الرابطة المحمدية للعلماء

أدب الرحلات.. اكتشاف الآخر ومعرفة الذات

في العدد الأخير لمجلة “فكر وفن” الثقافية الألمانية

صدر العدد الأخير من مجلة “فكر وفن”، الذي يصدرها معهد غوته الألماني، وخصص هذا العدد للحديث عن أدب الرحلات الذي يمثل وسيلة مثالية إذا أردنا التعرف على ثقافة ما بشكل معمق، بحيث نقترب منها ونعايشها عن كثب.

وتشير مقدمة العدد 89 من مجلة “فكر وفن” إلى أن هناك سيدتين ألمانيتين هما: إيلا مايلارت، وآنا ماري شفارتسنباخ، جابتا لوحدهما بالسيارة أراضي إيران وأفغانستان، وهو أمر ليس بالهين في ثلاثينيات القرن الماضي، وتنشر المجلة ما كتبته آنا ماري شفارتسنباخ عن هذه الرحلة.

وحسب أحمد فضل شبلول الذي أعد قراءة علمية عن هذا العدد، ونشرها بموقع ميدل إيست أون لاين، فإن “فكر وفن”  تدشن في عددها الخاص عن السياحة وأدب الرحلات بسؤالها عن الأسلوب الصحيح للسفر، ويجيب عن السؤال الكاتب إليا ترويانوف تحت عنوان “السياحة عنوان عصرنا”، بينما يضع الكاتب هانس ماغنوس إنسنسبرغر نظرية عن نشأة السياحة والحنين الرومانسي للبعاد وإحباطاته حيث “يعد السفر من أقدم ظواهر الحياة الإنسانية وأكثرها عمومية، إذ يمكن تقفي آثاره حتى في الأساطير البشرية الأولى.”

ويكتب الباحث والمستشرق أندرياس بفليتش عن الشرق في مرآة أدب الرحلات الغربي متوقفا عند الشرق موطن الحنين، والرحلات الاستكشافية، والرحالة المستكشفين، والنساء الرحالات، وبدايات السياحة الجماعية .

وعن الرحالة العرب الذين كتبوا عن أوروبا لاكتشاف الآخر ومعرفة الذات تكتب بربارة فنكلر مدرِّسة الأدب العربي في جامعة برلين الحرة، متوقفة عند رائد النهضة رفاعة رافع الطهطاوي، وعلي مبارك ابن الإصلاحات والتكنوقراطية، وفارس الشدياق الروح القلقة والمجادل العنيف.

وعند الترحال في طلب العلم والعلماء الذين يجوبون العالم في العصر الإسلامي الوسيط يتوقف هينرش بيسترفلد أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة بوخوم.

وكما وعدتنا مقدمة العدد، تحدثنا آنا ماري شفارتسنباخ (1908 ـ 1942) عن روعة السفر من إيران إلى أفغانستان، وتستهل حديثها بهذه العبارة الدالة “حياتنا سفر .. وهكذا يبدو لي السفر تصويرا مركزا لوجودنا أكثر منه مغامرة ورحلة إلى مناطق غير اعتيادية.”

أما الكاتبة غي هلمينغر فتأخذنا معها في رحلة إلى مالي شارحة لنا الطريق إلى كانغابا، بينما تأخذنا الروائية الألمانية أولى لينسه إلى رحلة جماعية على ظهور الجمال في الصحراء الليبية.

ويدون توماس لير الذي يعد من أهم كتَّاب جيله في اللغة الألمانية يومياته أثناء السفر في رحلة جماعية عبر الأردن وسوريا في ربيع 2008، بينما يكتب نويد كرماني عن زيارة لأفغانستان برفقة قوات الناتو تحت عنوان “في ضيافة العسكر”.

ومن الكتَّاب العرب المشاركين في هذا العدد من “فكر وفن” تحسين يقين الذي يكتب عن معنى الحياة والبط من فلسطين إلى ألمانيا، بينما يتحدث نوري الجرَّاح (المشرف على مشروع أدب الرحلات المعروف بـ “ارتياد الآفاق”) عن رحلة حسن توفيق العدل (1862 ـ 1904) إلى ألمانيا وسويسرا تحت عنوان “رسائل البشرى: رحلة عربي من برلين إلى برلين”، ذاكرا أن “هذا هو أقدم كتاب دوَّنه عربي عن سياحته في ألمانيا وسويسرا، وجمع بين دفتيه يوميات وانطباعات عن رحلة قام بها في الربع الأخير من القرن التاسع عشر.”

حقا إنها إطلالة مهمة في مجال أدب الرحلات في الماضي والحاضر، ويلاحظ إليا ترويانوف أنه “لم يحدث أبدا في سابق الزمان أن سافر بنو البشر طواعية بالكم الذي نشاهده حاليا، ففي كوكبنا الأرضي يكاد لا يوجد موضع واحد بمنأى عن السياحة”، ولكن هل السفر والسياحة سيتأثران بالأزمة المالية التي يشهدها العالم الآن؟

(عن ميدل إيست أونلاينب تصرف)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق