د/ أمينة مزيغة:
باحثة بمركز دراس بن إسماعيل
يحيى بن يحيى بن كثير بن وسْلاَس البربري المصمودي، الأندلسي القرطبي، الليثي، أبو محمد، الإمام الحجة الثبت رئيس علماء الأندلس، وفقيهها وكبيرها، أحد راوة "الموطأ"، وتعتبر روايته أشهر الروايات، ولد سنة اثنين وخمسين ومائة.
كان كبير الشأن، عظيم الهيبة، نال من الرئاسة والحرمة ما لم يبلغه أحد، وقد كان أحمد بن خالد يقول: لم يعط أحد من أهل العلم بالأندلس من الحظوة وعِظم القدر، وجلالة الذكر ما أعطيه يحيى بن يحيى، فكثر لذلك تلامذته، وأقبلوا على فقه مالك، ونبذوا ما سواه.
وقال محمد بن عمر بن لبابة: فقيه الأندلس عيسى بن دينار، وعالمها عبد الملك بن حبيب، و عاقلها: يحيى بن يحيى.
وقال ابن عبد البر: كان إمام أهل بلده، ثقة، عاقلا، انتهت إليه رئاسة العلم بالأندلس، وبفضله دخل المذهب المالكي إليه.
وقد كان رحمه الله ملازما لابن وهب وابن القاسم، وبعد حجه رجع إلى المدينة ليزداد علما من مالك، فوجده في مرض الموت، فأقام عنده إلى أن توفاه الله، وشهد جنازته، ورجع إلى قرطبة بعلم جم، وبَعُد صيته، وكَثر تلاميذه، وبه وبعيسى بن دينار انتشر مذهب مالك بالأندلس، وكان فقيها حسن الرأي، كان إمام أهل بلده، والمقتدى به منهم، والمعول عليه، وقد كان مالك يعجبه سمته وعقله، حتى سماه "العاقل"، امتنع عن القضاء وزهد فيه، فكان أمير الأندلس لا يولي أحدا القضاء إلا من يشير به يحيى بن يحيى.
سمع من: الفقيه زياد بن عبد الرحمن شبطون، ويحيى بن مُضر، وسمع من مالك الموطأ غير أبواب في كتاب الاعتكاف شك فيها، فبقي يحدث بها عن زياد، وابن وهب، ونافع بن أبي نُعيم القارئ، والليث بن سعد، وابن القاسم، وغيرهم كثير.
وروى عنه: عبيد الله، وإسحاق، ويحيى، وابن حبيب. وتفقه به من لا يحصى كثرة، منهم: صباح بن عبد الرحمن العتقي وابن مزين وابن وضاح وبقي بن مخلد وغيرهم.
توفي رحمه الله سنة أربع وثلاثين ومائتين، وقيل سنة ثلاث وثلاثين ومائتين عن اثنتين وثمانين سنة.
ترتيب المدارك 1/688، رقم124.
جمهرة تراجم الفقهاء المالكية 3/1370 رقم 1386.
الفكر السامي 2/451، رقم 384.
الديباج المذهب 2/333 رقم 606.
السير 8/517 رقم 1705.
شجرة النور الزكية 1/95 رقم91.
.