مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراثأعلام

أبو العباس أحمد بن قاسم القبّاب تـ778هـ

 

  هو الإمام الحافظ، القاضي الخطيب، المفتي المشاور المحقق، أبو العباس أحمد بن قاسم بن عبدالرحمن الجُذَامي الفاسي؛ الشهير بالقَبّاب.

  ولد بفاس عام 724هـ، ولا تسعف مصادر ترجمته في التعريف بأحوال نشأته الأولى، والغالب أنها كانت على سَنَن أهل عصره، الذين كان من عادتهم حفظ كتاب الله عز وجل، ثمَّ التدرج في حفظ المتون الفقهية واللغوية المتداولة آنذاك.

  أخذ عن أعلام شيوخ الوقت بالمغرب والمشرق، من هؤلاء: الإمام الفقيه المحدث أبو الحسن علي بن محمد ابن فرحون اليَعْمُري، التونسي، المدني (ت746هـ)، والقاضي الفقيه يحيى ابن الحافظ الرحالة محمد بن عمر بن رُشيد الفهري السّبتي (ت750هـ)، والفقيه العلامة المدرس النّزيه أبو فارس عبد العزيز بن محمد القَروي(ت750هـ )، وحافظ المغرب أبو عبد الله محمد بن سليمان السّطي (ت750هـ)، والإمام العلامة المعقولي أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الله الآبلي (ت757هـ)، والعالم الزاهد أحمد بن عمر بن محمد بن عاشر الأنصاري (ت765هـ)، والإمام الحافظ العلامة أبو عمران موسى بن محمد بن المعطي العَبْدوسي(ت776هـ)، والإمام الفقيه المحقق، الخطيب الفرضي الموثق أبو عبد الله محمد بن أحمد الفَشْتالي الفاسي (ت777هـ).

  وهكذا استطاع المترجم أن يجمع في صدره علوماً جمّة، من حديث، وفقه، وأصول، ولغة، جعلت كثيراً من نجباء الطلبة يقصدونه للنهل من معين علومه، ويكفي أن يكون ممن أخذ عنه: العلامة الفقيه، الخطيب الزاهد أبو الربيع سليمان بن يوسف بن عمر الأَنفاسي الفاسي(ت779هـ)، والإمام الأصولي المحقّق، الفقيه المجتهد المتفنّن أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي، صاحب كتاب الموافقات (ت790هـ)، والإمام العلامة المتفنّن، الحافظ الجليل المتقن أبو محمد عبد الله بن محمد بن أحمد الشريف التلمساني الحسني (ت792هـ)، والفقيه الصوفي، الرحالة المسنِد المكثر أبو زكريا يحيى بن أحمد بن محمد، الشهير بالسَّرَّاج (ت805هـ)، والعلامة الفقيه، المحدث الأديب المشارك الرُّحلة أبو العباس أحمد بن حسن بن الخطيب القُسَنْطِيني، الشهير بابن قُنْفُذ(ت809هـ).

  كما تأهل الإمام القباب، بفضل علومه، لتولي وظائف لا تُسْنَدُ إلا لكبار العلماء وأعلام الفقهاء، فتولى القضاء بجبل طارق وسبتة، ومارس إلى جانب ذلك مهام الاستشارة والعدالة والإفتاء والتدريس والخطابة، ووجّهه سلطان المغرب أبو سالم بن أبي الحسن إلى غرناطة لمباشرة صدقة عهد بها لبعض الرُّبُط.

   أثنى على المترجم ـ رحمه الله ـ علماء عصره فمن بعدهم، فقال فيه لسان الدين ابن الخطيب: ((هذا الرجل، صدر عدول الحضرة الفاسية، وناهض عشهم، طالب، فقيه، نبيه، مدرك، جيد النظر، سديد الفهم…، ثم تعرفت أنه نسك ورفض العيش من الشهادة ككثير من الفضلاء)).

  وحلّاه أبو عبد الله الحضرمي بقوله: ((العالم العامل، ذو العقل الكامل، والطبع الفاضل، التائب التقي، والفقيه المفتي…، ممن يعرف بالفضل والدين، ويعد في العلماء العاملين، تاب فحسنت توبته واستبانت فضيلته…، وسيرته الآن سيرة أهل الفضل من أكابر من تقدمه على الدؤوب على قراءة العلم وإقرائه، واكتساب الطّيّب والتقشف، وترك متاع الدنيا والتواضع للخاص والعام، وخفض جناح الرحمة للضعفاء والمساكين)).

  وحلّاه تلميذه ابن قنفذ بقوله: ((الفقيه المحقق الحافظ الإمام المتقن الصالح المفتي)).

  حرّر المترجم مؤلفات تشهد بتقدّمه ونباهته، منها: »شرح الإعلام بحدود قواعد الإسلام للقاضي عياض (ت554هـ)«، و»شرح مسائل بيوع ابن جَماعة التونسي(ت712هـ)«، و»مختصر النظر في أحكام النظر بحاسة البصر لأبي الحسن بن القطان الفاسي(ت628هـ)«، وجميعها مطبوعة متداولة، وله أيضا نوازل وأجوبة وفتاوى كثيرة، ومناظرات مع أهل عصره، مثل مناظرته مع العلامة سعيد العُقْباني، ألفها هذا الأخير وسماها: »لُبّ اللّباب، في مناظرات القباب«، نقلها المازوني ثم الونشريسي في نوازلهما، وله مناظرة مع شيخه أبي عبدالله الفَشْتالي، ومناظرة أخرى مع تلميذه أبي إسحاق الشاطبي(ت790هـ).

  توفي القباب ـ رحمه الله ـ على ما ذكره تلميذه السراج في فهرسته، وتبعه عليه غير واحد ـ ليلة الأربعاء الخامس من ذي الحجة عام 778هـ.

  من مصادر ترجمته:

  الإحاطة للسان الدين ابن الخطيب (1/187-188)، والسلسل العذب لأبي عبد الله الحضرمي (ص92)، والديباج المذهب لابن فرحون (1/162-163)، ووفيات ابن قنفذ (ص372)، والدرر الكامنة لابن حجر العسقلاني (1/236)، وتوشيح الديباج للبدر القرافي (ص 33)، وجذوة الاقتباس لابن القاضي المكناسي(1/123-124)، ودرة الحجال له (1/47)، ونيل الابتهاج للتنبكتي (ص 102-103)، وسلوة الأنفاس لمحمد بن جعفر الكتاني(3/304-305).

  إنجاز: د. مصطفى عكلي.

Science

الدكتور مصطفى عكلي

باحث مؤهل متعاون مع مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث، التابع للرابطة المحمدية للعلماء بالرباط

عميد كلية الدراسات الإسلامية بالإنابة بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

أستاذ مساعد بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أبو ظبي

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

  1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بادئ ذي بدء نشكر الرابطة المحمدية للعلماء على مجهوداتها الفاضلة، كما نشكر الدكتور مصطفى عكلي على هذه الترجمة الوافية لأحد أعلام القرن الثامن الهجري.وحتى لا أطيل أدخل مباشرة في المقصود: وهو أننا عندما نرجع إلى كتب التراجم التي ترجمت للعلامة القباب، نجد العبارة التالية: (وله رحمه الله فتاوي كثيرة مجموعة) هذه العبارة جعلتني أتساءل فيما إذا كان للقباب مؤلف مجموع في الفتاوى، وإذا كان له مؤلف في الفتاوى، هل جمعه هو نفسه أم جمعه غيره؟ وهل هو مخطوط أو مطبوع؟

  2. 37#فتاوى القباب، أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن قاضي جبل طارق (ت772هـ)، خ. الخزانة العامة بالرباط رقم: 1447د.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق