1« Hypatia »
إبنة ثيون Theon2 الإسكندري، والمرأة الوحيدة التي يملك المؤرخون دلائل إيجابية حول أنشطتها الرياضية في العصور القديمة. بالرغم من أن هناك معلومات متواضعة بخصوص إنجازاتها في هذا المجال وغيره من المجالات، والتي حصلوا عليها من خلال مجموعة من الكتاب، مثل الكتاب المسيحيين، الذين كانوا يعلنون عداءهم لها، أو من مصادر أخرى ذات توجه غير إيجابي.
كانت هيباتيا مشهورة كفيلسوفة، ولكن، هناك مجموعة من الشكوك حول قضية ولائها للفلسفة وتدريسها لها. وقد اتسم ولاؤها للفلسفة إما بصفة التشاؤم على أساس تصريحات مغرضة وكاريكاتورية عن طريق الفيلسوف دماسيوس Damascius3، أو كالأفلاطونية المحدثة Neoplatonic التي تتميز بروح قوية بسبب نظريات مشابهة التي أثرث في تلميذها سنسيوس Synesius. كما أنه ليس هناك أي دليل حول كتابات هيباتياHypatia 4 الفلسفية وبالتالي لنا الحق في أن نشك في أنه قد وجدت لها كتابات بالفعل.
كان هناك مجموعة من التلاميذ ذوو مستوى عالٍ يجتمعون حول هيباتيا Hypatia، وليس مؤكدا إن كانت تقدم تعليما خاصا أو عاما، رسمياً أو غير ذلك لتلاميذها، كما أنه ليس هناك أدنى تلميح بأنه قد سبق لها وأخذت صفة الأستاذية في جامعة ما، كما أنها لم تكن أبدا رئيسة لمدرسة الأفلاطونية المحدثة في الإسكندرية.
يؤكد دماسيوس Damascuise بأن معلمه إيسيدوروس Isidorus كان متفوقا على هيباتيا Hypatia كفيلسوف أكثر منه رياضياً، ويتبين من ذلك أن هيباتيا Hypatia لم تكن أول فيلسوفة، وبالتالي لم يكن إيسيدوروس Isidorus متفوقاً بصفته رياضياً، إذ ليس من المهم أن يكون أحدهم رياضياً جيداً في فترة يكون فيها قادرا على فهم وشرح الحجج الرياضية في مقالات الكُتّاب القساوسة.
في الواقع هناك مصدرين فقط ذكرت فيها أعمال هيباتيا Hypatia تشهد على أنها كانت مشاركة في كتابة بعض التعاليق5. يقول هيسشيوس Hesychius وكلامه مأخوذ من موسوعة The Suidas: "أن هيباتياHypatia كتبت تعليقا على ديوفانتس Diophantus ووضعت جداول فلكية وتعليقاً على كتاب المخروطات لأبولونيوس. جاء في مقتطف من تعليق "ثيون" Theon على كتاب "المجسطي" ما يلي "تعليق لثيون الإسكندري على قواعد الرياضيات لبطليموس، وقد قام بتصحيح هذه النسخة الفيلسوفة "هيباتيا" Hypatia، ابنتي"6. كلا البرهانين يطرحان مشاكل جدية بحيث أن صيغة البرهان الأول تتطلب بعض التعديلات إذ لا يترك للقارئ مجالا بأن يقرر ما إذا كانت "هيباتيا" Hypatia هي من كتب الجداول الفلكية أو أنها كتبت تعاليق حول هذا العمل (في هذه الحالة تقريبا بالتأكيد جداول بطليموس). يمكن التشكيك في الاقتراح الأخير، لأنه قد سبق لثيون Theon أن كتب تعليقا على نفس العمل، إلا أن هناك فرقاً بين تصحيح الجداول الفلكية وكتابتها، والاقتراح الأخير يجب نفيه. والشيء الغير قابل للتصديق هو فرضية أن هيباتيا قد جمعت جداول جديدة، ولا يوجد لها أي أثر.
أما فيما يخص الدليل الثاني، فهناك تفسير واحد لتصحيح هيباتيا نص المجسطي، وهو من أجل مساعدة أبيها في الجهد الذي قام به بصفته معلقاً، وبالتالي من أجل تقديم نسخة موثوق منها لمقالات بطليموس. فالتفسير الأقرب هو أن هيباتيا قد فحصت النسخة النهائية من تعليق ثيون على الكتاب الثالث الذي يبدو هو الأكثر ممكنا. كانت تفاسير ثيون في البداية تلقى كمحاضرات، وصاغها بعد ذلك بشكل أفضل، وكان لابد من عملية التحقق نظراً لوجود حسابات غير تافهة، وهذه الطبعة قد لمح إليها في تعليق، وفي مواقف موازية لتعليقات أوتوكيوس Eutocius يؤكد فيها أن هذا هو العمل الوحيد الذي لوحظ، إذ كانت هناك محاولات للكشف عن الأساليب الأدبية المختلفة بين الكتاب الثالث والكتب الأخرى لتعاليق ثيون Theon، ولكن النتيجة تثبت بأنه ليس هناك أي اختلافات. هناك دراسة حديثة وشاملة لمساهمات هباتيا الخاصة بالكتاب الثالث نفسه تدعم الافتراضات الاعتباطية حول أسلوبها في الكتابة.
بنيت مجموعة من المحاولات على نفس المعايير الأسلوبية حول تعيين دور لهباتيا في تقاليد كتاب Dimensio Circula لأرشميدس، وكذلك في انتقاء الآثار من خلال تعليقها الموجود في تعليق لـ أوتوكيوس Eutocius على مخروطات أبولونيوس Apollonius، التي يجب أن يعبر عنها كتأملات افتراضية.
كل الاقتراحات السابقة تبقى مجرد تساؤلات افتراضية، على أن مشروعاً واسع النطاق للتصحيح والتعليق على النصوص الرياضية أخذ على عاتق ثيون Theon ومن حوله، وفي المقابل يبدو أن ثيونTheon لم يكتب تعاليق على العملين التاريخيين الذي يبدو من المعقول أنه هو من صححها هما كتاب "الأصول لأقليدس" و كتاب « DATA »، في حين أنه قد علق على مجموعة من المقالات التي ليس لدى الباحثين أدنى سبب للظن بأن ثيون Theon هو من قام بتصحيحها. نسجت مجموعة من الشكوك حول تعليق هباتيا المزعوم على كتاب "الحساب" لديوفانتس 7 Diophantus النص اليوناني غير كامل. ومن أجل تفسير هذا، يمكن أن تكون هباتيا قد حصلت على نص منقح عليه تعليق. كما قد وصل تعليقها إلى الكتاب السادس، ويستتبع هذا بأن الكتاب السابع قد فقد.8
تم اكتشاف النسخة العربية التي تحتوي على أربعة كتب والتي تدحض هذه الفرضية، فالنص العربي بدوره مختلف شيئا ما من حيث الشكل، إذ أدى إلى الظن بأن ترجمة النص قد علقت عليها هيباتيا.
وجدت بعض الصعوبات مع هذا الافتراض والتي تتمثل في أن النسخة العربية هي نسخة منقحة للمقالة وليس تعليقا، فعادة ما لا يتداخل التعليق مع النص بهذا الشكل. بل أكثر من ذلك، فالتعديلات التي تقع مع احترام بنية النص اليوناني تعتبر شاملة وليس لها أية علاقة بالرياضيات، فالأجدر هنا هو الإنكار أكثر من تأكيد أي تأليف لهيباتيا.
في رسالة إلى بينيوس Paeonius، يصف فيها سينسيوسSynesius بالأحرى وصفا أخرق للأسطرلاب، وكما ذكر ثيونTheon أنه قد كتب مقالاً حول بناء الأسطرلاب؛ فمن المرجح أن سنسيوس Synesius قد رسم الأسطرلاب انطلاقا من هذه المقالة، بالرغم من أنه قد أشار إلى هيباتيا على أساس أنها معلمته بخصوص هذه المسألة، مشيرا بذلك إلى منظار الأعماق في رسالة سينسيوس Synesius لهيباتيا، إذ تعتبر هذه الرسالة غامضة شيئا ما بحيث لا يمكن تفسيرها إلا بشكل استبدادي. كمية كهذه من الحدس تعتبر مستديمة كأي فرضية مدعومة من طرف الآخرين الذين يأخذونها على أنها حقائق ثابتة، وفي كثير من الأحيان تتمثل في توقعات مشكوك فيها للنظريات والأشكال النصية لبعض أعمال تلاميذ هيباتيا Hypatiaأو أقربائها.