مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات محكمة

-أصل ما جرى به العمل إبداع مغربي أصيل نظرة في نماذج من فقه البيوع عند علماء المغرب

من المعلوم أن الفقيه لا يبت في نوازل وقته، إلا وقد كان محصلا للآليات اللازمة لهذا البت على التمام والكمال، خابرا لأسرارها ناهجا مناهجها، وليست آلية العمل[1] باعتبارها طريقا استدلاليا مذهبيا، إلا شاهدا على أن الاستدلال عند الفقيه يكون دائما مؤسسا على قواعد وأصول واضحات ينضبط بها ويلتزم بمقتضياتها من جهة، ومن جهة أخرى تدل هذه الآلية على اتساع نطاق توظيفها لدى الفقهاء المغاربة، إذ وجدوا في نظرية العمل وما اشتملت عليه من قواعد ومبادئ، مرونة استدلالية أصيلة تستجيب لحاجات المجتمع المتسمة بالاتساع والتنامي والتشعب…

وتختص حلقات هذا المقال بالنظر في التطبيقات العملية لأصل ما جرى به العمل، وقد وقع الاختيار على فقه البيوع كنموذج لهذه التطبيقات، لما لهذا الجانب من الصلة القوية بالمجتمع ولكونه ميدانا أرحب للاجتهاد الذي وجد في آلية العمل –بجانب القواعد والآليات الأخرى– وسيلة ناجعة لتحقيقه، ودليلا مؤكدا لقدرته على البت في مستجدات المسائل ومشكلاتها. كما أن المقصد من هذا التناول ليس هو الاستقصاء التفصيلي لأفراد المسائل وآحاد الجزئيات، بل المراد من هذه المتابعة التطبيقية هو الاقتراب أكثر من أصل ما جرى به العمل، ومعرفة الكيفية العملية التي يوظف بها الفقيه هذا الأصل في عمله الاجتهادي؛ الأمر الذي يفيد الدارسين في تمثل صورة تقريبية عن قيمة الدرس الاجتهادي المالكي المبدع عند علماء المغرب.

البيوع ونماذجها من فقه العمل 

1- تعريف البيع وبيان خصائصه وأركانه

يعتبر البيع أهم عقود المعاوضات المالية حيث أولاه الفقهاء فائق العناية وبالغ الاهتمام، وذلك بتأصيل قواعده وبيان ضوابطه على التمام والكمال، كما تظهر أهميته في كون قواعده وضوابطه تشكل مرجعا يستند إليه الفقهاء في التنظير لبقية العقود واستيفاء شروطها وضبط قواعدها، وهذا ما أشار إليه الشيخ مصطفى أحمد الزرقاء بقوله: «البيع رأس عقود المعاوضات المالية وأحكامه أساس للقياس في كثير من أحكامه»([2]).

كما بين الشيخ محمد ميارة أهمية البيع ولزوم تحصيل أحكامه ومعرفة تفاصيله لعموم الحاجة إليه فقال:

«وباب البيوع مما يتعين الاهتمام بمعرفة أحكامه لعموم الحاجة إليه، إذ لا يخلو مكلف غالبا من بيع أو شراء، فيجب أن يعلم حكم الله في ذلك قبل التلبس به، قال القباب: لا يجوز للإنسان أن يجلس في السوق حتى يعلم أحكام البيع والشراء، فإنه يكون حينئذ فرضا واجبا عليه، وكذلك الذي يتصرف لنفسه أو غيره يجب عليه أن يعلم حكم ما يتصرف فيه، ولا يجوز للإنسان أن يدفع قراضا لمن لا يعلم أحكام البيع والشراء (…)هـ. وبعد العلم بما ذكر يجب عليه العمل بما علمه ويجتهد في ذلك ويتولى بيعه وشراءه بنفسه إن قدر وإلا فغيره بمشاورته، ولا يتكل في ذلك على من لا يعرف الأحكام، أو يعرفها ويتساهل في العمل بمقتضاها لغلبة الفساد وعمومه»([3]).

ونظرا لأهمية البيع ومكانته المحورية في المعاملات المالية، فقد رتب العلماء قديما وحديثا –كما أشرت- قوانينه وقواعده وضوابطه وحرروا مسائله وتفاصيله، وبتوا في نوازله إفتاء وقضاء، وسأقتصر في هذا المطلب على بيان مختصر لما يفيد في تقريب الصورة ويخدم الغرض الأصلي من هذا المبحث، ألا وهو الوقوف على نماذج لما جرى به العمل في البيوع.

– تعريف البيع وبيان خصائصه:

البيع في وضعه اللغوي معناه مقابلة شيء بشيء، سواء كانت هذه المقابلة بإخراج الشيء عن ملك صاحبه أو بإدخاله، وعلى هذا فهو معدود من أسماء الأضداد لدلالته على معنيين متضادين وهما البيع والشراء.([4])

وفي الاصطلاح البيع هو: «عقد معاوضة على غير منافع ولا متعة لذة»([5]). من خلال هذا التعريف يتضح أن عقد البيع يختص بالأوصاف التالية:

أ-  أنه عقد مسمى لأن الشارع رتب له سائر قوانينه وضوابطه على سبيل الشمول والاستيفاء، وذلك لكثرة شيوعه في التداول اليومي للأفراد والجماعات والأمم، كما يعتبر رأس العقود المسماة بأسرها لكون قواعده وأحكامه سندا مرجعيا للأصول العامة للتعاقد كيفما كانت صورته أو تعين موضوعه ومجاله، وفي هذا المعنى يقول الدكتور عبد الرحمن بلعكيد:

«إن عقد البيع يتصدر العقود المسماة، لأنه العقد الكثير التداول دون ريب، والعقد الذي استنبطت منه أغلب أحكام نظرية العقد، والدليل الذي ظل المشرع يسترشد به وهو يضع قواعد القانون المدني، وحينما أراد المشرع تدوين أحكام العقود المسماة وجد في الصدارة هذا العقد»([6]).

ب- أنه عقد رضائي إذ الأصل فيه هو التراضي لقوله تعالى في عموم المعاوضات: )يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم( ([7]). ومعنى الرضائية هنا أن التعاقد يتم وفق إرادة المتعاقدين ومشيئتهم دون إجبار أو إكراه.

ج- أنه عقد ملزم للجانبين معا حيث تنشأ بمجرد انبرامه التزامات متبادلة بين المتعاقدين، فالمشتري يلتزم بأداء الثمن والبائع يلتزم بنقل الملكية([8]).

د- أنه عقد ناقل للملكية إذ بواسطته يتم التوصل إلى ما في يد الغير بعوض على وجه الرضا، ولذلك فهو يعد من أقوى الوسائل التي يتم بموجبها تداول الممتلكات بطريق مشروع.

هـ – أن أحد عوضيه ثمن نقدي وهي خاصية جوهرية تميز البيع عن سائر العقود الأخرى كالمقايضة.

– أركـان البيـع

ينبني عقد البيع على أركان ثلاثة هي:

العاقدان وهما البائع والمشتري.

المعقود عليه وهو الثمن والمبيع.

الصيغة.

الـركن الأول: المتبايعـان

وهما الطرفان المباشران للتعاقد سواء بالأصالة أو بالنيابة ويشترط فيهما أمران:

– أهلية التصرف وقوامها البلوغ والعقل والرشد، فلا تصح بيوع غير البالغ والمجنون والسفيه والمكره، لوجود العوارض المانعة من صحة التصرف أو الموجبة لتقييدها، وفي حال نقصان الأهلية أناط الفقهاء جواز تصرف صاحبها بإمضاء الحاجر أو الولي ولهم في ذلك تفصيلات مذكورة في مظانها.

– سلامة إرادتهما من عيوب الرضا كالغلط والتدليس والإكراه والغبن، ومن المعلوم أن الأصل في إرادة المتعاقدين هو السلامة حتى يثبت خلاف ذلك، وفي هذا المعنى نقل الحطاب عن ابن فرحون قوله: «المتعاقدان محمولان على المعرفة حتى يثبت الجهل وعلى جواز الأمر حتى يثبت السفه، وعلى الرضا حتى يثبت الاكراه، وعلى الصحة حتى يثبت السقم، وعلى الملأ حتى يثبت الفقر، وعلى الحرية حتى يثبت الرق، وعلى الإسلام حتى يثبت الكفر، وعلى العدالة حتى يثبت الجرح، والغائب محمول على الحياة حتى يثبت الموت»([9]).

الـركـن الثـاني: المعقـود عليـه

ويراد به المبيع والثمن وحاصل شروطه ما يلي:

– الطهارة، فلا يجوز بيع النجاسات كالميتة والخمر لما رواه جابر عن النبي ﷺ أنه قال: ﴿إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها تطلى بها السفن وتدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال لا هو حرام، ثم قال رسول الله ﷺ عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه﴾([10]).

– تحقق وجود الشيء المبيع، «ووجودية المبيع إما وجودية أشياء أو وجودية حقوق، فوجودية الأشياء تنصرف إلى الأشياء المادية من عقارات ومنقولات، فهذه لها وجود مادي مجسم، والمبيع فيها يكون موجودا بذاته وأوصافه وحدوده ومقاديره»([11])، ووجودية الحقوق لها تعلق بمختلف المعاني الملازمة والمتصورة في الأشياء المادية كحقوق الانتفاع والارتفاق والاستعمال والسكنى والحق في الهواء والجلسة والزينة والمفتاح والجزاء وغيرها.([12])

– القدرة على التسليم وهذا يقتضي كون الشيء المبيع في حيازة العاقد، بحيث يتمكن من تسليمه وفق التعاقد، فإذا انخرم هذا الشرط بطل البيع، ومن صور البيوع الباطلة لتخلف الشرط المذكور بيع الضوال والإبل المهملة في الرعي.

– المعلومية لقول خليل في مختصره: «وعدم جهل بمثمون أو ثمن ولو تفصيلا»، وقول ابن الحاجب: «والجهل بالثمن والمثمون جملة وتفصيلا مبطل».([13]) فلا بد من حصول العلم بالمبيع والثمن لدى المتعاقدين، إذ لا يتصور صحة التعاقد مع وجود الجهل بالأوصاف والمقادير.

– الانتفاع ومعناه وجوب تحقق وجود المنفعة في المعقود عليه، لأن جميع الأموال والأعيان مقصودة لما انطوت عليه من المنافع دون ذواتها، إذ هي محل التعاقد ومناطه، فإذا انعدمت هذه المنافع أو وجدت ولكن لا قيمة لها كان العقد باطلا وعد من قبيل أكل أموال الناس بالباطل.([14]).

الـركـن الثالـث: الصيغـة:

ويراد بها ما يدل على الرضا وإرادة البيع بين العاقدين من قول أو فعل، ومن أمثلة التعبير اللفظي عن الإيجاب والقبول: بعتك واشتريت منك أو أبيعك وأشتري منك أو قبلت ووافقت وغير ذلك من الصيغ الدالة على حصول الرضا بالبيع سواء من جهة البائع أو المشتري، وقد يقوم الفعل مقام اللفظ في التعبير عن الرضا لشهادة العرف، ومنه بيع المعاطاة الذي يكتفى فيه بالتسليم والتقابض في الأعواض دون حاجة إلى صيغة لفظية، كما تجوز الصيغة بطريق الإشارة المفهمة كتحريك الرأس أو اليد.([15]).

2- ما جرى به العمل في البيوع 

المسألة الأولى: جواز بيع الديـن دون حضور المديـن

مفهـوم بيع الديـن وصوره:

بيع الدين هو مبادلة ما ثبت في الذمة بمال. فالمبيع في هذه الحالة هو شيء ثابت في ذمة المدين هو المعبر عنه بالدين، وله صورتان:

أ- بيع الدين بالدين:

ومعناه بيع ما في ذمة بما في ذمة أخرى، بحيث تنتقل بموجب هذا البيع ملكية الدين التي للدائن على المدين إلى شخص ثالث يدفع فيه عوضا يكون في ذمته، وقد نص المالكية على عدم الجواز.

ب- بيع الدين بالنقد:  

ومعناه أن الشيء الثابت في الذمة لا يكون بدله شيئا آخر ثابتا في الذمة، وإنما العوض فيه يقبضه الدائن البائع للدين مناجزة، وسواء كان المشتري هو المدين عينه أو غيره.

وقد نص علماء المذهب على جوازه بشروط حيث جاء في المسائل الملقوطة ما نصه: «ولا يجوز بيع الدين إلا بخمسة شروط: وهي أن لا يكون طعاما، وأن يكون الغريم حاضرا مقرا به، وأن يباع بغير جنسه، وأن لا يقصد بالبيع ضرر المديان، وأن يكون الثمن نقدا»([16]).

وقد نظم هذه الشروط الشيخ ميارة بقوله:

شروط بيع الديـن ستة تـرى حضور مديـان مقـر لا امترا
وبيعـه بغيـر جنس ونقــد ثـمنـه  ولا عداوة  تـرد
وليس ذا الدين طعاما واختلف في أجل السلم إن عرض وصف([17])

وبيان هذه الشروط كما يلي:

1- إقرار المدين بالدين بحيث تنحسم معه مادة الخصومة والمنازعة.

2- حضور المدين لأن المبيع متعلق بذمته.

3- تعجيل الثمن.

4- انعدام العداوة بين المشتري والمدين.

5- ألا يكون الدين طعاما لعدم جواز بيع الطعام قبل قبضه.

6- أن يكون البيع بغير جنس الدين سدا لذريعة الربا.

هذه إشارة سريعة مقتضبة لمسألة بيع الدين وأقسامه وشروطه الجائزة منه، والذي يعنيني منها التوطئة والتمهيد إلى المسألة التي جرى العمل فيها بخلاف المشهور، ألا وهي إمضاء بيع الدين دون حضور المدين، مع العلم أن حضوره مما اشترطه الفقهاء لجواز هذا النوع من البيوع.

وتظهر فائدة هذا الشرط في تحصيل العلم بحال المدين من غنى أو فقر، «وذلك لأن الدين المشترى يختلف مقدار عوضه باختلاف حال الذمة من فقر أو غنى، والبيع لا يصح أن يكون مجهولا»([18]).

والصورة التي جرى فيها العمل بجواز بيع الدين دون حضور المدين هي المصطلح على تسميتها بقلب الرهن، جاء في نظم العمل الفاسي:

وشـاع من صور بيع الدين ما وسموه الآن قلب الرهن
يبيع دينـه المؤجـل بمـا به يجوز أن يبيعـه كما
إن كان عينـا دينه بسلعـة نقدا مع الشروط جوز بيعه
وحل مشتر بذا الدين محـل بائعه في كل ماله حصـل
من حوز رهنـه ومنفعتـه إن جعلت له على هيئته
والبيع للرهن بتفويض جعل لبائع الديـن كذاك ينتقـل

قال الشيخ ميارة موضحا هذه الصورة:

«من صور بيع الدين الذي الكلام فيه المسألة الملقبة عند العامة بقلب الرهن، وذلك أن يكون بيد الإنسان رهن في دين مؤجل، ثم يحتاج إلى دينه قبل الأجل، فيبيع ذلك الدين المؤجل بما يجوز أن يباع به، كما إذا كان دينه دنانير أو دراهم كما هو الغالب في بيع الرهن فيبيعه بسلعة نقدا مع اعتبار بقية شروط جواز بيع الدين (…)، ويحل المشتري للدين المذكور محل بائعه المرتهن أولا في الحوز والمنفعة إن جعلت له، والبيع للرهن بالتفويض الذي جعل للمرتهن البائع للدين وغير ذلك»([19]).

واشتراط حضور المدين وإقراره هو القول المشهور في المذهب، لكن جرى العمل بمقابله أي جواز البيع دون حضور المدين ولا إقراره، وذلك إذا كان الرهن محوزا والدين ثابتا.

وقد نص الشيخ التسولي على هذا العمل بقوله:

«جرى العمل ببيع دين الغائب من غير حضوره ولا إقراره في المسألة الملقبة عند العامة اليوم بقلب الرهن»([20]).

كما ورد في المعيار أن ابن القاسم أجاز بيع الدين على الغائب في سماع عيسى بن معاوية، وقال به أصبغ في نوازله، كما رواه أبو زيد عن مالك، ونقل الإمام المازري في شرح التلقين أن ابن المواز يجيز هذا البيع على الغائب غيبة قريبة وكان على الدين بينة([21])، وكلها أقوال غير مشهورة حسب ما نص عليه الشيخ القباب.([22])

قال العلامة سيدي محمد ميارة: «والذي جرى به العمل عندنا في الرهان بيع الدين من غير حضور المدين، ولعله ارتكاب لمقابل المشهور لقلة الغرر مع ثبوت الدين وحيازة الرهن»([23]).

والحاصل أن مشهور المذهب في هذه الصورة وهو اشتراط حضور المدين وإقراره قد خولف وجرى العمل بمقابله وهو إجازة البيع في غيبة المدين، لكن مع ثبوت الدين وقبض الرهن، وهذا إذا كان الغرر مأمونا، خاصة وأن الشرطين المذكورين أي حضور المدين وإقراره ذوا طابع احتياطي، وأن العلماء حينما أجازوا الإمضاء مع الغيبة جعلوا حيازة الرهن وثبوت الدين بالبينة أمارة على استقرار المعاملة، وأقاموها مقام شرط الحضور.

المسألة الثانية: الـرد بالعيـب فـي الدواب

من الثابت في المذهب أن المشتري إذا اكتشف عيبا في مشتراه له الرجوع على البائع ورد مبيعه مطلقا دون تقييد بمدة زمنية معينة، وسواء كان المبيع من الدواب أم غيرها، وذلك إذا توافرت شروط هذا الرد وانتفت موانعه.

أما الشروط([24]) فحصرها الفقهاء في ثلاثة وهي:

أ- أن يكون العيب موجودا في المبيع وقت التبايع وليس طارئا بعده.

ب- أن لا يكون المشتري على علم بالعيب المذكور وقت العقد، فإن كان عالما به ولم يبد اعتراضا فلا قيام له به بعد ذلك.

ج- عدم اشتراط البراءة من العيب إذا كان المبيع من الرقيق أو الحيوان.([25])

وأما الموانع فأربعة وهي:

أ- رضا المشتري بالعيب بعد الاطلاع عليه.

ب- زوال العيب قبل قيام المشتري به إلا إذا لم تؤمن عودته.

ج- فوات المبيع بيد المشتري.

د- حدوث عيب جديد في المبيع.

غير أن للفقهاء نظرا خاصا فيما إذا كان المبيع من الدواب، حيث تقرر لديهم في شأنها أن المشتري إذا اطلع على عيب قديم فيها فإن له القيام به خلال شهر ابتداء من يوم التعاقد، أما إذا انصرم الشهر وثبتت براءة البائع من التدليس، فلا قيام للمشتري به ولو أثبت قدمه بشهادة البياطرة. أما إذا ثبت أن البائع كان عالما بالعيب ودلس به على المشتري فله الرد ولو بعد شهر، مع العلم أن المشتري مطالب بإثبات العيب وقدمه داخل الأجل المذكور.([26]) وبهذا جرى العمل بفاس، قال سيدي عبد الرحمن الفاسي:

وبعد شهر الدواب بالخصوص بالعيب لا ترد فافهم النصوص

قال السجلماسي في شرحه لعمليات فاس: «الذي جرى به العمل بفاس أن الدواب لا يردها المشتري بعيب يقوم به بعد الشهر من يوم الشراء، ولو أثبت قدمه بشهادة البياطرة على حسب اجتهادهم ودليل معرفتهم»([27]).

وقد انبنى صرح هذا العمل على فتوى الإمام العبدوسي التي تناقلتها كتب النوازل التي تعرضت لمسألة الرد بالعيب في الدواب، قال العلمي في نوازله:

«وسئل أبو عبد الله القوري بما نصه: سيدي رضي الله عنكم وأرضاكم، ذكر عن الفقيه سيدي عبد الله العبدوسي رحمه الله أنه كان يفتي في عيوب الدواب بأنه لا قيام فيها بعد شهر من تاريخ البيع. بين لي هل هذا النقل صحيح أم لا؟

فأجاب: كان الفقيه الحافظ شيخنا سيدي عبد الله العبدوسي رحمه الله يفتي في الدواب خاصة أن لا ترد بعيب بعد مضي شهر، ووجهه والله أعلم، كون الحيوان سريع التغير لا يكاد يبقى على حالة واحدة، وكون البياطرة جهلة قليلي الدين، راعى الشيخ مصلحة العامة. فأما غير الدواب من الرقيق وغيره فلم يحد في ذلك حدا وكتب محمد بن قاسم القوري»([28]).

فالأصل إذن في العمل المذكور فتوى الإمام العبدوسي التي عول عليها العلماء فيما بعد كالقوري وعلي بن هارون والقاضي المكناسي والشيخ عبد القادر الفاسي وابن غازي، وباختيارهم مضى العمل إفتاء وقضاء.

والمستفاد من بحوث الفقهاء في الموضوع أن تقييد الرد بالعيب في الدواب خاصة بالمدة المذكورة لوحظت فيه المعاني الآتية:

أ- الحفاظ على استقرار المعاملات بحسم مادة النزاع والتقليل من أسباب التشغيب وقطع الطريق على احتيال النخاسين، قال سيدي عبد القادر الفاسي في نوازله:

«ولعلهم خصوا الدواب بذلك لكثرة تعاطي النخاسين لشرائها وشدة احتيالهم فيها دون غيرها من الأنعام، لأنها غير مرادة للخدمة والامتهان كما في الدواب، فقصدوا إلى تقليل التنازع ورفع الشغب على الحكام باقتصارهم على هذه المدة التي يتبين العيب القديم فيها غالبا»([29]).

ب- أن مدة الشهر كافية لتقليب الدواب واختبارها بالحمل والركوب. قال الشيخ المهدي الوزاني في نوازله الصغرى:

«وفي نوازل القاضي سيدي محمد بن الحسن المجاصي رحمه الله أنه سئل عن عيوب الأنعام، هل الحكم فيها كالحكم في عيوب الدواب من أنه لا قيام للمبتاع بعيب يجده بعد شهر من تاريخ البيع.

فأجاب: الذي وقع في عبارتهم من عدم الرد بعد شهر إنما هو في الدابة، وهي في العرف عند الفقهاء ذات الحوافر لا ذات الظلف كالأنعام، وليست العلة قلة الديانة فقط، بل لأن الشهر مظنة التقليب والاختبار بالحمل والركوب، وهذا المعنى موجود في الدواب لاهتمام الناس بشأنها، بخلاف الأنعام فافترقا»([30]).

ج- ما لوحظ على أغلب البياطرة([31]) من قلة الأمانة وفشو الجهل وكثرة جرأتهم وقلة صدقهم وتواطئهم مع من له المصلحة في القيام بالعيب دون وجه شرعي.

المستفاد من بحوث الفقهاء في الموضوع أن تقييد الرد بالعيب في الدواب خاصة بالمدة المذكورة لوحظت فيه معنى الحفاظ على استقرار المعاملات بحسم مادة النزاع والتقليل من أسباب التشغيب وقطع الطريق على احتيال النخاسين.

إلا أن الشيخ أبا العباس أحمد بن عبد العزيز الهلالي بحث في أصل هذا العمل حيث استشكل مستنده، وانتقد على الفقهاء أخذهم به والعدول عن الأصل المذهبي الثابت في المسألة حيث قال: «ما جرى به عمل فاس من عدم رد الدابة بالعيب إذا قام به المشتري بعد شهر لا نعرف لذلك مستندا إلا فتوى صدرت من سيدي عبد الله العبدوسي شيخ القوري، فجعلوها قاعدة مطردة. واستثنى منها معاصر شيوخنا سيدي الحسن بن رحال، الذباب فإنه ترد به الدابة ولو بعد أكثر من شهر لأنه لا يظهر إلا بعد طول، واعتذروا لهذه الفتوى بقلة أمانة البياطرة والناس، فقصدوا إلى تقليل الشغب على الحكام، فاقتصروا على التي يظهر فيها العيب غالبا.

ولا يخفى ضعف هذا الاعتذار، إذ يلزم مثله في بهيمة الأنعام وفي الرقيق أكثر، وأنهم حافظوا على حق البائع فأخَلوا بحق المشتري، فقد يكون العيب لا يظهر إلا عند الاستعمال أو في السفر خاصة كعدم حمل معتاد، وقلة أكل العلف، ويكون المشتري لم يستعملها أو لم يسافر بها إلا بعد شهر، ويجد من يوثق به شهد له بقدم العيب ويعرفها معيبة عند البائع، أو يعترف بذلك البائع، فكيف يقال: لا ترد عليه بعد شهر؟ والبياطرة لا يتوقف عليهم في كل عيب، بل كثير من عيوب الدواب أو أكثرها لا يتوقف على البياطرة، والأمان والصدق كما قل في المشتري قل في البائع، بل هو فيه أقل، فتراه يحلف عند البيع ويطري سلعته بما ليس فيها، ويبالغ في إخفاء ما يكرهه المشتري منها، إلا من عصمه الله، وقليل ما هم، فالصواب ركوب جادة المذهب، وترك تلك الفتوى، خصوصا في النازلة التي وقعت فيها، وإمامة سيدي عبد الله العبدوسي لا تنكر، وليست تقتضي أن يترك المذهب كله وتلغى جميع نصوص أئمة المذهب لفتواه التي لم يظهر لها مستند، ولعله راعى شيئا لا يوجد عند من يريد تعدية فتواه وجعلها قاعدة مطردة، والله أعلم»([32]).

لكن بحث الهلالي للعمل المذكور لم يؤخذ مأخذ التسليم ولا الاعتبار من طرف الشيخ المهدي الوزاني الذي عاب عليه مخالفة ما جرى به العمل، جاء في نوازله الصغرى ما نصه: «إن من أفتى ببحث الهلالي في هذا العمل إنما أراد إضرام نار الفتن، إذ لا وجه للعدول عما اتفق عليه الأئمة وجرى به عملهم في أعصار متطاولة إلى ما قاله واحد منهم فقط، مع أنه لم يقله أحد قبله ولا تبعه عليه من عاصره ولا من جاء بعده، فعلى تقدير صحته لا يجوز الإفتاء به لأنه بلغ الغاية في الضعف، والفتوى إنما تكون بالراجح أو المعمول به، ولذا اعترضوه عليه، كما نقله التسولي، وبالغ في اعتراضه أيضا ابن عبد السلام بناني، كما نقله عنه بعضهم»([33]).

وفي نوازله الكبرى أيضا أورد الشيخ الوزاني نقدا تفصيليا لدعوى الهلالي مبينا فيه عدم سداد إنكاره للعمل المذكور وأن بحثه ساقط الاعتبار. جاء في المعيار الجديد ما نصه: «وأما إنكار الهلالي على أهل فاس العمل بعدم رد الدواب بالعيب بعد شهر قائلا: إنه لم يظهر له الخ، فغير سديد، إذ لا يلزم من عدم اطلاعه هو على المستند أن لا يكون للعمل المذكور مستند؛ على أنه قصور، لأنه تقدم في كلام الإمام القوري بيان مستند العمل المذكور.

وقوله: واعتذروا لهذه الفتوى بقلة أمانة البياطرة الخ، هذا من تحليل المركب والاقتصار على بعضه، إذ العلة هي قول المدونة: لا يكاد الحيوان يبقى على حال، وضم إلى ذلك جهل البياطرة وكثرة جرأتهم (…)، فالعلة اجتماع أمور لا واحدة فقط. ولا يخفى أن ذلك شاهد لفتوى العبدوسي والعمل المذكور، لأن الدواب إذا كان فيها عيب كامن، الغالب أنه يظهر في هذه المدة: وقوله: «إذ يلزم مثله في بهيمة الأنعام» الخ، هذا تقدم جوابه في كلام ابن غازي، وهو أن الدواب مرادة للخدمة والامتهان، فيظهر العيب القديم فيها في أقرب مدة، بخلاف الأنعام الخ.

وأما قوله: في الرقيق أكثر الخ، فغير سديد، لأن الرقيق يكتم عيبه لرغبته في بعض السادات، فلا يظهر فيه العيب في هذه المدة.

وأما قوله: فقد يكون العيب لا يظهر إلا عند الاستعمال الخ، فهذا نادر كما يدل عليه قوله (فقد يكون) الخ، والحكم إنما هو للغالب، تأمله.

وأما قوله: ويجد من يوثق به إلى قوله أو يعترف بذلك البائع الخ، ففيه نظر، لأن محل العمل ما لم يثبت أن البائع كان عالما بالعيب ببينته أو بإقرار البائع، وإلا فترد عليه ولو بعد شهر، لأنه حينئذ مدلس، وهو يرد عليه مطلقا»([34]).

ثم خلص الشيخ الوزاني إلى القول: «والحاصل أن العمل مستمر، والبحث فيه ساقط»([35]).

المسألة الثالـثة: العيب المتوسط في الأصـول

العيب المتوسط كالعيب الكثير في عدم الرجوع بقيمته إذا كان المبيع من الأصول، إذ من المعروف في المذهب أن عيب الأصول([36]) المبيعة على ثلاثة أقسام:([37])

– عيب قليل وحكمه عدم رد المبيع به ولا رجوع للمشتري على البائع بقيمة العيب اليسير.

– عيب وسط وحكمه عدم رد المبيع به بالنسبة للمشتري، لكن له أن يرجع بقيمة العيب إلا إذا خيره البائع بين رد المبيع أو الاحتفاظ به على حاله دون تعويض على المشهور.

– العيب الكثير أو الفاحش، وحكمه رد المبيع به مطلقا إن قام به المشتري وليس له الرجوع بقيمة العيب على البائع. جاء في التحفة:

   ومـا من الأصول بيع وظهر    للمشتري عيب به كان استتر

     فـإن يكـن ليس لـه تأثيـر        فـي ثمـن فخطبه يسيـر

  ومـا لمن صـار له المبيـع        رد ولا بقيـمـة رجـوع

  وإن يكن ينقص بعض            كالعيب عن صدع جدار بين

  فالمشتـري له الرجوع هاهنا       بقيمـة العيب الذي تعينــا

وإن يكن لنقص ثلثـه اقتضى       فما علا فالـرد حتم بالقضـا

قال الشيخ ميارة: «فإن كان المشترى أصلا فلا يخلو العيب الذي ظهر فيه من ثلاثة أوجه، الأول: لا يرد المبيع ولا يرجع المشتري على البائع بقيمته ليسارته يريد كالشرفات يجدها منهدمة. الثاني لا يرد به ويرجع المشتري بقيمته كصدع في حائط ونحوه. الثالث: ترد من أجله كصدع جدار يخشى سقوط الدار منه»([38]).

لكن جرى العمل عند أهل فاس بإلحاق العيب المتوسط بالعيب الكثير والتسوية بينهما في الحكم، أي أن مشتري الأصول إذا وجد فيها عيبا متوسطا فهو بالخيار بين رد المبيع أو الإمساك، ولا رجوع له بقيمة العيب ما دام المبيع قائما فإن فات رجع بقيمة العيب، وهكذا فقسمة العيوب في الأصول حسب القول المشهور ثلاثية: يسير مغتفر ومتوسط موجب للقيمة وكثير موجب للرد، وهي حسب مقابله المعمول به ثنائية: يسير وكثير.([39])

قال صاحب نظم العمل الفاسي:

وبالكثيـر المتوسط لحـق فيما من العيب الأصول قد لحق

قال الوزاني: «يعني أن العيب المتوسط قد ألحق بالكثير في الرد به، فيجب الرد بكل منهما، ومحل ذلك فيما قد لحق الأصول من العيوب لا في العروض ولا في الحيوان»([40]).

والقول المعمول به هنا قول في المذهب حكاه الباجي عن بعض الأندلسيين في التوضيح، وقال فيه المازري إنه موافق لمقتضى القياس([41])، وبه أفتى العلامة ابن سودة وبفتواه جرى العمل بفاس([42])

وقد بنيت هذه الفتوى على معنى مصلحي قرره المواق بقوله: «لما صار العيب اليسير(أي المتوسط) في الدور لا يلزم الرد به (على المشهور)، ويحكم للمبتاع أن يرجع بالقيمة، انفتح بسبب هذا باب الترخيص في الدين، تجد الرجل بعد الشراء يفتش عيوبا لينحط له بذلك شيء من الثمن، مع اغتباطه بالمبيع وقد يعطاه ربح فيه»([43]).

والمستفاد من هذا النقل أن المشتري يبالغ في التفتيش عن العيوب لا لشيء إلا بقصد الحط من الثمن، والتضييق على البائع في مطالبته بالأعواض عن العيوب، مع رغبة المشتري في الاحتفاظ بالمبيع، وهذا فيه إلحاق الضرر بالبائع كما فيه دلالة على سوء قصد المشتري، فتعين إلحاق العيب المتوسط بالعيب الكثير سدا لذريعة التضييق على البائع، وحسما لمواد الفساد المترتب عن الجري مع القول المشهور، وتم إجراء العمل بمقابله بحيث لو وجد المشتري عيبا متوسطا في أصل من الأصول فليس له الرجوع بقيمة العيب، وإنما هو بالخيار بين الرد أو الاحتفاظ بالمبيع كما هو.

ومن النوازل المتنزلة على هذا الأصل ما أورده الشيخ المهدي الوزاني في نوازله الصغرى، حيث سئل «عن رجل باع دارا وذكر أن فيها عيب كذا وكذا، فقبلها المشتري كذلك، فلما دخل إليها وجد فيها عيوبا أخرى لم يذكرها البائع له وأثبتها بأرباب البصر، فأراد أن يردها على البائع وأبى البائع أن يردها، وأراد الرجوع عليه بالقيمة»([44]) فكان جوابه في هذه النازلة:

«الحمد لله وحده، المشهور عند العلماء أن العيب المتوسط في الدار لا يوجب الرد للمشتري، وإنما له قيمة العيب فقط، كما قاله في المختصر: ورجع بقيمته كصدع جدار لم يخف عليها منه، ونظمه في التحفة بقوله:

وإن يكن ينقص بعض الثمن كالعيب عن صدع جدار بين
فالمشتري له الرجوع ها هنـا بقيمة العيب الذي تعينـا

ولكن الذي جرى به عمل فاس على ما قاله ابن سودة أن المتوسط يلحق بالكثير، ونظمه العلامة أبو زيد الفاسي بقوله:

  وبالكثيـر المتوسـط لحق فيما من العيب الأصول قد يحق

وعليه، فالمشتري بالخيار إما أن يتمسك ولا شيء له، وإما أن يرد ويقبض ثمنه»([45]).

المسألة الرابعة: حكم بيع الزبل

المراد بالزبل فضلات الدواب غير المأكولات اللحم وفضلات بني آدم([46])، والأصل في ذلك كله عدم جواز بيعه بناء على اشتراط طهارة المعقود عليه، قال ابن الحاجب في معرض ذكر شروط المعقود عليه: «الثالث المعقود عليه طاهر منتفع به مقدور على تسليمه معلوم، وفيها منع بيع العذرة، ورأي ابن القاسم منع الزبل مخرجا»([47]).

وقال البراذعي: «وكره مالك –رحمه الله– بيع العذرة ليزبل بها الزرع أو غيره، قيل لابن القاسم: فما قول مالك –رحمه الله– في زبل الدواب؟ فقال: لم أسمع منه فيه شيئا، إلا أنه عنده بخس وإنما كره العذرة لنجاستها فكذلك الزبل أيضا، ولا أرى أنا ببيعه بأسا، قال أشهب: والمبتاع في زبل الدواب أعذر من البائع»([48]).

والحاصل في بيع العذرة أربعة أقوال:

– الأول: المنع لمالك بناء على أن الكراهة محمولة على التحريم عند الأكثر.

– الثاني: الكراهة حسب فهم أبي الحسن الزرويلي وهو ظاهر كلام اللخمي.

– الثالث: الجواز لابن الماجشون.

– الرابع: الجواز في حال الاضطرار والمنع فيما سواه وهو لأشهب.

وأما الزبل فالحاصل فيه أربعة أقوال كذلك بينها العلامة التسولي بقوله: «وأما الزبل ففيه ثلاثة أقوال، قاسه ابن القاسم على العذرة في المنع عند مالك، وعليه درج خليل في قوله: لا كالزبل الخ. وقول ابن القاسم بجوازه، وقول أشهب المتقدم وأن المشتري أعذر من البائع، وعلى ما ذكره أبو الحسن وهو ظاهر اللخمي من أن الكراهة على بابها تكون الأقوال في الزبل أربعة أيضا»([49]).

والملاحظ مما تقدم أن بيع الزبل أمر اختلف فيه الفقهاء، لكن جرى عمل المتأخرين بجواز بيعه للضرورة، جاء في التحفة:

ونجس صفقتـه محظـورة ورخصوا في الزبل للضرورة

وجاء في نظم العمل المطلق:

وقد جرى عملهم في الزبل على جواز بيعه للزبـل([50])

وقد فسر السجلماسي الضرورة بقوله: «والمراد بالضرورة الحاجة إليه لإصلاح الأرض به حتى تجود للزراعة، وإليه الاشارة بقولنا للزبل بفتح الزاي مصدر زبلت الأرض أصلحتها بالزبل ونحوه، ومثل ذلك الحاجة إليه للطبخ به»([51]).

قال ابن لب: «وأما إعطاء التبن بالزبل فإن كانا حاضرين من باب الجزاف فجائز، وكذلك إن حصر أحدهما ودفع سلما في الآخر إلى أجل السلم، ويبقى من الوجهين ما في بيع الزبل من الخلاف، وقد جرى العمل بإجازته وضرب العقود به»([52]).

المسألة الخامسة: بيـع المضغـوط

يعتبر التراضي بين المتبايعين ركنا أساسيا في صحة عقد البيع ولزومه، بحيث لا ينعقد البيع إلا برضاهما أي بإرادتهما الحرة غير المشوبة بإكراه أو ضغط، قال الشيخ خليل في مختصره: «باب ينعقد البيع بما يدل على الرضا وإن بمعاطاة».

وتأسيسا على مبدأ الرضائية في البيع اشترط الفقهاء في البائع أن لا يكون مجبرا على إنشائه إجبارا حراما. قال الشيخ خليل في معرض بيان شروط البائع: «لا إن أجبر عليه جبرا حراما ورد عليه بلا ثمن».

والإجبار نوعان:

إجبار شرعي: كإجبار القاضي المدين المفلس على البيع لاستيفاء حقوق الغرماء، وإجبار الزوج على البيع لاستيفاء حق الزوجة في النفقة، والجبر على الأرض لتوسعة المسجد، والجبرعلى بيع الماء لمن به عطش وغير ذلك من النظائر والصور مما يترتب عليه تحقيق مصلحة أو درء مفسدة، وحكم البيع المنعقد على أساس الاجبار الشرعي الصحة واللزوم.

إجبار غير شرعي: وهو كل بيع أكره فيه البائع على إمضائه بالتهديد والترهيب، أو لحقت به مظلمة وحاق به جور لا ينفك منه إلا ببيع بعض ممتلكاته، بحيث لا يندرئ عنه ذلك إلا بالبيع المذكور. والحكم الاجمالي في هذا النوع هو عدم اللزوم، فإذا زال مانع الإكراه فللبائع حق استرجاع مبيعه من المشتري دون أن يكون ملزما برد الثمن إليه.([53])

قال ابن عاصم في التحفة:

ومن يبع في غير حق شرعـي بالقهر مالا تحت ضغط مرعـي
فالبيع إن وقع مردود ومـن باع يحوز المشترى دون ثمن

وقد ميز الفقهاء في الإجبار غير الشرعي بين صورتين:

– صورة يكون البائع فيها مكرها على البيع بعينه، بحيث يكون متعلق الإجبار هو البيع ذاته، وحكمها عدم اللزوم إجماعا.([54]).

– صورة يكون البائع فيها مجبرا على دفع مال ظلما، فيضطر إلى بيع أملاكه فيه، وفيها يكون متعلق الإجبار لا البيع بعينه وإنما سببه وهو دفع المال.

والصورة الثانية هي المصطلح عليها عند الفقهاء ببيع المضغوط.

المضغوط كما عرفه المهدي الوزاني: «هو المحبوس في مال ظلما، فيبيع متاعه لأدائه»([55]).

قال ابن هلال في بيان الفرق بين الصورتين: «المضغوط هو المأخوذ بغرم مال قهرا يضيق بشدة وتعذيب، وبهذا افترق حكم المجبر على البيع والمضغوط شرعا، فالمجبور على البيع لا يلزمه شرعا إجماعا حكاه ابن سحنون والأبهري، وأما المضغوط فيلزمه بيعه عند ابن كنانة لأنه لم يجبر عليه وإنما أجبر على غرم مال فافترقا عنده»([56]).

وإذا كان المجبر على البيع غير ملزم بما أمضاه من البيع في حال الإكراه إجماعا، فإن المضغوط مختلف في حكم ما عقد من البيوع في حال الضغط، إذ نجد فيه قولان:

قول بعدم اللزوم وهو المشهور.

وقول باللزوم والإمضاء وهو قول شاذ.

قال الحطاب: «وأما من أكره على دفع مال فباع لذلك ففيه خلاف: مذهب ابن القاسم وروايته عن مالك أنه لا يلزمه، وقال ابن حبيب: وحكاه عن مطرف وابن عبد الحكم وأصبغ، وقال به سحنون وأفتى به ابن رشد وغيره لكن سحنون وابن رشد خالفا في أخذه صاحبه بلا ثمن (…)، وقال ابن كنانة بيعه لازم لأنه غير مفسوخ، نقله عنه ابن رشد (…)، ونقله أيضا البرزلي وقال به السيوري واللخمي، قال البرزلي: ومال إليه شيخنا الإمام يعني ابن عرفة وهو قول الثوري»([57]).

وقد جرى العمل بنفوذ بيع المضغوط أخذا بقول ابن كنانة وفتوى اللخمي واختيار السيوري([58])، جاء في نظم العمل الفاسي:

وبيع مضغوط لـه نفوذ وجمع الأحباس له تنفيذ

وقد صرح أبو زيد عبد الرحمن الفاسي أن مسألة بيع المضغوط جرى العمل بها منذ أكثر من مائتي سنة، علما بأن أبا زيد من علماء القرن الحادي عشر الهجري حيث توفي سنة 1096 هـ.([59]).

بالرجوع إلى نقول العلماء في الموضوع نستفيد أن ما جرى به العمل من لزوم بيع المضغوط وإمضائه، مبناه على قاعدة مقصدية ترجيحية تقريرها حفظ النفوس مقدم على حفظ الأموال، إذ لو قلنا بعدم اللزوم جريا على القول المشهور لما كان للمضغوط سبيل إلى تخليص نفسه، ولا وجد مخرجا مما ألم به من الجور وحاق به من العذاب، ولعل ما ذهب إليه المحققون من مخالفة المشهور وإعمال مقابله جاء في سياق اجتماعي شاعت فيه ظاهرة الضغط شيوعا فاحشا، حيث تواردت على علماء الوقت أسئلة متكاثرة عن نوازل المضغوط، فتبين لهم بعد تقليب النظر في آحادها أن لا سبيل إلى درء مفاسد هذه الظاهرة إلا بالقول باللزوم، وهذا ما أشار إليه العلامة أبو علي الحسن بن رحال المعداني رحمه الله تعالى بقوله:

«جري العمل بمضي بيع المضغوط هو الذي ينبغي العمل به، وهو الذي يليق بأحوال الناس في هذه الأزمنة، وإلا تعذر فكاك الناس مع كثرة هذا»([60]).

وقال أبو العباس الهلالي: «المضغوط على إعطاء مال فيبيع شيئا من أصوله لفكاك نفسه بثمنه، المشهور فيها أنه لا يلزمه، وأنه يرد إليه ما باعه بلا ثمن، ولما كثر الجور وشاع الضغط مال كثير من المحققين من المتأخرين إلى لزومه، وذلك لأن الجري على المشهور يؤدي إلى بقاء المضغوطين في العذاب الأليم وإلى الهلاك بالكلية، لأنهم لا يخلصهم إستغاثة ولا شكوى ولا غيرها إلا المال الذي ضغطوا فيه غالبا، وحيث كان كذلك فالمحافظة على النفس والعرض مقدمة على المحافظة على المال»([61]).

ومما يلتحق بالمضغوط في اللزوم، صورة من اضطره الجوع إلى بيع متاعه إذا كان تام الإدراك كامل العقل غير مشرف على الهلاك. وقد أشار صاحب العمل الفاسي إلى هذه الصورة بقوله:

والبيع في الغلاء للمختـار مع المكايسة أمر جـار

قال المحقق السجلماسي في شرح هذا البيت: «الظاهر أن مقصوده الكلام على بيع من اضطره الجوع إلى بيع متاعه، وعبر عن وصف الجوع الذي هو المراد بالغلاء لكونه يكثر في زمانه لا زمن الرخاء، والمعنى أن بيع الجائع متاعه لغير الجائع وهو المراد بالمختار جائز جرى العمل بإمضائه ولزومه، وإن كان البائع مكرها على البيع ما لم يبلغ الحد الذي تنتفي عنه فيه المكايسة، أي ما دام البائع على عقله»([62]).

وقال معللا هذا اللزوم: «وإنما لزم بيع الجائع العاقل مع وصف الإكراه لما في إمضائه ولزومه من مصلحة حفظ النفوس، إذ لو لم ينفذ البيع لمات الجائع جوعا ولم يجد من يشتري منه»([63]).

المسألة السادسة: اختلاف المتبايعين عند قيام البينة بالطوع بالثنيـا.

بيع الثنيا من البيوع الفاسدة لانطوائه على شرط مقتض لفساد العقد، وصورته أن يقول المشتري للبائع في صلب العقد إذا جئتني بالثمن فالمبيع لك([64]). والسبب في بطلانه كونه سلفا جر منفعة، جاء في تهذيب المدونة ما نصه: «ومن ابتاع سلعة على أن البائع متى ما رد الثمن فالسلعة له لم يجز ذلك؛ لأنه سلف جر منفعة»([65]).

وجاء في التحفة:

والبيع بالثنيـا لفسخ داع والخرج بالضمان للمبتاع

قال الشيخ ميارة: «قال المتيطى: أما الثنيا فلا يجوز انعقاد البيع عليها في شيء من الأشياء، وهو أن يقول: أبيعك هذا الملك أو هذه السلعة بثمن كذا، على أني إن أتيتك بالثمن إلى مدة كذا وقال متى أتيتك به ولم يحد مدة فالمبيع مردود إلي مصروف علي، فإن تبايعا على ذلك فسخ البيع ما لم يفت ذلك بيد المبتاع، فيلزم القيمة يوم القبض»([66]).

غير أن الشرط المذكور إذا تطوع به المشتري للبائع بعد انبرام العقد، أي لم يكن من صلبه فهو جائز والبيع صحيح، وسواء كان الطوع بالثنيا موثقا بعقد مستقل أم لا، محددا بأجل معلوم أم لا.([67])

جاء في التحفة:

وجـاز إن وقع بعد العقـد  طوعـا بحد أو بغير حـد

وقد نص العلماء على أن كتب الطوع بالثنيا في وثيقة مستقلة هو الأحسن، وهو مقتضى قول ناظم التحفة:

وحيثما شرط على الطوع جعل فالأحسن الكتـب بعقد مستقل

كما صرح به ناظم العمل المطلق بقوله:

واختير في ذاك كتاب مفرد إذ هو عن ظن الفسـاد أبعد

لكن إذا تطوع المشتري للبائع بالطوع بالثنيا، وكان هذا الطوع موثقا مكتوبا ثم اختلفا، فادعى أحدهما أن الثنيا المذكورة إنما كانت شرطا في أصل البيع مما يقتضي فساده، بينما الآخر تمسك بما توجبه البينة من جواز الطوع وصحة البيع ففي المسألة قولان: قول مرجح لادعاء شرطية الثنيا في أصل البيع مراعاة للعرف، أي أن الناس تعارفوا على شرطية الثنيا وإنما يظهرون الطوع تحيلا، وهو المنسوب لابن الفخار. وقول مرجح لادعاء الطوع لقيام البينة الدالة عليه، وهو المنسوب لابن العطار وقد جرى به العمل.

جاء في نظم العمل الفاسي:

والقول قول مدعي الطوع إذا كتب في الثنيـا عليـه أخذا

قال السجلماسي في شرح هذا البيت: «المراد بالثنيا هنا تعليق المشتري إقالة البائع على إتيانه بالثمن مطلقا أو إلى أجل كذا، فإن كان ذلك مشترطا في أصل العقد فسد البيع وإن طاع المشتري به بعد انبرام العقد صح البيع، ثم تارة يتفق المتبايعان على ما كان من ذلك وتارة يختلفان، فإن اتفقا فلا إشكال وإن اختلفا فادعى أحدهما الشرط والآخر الطوع، والحال أنه كتب الطوع في وثيقة كما عهد من أهل التوثيق وهي صورة الناظم التي تكلم عليها، فقيل أن القول لمدعي الطوع لكونه ادعى الصحة التي هي الأصل، ونسب هذا لابن العطار، وقيل القول لمدعي الشرط لجريان عرف الناس بذلك، ونقل هذا عن المشاور وهو ابن الفخار، وبالقول الأول جرى العمل بفاس»([68]).

إن ما جرى به العمل من تقديم دعوى الطوع على دعوى الشرط يتأيد بأمور ثلاثة:

1- أن دعوى الطوع أقوى لقيام البينة بها بخلاف دعوى الشرط التي يقتضيها العرف، لأن البينة مقدمة على العرف ولا يحكم به إلا عند عدمها، إذ لا شهادة للعرف مع قيام البينة و«لأن المكتوب أقوى منه ولا يجوز العمل بالمرجوح ويترك الراجح»([69]).

2- أن المدار في الحكم عند القاضي على البينات في المقام الأول، ولا يصار إلى غيرها إلا عند فقدها، «لأن القاضي إنما يبني أحكامه على ما ثبت في الرسوم، ولا معنى لاعتماده على العادة وإلغائه البينة الحقيقية، لأن العادة قد تتخلف كما هو مشاهد»([70]).

3- أن في ترجيح دعوى الشرط مراعاة للعرف إهمالا بينا لما تقتضيه وثيقة الطوع، وفي هذا فتح الذريعة إلى اطراح وثائق كثيرة تقتضي الصحة، وحمل سائر معاملات الناس على الفساد، «وليس كل الناس يرضى الفساد»([71])، كما يفضي إلى إبطال الحقوق الثابتة مع أن الأصل بخلاف ذلك بالبينة الشرعية، وفي هذا فساد ما فوقه فساد.([72]).

الهوامش:


[1] – المقصود به هنا أصل ما جرى به العمل ومعناه  في الاصطلاح أنه القول الفقهي المبني على اختيار قول مرجوح –لضعفه أو شذوذه– حكما أو إفتاء، في مقابل الراجح أو المشهور لموجب من الموجبات المعتبرة، مع تأيد هذا الاختيار بعمل الحكام والمفتين بمقتضاه إذا تحققت الموجبات المذكورة، وهي تتلخص إجمالا في جلب المصالح ودرء المفاسد ورعي الأعراف، وغير ذلك من المقتضيات التي عهد من الشارع ملاحظتها في شرع الأحكام، مثلما عهد من الأئمة المجتهدين –ومنهم إمام المذهب– اصطحاب هديها عند استنباط أو تنزيل هذه الأحكام على أفعال المكلفين.

[2] المدخل الفقهي العام 1/539-540، الطبعة العاشرة 1968، دار الفكر، دمشق.

([3]) شرح العلامة أبي عبد الله محمد ميارة الفاسي على تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام لأبي بكر بن عاصم 1/447-448، ضبطه وصححه عبد اللطيف حسن عبد الرحمن، الطبعة الأولى 1420 هـ / 2000 م، دار الكتب العلمية، بيروت.

([4]) انظر لسان العرب لابن منظور مادة باع، انظر كذلك شرح ميارة للتحفة 1/448.

([5]) شرح حدود ابن عرفة، لأبي عبد الله محمد الأنصاري المشهور بالرصاع، ص 321، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية، 1412 هـ / 1992 م، مطبعة فضالة، المحمدية المغرب.

([6]) وثيقة عقد البيع بين النظر والعمل، ص 18، الطبعة الثالثة 2001، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء المغرب.

([7]) سورة النساء، الآية 29.

([8]) وثيقة عقد البيع بين النظر والعمل، لعبد الرحمن بلعكيد ص 30.

([9]) مواهب الخلاق على شرح التاودي، للامية الزقاق لأبي الشتاء الغازي الحسيني 2/226.

([10])الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه،لمحمد بن إسماعيل البخاري. كتاب البيوع، حديث: 2236، 3/84. تحقيق: محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، الطبعة الأولى 1422هـ.

([11]) وثيقة عقد البيع بين النظر والعمل لعبد الرحمن بلعكيد، ص 108.

([12]) نفسه، ص 109.

([13]) جامع الأمهات أو مختصر ابن الحاجب الفرعي، لأبي عمرو جمال الدين بن الحاجب، ص 338، تحقيق وتعليق أبي الفضل بدر العمراني الطنجي، الطبعة الأولى 1425 هـ / 2004 م، دار الكتب العلمية، بيروت.

([14]) انظر نظرية العقد في الفقه الاسلامي من خلال عقد البيع لمحمد سلامة ص 84 وما يليها، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، مطبعة فضالة، المحمدية المغرب 1994.

([15]) انظر أحكام عقد البيع في الفقه الاسلامي المالكي، لمحمد سكحال المجاجي، ص 60، الطبعة الأولى 2001، دار ابن حزم، بيروت.

([16]) المسائل الملقوطة من الكتب المبسوطة، لأبي اليمن محمد بن الإمام القاضي برهان الدين بن فرحون، ص161، اعتنى به وصححه جلال علي القذافي الجهاني، الطبعة الأولى 1424 هـ / 2003 م، دار ابن حزم، بيروت.

([17]) شرح ميارة للتحفة 1/520.

([18]) شرح العمل الفاسي للسجلماسي 1/100.

([19]) شرح ميارة على التحفة 1/520، وتحفة أكياس الناس ص 122-123.

([20]) البهجة في شرح التحفة 2/91.

([21]) المعيار 5/292.

([22]) نفسه 5/292.

([23]) شرح ميارة على التحفة 1/521.

([24])- انظر القوانين الفقهية لابن جزي ص 228، طبعة جديدة منقحة دون ذكر اسم الناشر ولا تاريخ الطبع.

([25])- انظر النوازل الكبرى للوزاني، 5/570.

([26])-انظر النوازل الكبرى للوزاني، 5/535.

([27])- شرح العمل الفاسي للسجلماسي 1/110.

([28])- كتاب النوازل، للشيخ عيسى بن علي الحسني العلمي 2 /25، تحقيق المجلس العلمي بفاس، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، 1406 هـ / 1986 م، مطبعة فضالة، المحمدية.

([29])- تحفة أكياس الناس ص 130، وشرح العمل الفاسي للسجلماسي 1/110، والنوازل الصغرى المسماة المنح السامية في النوازل الفقهية، للشيخ محمد المهدي الوزاني 3/30، طبع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، 1413 هـ / 1993 م، مطبعة فضالة، المحمدية.

([30])- النوازل الصغرى للوزاني، 3/29-30.

([31])- نص السجلماسي على أن العيب الذي لا يحتاج إلى البياطرة في ثبوته وثبوت قدمه، وكذلك العيب الذي شهد العدول بمعاينته عند البائع قبل البيع، فللمشتري أن يرد به مطلقا دون تقيد بالشهر. انظر شرح العمل الفاسي، 1/111.

([32]) انظر النوازل الكبرى للوزاني 5/537- 538، وكذلك 5/555.

([33]) النوازل الصغرى للوزاني، 3/33.

([34]) النوازل الكبرى، 5/538-539.

([35]) النوازل الكبرى، 5/540.

([36]) الأصول على قسمين: رباع وعقارات فالأولى كالدور والحوانيت والأفران ونحوها. والثانية كالأراضي الفلاحية. انظر حادي الرفاق إلى فهم لامية الزقاق، للشيخ أحمد الرهوني ص 205، أعيد طبعه بتحقيق محمد القدوري، الطبعة الأولى 2004، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.

([37]) جاء في القوانين الفقهية لابن جزي: «في أنواع العيوب وهي ثلاثة: عيب ليس فيه شيء، وعيب فيه قيمة، وعيب رد» ص 229.

([38]) شرح ميارة للتحفة 2/52.

([39]) شرح العمل الفاسي للسجلماسي 1/112.

([40]) تحفة أكياس الناس ص 132، وانظر كذلك فتح الجليل الصمد للسجلماسي ص 150.

([41]) البهجة في شرح التحفة للتسولي 2/187.

([42]) انظر حاشية أبي علي الحسن بن رحال المعداني على شرح ميارة للتحفة 2/53، مطبوع بهامش شرح ميارة للتحفة المشار إليه. والنوازل الصغرى للوزاني 3/55.

([43]) انظر شرح العمل الفاسي للسجلماسي 1/112.

([44]) النوازل الصغرى، 3/53.

([45]) النوازل الصغرى، 3/54.

([46]) البهجة في شرح التحفة للتسولي، 2/18.

([47]) جامع الأمهات، ص 203.

([48]) التهذيب في اختصار المدونة 3/164-165، وانظر كذلك مواهب الجليل للحطاب 6/60.

([49]) البهجة 2/18.

([50])فتح الجليل الصمد للسجلماسي ص 123.

([51]) نفسه ص 124.

([52]) المعيار 5/25.

([53]) انظر شرح ميارة للتحفة 2/20-21.

([54])انظر مواهب الجليل للحطاب 6/41، وشرح ميارة للتحفة2/20، والبهجة للتسولي 2/142.

([55]) النوازل الكبرى، 5/145.

([56]) الدر النثير، ص 8 م 18.

([57]) مواهب الجليل 6/41-42.

([58]) انظر البهجة للتسولي 2/144، والنوازل الكبرى للوزاني 5/151.

([59]) انظر شرح العمل الفاسي للسجلماسي 2/215، وتحفة أكياس الناس للوزاني ص 236.

([60]) انظر فتح الجليل الصمد للسجلماسي، ص 120.

([61]) نور البصر، ص 169.

([62]) شرح العمل الفاسي، 2/203.

([63]) نفسه 2/204، وانظر كذلك النوازل الكبرى للوزاني 5/157 وما يليها.

([64]) انظر شرح حدود ابن عرفة، ص 385.

([65]) التهذيب للبراذعي، 3/144.

([66]) شرح ميارة على التحفة، 2/6.

([67]) انظر تحرير الكلام في مسائل الالتزام للحطاب، ص 239-240، تحقيق عبد السلام محمد الشريف، الطبعة الأولى (1404 هـ / 1984 م)، دار الغرب الإسلامي، بيروت.

([68]) شرح العمل الفاسي 2/156، وانظر كذلك نوازل العلمي 2/15-16.

([69]) تحفة أكياس الناس للوزاني، ص 163.

([70]) تحفة أكياس الناس ص 153.

([71]) نفسه ص 155.

[72] نفسه ص 168، وانظر كذلك النوازل الكبرى للوزاني 5/277 وما يليها.

د. إدريس غازي

• خريج دار الحديث الحسنية ـ الرباط.
• دكتوراه في الدراسات الإسلامية، جامعة سيدي محمد بن عبد الله ـ فاس، في موضوع: "أصل ما جرى به العمل ونماذجه من فقه الأموال عند علماء المغرب".
• دبلوم الدراسات العليا من دار الحديث الحسنية، الرباط، في موضوع: "المنهجية الأصولية والاستدلال الحجاجي في المذهب المالكي".
من أعماله:
ـ الشاطبي بين الوعي بضيق البرهان واستشراف آفاق الحجاج.
ـ في الحاجة إلى تجديد المعرفة الأصولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق