مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

مَنازلُ الارتقاء في مفاصل الوقف والابتداء

(1)
تَعْريف الوقف
من علوم القرآن الكريم علم الأداء، وهوستة أنواع: الوقف، والابتداء، والإمالة، والمد، وتخفيف الهمزة، والإدغام.
والوقف مبحث في اللفظ والمعنى، خلافا لباقي مباحث الأداء فهي مباحث في اللفظ
اهتمّ بموضوع الوقف والابتداء علماء التّجويد واللغة والقراءات، وأفردَه بالتأليف جماعة من الأئمة منهم أبو جعفر النحاس وأبو بكر ‏بن الأنباري والزجاجي وأبو عمرو الداني  وشيخ القراء ابن الجزري وغيرهم. أطلقَ كثير من علماء القراءة والتجويد ثلاثةَ مصطلحاتٍ مختلفةٍ ولعلّهم أرادوا بها الوقف في الغالب، وهي الوقف والسكت والقطع . أما الوقف فهو لغةً: الكفّ عن القول والفعل، ‏واصطلاحا: قطع الصوت على آخر الكلمة الوضعية زمنا يتنفس فيه عادة بنيّة استئناف القراءة إما بما يلي الحرف الموقوف عليه أو بما قبله، ومن الأوجه التي يقف بها القراء غالبا خمسة أوجه:‏
‎1‎‏- الإسكان
‎2‎‏- والروم
‎3‎‏- والإشمام
‎4‎‏- والحذف
‎5‎‏- والإبدال
معرفة الوقوف إذاً شطرُ علم التجويد، والوقفُ في موضعِه يساعدُ على فهم الآية، أما الوقوف في غير محله ربما يغير معنى الآية أو يشوه جمال التلاوة، ومن لم يلتفت لهذا ووقَفَ أين شاء فقد خرق الإجماع وحادَ عن إتقان القراءة وتمام التجويد.وهكذا فإنّ فائدةَ الوقفِ أنّه يترتب على معرفته عدمُ الخطأ في لفظ القرآن وفهمُ معانيه على الوجه الصّحيح، دون الوقوع في مزلقِ الوقف حيث يجب الوصل أو الوصل حيث يجب الوقف‏ . ولما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نَفَس واحد في حالة ‏الوصل كان الوقف كالتنفس في أثناء الوقف على الكلمة المعيَّنَة، وذلك بعدَ اختيار وقف للتنفس والاستراحة، وتعين ارتضاء ابتداء بعده، كما تعَيَّنَ ألاّ يكونَ ‏ذلك مما يحيل المعنى أو يخل بالفهم.
والوقف على ثلاثة أوجه، أو ثلاثة أنواع: وقف تام، ووقف حسن، ووقف قبيح :
فالوقف التام: هو الوقف الذي يحسن الوقوف عليه والابتداء بما بعده، ويكون ما بعده غير متعلق بما قبله، ويُمثل لذلك بقوله تعالى: { وأولئك هم المفلحون } (البقرة:5) وقوله تعالى: { الله أعلم حيث يجعل رسالته } (الأنعام:124) وهذا الوقف أكثر ما يكون عند رؤوس الآيات، وانتهاء القصص .
والوقف الحسن: هو الوقف الذي يحسن الوقوف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده، ويُمثل له بقوله تعالى: { الحمد لله } (الفاتحة:2) فالوقف عليه حسنٌ ومقبولٌ؛ لأن المرادَ من ذلك يُفهَم؛ إلا أن الابتداءَ بما بعدَه، وهو قوله تعالى: { رب العالمين } (الفاتحة:2) لا يَحسُنُ، لكونه صفة لما قبله، فهو متعلق به، لتعلق الصفة بالموصوف؛ وكذلك الوقف على قوله تعالى: { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين } (الصافات:137) ثم الابتداء بقوله تعالى: { وبالليل أفلا تعقلون } (الصافات:138) لارتباط المعنى في الآية الثانية بما قبله .
أما الوقف القبيح: فهو الوقف الذي ليس بتام ولا حسن، ولا يفيد المعنى المقصود؛ ويُمثل لهذا النوع من الوقف بقوله تعالى: { فويل للمصلين } (الماعون:4) وقوله تعالى: { لا تقربوا الصلاة } (النساء:43) لما في ذلك من فساد في المعنى، ومخالفة لما هو من معهود الشرع الحنيف.
قيمَتُه:الوقفُ والابْتِداءُ فَنٌّ جَليلٌ بِه يُعرَفُ كََيْفَ أداءُ القِراءةِ، وقدْ رُوِيَ عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ أنّه قالَ: لَقَدْ عِشنا بُرهةً مِنْ دَهْرِنا، وإنّ أحَدَنا لَيُؤتى القُرآنَ قبلَ الإيمانِ ، وتنزِل السّورةُ على محمّد صلّى الله عليه وسلَّم فنتعلّمُ حلالَها وحَرامَها وما ينبغي أن يوقَفَ عندَه منها، كما تتعلّمون أنتم القرآنَ اليومَ، ولقد رأينا اليومَ رجالاً يُؤتى أحَدُهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بينَ فاتِحَتِه إلى خاتِمتِه، ما يدري ما آمِرُه ولا زاجِرُه، ولا ما ينبغي أن يوقَفَ عندَه منه.
فهذا الحديثُ يدلّ على أنّهم كانوا يتعلّمون الأوقافَ، كما يتعلّمون القرآنَ (هذا ممّا أخرجَه النّحّاسُ )
[انظر: الإتقان في عُلوم القرآن، للسيوطي، 1/230، “في معرفة الوقف والابتداء”، تح.محمّدأبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت 1407-1987]

أمّا فائدتُه وعَلاقتُه بالمَعْنى فتظهرُ في قولِ النِّكزاوي في كتابِه الاقتضاء في معرفة الوقف والابتداء إنّه لا يتأتّى لأحدٍ معرفةُ معاني القرآنِ ولا استنباطُ الأدلّة الشّرعيّة منه إلاّ بمعرفةِ الفواصِل

(1) تَعْريف الوقف  

1- تعريف الوقف

من علوم القرآن الكريم علم الأداء، وهو ستة أنواع: الوقف، والابتداء، والإمالة، والمد، وتخفيف الهمزة، والإدغام.

والوقف مبحث في اللفظ والمعنى، خلافا لباقي مباحث الأداء فهي مباحث في اللفظ

اهتمّ بموضوع الوقف والابتداء علماء التّجويد واللغة والقراءات، وأفردَه بالتأليف جماعة من الأئمة منهم أبو جعفر النحاس وأبو بكر ‏بن الأنباري والزجاجي وأبو عمرو الداني  وشيخ القراء ابن الجزري وغيرهم.

أطلقَ كثير من علماء القراءة والتجويد ثلاثةَ مصطلحاتٍ مختلفةٍ ولعلّهم أرادوا بها الوقف في الغالب، وهي الوقف والسكت والقطع .

أما الوقف فهو لغةً: الكفّ عن القول والفعل، ‏واصطلاحا: قطع الصوت على آخر الكلمة الوضعية زمنا يتنفس فيه عادة بنيّة استئناف القراءة إما بما يلي الحرف الموقوف عليه أو بما قبله، ومن الأوجه التي يقف بها القراء غالبا خمسة أوجه:‏

‎1– الإسكان

‎2– والروم

‎3‎‏- والإشمام

‎4‎‏- والحذف

‎5‎‏- والإبدال

معرفة الوقوف إذاً شطرُ علم التجويد، والوقفُ في موضعِه يساعدُ على فهم الآية، أما الوقوف في غير محله ربما يغير معنى الآية أو يشوه جمال التلاوة، ومن لم يلتفت لهذا ووقَفَ أين شاء فقد خرق الإجماع وحادَ عن إتقان القراءة وتمام التجويد.

وهكذا فإنّ فائدةَ الوقفِ أنّه يترتب على معرفته عدمُ الخطأ في لفظ القرآن وفهمُ معانيه على الوجه الصّحيح، دون الوقوع في مزلقِ الوقف حيث يجب الوصل أو الوصل حيث يجب الوقف‏ .

ولما لم يمكن القارئ أن يقرأ السورة أو القصة في نَفَس واحد في حالة ‏الوصل كان الوقف كالتنفس في أثناء الوقف على الكلمة المعيَّنَة، وذلك بعدَ اختيار وقف للتنفس والاستراحة، وتعين ارتضاء ابتداء بعده، كما تعَيَّنَ ألاّ يكونَ ‏ذلك مما يحيل المعنى أو يخل بالفهم.والوقف على ثلاثة أوجه، أو ثلاثة أنواع: وقف تام، ووقف حسن، ووقف قبيح :فالوقف التام: هو الوقف الذي يحسن الوقوف عليه والابتداء بما بعده، ويكون ما بعده غير متعلق بما قبله، ويُمثل لذلك بقوله تعالى: { وأولئك هم المفلحون } (البقرة:5) وقوله تعالى: { الله أعلم حيث يجعل رسالته } (الأنعام:124) وهذا الوقف أكثر ما يكون عند رؤوس الآيات، وانتهاء القصص .

 والوقف الحسن: هو الوقف الذي يحسن الوقوف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده، ويُمثل له بقوله تعالى: { الحمد لله } (الفاتحة:2) فالوقف عليه حسنٌ ومقبولٌ؛ لأن المرادَ من ذلك يُفهَم؛ إلا أن الابتداءَ بما بعدَه، وهو قوله تعالى: { رب العالمين } (الفاتحة:2) لا يَحسُنُ، لكونه صفة لما قبله، فهو متعلق به، لتعلق الصفة بالموصوف؛ وكذلك الوقف على قوله تعالى: { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين } (الصافات:137)

ثم الابتداء بقوله تعالى: { وبالليل أفلا تعقلون } (الصافات:138) لارتباط المعنى في الآية الثانية بما قبله .أما الوقف القبيح: فهو الوقف الذي ليس بتام ولا حسن، ولا يفيد المعنى المقصود؛ ويُمثل لهذا النوع من الوقف بقوله تعالى: { فويل للمصلين } (الماعون:4) وقوله تعالى: { لا تقربوا الصلاة } (النساء:43) لما في ذلك من فساد في المعنى، ومخالفة لما هو من معهود الشرع الحنيف.قيمَتُه:الوقفُ والابْتِداءُ فَنٌّ جَليلٌ بِه يُعرَفُ كََيْفَ أداءُ القِراءةِ، وقدْ رُوِيَ عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ أنّه قالَ: لَقَدْ عِشنا بُرهةً مِنْ دَهْرِنا، وإنّ أحَدَنا لَيُؤتى القُرآنَ قبلَ الإيمانِ ، وتنزِل السّورةُ على محمّد صلّى الله عليه وسلَّم فنتعلّمُ حلالَها وحَرامَها وما ينبغي أن يوقَفَ عندَه منها، كما تتعلّمون أنتم القرآنَ اليومَ، ولقد رأينا اليومَ رجالاً يُؤتى أحَدُهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بينَ فاتِحَتِه إلى خاتِمتِه، ما يدري ما آمِرُه ولا زاجِرُه، ولا ما ينبغي أن يوقَفَ عندَه منه. فهذا الحديثُ يدلّ على أنّهم كانوا يتعلّمون الأوقافَ، كما يتعلّمون القرآنَ (هذا ممّا أخرجَه النّحّاسُ ) [انظر: الإتقان في عُلوم القرآن، للسيوطي، 1/230، “في معرفة الوقف والابتداء”، تح. محمّد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت 1407-1987]

أمّا فائدتُه وعَلاقتُه بالمَعْنى فتظهرُ في قولِ النِّكزاوي في كتابِه الاقتضاء في معرفة الوقف والابتداء إنّه لا يتأتّى لأحدٍ معرفةُ معاني القرآنِ ولا استنباطُ الأدلّة الشّرعيّة منه إلاّ بمعرفةِ الفواصِل.

مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

  1. شكرا لكم أستادي الفاضل على إثارتكم هذه المواضع المهمة التي تلزم على قارئ القرآن معرفتها.
    أرغب أستاذي في التساءل وأياكم على الاجابيات والسلبيات التي تنتج عن اختلاف القراءات في تحديد الوقف والابتدارء..

  2. شكرا لكم استاذنا الكريم على مجهوداتكم العظيمة نفعنا الله من بحر علمكم. .

  3. شكرا كثيرا على هذه النظرة الموجزة التي عرفت لنا فيها الوقف في علم الاداء انا فقط اردت ان اضيف شيئا وهو اعجاز الفواصل في القران الكريم .ومن المعروف ان للكلام مقاطع كمفاصل العطام ومن لم يدرك تلك المقاطع لايمكن ان يتقن القران الكريم ولذلك يعرف العلماء الجويد بقولهم التجويد هو اعطاء كل حرفه حقه ومستحقه واتقان الوقف والابتداء. والفواصل في القران امرها توقيفي وهي لاتخضع لقاعدة واحدة . سورة الاسراء فيها مائة وعشر ءايات وفواصلها جميعا على الالف الا واحدة على الراء في قوله انه هو السميع البصير . ونظير هذا ايضا في سورة الفرقان فهي ثمان وسبعون ءاية وفواصلها جميعا على الالف الا واحدة في قوله سبيل فهي على الام وكذلك في سورة الاحزاب فهي ثلاث وسبعون ءاية وجميع فواصلها على الالف الا واحدة على الام في قوله سبيل. وهذا من الاعجاز في القران الكريم الدال على فصاحته وعجيب ابداعه. وهذا الاعجاز نلمسه في كل وقفة تاملية على القران الكريم

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق