مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثقراءة في كتاب

أحكام السوق لأبي زكرياء الكناني«ت289هـ»

  يندرج كتاب «أحكام السوق» ضمن ما ألف حول نظام الحسبة، وهو أقدم تأليف في هذا النظام الإسلامي الأصيل، وضعه الإمام الثقة الفقيه الأصولي أبو زكرياء يحيى بن عمر بن يوسف الكناني القرطبي المالكي(ت289هـ) الذي كان مثالا للعالم العامل، حتى وصفه تلميذه أبو العباس الإبياني بقوله: ما رأيت مثل يحيى بن عمر في علمه وورعه وزهده وكثرة دعائه وبكائه، وقال عنه القاضي عياض: كان جليلا في قلوب الناس عظيماً في أعينهم.

  جاء الكتاب خلوا من مقدمة، والسبب في ذلك أن مادته شبيهة بكتب النوازل والفتاوى والأجوبة؛ فهي عبارة عن أسئلة وأجوبة تشكلت من حصيلة الدروس التي ألقاها المؤلف بجامع سوسة، ويُرجّح أن الراوي أبا جعفر أحمد بن محمد القصري(ت322هـ) هو من جمع مادة الكتاب ورتبها.

  تضمن الكتاب أجوبة فقهية عن ما ينيف على ستين مسألة موجهة إلى الفقيه الكناني، سواء تعلق الأمر بأحكام السوق أو بغيره من المعاملات، وقد تعددت هذه الأسئلة بتعدد المستمعين، من تلاميذ المؤلف وغيرهم، ولا جرم أن توسع المؤلف في سرد المسائل الفقهية لتتجاوز موضوع الحسبة إلى مباحث فقهية عامة، من قبيل «زيارة القبور»، و«البكاء على الميت»، و«باب جهاز المرأة»، و«باب توجيه اليمين في دعوى القذف»، وغيرها من الأبواب التي عالجها المؤلف بمسائل نظرية ووقائع عملية، وبيّن الأحكام الفقهية المتعلقة بها وفق ما يقتضيه المذهب المالكي.

  وقد نثر المؤلف في الكتاب طائفة من اجتهاداته وآرائه؛ من أبرزها أن يسند الوالي، أو الأمير، وظيفة صاحب السوق إلى أوثق من يعرف ببلده، ويرى أنّ من أهم  واجبات صاحب السوق، النظر في العملات المتداولة بالبلد وتعقّب المزيفين، ومراقبة الموازين والمكاييل، كما تطرّق لأحكام التسعير، والاحتكار، وأشار إلى العقوبات الواجبة في حقّ المدلّسين والغشاشين والمطففين، كما تناول أحكام المعاملات التي تجري بين المزارعين، ونبّه إلى ما يجب إنكاره من العوائد والأعراف، وفي هذا شارة إلى أن مهام المحتسب في القرون الثلاثة المتقدمة كانت أوسع وأشمل مما تلاها من القرون.

  أما عن مصادر المؤلف فهي ترجع بالأساس للكتاب والسنة، ثم مصادر حديثية وفقهية تشمل ما روي من فقه عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز، وفقه مالك بن أنس وتلاميذه، أمثال ابن القاسم وابن الماجشون وأشهب، وفتاوى شيوخه مثل سحنون بن سعيد وعبد الملك بن حبيب وغيرهما، كما تشمل هذه المصادر آراء فقهية أُخْبِر بها من قبل سائله فأخذ بها.

  نشر الكتاب لأول مرة برواية أبي عبد الله ابن شبل(ت353هـ) في صحيفة المعهد المصري سنة 1956م بعناية محمود علي مكي، وأعيد نشر هذه الرواية بمكتبة الثقافة الدينية بالقاهرة سنة 2004م، ونشر برواية أبي جعفر القصري سنة 1975م بالشركة التونسية للتوزيع بعناية حسن حسني عبد الوهاب، ثم طبع مؤخرا معتمدا لكلا الروايتين بمركز البحوث الإسلامية بإستانبول وبمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرباط سنة 1432هـ/2011م تحقيق: إسماعيل خالدي.

الكتاب: أحكام السوق.

 المؤلف: أبو زكريّاء يحيى بن عمر الكِنَاني الأندلسي(ت289هـ).

كلمة ثناء على المؤلف: قال أبو العباس الإبياني: ما رأيت مثل يحيى بن عمر في علمه وورعه وزهده وكثرة دعائه وبكائه.

من مصادر ترجمته: تاريخ ابن الفرضي: 2/ 181، ترتيب المدارك: 2 /237، معالم الإيمان: 2/ 237.

 بيانات الكتاب: دراسة وتحقيق: د.إسماعيل خالدي، منشورات مركز البحوث الإسلامية بإستانبول(isam)، ومركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء بالرباط، طبع وتوزيع دار ابن حزم للطباعة والنشر-بيروت، الطبعة الأولى: 1432هـ/2011م.

تحميل الكتاب

إعداد: د. طارق طاطمي.

Science

الدكتور طارق طاطمي

باحث مؤهل متعاون مع مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط

منسق تحرير مجلة لسان المحدث التابعة للرابطة المحمدية للعلماء

منسق تحرير موقع مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث

أستاذ السيرة النبوية بمؤسسة دار الحديث الحسنية

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. حزاكم الله خيرا. الرابط معطوب هل من رابط بديل لدينا الطبعات الاخري لكن نحتاج الطبعة المحققة المدروسة. نفع الله بكم.

  2. الرابط معطوب اي الخلل من فضلكم انا بحاجة ماسة الى هذا الكتاب وجزاكم اله خيرا

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق