مركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرةدراسات عامة

أحاديث مختارة في فضل الصيام من كتاب صحيح ابن حبان (374هـ).

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد؛

فإن شهر رمضان يعد من الأشهر المباركة لما له من الفضائل الكثيرة، والمزايا العظيمة التي فُضل بها على غيره من الشهور، وقد جمعت داووين السنة المشرفة من الصحاح، والسنن، والمسانيد وغيرها أحاديث نبوية تبين هذا الفضل، وتحفز المؤمنين على نيله، والاستمداد من أنواره ونفحاته.

ومن الكتب الحديثية التي حوت أحاديث نبوية في فضائل رمضان، صحيح ابن حبان رحمه الله تعالى .

 وقد أحببت أن أختار منه بعض الأحاديث في فضل الصيام، وتخريجها، والحكم عليها من خلال أقوال أئمة الحديث ، على وجه الاختصار. ولم أقصد الاستقصاء في التخريج.

فأقول وبالله التوفيق:

الحديث الأول: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا[1].

التخريج: أخرجه بهذا اللفظ: أحمد في مسنده (11210)(17 /307) ، وعبد الرزاق في مصنفه (5 /302)(9685) كلاهما من طريق: النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري به. وأخرجه البخاري في كتاب: الجهاد والسير، باب: فضل الصوم في سبيل الله (ص: 702)(2840)، ومسلم في كتاب: الصيام ، باب: فضل الصيام في سبيل الله (1 /512)(1153) كلاهما من طريق عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، قال: أخبرني يحيى بن سعيد، وسهيل بن أبي صالح، أنهما سمعا النعمان بن أبي عياش، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، بلفظ: «من صام يوما في سبيل الله، بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا» وقال مسلم:”باعد” بدل ” بعد”.

الحكم: قال الدارقطني :”تفرد به معتمر عن أبيه عن سهيل عنه، -وقال في موضع آخر-: غريب من حديث يحيى بن سعيد عنه، ومن حديث ابن جريج عنه، تفرد به عبد الرزاق وتابعه أبو قرة” [2]، وقال الألباني: “صحيح”[3]، وقال الأرنؤوط: “إسناده صحيح”[4].

الحديث الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:من أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله، دعي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير، وللجنة أبواب، فمن كان من أهل الصلاة، دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد، دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة، دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام، دعي من باب الريان”. قال: فقال أبو بكر: [يا رسول الله] ، ما على أحد يدعى من تلك الأبواب من ضرورة، هل يدعى منها كل أحد يا رسول الله؟ قال: “نعم وأرجو أن تكون منهم[5].

التخريج: أخرجه البخاري في كتاب: فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت متخذا خليلا(ص: 901)(3666)، من طريق: حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني حميد بن عبد الرحمن بن عوف، أن أبا هريرة رضي الله عنه. الحديث.

الحكم: قال الألباني: صحيح[6]. وقال الأرنؤوط: إسناده صحيح[7].

الحديث الثالث: عن سهل بن سعد رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومون، فيدخلون منه، فإذا دخل آخرهم أغلق، فلم يدخل منه أحد[8].

التخريج: أخرجه البخاري في كتاب: الصوم، باب: الريان للصائمين(ص: 457)(1896)، ومسلم في كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام(1 /511-512)(1152) كلاهما من طريق: حدثنا خالد بن مخلد، حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني أبو حازم، عن سهل رضي الله عنه.

الحكم: قال الدارقطني “يرويه هشام بن سعد، واختلف عنه؛ فرواه أبو عبيدة بن فضيل بن عياض، عن مالك بن سعير، عن هشام بن سعد، عن أبي حازم، عن أبي هريرة، وهو وهم. وأبو حازم هذا هو سلمة بن دينار، وهو يروي هذا الحديث عن سهل بن سعد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الصواب”[9]. وقال الألباني: صحيح[10]. وقال الأرنؤوط: إسناده على شرط البخاري[11].

الحديث الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل عمل بن آدم له إلا الصيام، والصيام لي وأنا أجزي به، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك[12].

التخريج: أخرجه البخاري في كتاب: اللباس، باب: ما يذكر في المسك(ص:1491)(5927)، ومسلم في كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام (1 /511)(1151) كلاهما من طريق: ابن شهاب الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه. إلا أن مسلما زاد:” فوالذي نفس محمد بيده” وقال: “لخلفة فم الصائم” بدل “لخلوف”.

الحكم: قال الهيثمي:” حديث أبي هريرة في الصحيح “[13]. وقال الألباني: صحيح[14]. وقال الأرنؤوط: إسناده على شرط الشيخين[15].

الحديث الخامس: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: هذا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث، وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الصيام جنة”[16].

التخريج: أخرجه البخاري في كتاب: الصوم، باب: هل يقال: إني صائم إذا شتم (ص: 459)(1904)، ومسلم في كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام (1 /511)(1151) كلاهما من طريق: ابن جريج، أخبرني عطاء، عن أبي صالح الزيات، أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، بلفظ أتم:” كل عمل ابن آدم له، إلا الصيام، فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: إني امرؤ صائم. والذي نفس محمد بيده، لخلوف فم الصائم أطيب عند الله، من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه» .

الحكم: قال ابن الملقن:”هذا الحديث صحيح أخرجه الشيخان في «صحيحيهما”[17]. وقال الألباني: صحيح[18]. وقال الأرنؤوط: صحيح[19].

الحديث السادس: عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم”[20].

التخريج: أخرجه أحمد في المسند (13 /410)، رقم :(8043)، والترمذي في كتاب: الدعوات، باب: في العفو والعافية  (5/ 548)، رقم :(3598) كلاهما من طرق عن: أبي المُدِلّة مولى أم المؤمنين، سمع أبا هريرة رضي الله عنه، بلفظ أتم: “ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين”. إلا أن أحمد  قدم (الإمام العادل) على (الصائم حتى يفطر) وقال الترمذي: «هذا حديث حسن»[21].

الحكم: قال ابن الملقن:”هذا الحديث صحيح”[22]. وقال شعيب الأرنؤوط: حديث صحيح بطرقه وشواهده[23].

هذا ما تيسر لي جمعه من أحاديث في فضل الصيام من كتاب صحيح ابن حبان والحمد لله رب العالمين.

***********************

هوامش المقال:

[1]  صحيح ابن حبان كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم (8/ 205-206)(3417).

[2]      أطراف الغرائب (5 /92)(4782).

[3]      التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان(5 /292)

[4]      الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (8/ 206)(الهامش: 1)

[5]  صحيح ابن حبان كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم – ذكر إفراد الله جل وعلا للصائمين، باب الريان من الجنة (8 /206-207)(3418)   

[6]      التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان(5 /292)

[7]      الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (8/ 207)(الهامش: 1)

[8]    صحيح ابن حبان كتاب: الصوم: باب: فضل الصوم- ذكر البيان بأن الصائمين إذا دخلوا من باب الريان أغلق بابهم ولم يدخل منه أحد غيرهم(8 /208)(3420). 

[9]      العلل الواردة في الأحاديث النبوية (11 /178)

[10]      التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان(5/ 294)

[11]      الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (8 /208)(الهامش: 1)

[12]  صحيح ابن حبان كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم –ذكر البيان بأن خلوف الصائم يكون أطيب عند الله من ريح المسك(8/ 210)(3422).    

[13]     مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (3 /180).

[14]      التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان(5/ 295)

[15]     الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (8/ 210)(الهامش: 1)

[16]   صحيح ابن حبان كتاب: الصيام، باب: فضل الصوم – ذكر البيان بأن الصوم جنة من النار للعبد يجتن به من النار (8 /214)(3427).   

[17]     البدر المنير(5 /706).

[18]      التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان(5/ 298)

[19]     الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (8 /214)(الهامش: 1)

[20]  صحيح ابن حبان، كتاب: الصوم، باب: فضل الصوم ـ ذكر رجاء استجابة دعاء الصائم عند إفطاره (8 /214-215)(3428).   

[21]   سنن الترمذي كتاب: الدعوات، باب: العفو والعافية  (5/ 548)، رقم :(3598).

[22]     في البدر المنير (5 /152).

[23]    المسند (13/ 410)(8043) الهامش رقم: 2.

*****************

لائحة المصادر والمراجع:

الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان : للأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي ، ت: شعيب الأرناؤوط ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1 ،  1412هـ/1991م.

أطراف الغرائب والأفراد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم للدارقطني: لأبي الفضل محمد بن طاهر بن علي بن أحمد المقدسي الشيباني، المحقق: محمود محمد محمود حسن نصار / السيد يوسف، دار الكتب العلمية ، بيروت الطبعة: الأولى، 1419 هـ – 1998م.

البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير: لأبي حفص سراج الدين عمر بن علي بن أحمد ابن الملقن  الشافعي المصري، المحقق: مصطفى أبو الغيط، وعبد الله بن سليمان، وياسر بن كمال، دار الهجرة للنشر والتوزيع – الرياض-السعودية، الطبعة: الأولى، 1425هـ-2004م.

التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، وتمييز سقيمه من صحيحه، وشاذه من محفوظه: لمحمد بن ناصر الدين الألباني، دار باوزير، جدة ط1، 1424 هـ – 2003 م .

الجامع الكبير – سنن الترمذي: لأبي عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرة بن موسى بن الضحاك، الترمذي ، المحقق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي – بيروت، 1996 م.

الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله ﷺ وسننه وأيامه: لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، دار ابن كثير، بيروت، ط1، 1423هـ/2002م.

العلل الواردة في الأحاديث النبوية: لأبي الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي الدارقطني، تحقيق وتخريج: محفوظ الرحمن زين الله السلفي، دار طيبة – الرياض، الطبعة: الأولى 1405 هـ – 1985 م.

مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: لأبي الحسن نور الدين علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي، المحقق: حسام الدين القدسي الناشر: مكتبة القدسي، القاهرة،  1414 هـ، 1994 م.

المسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله ﷺ: لأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري، ت: نظر محمد الفاريابي، دار طيبة، ط1، 1427هـ/2006م.

المسند: لأبي عبد الله أحمد بن حنبل الشيباني، ت: شعيب الأرنؤوط ،  وعادل مرشد، وآخرون،  مؤسسة الرسالة ، ط1، 1416هـ/1995م.

المصنف: لأبي بكر عبد الرزاق بن همام الصنعاني، ت: حبيب الرحمن الأعظمي، المكتب الإسلامي، ط1، 1392هـ/1972م.

*راجع المقال الباحث: عبد الفتاح مغفور

Science

د. محمد بن علي اليــولو الجزولي

  • أستاذ باحث مؤهل بمركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة النبوية العطرة بالعرائش، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق