الرابطة المحمدية للعلماء

واقع وآفاق علم القراءات القرآنية بالمغرب

واقع وآفاق علم القراءات القرآنية بالمغرب اليوم

عبد العزيز كارتي: هناك كمّ هائل من التراث المغربي ينتظر الإخراج والعناية

كان الخوض واقع اعتناء علماء المسلمين، لفا وخلفا، بعلم القراءات القرآنية اليوم، محو “الحوار الحي” الذي أجراه موقع الرابطة المحمدية للعلماء زوال يوم الخميس 15 أبريل الجاري، من خلال استضافة الدكتور عبد العزيز كارتي، رئيس فريق البحث “القراءات القرآنية والدرس اللغوي” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الحسن الثاني بالمحمدية.

وبداية، اعتبر المتدخل أن أهمية التوقف عند هذا الموضوع اليوم، تروم على الخصوص تحسيس المهتمين بالدراسات القرآنية إلى هذا الحق المعرفي وما يتضمنه من قضايا ومسائل تبين قيمة الدرس القرآني وأهميته في إبراز الإعجاز القرآني وكذلك ما يمثله من ثروة لغوية ومعرفة شرعية، مؤكدا في هذا الصدد أن القراءات القرآنية من بين العلوم الشرعية الأولى التي اعتن بها السلف الصالح، والواجب على الباحثين المعاصرين إتمام المسيرة والعناية بهذا العلم الشريف.

وعن السبل المُثلى للاستفادة من القراءات، أشار الدكتور عبد العزيز كارتي إلى أن القراءات تعتبر الآلة الأولى للمفسر ولا يمكن فهم الخطاب القرآني سواء في جانب الهداية أو التشريع دون الإحاطة بمختلف القراءات والأحرف المتواترة التي أنزلت على الرسول الله صلى الله عليه وسلم، مستشهدا بالقاعدة المشهورة التي جاء فيها أن “القرآن يفسر بعضه بعضا”، معتبرا أنها تنطبق بالأساس على اختلاف الأوجه والروايات والطرق التي وصلنا بها القرآن، ولذلك لا يستغني المفسر عن الإلمام بهذا العلم الذي به يتوصل إلى المراد الشامل والتام للخطاب القرآني لأن التفسير برواية واحدة هو بيان لجزء من مراد الله، الذي لا يتم إلا بالإحاطة بكل الأوجه الصحيحة.

وبخصوص موضوع التفريق بين القراءات الضعيفة والقراءات الصحيحة، اعتبر عبد العزيز كارتي أنه لا توجد هناك قراءات ضعيفة وصحيحة، بقدر ما توجد القراءات المتواترة التي استوفت الضوابط العلمية التي أرشد إليها الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة في تعليمهم القرآن المنزل وهي التي كذلك أجمع عليها الصحابة رضوان الله عليهم في جمعهم للقرآن واستنساخه بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وتتشكل في ثلاثة ضوابط موافقة الرسم العثماني، وموافقة اللغة العربية، ووجه من الوجوه وصحة السلف، وكل قراءة أو رواية سقط منها واحد من هذه الضوابط تعتبر شاذة ولا نقول ضعيفة، أما عن الشق الثاني من السؤال فالقراءات هي تراث الأمة الإسلامية تحتاج إليه في كل عصر والقرآن الذي هو علم القراءات هو الحل لكل الإشكالات التي تواجه الأمة.

من الأسئلة التي تفرض نفسها في الساحة الإسلامية والغربية، موضوع القراءات الحداثية للقرآن الكريم، وفي معرض الرد على استفسار جاء في هذا الموضوع، أشار الدكتور كارتي إلى أن موضوع النقاش يدور حول علم القراءات القرآنية وهو علم شرعي أصيل له أهله من العلماء الحاذقين، معتبرا أن مصطلح القراءات الحداثية أو التأويلية للقرآن، يُشبه نبتة زرعها الاستشراق في العقود السابقة، وأنبثت اليوم بعض شرانق لا طعم لها ولا رائحة ولا فائدة، لأن القرآن  الكريم محفوظ من عند الله وهو المعجزة الخالدة للبشرية إلى يوم الدين ولا يغتر المسلم بهذه الخرجات الإعلامية والأضواء الصحافية وكل ذلك سيبطله التاريخ. لأن القرآن يقرأه اليوم الملايين من البشر سواء من صدق به أم لا.

وعن تقييم واقع علم القراءات بالمغرب، أكد المتدخل أن هناك عناية متزايدة بالتراث المغربي، سواء على مستوى التحقيق أو الدراسة أو التحقيق أو النشر، مضيفا أنه بالرغم من ذلك فلا زال هناك كم هائل من هذا التراث، الذي ينتظر الإخراج والعناية ولاشك أن مبادرة الرابطة المحمدية للعلماء في إعلانها الأخير عن افتتاح مركز الإمام الداني بمراكش سيكون له الإشعاع المناسب لمزيد من الدعم والعناية بهذا العلم الشريف.

ومن بين الأسماء الوازنة في هذا العلم بالمغرب، توقف الدكتور عبد العزيز كارتي عند العديد من المشايخ المغاربة الذين أطلقت شهرتهم الآفاق وتشد إليهم الرحال من المشرق القريب والبعيد منهم، الراجي الكنتري هو من المقرئين الحاذقين الذي جمع بين الرواية والدراية، وكذلك منهم الشيخ محمد السحابي بمدينة سلا والذي رزقه الله بركة في العلم عما بها الكثير من الطلبة الذين أخذوا عنه سواء بالإفراد أو الجمع، مشيرا إلى أن زاوية سيدي الزوين بمراكش لا زالت تزخر بمشايخ كثر أفردوا حياتهم للقرآن وعلومه تعليما وتدريسا، ومن مَن يحضره كذلك الأستاذ الفاضل عبد الهادي حميتو الذي يعتبر من المبرزين في التحقيقات العلمية الدقيقة والمتابعات التاريخية ذات الجودة العالية وموسوعته مدرسة الإمام نافع غنية عن كل تعريف، وكذلك من الحذاق الضابطين من نواحي وزان شمال المغرب الشيخ أبو العجوز وكذلك الأستاذ الفاضل الدكتور مصطفى البحياوي، وأيضا، الشيخ محمد عطفاي الرجل القارئ اللغوي المميز، والدكتور الفاضل عبد الرحمن نابلسي، والأستاذ عبد الكبير أكبوب بمراكش وأسماء أخرى بالطبع.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق