مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثأعلام

أبو موسى ابن يَلَلْبَخْت الجَزُولي تـ607هـ

  هو الإمام العلامة الفقيه المالكي الأديب النحوي اللغوي المقرئ أبو موسى عيسى بن عبد العزيز بن يَلَلْبَخْت بن عيسى بن يُومَارِيلِي الجَزُولي اليَزْدَكْتَنِي المراكشي. وجزولة: بطن أمازيغي وجذم برانسي، بطونهم كثيرة معظمهم بسوس، وجزولة هي ما يطلق عليها اليوم بولاية أكادير الكبرى، ويَلَلْبَخْت: بفتح الياء المثناة من تحتها واللام وسكون اللام الثانية وفتح الباء الموحدة وسكون الخاء المعجمة وبعدها تاء مثناة من فوقها، وهو اسم أمازيغي معناه ذو الحظ.

   لم تفصح مصادر ترجمته شيئا عن أسرته ومراحله الأولى للتعليم، ومهدت بالحديث عن رحلته ـ على عادة المغاربة ـ لأداء مناسك الحج، حيث دخل مصر ولقي بها أبا محمد عبد الله بن بري(ت582هـ)، ولازمه، وأخذ عنه العربية واللغة والآداب، وقرأ عليه أصولا عديدة أهمها «الجمل» للزجاجي، وقد قاسى كثيراً من الفَقْر بمدَّة مقامه بمصر، ولم يدخل مدرسة، وكان يخرج إِلى القرى والضِّياع فيصلي بالناس، فيحصل ما ينفعه عَلَى غاية الضّيق، وسمع بها أيضاً من أبي محمد ابن عبيد الله صحيح البخاري، وقرأ مذهب مالك وأصوله على ظافر المالكي.

   وبعد أدائه الحج عرّج على الجزائر فأقام بها دهرا طويلا يتصدر عمل بجاية، ثم انتقل إلى ألمرية لإقراء العربية والقرآن. وحكى الذهبي عن الموقاني: أن الجزولي لما رجع إِلى المغرب وهو على حال من الفقر المدقع، وصل إِلى المَرِية أو نحوها فرهنَ كتاب ابن السّرّاج الّذي قرأه عَلَى ابن برّي وعليه خطّه، فأنهى المرتهن أمره إِلى الشيخ أَبِي العَبَّاس المَرِيّيّ، أحد الزُّهّاد بالمغرب وكان يُصاحب بني عَبْد المؤمن، فأنهى أَبُو العَبَّاس ذَلِكَ إِلى السّلطان، فأمر بإحضاره، وقدّمه وأحسنَ إِلَيْهِ، وجعله أحد مَن يحضر مجلسه. ثم انتقل بعد ذلك إلى مراكش، وتولى بها خطابة الجامع، وكان يتصدر فيه للإقراء.

  تتلمذ عليه خلق كثير وانتفعوا به، أشهرهم: أبو عبد الله محمد بن عيسى ابن دوناس الفاسي(ت639هـ)، سمع عليه بعض أحكام عبد الحق الصغرى وأجاز له مروياته، وأَبُو عليّ الشَّلَوْبِينيّ، وأبو زكرياء زين الدّين يَحْيَى بْن مُعطي الزواوي، وعلم الدين اللورقي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله الأزدي، وأبو عمر ابن حوط الله، وهو آخر من روى عنه بالإجازة.

  أثنى على الإمام الجزولي كل من ترجمه، فهذا ابن الأبار القضاعي يقول عنه: «وكان إماما في صناعتها ـ أي العربية ـ، مقدما في معرفتها، لا يجاريه أحد في ذلك من أهل عصره، مع جودة التفهيم والتعليم، وحسن العبارة، وإليه انتهت الرئاسة في هذا الشأن، وهو كان المنفرد به في وقته». وقال ابن عبد الملك المراكشي: «هو أول من أدخل صحاح الجوهري إلى المغرب». وقال الذهبي: «كان إمامًا لا يُشقُّ غباره في العربية ولا يُجارى، مَعَ جودة التّفهيم وحُسْن العِبارة، وإليه انتهت الرياسة في علم النّحو».

  خلّف مترجمنا، رحمه الله، إنتاجا غزيراً لا سيما في علوم الآلة، وهي: «القانون في النحو»، مطبوع متداول، ويعرف بالمقدمة الجزولية، وهي عبارة عن حواشي على جمل الزجاجي أبدع فيها غاية الإبداع حتى أعجزت العقول والأفهام، سميت بالاعتماد وبالقانون، واشتهرت بالكراسة الجزولية، و«شرح المقدمة المذكورة»، و«شرح أصول ابن السراج»، و«شرح الإيضاح» لأبي علي الفارسي، و«شرح قصيدة بانت سعاد»، مطبوع، وله أيضا: «الأمالي» في النحو، و«مختصر شرح ابن جني لديوان المتنبي».

  توفي، رحمه الله، بمدينة أزمور، ودفن حذاء قبر الشيخ الصالح أبي شعيب أيوب المعروف بلباريه، خارج باب عبدون سنة 607/1210م على المشهور، وقال القفطي: مات في حدود سنة 605هـ قبلها أو بعدها بقليل، وقال ابن خلكان: توفي بمدينة مراكش سنة 610هـ..

  مصادر ترجمته: تكملة الصلة:(4/17-18)، وفيات الأعيان:(3/488-491)، إنباه الرواة:(2/378)، العبر:(3/146)، تاريخ الإسلام:(13/170-172)، سير أعلام النبلاء:(21/497)، الذيل والتكملة:(2/246-248)، برنامج الوادي آشي:(ص308)، البلغة:(226-227)، غاية النهاية:(1/611-612)، بغية الوعاة:(2/236-237)، شذرات الذهب:(7/49-50)، الأعلام:(5/104)، هدية العارفين:(1/807-808)، تاريخ الأدب العربي:(5/349-350)، معجم المؤلفين:(8/27).

إنجاز: د. طارق طاطمي.

Science

الدكتور طارق طاطمي

باحث مؤهل متعاون مع مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط

منسق تحرير مجلة لسان المحدث التابعة للرابطة المحمدية للعلماء

منسق تحرير موقع مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث

أستاذ السيرة النبوية بمؤسسة دار الحديث الحسنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق