهم ممن ثبت له هذه المزية بوجوه الاجتهاد وطرق الاستخراج والاستنباط”[ شرح الرسالة 2/46].

-إنكاره على من يقدم القياس على الأثر وذمه الحنفية لذلك في بيتي شعر [تاريخ بغداد15/530]:

إن كنت كاذبة الذي حدثتني    فعليك إثم أبي حنيفة أو زفر

المائلين إلى القياس تعمدا        والراغبين عن التمسك بالخبر 

 ***************

القاضي إسماعيل بن إسحاق(ت282هـ)

اسمه: 

    هو إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد … الجهضمي، الأزدي[ المدارك 4/278].

شيوخه:

    سمع… عمرو بن مرزوق، ومحمد بن كثير، ومسدَّد والقعنبي…وعلي بن المديني،…وأبي مصعب الزهري،…وتفقه بابن المعذِّل[ المدارك 4/278-279].

تلاميذه:

   روى عنه موسى بن هارون الحافظ، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، … وابن الأنباري، والمحاملي،… وابنا بكير، والنسائي …،وأبو الفرج القاضي، وأبو يعقوب الرازي، وأبو بكر بن الجهم، وأبو الفضل بن راهويه، … وبكر القشيري،… وخلق عظيم. وبه تفقه أهل العراق من المالكية.[المدارك 4/279-280]

مكانته في العلم: 

   يعتبر القاضي إسماعيل من أهم علماء المذهب المالكي، ومؤسس المدرسة المالكية في العراق قال عياض: “وعنه انتشر مذهب مالك بالعراق”.[ المدارك 4/280].

قال الشيخ أبو محمد ابن أبي زيد:”القاضي إسماعيل شيخ المالكيين في وقته. وإمام تام الإمامة، يقتدى به”[ المدارك 4/281].

   وقال عنه أبو إسحاق الشيرازي: كان إسماعيل جمع القرآن، وعلوم القرآن، والحديث وآثار العلماء والفقه والكلام، والمعرفة بعلم اللسان، وكان من نظراء أبي العباس المبرد في علم كتاب سيبويه”.[ المدارك 4/280]

   هذا فضلا عن تآليفه الكثيرة والمفيدة والتي تعتبر أصولا في فنونها. منها موطؤه، وكتاب أحكام القرآن. وكتاب القراءات، وكتاب معاني القرآن، وإعرابه وغيرها من الكتب[ المدارك 4/291].

القاضي إسماعيل أصوليا:

 معرفته بالأصول:

    يعد القاضي إسماعيل من مجتهدي المذهب، بل عد مجتهدا مطلقا “قال القاضي أبو الوليد الباجي: – وذكر من بلغ درجة الاجتهاد، وجمع إليه من العلوم-فقال: ولم تحصل هذه الدرجة بعد مالك، إلا لإسماعيل القاضي”[المدارك 4/282].

   وقد خرجت مدرسته في العراق ثلة من علماء الأصول الذين تتلمذوا على يديه أبرزهم :

   أبو الفرج القاضي (ت330ﻫ) صاحب كتاب اللمع في أصول الفقه([ترتيب المدارك: 5/23.])،  وبكر بن محمد بن العلاء أبو الفضل القشيري (ت344ﻫ)[ ترتيب المدارك: 5/271.] صاحب كتاب مآخذ الأصول، وكتاب أصول الفقه [ترتيب المدارك: 5/271.]، وأبو بكر بن الجهم (ت329ﻫ) صاحب كتاب بيان السنة[ ترتيب المدارك: 5/20.].

مؤلفاته الأصولية:

ألف القاضي إسماعيل كتاب “الأصول” وهو مفقود.

آراؤه الأصولية:

   ذكرت المصادر الأصولية عن القاضي إسماعيل جملة من الآراء والاختيارات الأصولية تؤكد تبريزه في هذا العلم منها:

– نصرته لمذهب الجمهور في حجية القياس واعتباره أمرا ضرويا في الشرع، و إنكاره على من نفى القياس أشد الإنكار، حيث “ذكر القاضي بكر بن العلاء ..أن القاضي إسماعيل أمر بداود منكر القياس فصفع في مجلسه بالنعال وحمله إلى الموفق بالبصرة ليضرب عنقه، لأنه رأى أنه جحد أمرا ضروريا من الشريعة في رعاية مصالح الخلق والجلاد في هؤلاء أنفع من الجدال.”[ البحر المحيط 7/28].

 – قوله: “إنما التوسعة في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توسعة في اجتهاد الرأي، فأما أن يكون توسعة أن يقول الإنسان بقول واحد منهم من غير أن يكون الحق عنده فيه فلا، ولكن اختلافهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا”.قال ابن عبد البر: “كلام إسماعيل هذا حسن جدا”[ جامع بيان العلم وفضله 2/ 906].

– ذهابه إلى حمل اللفظ العام على عمومه وعدم قصره على السبب[ ينظر إحكام الفصول 1/ ص 276]، وهو مذهب الجمهور.

– قوله بعدم العمل بالحديث المرسل وعدم الاحتجاج به، حتى وإن كان المرسِل يتحرز في إرساله،  فلا يرسل إلا عن الثقات[ ينظر إحكام الفصول 1/ ص355]، وتابعه عليه البغداديون من المالكية، “قال القاضي عبد الوهاب في “الملخص”: ظاهر مذهب مالك قبول المراسيل مطلقا إذا كان المرسل عدلا يقظا، وكذا حكاه عنه أبو الفرج، فأما البغداديون من أصحابنا كالقاضي إسماعيل، والشيخ أبي بكر، فإنهم وإن لم يصرحوا بالمنع، فإن كتبهم تقتضي منع القول به، لكن مذهب صاحب المذهب أولى بالصحة”[ البحر المحيط 6/352].

***************

أبو الحسن بن المنتاب (طبقة تلاميذ القاضي إسماعيل)

اسمه:

  عبد الله بن المنتاب بن الفضل بن أيوب البغدادي أبو الحسن، قاضي مدينة النبي صلى الله عليه وسلم[ المدارك5/1].

شيوخه:

 صحب القاضي إسماعيل وبه تفقه.

تلاميذه:

  روى عنه أبو القاسم الشافعي، وأبو إسحاق بن شعبان، وغيرهما.

ابن المنتاب أصوليا:

   نقل عن ابن المنتاب بعض الاختيارات والترجيحات في مسائل الأصول تدل على اجتهاده وطول باعه في العلم منها:

– قوله بأن الأمر محمول على الندب بمجرده، ونقله عنه الباجي في كتابه[إحكام الفصول 1م 55]، بينما نسب له ابن حزم قولا آخر، وهو أن الأمر محمول على الوقف، ونصه: “إلا أن ابن المنتاب المالكي أتى بعظيمة فلزمنا التنبيه عليها إن شاء الله تعالى، وذلك أنه قال إن من الدليل على أن الأوامر على الوقف قول الله تعالى مخبرا عن أهل اللغة الذين هم العرب” {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}[ محمد الآية 16.]

    قال: فلو كانت الأوامر على الوجوب والألفاظ على العموم لما كان لسؤالهم عما قاله عليه السلام معنى، إذ لو فهم الوجوب والعموم من نفس اللفظ لكان سؤالهم فاسدا”[الإحكام لابن حزم 3/9-40].

– وقوله أن النهي يدل على الفساد وهو أصل قوله بفسخ النكاح وقت النداء كالبيع [ينظر شرح التلقين ص1008].

– وقوله أن ألفاظ العموم تدل على أقل الجمع ونصه عند الباجي: قال أبو الحسن بن المنتاب المالكي: “يجب حمل هذه الألفاظ على أقل ما يتناوله اللفظ”[ إحكام الفصول 1م141].

– وقوله أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم محمولة على الندب، ذكر ذلك الباجي في كتابه[ إحكام الفصول 1م160].

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق