مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثأعلام

أبو القاسم التجيبي السبتي تـ730هـ

  هو الإمام المحدّث الرّحال الراوية علم الدين القاسم بن يوسف بن محمد بن علي، أبو القاسم التُّجيبي السبتي؛ والتُّجيبي نسبة إلى تُجيب بنت ثوبان بن سليم بن رهاء من مذحج، إحدى القبائل العربية التي نزلت الأندلس وديارها بسرقسطة ودروقة.

  ولد الإمام عام 660هـ ببلنسية، ورحل مع أسرته إلى سبتة؛ وكان ذا خطّ حسن، متقنا للضبط ويقرض الشعر، وكان السلطان أبو سعيد يجلّه ويعظّمه، وقد خرّج له من مروياته أربعين حديثا في فضل الجهاد والحث عليه.

  بدأ طلبه للعلم بحفظ كتاب الله عزّ وجلّ وقرأه بالقراءات السبع، ودرس أمات الكتب في هذا الفن وتلّقاها بأسانيدها كالكافي لابن شريح، وغيرها من الدواوين في شتى الفنون والمعارف، ومما شرف به مترجمنا روايته لموطأ مالك رحمه الله بدمشق -باستثناء كتاب القراض والمساقاة والفرائض- بإسناد عال من طريق شيخه شرف الدين أبي الفضل ابن عساكر (ت 699هـ )، وقد وصف إسناده بأنه لا يوجد من عنده مثله إلى الإمام مالك.

  خرج للحجّ فطلب العلم وجلس بين أيدي المشايخ، وكان ممن أخذ عنهم: الإمام ابن دقيق العيد، والدمياطي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن عساكر، وغيرهم، فقرأ ببجاية بعضا من كتاب الصلة لابن بشكوال، وجميع كتاب القربة له أيضا، وبعضا من المؤتلف والمختلف للحافظ عبد الغني الأزدي، وقرأ بالقاهرة جزءاً فيه من اسمه عطاء من رواة العلم لأبي القاسم الطبراني، وجميع كتاب فضل صوم ستة أيام من شوال بعد العيد لابن خلف التوني، وبالإسكندرية قرأ جميع كتاب الأربعين البلدانية للحافظ أبي طاهر السلفي، وجميع كتاب الأوائل لأبي القاسم الطبراني، وبدمشق قرأ جميع جزء فيه ذم الوسواس للإمام ابن قدامة، وغيرها من الكتب التي ذكرها مترجمنا ببرنامجه، وهو مطبوع متداول.

  وممن أثنى عليه الإمام الذهبي، فقال: «الإمام المحدّث الرّحال… وله فضيلة جيدة»، وقال أيضا: «المحدّث العالم… وكان ديّنا جيد التحصيل»، وقال عنه التنبكتي: «كان عالما بارعا محدّثا حافظا متقنا عارفا بالحديث، قيّما على أنواعه، ضابطا ثقة»، وقال عنه الكتاني: «الإمام الراوية المحدّث الحافظ الضابط المحقق… وهو صاحب رحلة عريضة ورواية واسعة وتدقيق في هذه الصناعة».

  ومن آثاره رحلته المشهورة: «مستفاد الرحلة والاغتراب»، قال عنها ابن حجر: «وقفتُ على رحلته وهي ثلاث مجلدات ضخمة وقد حذا فيها حذو ابن رشيد، وكان رحل قبله بنحو 20 سنة، وزاد هو على رحلة ابن رشيد…»، وقد طبع ما وجد منها بالدار العربية للكتاب عام 1975م، تحقيق عبد الحفيظ منصور، وله أيضا برنامج وضعه اقتداء بأهل الحديث، جمع فيه ما رواه من الكتب منذ أن كان بسبتة، وما تلّقاه أثناء رحلته للحجّ، كما أنه ضمّه تراجم من لقيهم من كبار الشيوخ والعلماء، وقد وصفه في مقدمته قائلا: «… يضم ما حضرني الآن ذكره، مما قرأته أو سمعته، أو تلفّق لي من النوعين جميعا أو من أحدهما…»، وطبع ما وجد منه بالدار العربية للكتاب عام 1981م، تحقيق عبد الحفيظ منصور.

  توفي الإمام أبو القاسم التجيبي، رحمه الله، بسبتة السليبة، سنة 730هـ.

  من مصادر الترجمة:

  بلغة الأمنية ومقصد اللبيب فيمن كان بسبته في الدولة المرينية من مدرس وأستاذ وطبيب لمؤلف مجهول (ص 177): منشور بمجلة تطوان- عدد 9-سنة 1964م، المعجم المختص (ص: 194)، معجم الشيوخ الكبير(2/427) كلاهما للذهبي، الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة لابن حجر (3/240)، نيل الابتهاج لأحمد بابا التنبكتي (ص: 362)، فهرس الفهارس لعبد الحي الكتاني (1/264-265)، مقدمة تحقيق برنامج التجيبي (ص: ز-ط)، الحافظ ابن رشيد السبتي وجهوده في خدمة السنة النبوية للدكتور عبد اللطيف الجيلاني (ص:874-875)، مقال: قراءة في كتاب مستفاد الرحلة والاغتراب لسناء شعلان (مجلة عود الند- عدد 30-نونبر 2008م)، مقال: القاسم بن يوسف التجيبي لجمال بامي (جريدة ميثاق الرابطة، ع 62، (28- 10- 2011م/3- 11-2011م).

  إعداد: ذة. غزلاة بن التوزر.

Science

ذة. غزلان بن التوزر

باحثة بمركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث بالرابطة المحمدية للعلماء -ملحقة الدار البيضاء – منذ دجنبر 2011م إلى الآن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق