مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةأعلام

أبو الحسن الأشعري: الإمام المجدد

          الدكتور عبد القادر بطار
أستاذ باحث في كلية الآداب والعلوم الإنسانية
جامعة محمد الأول المملكة المغربية – وجدة-

 

   يعد الإمام الأشعري رضي الله عنه أحد رواد الفكر السني الأصيل، كما يعد منهجه العقدي تأسيسا للنظر العقلي الموصول الذي دعا إليه الإسلام وحث عليه. أما المذهب الأشعري فهو الصيغة النهائية لعقائد أهل السنة والجماعة في صورتها البرهانية التنويرية، كما أنه امتداد شرعي لمذهب أهل السنة والجماعة الذي كان ولا زال مذهبا رسميا لكبار الأئمة … مالك بن أنس والشافعي وأبي حنيفة النعمان وأحمد بن حنبل … وغيرهم كثير من فضلاء المذاهب الإسلامية السنية. فقد أسهم هذا المذهب بشكل كبير في تحصين المعتقد الإسلامي على طريقة أهل السنة والجماعة. كما قام أئمته بدور فعال في الحفاظ على جوهر التوحيد الإسلامي القائم على الإثبات المفصل والتنزيه المطلق، وذلك باعتماد أدوات النظر العقلي السديد، دون تنكر للنقل بوصفه أساس الواجبات العقدية كلها …  
   ينسب المذهب الأشعري إلى مؤسسه علي بن إسماعيل بن بشر بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن بلال بن بردة بن موسى الأشعري. وكنيته أبو الحسن ويلقب بناصر الدين. ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما.
   ولد الإمام الأشعري ونشأ في البصرة حوالي 260ﻫ ثم انتقل إلى بغداد وعاش بها حتى وفاته بعد حياة حافلة بالدرس والعطاء في مجال الاشتغال العقدي الإسلامي سنة 324ﻫ(1).
   بدأ أبو الحسن الأشعري طفولته سنيا جماعيا، ثم اعتنق مذهب الاعتزال فترة غير قصيرة من الزمن ليرجع بعد ذلك إلى مذهب أهل السنة والجماعة فينصره ويظهره باعتماد أدوات المنهج الكلامي الذي استخدمه المتكلمون من قبل حتى أصبح أحد المجددين على رأس المائة الثالثة(2).
   لقد ظهر الإمام الأشعري كرائد روحي لأغلب المسلمين في وقت رفعت فيه بعض الفرق المبتدعة رؤوسها ” فجحرهم في أقماع السمسم، وكان مؤتما بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، متمسكا بالدلائل العقلية والشواهد السمعية، وإذا تأملت كتب الحديث المتفق على صحتها كموطأ مالك رحمه الله وصحيحي البخاري ومسلم وجدته ناطقا عنهما وناقلا منهما لم يأت برأي ابتدعه ولا مذهب اخترعه، وسبيله في بسط القول في مسائل الأصول كسبيل مالك رحمه الله وغيره من الفقهاء فيما بسطوا القول فيه من مسائل الفروع” (3).
   قال القاضي عياض في ترجمته للإمام الأشعري:” وصنف لأهل السنة التصانيف، وأقام الحجج على إثبات السنة، وما نفاه أهل البدع من صفات الله تعالى، ورؤيته، وقدم كلامه، وقدرته، وأمور السمع الواردة من الصراط والميزان والشفاعة والحوض وفتنة القبر التي نفت المعتزلة، وغير ذلك من مذاهب أهل السنة والحديث، فأقام الحجج الواضحة عليها من الكتاب والسنة والدلائل الواضحة ودفع شبه المبتدعة…”(4)

سيرة الإمام أبي الحسن الأشعري:

   اعتاد بعض الدارسين للفكر الأشعري تقسيم الحياة الفكرية لأبي الحسن الأشعري إلى ثلاثة أطوار رئيسة، وهو تقسيم منهجي مقبول:
 الطور الأول: ويبدأ من ولادته إلى سن العاشرة، وفي هذه المرحلة تلقى علوم القرآن والحديث، و تفتحت مداركه على علوم القرآن والحديث وعلى مذهب أهل السنة والجماعة الذي كان المذهب الرسمي لوالده ولشيوخه في هذه المرحلة.
 الطور الثاني: الفترة التي صاحب فيها أبا علي الجبائي (ت303ﻫ) أحد أقطاب الفكر الاعتزالي(5) وأخذ عنه حتى صار إماما للاعتزال، وتنتهي هذه الفترة بتحوله عن الاعتزال إلى عقائد أهل السنة والجماعة، أو بعبارة أخرى من الاعتزال إلى الاعتدال، بعد ما اقتنع بفساد مقالات المعتزلة العقدية التي ابتعدت كثيرا عن منطق الشرع ومقاصده، وخاضت في مسائل تجريدية بحتة أفقدت عقيدة التوحيد جوهرها وفعاليتها في النفوس.
   وبالرجوع إلى المناظرات التي كان يناظر فيها الإمام الأشعري بعض شيوخ الاعتزال نستطيع أن نجزم أنه لم يكن مقتنعا تمام الاقتناع بمنهج المعتزلة في تقرير كثير من مسائل الاعتقاد(6).
   أما دواعي تحول الإمام الأشعري من مذهب الاعتزال إلى مذهب أهل السنة والجماعة فيذكر المهتمون بسيرته أنه كان نتيجة رؤيا وقعت له في شهر رمضان في حدود سنة 300 للهجرة، رأى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وشكا له بعض ما يعانيه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “عليك بسنتي…” وقد تكررت له هذه الرؤيا ثلاث مرات.
   وفي السياق ذاته تشير بعض الروايات إلى أن أبا الحسن الأشعري غاب عن الناس في بيته خمسة عشر يوما، وبعد ذلك خرج إلى الجامع فصعد المنبر وقال: يا معشر الناس إني إنما تغيبت عنكم في هذه المدة لأني نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم يترجح عندي حق على باطل، ولا باطل على حق فاستهديت الله تبارك وتعالى فهداني إلى اعتقاد ما أودعته في كتبي هذه، وانخلعت من جميع ما كنت اعتقده كما انخلعت من ثوبي هذا، واخلع من ثوب كان عليه ورمى به…” (7)
   لا شك أن هذه الرؤيا الكريمة كانت هي السبب المباشر لهذا التحول في حياة أبي الحسن الأشعري، وأنها كانت صدى لما أحسه في نفسه من مشاكل نفسية وروحية عبر عنها في خطبة تحوله بقوله: “نظرت فتكافأت عندي الأدلة ولم يترجح عندي شيء على شيء”.
   وفي هذا الصدد يتساءل أحد الدارسين للفكر الأشعري: “… هل كان الاضطراب النفسي والإخلاص للحقيقة وحدها بالإضافة إلى الرؤيا الكريمة هي أسباب تحوله فقط أم أنه قد فكر في ذلك لأنه رأى أن طريقة المعتزلة ستؤدي بالإسلام إلى الدمار، كما أن طريقة المحدثين والمشبهة ستؤدي إلى الجمود والانهيار مع ما في ذلك من تفرقة كلمة الأمة وغرس بذور الشقاق بينها وأنه من الخير لهذه الجماعة أن يلتقي العقليون والنصيون منها على مذهب وسط يوحد القلوب ويعيد الوحدة إلى الصفوف مع احترام النص والعقل معا.
   إني أرجح أن ذلك قد طاف بعقل الأشعري، ولعله أول ما طاف بعقله وأثار حيرته إشفاقا على الدين والأمة فراجع ما يعلم فوجد الأدلة متكافئة فاستهدى الله إلى الحق فهداه إلى منهجه وأيده في طريقه برؤية رسوله وأفضل خلقه فمضى قدما وأخرج للناس مذهبا جديدا تلقاه أغلبها بالقبول والاطمئنان(8).
   لا شك أن المقدمات التي رتبها صاحب هذا النص صحيحة في مجملها، غير أن النتيجة التي خلص إليها ليست في مستوى تلك المقدمات. ذلك أن الإمام الأشعري وهو يغادر صفوف المعتزلة لم يؤسس أي مذهب عقدي جديد، بل كل ما في الأمر أنه رجع إلى الحق الذي هو مذهب أهل السنة والجماعة الذي كان قائما فنصره وناضل عنه وأيده “بحجج كلامية وصار ذلك مذهبا لأهل السنة والجماعة” كما يقول الشهرستاني(9).
   وهناك نص للقاضي عياض يؤكد فيه هذه الحقيقة التي لا تترك مجالا للشك في كون الإمام الأشعري ظل وفيا لمذاهب أهل السنة والجماعة، يتعلمون علي يديه أساليب الدفاع عن العقائد الدينية. حتى أصبح مصطلح الأشعرية مرادفا لمصطلح أهل السنة. يقول القاضي عياض: “… فلما كثرت تواليفه – الأشعري- وانتفع بقوله، وظهر لأهل الحديث والفقه ذبه عن السنن والدين، تعلق بكتبه أهل السنة، وأخذوا عنه، ودرسوا عليه، وتفقهوا في طريقه، وكثر طلبته وأتباعه لتعلم تلك الطرق في الذب عن السنة، وبسط الحجج والأدلة في نصرة الملة فسموا باسمه وتلاهم أتباعهم وطلبتهم، فعرفوا بذلك وإنما كانوا يعرفون قبل ذلك بالمثبتة، سمة عرفتهم بها المعتزلة، إذ أثبتوا من السنة والشرع ما نفوه… – إلى أن يقول- فكذلك أبو الحسن، فأهل السنة من المشرق والمغرب بحججه يحتجون، وعلى منهاجه يذهبون، وقد أثنى عليه غير واجد منهم، وأثنوا على مذهبه وطريقه.”(10)
   إن هذه التحول الذي حدث في حياة الإمام الأشعري الذي كان له انعكاس إيجابي على مناهج الدرس العقدي، وبالضبط على مستقبل عقائد أهل السنة، لا ندرك أهميته إلا إذا وضعناه في سياقه التاريخي، فإن بعض الحركات الدينية التي غالت في إثبات الصفات إلى حد التشبيه وكادت أن تحل عقيدة التجسيم والتشبيه المرفوضة إسلاميا محل عقيدة التنزيه كان سببه تشدد المعتزلة في تمسكهم بالعقل وتحاملهم على النقل. وفي هذا الصدد يقول أحد الدارسين:” لقد كان المستقبل بعد الحركة الرجعية يلوح سيئا قاتما، وكان يبدو أن العناصر الرجعية ستدوس كل ما عداها، وأن كل حركة ترمي إلى التقدم العلمي والتحرر ستخمد أنفاسها…لولا أن قام أبو الحسن الأشعري فأنقذ ما يمكن إنقاذه من الموقف… كان الأشعري معتزليا صميما ولكنه أدرك ببصره النافذ وعقله الراجح حقيقة الوضع… رأى الهوة بين أهل السنة وبين أهل الاعتزال في اتساع وازدياد، ووجد الحركة الرجعية تقوى وتشتد فعلم أن الاعتزال صائر لا محالة إلى زوال. فأزعجته هذه الحقيقة المروعة وأقضت مضجعه ولذلك تقدم إلى العمل. فتنكر للمعتزلة وأعلن انفصاله عنهم ورجوعه إلى حظيرة أهل السنة…” (11)
الطور الثالث: ويبدأ بتحول الإمام الأشعري من الاعتزال إلى عقائد أهل السنة والجماعة، وينتهي بوفاته سنة 324ﻫ.
   وفي هذا الطور كرس الإمام الأشعري حياته لنصرة عقائد أهل السنة والجماعة بأدلة عقلية ومنطقية تستند إلى ما قرره الشرع الحكيم.وقد التزم أنه” معتزم إظهار معايب المعتزلة وفضائحهم”
   وفي هذا الصدد يقول عبد الرحمن بن خلدون: “… وقام بذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق ونفى التشبيه، وأثبت الصفات المعنوية، وقصر التنزيه على ما قصره عليه السلف، وشهدت له الأدلة المخصصة لعمومه فأثبت الصفات الأربع المعنوية والسمع والبصر والكلام القائم بالنفس بطرق النقل والعقل ورد على المبتدعة في ذلك كله…” (12)
   وقد أصبح للمذهب الأشعري السيادة على معتنقي مذهبين من أكثر المذاهب الفقهية انتشارا هما: الشافعية والمالكية، وتيسر له الانتشار والانتصار بفضل المنهج الوسطي الذي سلكه صاحب المذهب فضلا عن اعتناق كبار العلماء له، من مختلف المذاهب الفقهية السنية وارتباطه بالتصوف السني.
   وبهذه الوسطية التي أضحت سمة بارزة في الفكر الأشعري عموما استطاع هذا الفكر أن يصمد أمام مختلف التيارات الفكرية التي عرفتها الحياة الإسلامية ووجد طريقه للانتشار بين مختلف أقطار العالم الإسلامي.
    إن اعتبار جميع أهل القبلة مسلمين لا يجوز تكفيرهم، وهذا أصل مهم عند الأشاعرة، ثم الإعلان عن تصويب المجتهدين في الفروع الذي يعني عدم تكفير أحد من أهل القبلة أيضا، إضافة إلى مسألة تكافئ الأدلة التي تعني الاعتراف بقدر من الصواب في كل طرف من الطرفين المتقابلين يصححه التوسط الذي هو أساس المذهب الأشعري يجعل الفكر الأشعري الذي يمثل قمة التسامح الديني بإعلانه عن هذه المبادئ الأساسية منسجما تماما مع حياتنا الدينية المعاصرة وينفعها أجل النفع (13).

ثناء العلماء على الإمام الأشعري:

   حظي الإمام الأشعري بثناء جميع العلماء من مختلف المذاهب السنية، ونورد بعد بعض أقوالهم:  
(…)  فكذلك أبو الحسن، فأهل المشرق والمغرب بحججه يحتجون، وعلى منهاجه يذهبون، وقد أثنى عليه غير واحد منهم، وأثنوا على مذهبه وطريقته.
 (القاضي عياض، ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض 5 / 24)
(…) وحقيقة مذهب الأشعري -رحمه الله- أنه سلك طريقا بين النفي الذي هو مذهب الاعتزال، وبين الإثبات الذي هو مذهب أهل التجسيم، وناظر على قوله هذا واحتج لمذهبه فمال إليه جماعة وعولوا على رأيه … وقد انتشر مذهب أبي الحسن الأشعري في أمصار الإسلام بحيث نسي غيره من المذاهب وجهل حتى لم يبق اليوم مذهب يخالفه إلا أن يكون مذهب الحنابلة أتباع الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل الذي انتصر للدعوة له الإمام تقي الدين ابن تيمية ( المقريزي، الخطط 2/ 35 )
(…) وقام بذلك الشيخ أبو الحسن الأشعري إمام المتكلمين فتوسط بين الطرق، ونفى التشبيه، وأثبت الصفات المعنوية، وقصر التنزيه على ما قصره عليه السف، وشهدت له الأدلة المخصصة لعمومه (ابن خلدون، المقدمة 3/975 تحقيق د. علي عبد الواحد وافي).
(…) ومما أيد الله سبحانه به الدين وأقام به منار المسلمين، شيخ السنة، وحبر الأمة، أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري -رضي الله عنه- رفع بتاييد الله تعالى راية الموحدين، وأدحض ضلال الملحدين، فعضد بيانه شُبَهَ مَن مال أو زاغ ودفع بواضح حجته، ولائح محجته مَِن حاد عن الطريقة المثلى أو زاغ، فربط ما انحل من العقود وأجرى العقائد على أكمل مقصود. (أبو علي عمر بن خليل السكوني، عيون المناظرات، ص: 223 )
(…) وكذلك يبدو التسمح الديني في أبي الحسن الأشعري المجدد تسمح نفسي وجداني، صادر من قلبه، وهو في القوت نفسه تسمح عقلي يعذر المختلفين بأن العبارات تسبب هذا الاختلاف، فيصوب اجتهادهم في الفروع. ولا يكفر أحدا من أهل القبلة في الأصول. (المجددون في الإسلام ، أمين الخولي ص: 129)
(…) أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن عبد الله بن أبي موسى بن بلال بن بردة عامر بن أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو صاحب الأصول، والقائم بنصرة مذهب السنة، وإليه تنسب الطائفة الأشعرية. (ابن خلكان، وفيات الأعيان 3/ 284)
(…) كانت المعتزلة قد رفعوا رؤسهم حتى أظهر الله تعالى الأشعري فجحرهم في أقماس السمسم (الخطيب البغدادي تاريخ بغداد 11/ 347)
(…) وإلى أبي الحسن انتهت رياسة الدنيا في الكلام، وكان في ذلك المقدم المقتى الإمام. (ابن العماد الحنبلي، شذرات الذهب في أخبار من ذهب 2/303)
(…) الشيخ الإمام ناصر السنة، وناصح الأمة، إمام أئمة الحق، ومحض حجج المبدعين، المارقين، حامل راية منهج  الحق ذي النور الساطع، والبرهلان القاطع، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق  بن سلام بن أسماعيل، بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري الصحابي رضي الله عنه. (اليافعي، مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة ما يعتبر من حوادث الزمان 2/ 225)
(…) رأيت للأشعري كلمة أعجبتني، وهي ثابتة رواها البيهقي، سمعت أبا حازم العبدري، سمعت زاهر بن خالد بن أحمد السرخسي يقول: لما قرُب حضور أجل أبي الحسسن الأشعري في داري ببغداد، دعاني فأتيته، فقال: اشهد علي أني لا أكفر أحدا من أهل هده القبلة، لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد وإنما هذا كله اختلاف العبارات. (سير أعلام النبلاء للذهبي، 15/88)

                                                          ***

  (…) كان أبو الحسن – الأشعري- رضي الله عنه كما ذكر عنه من حسن الاعتقاد مستوصف المذهب عند أهل المعرفة بالعلم والانتقاد يوافقه في أكثر ما يذهب إليه أكابر العباد، ولا يقدح في معتقده غير أهل الجهل والعناد. (ابن عساكر الدمشقي، تبين كدب المفتري فيما نسب إلى الإمام أبي الحسن الأشعري)

مؤلفات الإمام أبي الحسن الأشعري:

   اهتم العلماء قديما وحديثا بمصنفات الشيخ أبي الحسن الأشعري التي بلغت حسب قائمة الإمام أبي بكر محمد بن الحسن بن فورك الإصبهاني(تـ406ﻫ) إلى حدود سنة 320 للهجرة ما يزيد على تسعين كتابا، وقد أضاف ابن عساكر الدمشقي إلى هذه القائمة بعض المصنفات إلى حدود سنة 324ﻫ وهي السنة التي توفي فيها الإمام الأشعري(14). 
   ومعظم مؤلفات هذه الفترة القصيرة من حياة الإمام الأشعري التي يذكرها ابن عساكر يغلب عليها طابع الرد أو نقض بعض الآراء المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة، مما يعني أن الإمام الأشعري ظل يدافع عن عقائد أهل السنة التي تمثل مذهب أهل الحق إلى أن توفي رضي الله عنه.
ومن مصنفات الإمام الأشعري المطبوعة:
* “مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين” طبع بتصحيح هلموت ريتر. وهو يتناول في قسمه الأول جليل الكلام ومذاهب الفرق فيه كما يتناول في قسمه الثاني مسائل في دقيق الكلام وآراء مختلف الفرق فيها.
   وتأتي أهمية هذا الكتاب من كونه يتضمن مختلف آراء الفرق الإسلامية بعيدا عن التحيز والتعصب، فضلا عن كونه من أقدم المصنفات في هذا الباب. فقد حكى الإمام الأشعري في هذا المصنف مذاهب خصومه بدقة وأمانة ثم بعد ذلك رد عليهم ردا علميا هادئا(15).
* “اللمع في الرد على أهل الزيغ والبدع” وهو مصنف مختصر عرض فيه الإمام الأشعري عقائد أهل السنة والجماعة عرضا يعتمد العقل والنقل معا مع التوسل بأسلوب الجدل الكلامي المبني على الصيغ الآتية: “فإن قال قائل… قيل…” أو سأل سائل… قيل…” (16).
   وهذا الكتاب على صغر حجمه فقد اشتمل على أساسيات المذهب الأشعري، بدأ بالتدليل على وجود الخالق وتوحيده وأنه (يس كمثله شيء) ومرورا بالصفات والقدر والاستطاعة والتعديل والتجويز والإيمان والنبوات… وانتهاء بالكلام في الإمامة.
   ويعد كتاب “اللمع” من وجهة نظر أحد الدارسين المحدثين أنضج من كتاب “الإبانة عن أصول الديانة” وأقرب أن يكون الأشعري الذي تصوره التاريخ وتأثر به التلاميذ واحتفل له علم الكلام، ولأنه عرض عقلي دقيق الحجة، وليس مجرد إعلان عقيدة كما هي حال “الإبانة”…(17)
* “رسالة إلى أهل الثغر” حرص فيها الإمام الأشعري على إبانة معتقدات أهل السنة والجماعة في نطاق ما أجمع عليه “السلف من الأصول التي نبهوا بالأدلة عليها وأمروا في وقت النبي صلى الله عليه وسلم بها”. كما يقول الإمام الأشعري(18).
   وكتاب “رسالة إلى أهل الثغر” في بنائها العام عبارة عن أجوبة موجهة أساسا إلى الفقهاء والعلماء من أهل الثغر بباب الأبواب (19) في شكل إجماعات تكرس فضيلة الإتباع وتنفر من الابتداع، وهي تحتوي على واحد وخمسين إجماعا تتناول مسائل عقدية مختلفة على طريقة أهل السنة، وهي بمثابة ” الأصول التي مضى الأسلاف عليها، واتبعوا الكتاب والسنة بها واقتدى بهم الخلف الصالح في مناقبها ” كما يقول الإمام الأشعري(20).
* “الإبانة عن أصول الديانة” سلك فيه الإمام الأشعري منهجا وسطا بين المعتزلة والحشوية(21) وقد كان في هذا الكتاب أقرب إلى مذهب أصحاب الحديث القائم على التفويض، ولكن يبدو أن الإمام الأشعري سلك في هذا الكتاب منهجا أقرب إلى النقل منه إلى العقل بغرض التدرج بالنصيين من الحشوية والمشبهة والمجسمة إلى مستوى إدراك جوهر التوحيد الإسلامي القائم على نفي التشبيه والتجسيم بجميع أشكاله وصوره، ليحقق بعد ذلك التنزيه المطلق في صورته النقلية والعقلية (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)  [الشورى: 11]” فضلا عن إظهار العقائد الإسلامية أمام خصومها وتخليصها من أسباب التشبيه والتجسيم التي تنتهي إليها القراءة الحرفية للنصوص الدينية الموهمة للتشبيه(22).
   لقد ألف الإمام الأشعري كتابه “الإبانة” كما يذهب إلى ذلك زاهد الكوثري على طريقة المفوضة في الإمساك عن تعيين المراد، وهو مذهب السلف، وأراد بها انتشال المتورطين في أوحال التشبيه من الرواة، والتدرج بهم إلى مستوى الاعتقاد الصحيح…(23)
* “رسالة استحسان الخوض في علم الكلام” ومضمون هذه الرسالة كما يدل عليه عنوانها هو التدليل على جواز الاشتعال بعلم الكلام الذي حكم بناة الخطاب الحشوي بتحريمه، وفي أحسن الحالات بتبديع المشتغل به، على الرغم من أهميته وشرف موضوعه(24).
ولعل التأكيد على الدور الدفاعي لعلم الكلام في التعريفات المتداولة عند الأشاعرة جاء كرد فعل على الحملة التي قام بها الحنابلة ضد ﻫذا العلم. وهي حملة بدأها الإمام أحمد نفسه (ت241ﻫ) فقد أثر عنه أنه قال: لست أنا بصاحب كلام وإنما مذهبي الحديث. كما ظهرت هذه الحملة عند الحافظ ابن عبد البر (ت463ﻫ) في كتابه “جامع بيان العلم وفضله، وما ينبغي في روايته وحمله” وتلاه عبد الله الأنصاري الهروي (ت481ﻫ) في كتابه “ذم الكلام”…والإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي، في كتابه ” تحريم النظر في كتب الكلام”…(25)
   لكن بعد إمعان النظر في كلام هؤلاء الأعلام والوقوف على سياقه العام يتضح أن  مقصودهم بعلم الكلام هو تلك المقالات الذي أنتجتها بعض الفرق الإسلامية التي تصنف ضمن فرق مبتدعة.
   وكان الإمام الأشعري من أوائل من ردوا على دعوى هؤلاء الأعلام في ذم الكلام والنهي عن الخوض فيه في الرسالة السابقة “استحسان الخوض في علم الكلام” فقال: إن طائفة من الناس جعلوا الجهل رأسَ مالهم، وثقل عليهم النظر والبحث عن الدين. ومالوا إلى التخفيف والتقليد وطعنوا على من فتش عن أصول الدين، ونسبوه إلى الضلال…”
   وقد نقض الإمام الأشعري دعاوى الحنابلة من خلال تفكيك خطابهم التبديعي لينتهي بعد ذلك إلى إقرار شرعية علم الكلام لكون أصوله النظرية مأخوذة من القرآن الكريم.” فقد قال تعالى: (لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) [الأنبياء: 22] وهذا الكلام موجز منبه على الحجة بأنه واحد لا شريك له، وكلام المتكلمين في الحجاج في التوحيد بالتمانع والتغالب فإنما مرجعه إلى هذه الآية…(26)
   وفي سياق الدفاع عن علم الكلام دائما يقول ابن خمير السبتي (ت614ﻫ) “… ومعلوم أنه ما صح عمن يؤبه به ويقتدى بقوله من فقهاء الدين والفضلاء المتدينين، أنه ذم هذا العلم ولا طعن فيه، وحاشا لمن توسم بالحنفية أن ينكر علما يثبت توحيد الباري تعالى ووصفه بإثبات صفات الكمال ونفي النقص عنه تعالى، وتنزيهه عما نسب إليه أصناف الكفرة وأهل الأهواء، وكذلك إثبات النبوة بالمعجزات والاستدلال على صحتها وصحة التفرقة بين الصادق والكاذب، وما يجب على الكلف ومتى يجب، وكيف يجب، وأي عقلة تبقى من إيمان من ينكر العلم بهذه الأمور ويحض على تركها.” (27)
   ويذهب الإمام أبو عبد الله السنوسي إلى أن القول بتحريم النظر في علم الكلام في غاية الفساد لأنه مصادم للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة إن أخذ على ظاهره” ويلزم هذا القائل: أن يجعل الأوامر التي في الكتاب والسنة بالنظر ولاعتبار منسوخة، إذ علم الكلام إنما هو شرح لها، والإجماع على بطلان ذلك…” (28)
   تأسيسا على ما سبق فإن الإمام الأشعري الذي يمثل مذهب أهل السنة والجماعة الذين اشتغلوا بالدراية والرواية هو “أول من تصدى لتحرير عقائد أهل السنة وتخليصها ودفع الشكوك والشبه عنها، وإبطال دعوى الخصوم وجعل ذلك علما مفردا بالتدوين”(29).
   يقول الإمام محمد بن الحسن بن فورك (ت406ﻫ) وهو الخبير بمذهب الإمام الأشعري: “… واعلموا – رحمكم الله – أن الذي حكيناه في هذا الكتاب من مقالات الشيخ أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري رحمه الله فهو ما عليه نظار أصحاب الحديث وجعل ذلك مما هو قواعد دينهم، وأساس توحيدهم… ولكنه لما كان أصحاب الحديث نوعين: ففريق اشتغل بالرواية وفريق اشتغل بالنظر والجدل مع المخالفين في تأييد المذهب، وتوهين ما خالفه كان ما حدث من التفريق على مذهبهم مما يختص به أهل النظر…”(30)
   وقد اشتهر بناة هذا الفكر باسم “الصفاتية” وهذا المصطلح سيصبح فيما بعد علما على حركة الأشاعرة الذين حملوا لواء هذا الفكر، بعد انحياز الإمام الأشعري إلى طائفة أهل السنة والجماعة على قاعدة كلامية، فأيد مقالاتهم بمناهج كلامية، وصار ذلك مذهبا لأهل السنة والجماعة، كما أصبح حلقة ذهبية تصل الخلف بالسلف(31).
   لقد انتشرت العقيدة الأشعرية بوصفها عقيدة سنية تمتاز بالوسطية والاعتدال في العالم الإسلامي، حيث تلقاها الناس بالقبول ومزجت بين علم السلوك الإسلامي الذي جعل منها عقيدة عملية على يد الإمام أبي عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي (ت243ﻫ) أحد صوفية الإسلام، أعلم العارفين في زمانه الذي تتلمذ على يديه الإمام أبو القاسم الجنيد بن محمد (ت297ﻫ) شيخ صوفية بغداد، وأحد أعلام التصوف على الإطلاق وهو من بناة التصوف السني القائم على نصوص الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة، وقد أثر عنه قوله: ” الطريق إلى الله مسدود إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
   وقوله أيضا: “علمنا مضبوط بالكتاب والسنة، من لم يحفظ القرآن، ولم يكتب الحديث ولم يتفقه لا يقتدى به.”(32)
   ولهذا السبب نجد تلك الصلة الوثيقة بين العقيدة الأشعرية السنية، وطريقة الجنيد رحمه الله في تقويم السلوك، والفقه المالكي عموما. وهذه المنظومة المتكاملة: العقيدة والسلوك والمعاملات، هي قوام الإسلام وأساسه، وهي كلها تصدر عن روح الشرع المتمثل في الوحي المنزل: القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة…
لقد استطاع الإمام الأشعري بمنهجه الوسطي الجديد الذي وظفه في الدفاع عان العقائد الدينية السنية الجماعية أن يتدرج بمفكري هذه العقائد من مستوى النظرة الضيقة للنصوص العقدية أو القراءة الحرفية التي تنتهي حتما إلى تكريس عقيدة التجسيم المرفوضة إسلاميا إلى مستوى عال من التفكير العقلاني الذي يحقق التنزيه في صورة تفصيلية.
    ولقد قام أئمة الفكر الأشعري بدور بارز في التأسيس للفكر السني العقلاني الذي كان يقوم بمهمتين أساسيتين:
1. الدفاع عن عقيدة أهل السنة والجماعة بأسلحة من الأدلة العقلية والمنطقية ومناظرة مختلف التيارات الكلامية التي استعملت نفس الأدوات.
2. التدليل على قضايا أصول الدين في أسلوب يحقق مبدأ الإتباع والانتفاع في نطاق التأويل التفصيلي للنص المنزل.
   هذه بعض المعالم الأساسية في الفكر الأشعري التي ينبغي تعميق البحث فيها لكونها الأساس الذي شيد عليه المذهب الأشعري الذي أصبح فيما بعد المذهب الرسمي لأهل السنة والجماعة، الذي يقول عنه عبد القاهر البغدادي: ” قد ذكرنا في الباب الأول من هذا الكتاب أن النبي عليه السلام لما ذكر افتراق أمته بعده ثلاثا وسبعين فرقة وأخبر أن فرقة واحدة منها ناجية سئل عن الفرقة الناجية وعن صفتها فأشار إلى الذين هم على ما عليه هو وأصحابه. ولسنا نجد اليوم من فرق الأمة من هم على موافقة الصحابة رضي الله عنه من غير أهل السنة والجماعة من فقهاء الأمة ومتكلميهم الصفاتية… ” (33)

 

 

الهوامش

(1) من المؤكد أن نسب أبي الحسن الأشعري ينتهي إلى الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري، الذي غادر اليمن بحرا هو وبعض إخوته ليلتحق بالنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر سنة 7 للهجرة. وقد بعث به النبي صلى الله عليه وسلم صحبة معاذ بن جبل إلى اليمن لنشر الدعوة هناك. وقد اختلف في تاريخ وفاته ما بين 53،52،50،42،41ﻫ. أنظر: ترتيب المدارك للقاضي عياض، 5/24.
(2) تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري، لابن عساكر الدمشقي، ص: 52.
(3) عيون المناظرات لا[ي علي عمر السكوني، ص: 225.
(4) ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك، للقاضي عياض، 5/24. تحقيق د. محمد بنشريفة، طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
(5) طبقات المعتزلة لأحمد بن يحيى بن المرتضى، ص: 80.
(6) من ذلك مناظرته لأبي علي الجبائي في إبطال القول بوجوب رعاية الأصلح للخلق، فقد قال الإمام الأشعري للجبائي يوما: ما قولك في ثلاثة نفر: مؤمن، وكافر، وصبي، ماتوا جميعا. فقال الجبائي: المؤمن من أهل الدرجات، والكافر من أهل الهلكات، والصبي من أهل النجاة. فقال الإمام الأشعري: فإن أراد الصبي أن يرقى إلى أهل الدرجات: هل يمكن؟ قال الجبائي: لا، يقال له: إن المؤمن إنما نال هذه الدرجات بالطاعة وليس لك مثلها. قال الإمام الأشعري: فإن قال: التقصير ليس مني. فلو أحييتني كنت عملت من الطاعات كعمل المؤمن. قال الجبائي: يقول له الله: أعلم أنك لو بقيت لعصيت ولعوقبت، فراعيت مصلحتك وأمتك قبل أن تنتهي إلى سن التكليف. قال الإمام الأشعري: فلو قال الكافر: يا رب، علمت حاله كما علمت حالي فهلا راعيت مصلحتي مثله ؟ فانقطع الجبائي. أنظر طبقات الشافعية للسبكي، 2/250. / عيون المناظرات للسكوني، ص: 226 / مذاهب الإسلاميين، عبد الرحمن بدوي، 1/498….
(7) تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري لابن عساكر الدمشقي ص: 39. أنظر أيضا: ترتيب المدارك للقاضي عياض، 5/28 / طبقات الشافعية للسبكي، 2/246.
(8)  الأشعري، تأليف، حمودة غرابة، ص67 الناشر مكتبة الخانجي بمصر بون تاريخ.
(9)  الملل والنحل للشهرستاني، 1/93.
(10)  ترتيب المدارك للقاضي عياض، 5/25.
(11)  المعتزلة، زهدي حسن جار الله، ص: 254.
(12)  مقدمة ابن خلدون، 3/975.
(13)  المجددون في الإسلام، أمين الخولي، ص: 130.
(14)  تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري” لابن عساكر الدمشقي، ص: 128. أنظر أيضا: مقدمة د. فوقية حسين لكتاب الإبانة” ص 38 وما بعدها، مذاهب الإسلاميين، د. عبد الرحمن بدوي 1/505
(15)  كان الذين يريدون الاطلاع على آراء الفرق الإسلامية قبل ظهور كتاب “مقالات الإسلاميين” يرجعون إلى كتاب “الملل والنحل للشهرستاني” أو “الفرق بين الفرق” للبغدادي أو “الفصل في الملل والأهواء والنحل” لابن حزم الأندلسي في أسلوب لا يخلو من تعصب مذهبي ملحوظ أو تهويل ممقوت كما هو صنيع ابن حزم الظاهري على سبيل الحصر.
(16)  نشر كتاب “اللمع” لأول مرة وترجمه إلى الإنجليزية الأب يوسف مكارثي في كتابه “مذهب الأشعري الكلامي” سنة 1953م كما نشره الدكتور حمودة زكي غرابة سنة 1955م في مصر. وطبع أيضا بتحقيق عبد العزيز عز الدين السيروان طبعة دار لبنان للطباعة والنشر سنة 1987م.
(17)  مذاهب الإسلاميين. د عبد الرحمن بدوي، 1/533.
(18)  “رسالة إلى أهل الثغر” للإمام الأشعري، ص: 205، وقد نشرت هذه الرسالة سنة 1928م. كما نشرها د. محمد السيد الجليند باسم ” أصول أهل السنة والجماعة المسماة برسالة أهل الثغر للإمام الأشعري. كما قام بتحقيقها عبد الله شاكر محمد الجنيدي في إطار نيل شهادة العالمية في شعبة العقيدة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وطبعت سنة 1988م. ولا تخلو تعليقات وحواشي المحقق من تعصب مذهبي ينتهي إلى التجسيم المرفوض إسلاميا.
(19) باب الأبواب عبارة عن ممر وحصن في الطرف الشرقي من القوقاز في دربند الفارسية، وسمي في العصر الحديث باسم باب الحديد أو الباب الحديدي، وقد اهتم الإمام الأشعري بالإجابة عن مسائلهم نظرا لأهمية هذا الموقع بوصفه ثغرا من ثغور الإسلام…أنظر: “مذاهب الإسلاميين” د. عبد الرحمن بدوي، 1/521. معجم البلدان لياقوت الحموي، 1/439.
(20) رسالة إلى أهل الثغر، للإمام الأشعري، ص: 311 (الإجماع الحادي والخمسون).
(21) يطلق مصطلح “الحشوية” على طوائف من المشتغلين بالحديث الذين يتمسكون بظاهر النصوص المتشابهة ويفسرونها تفسيرا حرفيا يؤدي حتما إلى التجسيم. وهم والمشبهة والمجسمة سواء. أنظر: الملل والنحل للشهرستاني، 1/103. / الإرشاد للجويني، ص: 158/ نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، علي سامي النشار 1/285 / معجم الفرق والمذاهب الإسلامية، إسماعيل العربي، ص: 135.
(22) طبع كتاب “الإبانة” بتحقيق د. فوقية حسين. وقد سبق أن طبع طبعتين واحدة بحيدر أباد بالهند سنة 1321ﻫ وبالقاهرة سنة 1348ﻫ بدون تحقيق علمي. كما ترجمه إلى الإنجليزية كلين سنة 1940.
وقد لاحظ الشيخ محمد زاهد الكوثري أن النسخة المطبوعة في الهند من كتاب “الإبانة” مصحفة ومحرفة تلاعبت بها الأيادي الأثيمة يجب إعادة طبعها من أصل وثيق، وقد تطوعت الدكتورة فوقية حسين لهذا العمل فكان تحقيقها لهذا المصنف تحقيقا جيدا.
(23) نظرة علمية في نسبة كتاب الإبانة جميعه إلى الإمام الجليل ناصر السنة أبي الحسن الأشعري، وهبي سليمان غاوجي، ص: 9.
(24) طبعت هذه الرسالة سنة 1323ﻫ بحيدر أباد، ونشرها الأب مكارثي مع ترجمة إلى الإنجليزية ضمن كتابه “أبو الحسن الأشعري ومذهبه الكلامي” حول صحة نسبة هذه الرسالة إلى الإمام الأشعري أنظر هاش الصفحة 7 من هذا المدخل. هذا وقد أورد نص هذه الرسالة د. عمر النجار في مؤلفه “علم الكلام عرض وتقد” ملحق (2) الصفحة 178 كما والدكتور عبد الرحمن بدوي ضمن كتابه ” مذاهب الإسلاميين”، 1/15.
 وقد شكك في صحة نسبة هذه الرسالة إلى الإمام الأشعري عبد الرحمن بدوي، أنظر كنابه” مذاهب الإسلاميين، 1 /181 وفوقية حسين، أنظر مقدمة تحقيق كتاب الإبانة عن أصول الديانة للإمام الأشعري ص: 72. ومهما يكن من شيء فإن الآراء التي تتضمنها تلك الرسالة تعبر عن وجهة نظر الأشاعرة وموقفهم الإيجابي من الاشتغال بعلم الكلام. انظر كتاب “تبيين كذب المفتري فيما نسب إلى الإمام الأشعري لابن عساكر الدمشقي ص: 333. وقد رأينا بعض علماء الغرب الإسلامي ينحون هذا المنحى، أنظر كتاب “مقدمات المراشد إلى علم العقائد”، ص: 80. لابن خمير السبتي/ وشرح السنوسية الكبرى، المسماة “عمدة أهل التوفيق والتسديد” للإمام السنوسي، ص: 50
(25)  مذاهب الإسلاميين، د. عبد الرحمن بدوي، 1/15
(26)  استحسان الخوض في علم الكلام للإمام الأشعري.
(27)  مقدمات المراشد إلى علم العقائد، لابن خمير السبتي، ص: 80.
(28)   شرح السنوسية الكبرى، المسمى عمدة أهل التوفيق والتسديد، للإمام السنوسي، ص: 50.
(29) حاشية محمد الطالب ابن الحاج على ميارة، لمنظومة ابن عاشر المسماة “بالمرشد المعين على الضروري من علوم الدين”، 1/16.
(30) مقالات الشيخ أبي الحسن الأشعري، تأليف الإمام محمد بن الحسن بن فورك، ص، 2 تحقيق، د. أحمد عبد الرحيم السايح، مكتبة الثقافة الدينية، القاهرة الطبعة الأولى، 2005.
(31) الملل والنحل للشهرستاني، 1/93.
(32) رسائل الجنيد، ص: 225 / أنظر أيضا: طبقات الشافعية للسبكي، 2/37 الرسالة القشيرية في علم التصوف، للإمام عبد الكريم القشيري، ص: 430. / الدور الثمين والمورد المعين، شرح الشيخ محمد بن أحمد الشهير بميارة لمنظومة ابن عاشر، 1/14.
(33) الفرق بين الفرق للإمام عبد القاهر البغدادي، ص: 304. وللإشارة فإن حديث الفرقة الناجية حتى وأن صح من حيث الصناعة الحديثية فإن تأويله وحمله على فرقة بعينها يكون فيه تعسف وإقصاء لفرق إسلامية أخرى قد تستعمل هي أيضا التأويل نفسه. ثم إن العدد الوارد في الحديث (73) إذا فهمناه على الحقيقة فإنه يطرح إشكالا أثناء التطبيق، لأننا نجد أنفسنا أمام عدد هائل من الفرق الإسلامية في فترة من فترات التاريخ يفوق العدد المحدد في الحديث، كما نجد أنفسنا في فترة أخرى أمام عدد أقل … ولذلك ينبغي أن يحتاط في تأويل هذا الحديث بكون العدد غير مراد أصلا وأن فيه تحذيرا من التفرق ليس إلا… والله أعلم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. دكتوري الفاضل جعلت تأليف أبي الحسن الأشعري للمع والإبانة في طوره الأخيرة والمدقق فيهما يرى اختلافا في المنهج فبينما هو في اللمع يتوسع في التأويل قريبا من مذهب ابن كلاب هو في الإبانة يعلو في الإثبات على طريقة السلف التي وصفتها أنها بين المعتزلة والحشوية، فكيف يكونان في طور واحدا
    أرجو الإفادة شاكرا.

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق