مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكأعلام

أبو النعيم رضوان بن عبد الله الجنوي (ت991هـ):

إعداد: ذ. عبد الرحيم السوني

باحث بمركز دراس بن إسماعيل

الإمام العلامة، الحافظ المسند، الزاهد الصالح، أبو النعيم رضوان بن عبد الله الجِنْوي، نسبة إلى جِنوة، من بلاد الروم، قدم أبوه منها إلى فاس في حدود 890هـ أو ما هو قريب منها، وكان نصرانيا، فأسلم وحسن إسلامه، فولد أولادا، وكان منهم مترجمنا، ولهذا كان يقول عن نفسه: “خرجت من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين.

لقي في صغره الشيخ الزاهد أبا محمد عبد الله الغزواني، دفين مراكش (ت935هـ)، ثم انتقل هذا الشيخ إلى مراكش، فرحل إليه أبو النعيم بعدما كبر وتهيأ لذلك، وصاحبه مدة أربعة أشهر فتوفي الشيخ، وبقي المترجم بمراكش نحو العام يقرأ ويطلب العلم، ثم عاد إلى فاس فأخذ عن شيوخ العلم بها، أمثال:  الشيخ الفقيه الأستاذ، النحوي المتفنن، الرجل الصالح أبي العباس أحمد بن محمد الحباك الفاسي (ت938هـ)، والشيخ الفقيه الإمام أبي زيد عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم الدكالي المَشَنْزَائي (ت962هـ)، لازمه وانتفع به، والشيخ المُرَبِّي، الفقيه الصالح أبي عبد الله محمد بن علي الطالب (ت964هـ أو 965هـ)، والشيخ الفقيه الإمام، المحدث النحوي المشارك أبي محمد عبد الوهاب الزقاق (ت961هـ)، والفقيه الإمام العالم، الرحالة المشارك شيخ الجماعة  أبي عبد الله محمد بن أبي الفضل خَرّوف التونسي (ت966هـ)، لازم حضور مجلسه وحفظ من سماعه كثيرا، والإمام مفتي فاس، وخطيب مسجدها الأعظم، شيخ الجماعة أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن جلال المغراوي (ت980هـ وقيل: 981هـ)، ولعل أبرز من  انتفع بهم أبو النعيم الجنوي هو الإمام الحافظ الرّاوية المحدث الرحالة المسنِد أبو زيد وأبو محمد عبد الرحمن بن علي بن أحمد العَاصِمي الفاسي، الشهير بـ: سُقَّيْنْ (ت956هـ)، فهو عمدته، وعليه كانت جل قراءته، ولازمه حتى توفي، وقد أجازه شيخه هذا في الصحيحين والموطإ والسنن لأبي داود، والجامع الصحيح للترمذي، والسنن الصغرى للنسائي، والرسالة لابن أبي زيد القيرواني وغير ذلك من مقروءاته ومسموعاته.

كان أبو النعيم الجنوي حريصا على التحصيل العلمي، يقول: “ما جلست مجلسا من مجالس العلم إلا وأكتب شيئا أو أحفظه”، فقيد كثيرا من المسائل ـ في الفقه والنحو واللغة والحديث والتفسير والتصوف وما أشبه ذلك ـ ما فاق به أقرانه، وتحصل له ما لم يتحصل لهم، مما جعل طلاب العلم يقبلون عليه للأخذ عنه، فكان من أبرزهم: الفقيه العالم قاضي الجماعة بشفشاون أحمد بن الحسن ابن عُرضون (ت992هـ)، والفقيه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد المكنى بأبي شامة المشنزائي (ت994هـ)، ومفتي الحضرة المراكشية أبو محمد وأبو مالك عبد الواحد بن أحمد الحسني السجلماسي (ت1003هـ)، وأبو عبد الله محمد بن القاسم بن محمد القيسي الغرناطي الشهير بالقصار (ت1012هـ)، والحافظ أبو عبد الله محمد بن علي القنطري القصري الأندلسي (ت1018هـ)، والعلامة أبو الحسن سيدي علي بن محمد الزرهوني المعروف بالدُشَيِّشْ بالتصغير (ت1021هـ)، والفقيه أبو العباس أحمد بن موسى المرابي الأندلسي (ت1034هـ).

ومما يبين كذلك القيمة العلمية التي تبوأها في الساحة العلمية ثناء كثير من العلماء عليه، من ذلك قول تليمذه أبي العباس المرابي في الكتاب الذي وضعه في مناقب شيخه “تحفة الإخوان”: “كان من أعظم الأئمة في وقته، وممن أجمع العلماء على تعظيمه وتوقيره والاحترام له، من غير مدافع ولا منازع من أرباب الصدق، إليه انتهت رياسة هذا الشأن، وبه أحدق الأمر في تربية السالكين وتهذيب المريدين، وكشف مشكلاتهم، وتفصيل أحوالهم ..”، ووصفه بـ”أعجوبة الزمان، وخلاصة العلم والعرفان”. وقال فيه أبو محمد عبد الواحد بن عاشر في إجازة له: “الشيخ الشهير الكبير، الإمام الصالح العامل، محيي السنة بعد اندراسها، ومحيي الطريقة الصوفية بعد انطماسها، الخاشع المتبتل الزاهد العابد” .

من آثاره العلمية؛ فهرسة، وتخريج أحاديث الشهاب للقاضي القضاعي، ومراسلات ومكاتبات وأوراد وأدعية وشعر ونظم، أثبتها أبو العباس المرابي كثيرا من ذلك في “تحفة الإخوان”، وختم كتابه بتأليف سمّاه: “المسك المختوم فيما للشيخ أبي النعيم من المنظوم”.

توفي أبو النعيم الجنوي رحمه الله بمدينة فاس ليلة الخميس، الثالث عشر أو الرابع عشر من ربيع الأول سنة 991هـ، ودفن خارج باب الفتوح، وكانت جنازته مشهودة.

تنظر ترجمته في:

ـ صفوة من انتشر، ص: 46-48.

ـ سلوة الأنفاس، 2/290-295.

ـ الأعلام، للزركلي، 3/27.

ـ الإعلام بمن حل مراكش وأغمات من الأعلام، 3/227-236.

ـ الفكر السامي، ص: 601.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق