مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

مَعاني الأدوات في سورة المطففين، استقْراءٌ ودِراسَة

(2)

مقدمة في أهمية معاني الأدوات وأثرها في بيان معاني التراكيب والنصوص :
أ – مفهوم الأداة:
الأدوات جمع ” أداة”، وفي التعريف المعجمي هي الآلة الصغيرة ، وفي اصطلاح النحويين هي الكلمة،  أي اللفظة باصطلاح النحويين،  تستعمل للربط بين أجزاء الكلام،  أو للدلالة على معنى في غيرها ، كالتعريف في الاسم، أو الاستقبال في الفعل، أو هي الحرف المقابل للاسم والفعل، وتتميز الأداة بكثرة ورودها وأهميتها الخاصة في التراكيب العربية.
والجدير بالذكر أن علماء اللغة العربية،  استعملوا كثيراً لفظ حروف المعاني ، لكنهم استعملوا أيضا مصطلح ” الأداة ” منذ العهد الأول ، لاستنباط قوانين اللغة العربية وقواعدها ، بحيث عثرنا على استعمال المصطلح ” الأداة ” في أقدم مؤلف جامع للغة العربية وأحكامها ، وهو كتاب سيبويه،  يقول سيبويه في فصل الإضافة إلى المقسوم به:  ” وللقسم والمقسوم به ” أدوات”  في حروف الجر وأكثرها الواو ، ثم الباء،  يدخلان على كل محلوف به ، ثم التاء….”  الكتاب 3/496.
ونجد لمصطلح الأداة استعمالا أوسع عند اللغويين المتأخرين؛  فهاهو إمام النحاة ابن مالك الجياني الأندلسي( ت.672هـ ) يشير إليها في ألفيته الخلاصة بقوله: 
وَاجْزِمْ  بِإِنْ  وَمَنْ  وَمَا  وَمَهْمَا     **         أَيٍّ  مَتىَ  أَ يَّانَ  أَيْنَ  إِذْ  مَا
    وَحَيْثُمَا أَ نَّى، وَحَرْفٌ إِذْ مَا           **           كَإِنْ وَبَاقِي الْأَدَوَاتِ أَسْمَا
إن مصطلح الأداة في الواقع، أبلغ في التعبير عن حروف المعاني ، لأن ” الحرف ” يعني ما ليس باسم ولا فعل، أما  ” الأداة ” فإنها تشمل الحروف وبعض  الأسماءالأخرى والظروف..
بعض خصائص الأداة :
تمتاز الأداة بخصائص متعددة منها :
1-أنها تربط الأسماء بالأفعال ، والأسماء بالأسماء ، والجمل بالجمل ، وليس كذلك غيرها ، ومعنى هذا أن المعاني التي تؤديها الأدوات هي من نوع التعبير عن علاقات في السياق،  وهذا معنى وظيفي وليس معنى معجميا ، أي مادل على معنى في غيره.
2-إنها وإن كانت أقل أقسام الكلام، عدد حروف،  لكنها أكثرها في الاستعمال، وأقْوَم دَوْرا فيه، من قِبَلِ أنها إنما يُحتاج إليها لغيرها من الاسم أو الفعل أو الجملة.
   3 – عدم دخولها في جدول تصريفي، كما في الأسماء والأفعال والصفات.
فالأدوات من العناصر اللغوية،  التي يصعب الاستغناء عنها، واستبدال غيرها بها (5). 
وفي ضوء هذا المدخل بين يدي القرآن الكريم ، وتعريف معاني الأدوات وأهميتها ، ثم ذِكْر أثرها في بيان معاني التراكيب والنصوص ، نلاحظ مدى احتياج الباحث في القرآن الكريم وعلومه إليها، والمطلع لوجوه إعجازه اللغوي والنحوي والبلاغي، والتشريعي، والتربوي، والعلمي بصفة عامة، وذلك لأن مبحث أدوات المعاني من أهم الأسس والمسائل التي يحتاج إليها مفسر القرآن الكريم ، وإلى هذا المعنى يشير الإمام الشهير بدر الدين الزركشي (ت: 794هـ) في كتابه ” البرهان في علوم القرآن ” بقوله: ” في النوع السابع والأربعين : في الكلام على المفردات من الأدوات والبحث عن معاني الحروف ؛ مما يحتاج إليه المفسر لاختلاف مدلولها “.(6) 
ولقد أثّرَتْ دلالات أدوات المعاني،  في تفسير القرآن الكريم ، وَأثْرَتْ تفسير كتاب الله عز وجل بمعان مختلفة، تحمل أوجها عديدة من الإعجاز العلمي، والتشريعي في القرآن الكريم ، أشار إليها كثير من المفسرين لكتاب الله تعالى ، والدارسين لعلومه. ونورد هنا بعضَ الأمثلة القليلة من أدوات المعاني التي استعملها المصنفون في تفسير القرآن المجيد ، في إبراز معنى الآية وكشفه وإيضاحه ، كقول الإمام ابن عطية الأندلسي  المالكي في معنى قوله تعالى : (وَمِنَ الليْلِ فــَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَنْ يـَّـبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مـَّحـْمُوداً ). الإسراء:  79.
( من:  للتبعيض ، والتقدير : ووقتا من الليل أي : وقم وقتا من الليل..) (7) 
وكقول صاحب البرهان ، بدر الدين الزركشي عند قوله عز وجل : ( وَإِنَّا أَوِ اِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً اَوْ فيِ ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) [سبأ: 24].فاستعملت ” على ” في جانب الحق، و”في”في جانب الباطل ؛ لأن صاحب الحق كأنه مستعل يرقب نظره كيف شاء، ظاهرة له الأشياء، وصاحب الباطل كأنه منغمس في ظلام ، ولايدري أين توجه ؟
وكما في قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْـمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْهَا وَالـْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ..) الآية. [التوبة : 60]، فعدل عن اللام إلى ” في ” في الأربعة الأخيرة، إيذانا بأنهم أكثر استحقاقا للتصدق عليهم ، ممن سبق ذكره باللام ؛ لأن “في” للوعاء ، فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يُجعلوا مظنةً لوضع الصدقات فيهم ، كما يوضع الشيء في وعائه مستقرا فيه ، وفي تكرير حرف الظرف داخلا على ” سبيل الله ” دليل على ترجيحه على الرقاب والغارمين. قال الفارسي : وإنما قال : ( وفي الرقاب) ولم يقل: “والرقاب” ليدل على أن العبد لا يملك، وفيه نظر ؛ بل ما ذكرناه من الحكمة فيه أقرب(8).
ونجد للأدوات في القرآن لطائف تزيد المعنى رسوخا في النفس، ولطالما يقع ذلك في حروف الجر التي ترِدُ في القرآن ، ويسميها المفسرون ” صِلَة ” تأدبا مع كتاب الله تعالى،  وتكون زائدة في الإعراب ، وجاءت لتوكيد المعنى في الآية ، في نحو مجيء حرف الباء على ذلك على بعض الأوجه فيه،  في قوله تعالى : ( وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ) النساء: 79.
قال الإمام السيوطي(ت: 911 هـ) رحمه الله تعالى في إتقانه:  (….والباء زائدة دخلت لتأكيد الاتصال ، لأن الاسم في قوله تعالى: (وكفى بالله) متصل في الفعل اتصال الفاعل ، قال ابن الشجري : وفعل ذلك إيذاناً بأن الكفاية من الله ليست كالكفاية من غيره في عظم المنزلة ، فضوعف لفظها لتضاعف معناها …) (9).  
ومن خلال استقرائي لكتب إعراب القرآن وتفسيره بصفة عامة ، وفي تفسير “سورة المطففين” بصفة خاصة، وجدت أن للعلماء والمفسرين، والمصنفين في موضوع ” أدوات المعاني ” مناهجَ مختلفةً في تحديد معانيها ؛ منهم من يحدد المعانيَ الـْمُحْتمَلَةَ للحرف الوارد في الآية دون ترجيح ، أو بيان لاحتمال الآية لجميع تلك المعاني ، ومنهم من يبين احتمال الآية للمعاني التي يذكرها ويصحح ذلك ، ومنهم من يصحح أحد تلك الاحتمالات للحرف الوارد ، ويردّ غيره من المعاني ويبطلها ، ومنهم من يكتفي بذكر أحد الاحتمالات ، ويبني عليه المراد من الآية ، لما يراه راجحا على غيره ، ومنهم من لا يشير إلى أدوات المعاني إلا نادرا وَلِماما.
ثم إني استعنت بعون الله تعالى ، ببعض الكتب والمصادر المهتمة بدراسة أدوات المعاني ، كالجنى الداني في حروف المعاني للمرادي ، ورصف المباني للمالقي ، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، لابن هشام الأنصاري ، واستفدت بصفة خاصة، في تحديد وتوجيه أدوات المعاني أثناء مراجعتي الطويلة، لكتاب “معجم حروف المعاني في القرآن الكريم” لمحمد حسن الشريف ، وغيره من كتب إعراب القرآن الكريم ، وتفسيره قديما وحديثا… وقد بلغ ما درسته من تلك الأدوات سبعا وثمانين أداة.
مسرد الأدوات في سورة المطففين مجملة ومبينة مع معانيها: ونقدم في هذا المسرد، نماذج مختلفة، لهذه الأدوات، الواردة في سورة المطففين، مجملة  ومرتبة ببيان معانيها؛ علها تكشف المعنى المراد:
– 1اللام عدد وُرُودِها في سورة المطففين، إحدى عشرة مرة،  بمعان مختلفة: الاستحقاق(مكررة المعنى)، اللام بمعنى في،  الاختصاص،  اللام المزحلقة للتوكيد(مكررة)،  لام الأمر والطلب.
-2حرف الجر” على”، عدد أفرادها في سورة المطففين، ستة، وَوَرَدَتْ بالمعاني التالية: بمعنى مِنْ للابتداء، وبمعنى اللام، استعلائية حقيقية (مكررة)،  استعلائية مجازية (مكررة). 
-3″ أَلاَ “، المركبة من الهمزة ولا، ولقد وردت في السورة مرة واحدة، أما معناها فإن همزة الاستفهام دالة على الإنكار والتعجيب، ولا: حرف نفي. 
-4″ أَوْ” وردت أيضا مرة واحدة، وهي عاطفة، للتفصيل والتنويع. 
-5″ أَنَّ ” وردت مرة واحدة، للتوكيد. 
-6″ كَلاَّ ” وردت في سورة التطفيف، ثلاث مرات، للردع والزجر. 
-7″ إِنَّ ” وردت في السورة سبع مرات، للتوكيد. 
-8″ مَا ” عدد أفرادها في السورة، ستة، وقد وردت: (مكررة) للاستفهام، والاستفهام  للتعظيم والتهويل، والنفي( مكررة أيضا ). 
– 9و” الباء ” وردت خمس مرات: بمعنى الإلصاق ( مكررة)، ثم للتبعيض. 

مقدمة في أهمية معاني الأدوات وأثرها في بيان معاني التراكيب والنصوص :

أ – مفهوم الأداة:

الأدوات جمع ” أداة”، وفي التعريف المعجمي هي الآلة الصغيرة ، وفي اصطلاح النحويين هي الكلمة،  أي اللفظة باصطلاح النحويين،  تستعمل للربط بين أجزاء الكلام،  أو للدلالة على معنى في غيرها ، كالتعريف في الاسم، أو الاستقبال في الفعل، أو هي الحرف المقابل للاسم والفعل، وتتميز الأداة بكثرة ورودها وأهميتها الخاصة في التراكيب العربية.والجدير بالذكر أن علماء اللغة العربية،  استعملوا كثيراً لفظ حروف المعاني ، لكنهم استعملوا أيضا مصطلح ” الأداة ” منذ العهد الأول ، لاستنباط قوانين اللغة العربية وقواعدها ، بحيث عثرنا على استعمال المصطلح ” الأداة ” في أقدم مؤلف جامع للغة العربية وأحكامها ، وهو كتاب سيبويه،  يقول سيبويه في فصل الإضافة إلى المقسوم به:  ” وللقسم والمقسوم به ” أدوات”  في حروف الجر وأكثرها الواو ، ثم الباء،  يدخلان على كل محلوف به ، ثم التاء….”  الكتاب 3/496.

ونجد لمصطلح الأداة استعمالا أوسع عند اللغويين المتأخرين؛  فهاهو إمام النحاة ابن مالك الجياني الأندلسي( ت.672هـ ) يشير إليها في ألفيته الخلاصة بقوله:

 وَاجْزِمْ  بِإِنْ  وَمَنْ  وَمَا  وَمَهْمَا     **         أَيٍّ  مَتىَ  أَ يَّانَ  أَيْنَ  إِذْ  مَا   

وَحَيْثُمَا أَ نَّى، وَحَرْفٌ إِذْ مَا           **           كَإِنْ وَبَاقِي الْأَدَوَاتِ أَسْمَا

إن مصطلح الأداة في الواقع، أبلغ في التعبير عن حروف المعاني ، لأن ” الحرف ” يعني ما ليس باسم ولا فعل، أما  ” الأداة ” فإنها تشمل الحروف وبعض  الأسماءالأخرى والظروف..

بعض خصائص الأداة :

تمتاز الأداة بخصائص متعددة منها :

1-أنها تربط الأسماء بالأفعال ، والأسماء بالأسماء ، والجمل بالجمل ، وليس كذلك غيرها ، ومعنى هذا أن المعاني التي تؤديها الأدوات هي من نوع التعبير عن علاقات في السياق،  وهذا معنى وظيفي وليس معنى معجميا ، أي مادل على معنى في غيره.

2- إنها وإن كانت أقل أقسام الكلام، عدد حروف،  لكنها أكثرها في الاستعمال، وأقْوَم دَوْرا فيه، من قِبَلِ أنها إنما يُحتاج إليها لغيرها من الاسم أو الفعل أو الجملة. 

 3 – عدم دخولها في جدول تصريفي، كما في الأسماء والأفعال والصفات.فالأدوات من العناصر اللغوية،  التي يصعب الاستغناء عنها، واستبدال غيرها بها (5).

 وفي ضوء هذا المدخل بين يدي القرآن الكريم ، وتعريف معاني الأدوات وأهميتها ، ثم ذِكْر أثرها في بيان معاني التراكيب والنصوص ، نلاحظ مدى احتياج الباحث في القرآن الكريم وعلومه إليها، والمطلع لوجوه إعجازه اللغوي والنحوي والبلاغي، والتشريعي، والتربوي، والعلمي بصفة عامة، وذلك لأن مبحث أدوات المعاني من أهم الأسس والمسائل التي يحتاج إليها مفسر القرآن الكريم ، وإلى هذا المعنى يشير الإمام الشهير بدر الدين الزركشي (ت: 794هـ) في كتابه ” البرهان في علوم القرآن ” بقوله: ” في النوع السابع والأربعين : في الكلام على المفردات من الأدوات والبحث عن معاني الحروف ؛ مما يحتاج إليه المفسر لاختلاف مدلولها “.(6) ولقد أثّرَتْ دلالات أدوات المعاني،  في تفسير القرآن الكريم ، وَأثْرَتْ تفسير كتاب الله عز وجل بمعان مختلفة، تحمل أوجها عديدة من الإعجاز العلمي، والتشريعي في القرآن الكريم ، أشار إليها كثير من المفسرين لكتاب الله تعالى ، والدارسين لعلومه. ونورد هنا بعضَ الأمثلة القليلة من أدوات المعاني التي استعملها المصنفون في تفسير القرآن المجيد ، في إبراز معنى الآية وكشفه وإيضاحه ، كقول الإمام ابن عطية الأندلسي  المالكي في معنى قوله تعالى : (وَمِنَ الليْلِ فــَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَنْ يـَّـبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مـَّحـْمُوداً ).

الإسراء:  79.( من:  للتبعيض ، والتقدير : ووقتا من الليل أي : وقم وقتا من الليل..) (7) وكقول صاحب البرهان ، بدر الدين الزركشي عند قوله عز وجل : ( وَإِنَّا أَوِ اِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً اَوْ فيِ ضَلاَلٍ مُّبِينٍ ) [سبأ: 24].فاستعملت ” على ” في جانب الحق، و”في”في جانب الباطل ؛ لأن صاحب الحق كأنه مستعل يرقب نظره كيف شاء، ظاهرة له الأشياء، وصاحب الباطل كأنه منغمس في ظلام ، ولايدري أين توجه ؟وكما في قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْـمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْهَا وَالـْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ..) الآية. [التوبة : 60]، فعدل عن اللام إلى ” في ” في الأربعة الأخيرة، إيذانا بأنهم أكثر استحقاقا للتصدق عليهم ، ممن سبق ذكره باللام ؛ لأن “في” للوعاء ، فنبه باستعمالها على أنهم أحقاء بأن يُجعلوا مظنةً لوضع الصدقات فيهم ، كما يوضع الشيء في وعائه مستقرا فيه ، وفي تكرير حرف الظرف داخلا على ” سبيل الله ” دليل على ترجيحه على الرقاب والغارمين. قال الفارسي : وإنما قال : ( وفي الرقاب) ولم يقل: “والرقاب” ليدل على أن العبد لا يملك، وفيه نظر ؛ بل ما ذكرناه من الحكمة فيه أقرب(8).

ونجد للأدوات في القرآن لطائف تزيد المعنى رسوخا في النفس، ولطالما يقع ذلك في حروف الجر التي ترِدُ في القرآن ، ويسميها المفسرون ” صِلَة ” تأدبا مع كتاب الله تعالى،  وتكون زائدة في الإعراب ، وجاءت لتوكيد المعنى في الآية ، في نحو مجيء حرف الباء على ذلك على بعض الأوجه فيه،  في قوله تعالى : ( وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ) النساء: 79.قال الإمام السيوطي(ت: 911 هـ) رحمه الله تعالى في إتقانه:  (….والباء زائدة دخلت لتأكيد الاتصال ، لأن الاسم في قوله تعالى: (وكفى بالله) متصل في الفعل اتصال الفاعل ، قال ابن الشجري : وفعل ذلك إيذاناً بأن الكفاية من الله ليست كالكفاية من غيره في عظم المنزلة ، فضوعف لفظها لتضاعف معناها …) (9).

 ومن خلال استقرائي لكتب إعراب القرآن وتفسيره بصفة عامة ، وفي تفسير “سورة المطففين” بصفة خاصة، وجدت أن للعلماء والمفسرين، والمصنفين في موضوع ” أدوات المعاني ” مناهجَ مختلفةً في تحديد معانيها ؛ منهم من يحدد المعانيَ الـْمُحْتمَلَةَ للحرف الوارد في الآية دون ترجيح ، أو بيان لاحتمال الآية لجميع تلك المعاني ، ومنهم من يبين احتمال الآية للمعاني التي يذكرها ويصحح ذلك ، ومنهم من يصحح أحد تلك الاحتمالات للحرف الوارد ، ويردّ غيره من المعاني ويبطلها ، ومنهم من يكتفي بذكر أحد الاحتمالات ، ويبني عليه المراد من الآية ، لما يراه راجحا على غيره ، ومنهم من لا يشير إلى أدوات المعاني إلا نادرا وَلِماما.ثم إني استعنت بعون الله تعالى ، ببعض الكتب والمصادر المهتمة بدراسة أدوات المعاني ، كالجنى الداني في حروف المعاني للمرادي ، ورصف المباني للمالقي ، ومغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، لابن هشام الأنصاري ، واستفدت بصفة خاصة، في تحديد وتوجيه أدوات المعاني أثناء مراجعتي الطويلة، لكتاب “معجم حروف المعاني في القرآن الكريم” لمحمد حسن الشريف ، وغيره من كتب إعراب القرآن الكريم ، وتفسيره قديما وحديثا… وقد بلغ ما درسته من تلك الأدوات سبعا وثمانين أداة.

مسرد الأدوات في سورة المطففين مجملة ومبينة مع معانيها:

ونقدم في هذا المسرد، نماذج مختلفة، لهذه الأدوات، الواردة في سورة المطففين، مجملة  ومرتبة ببيان معانيها؛ علها تكشف المعنى المراد:

– 1 اللام عدد وُرُودِها في سورة المطففين، إحدى عشرة مرة،  بمعان مختلفة: الاستحقاق(مكررة المعنى)، اللام بمعنى في،  الاختصاص،  اللام المزحلقة للتوكيد(مكررة)،  لام الأمر والطلب.

-2 حرف الجر” على”، عدد أفرادها في سورة المطففين، ستة، وَوَرَدَتْ بالمعاني التالية: بمعنى مِنْ للابتداء، وبمعنى اللام، استعلائية حقيقية (مكررة)،  استعلائية مجازية (مكررة). 

-3 ” أَلاَ “، المركبة من الهمزة ولا، ولقد وردت في السورة مرة واحدة، أما معناها فإن همزة الاستفهام دالة على الإنكار والتعجيب، ولا: حرف نفي.

 -4 ” أَوْ” وردت أيضا مرة واحدة، وهي عاطفة، للتفصيل والتنويع.

 -5 ” أَنَّ ” وردت مرة واحدة، للتوكيد. 

-6 ” كَلاَّ ” وردت في سورة التطفيف، ثلاث مرات، للردع والزجر. 

-7″ إِنَّ ” وردت في السورة سبع مرات، للتوكيد. 

-8” مَا ” عدد أفرادها في السورة، ستة، وقد وردت: (مكررة) للاستفهام، والاستفهام  للتعظيم والتهويل، والنفي( مكررة أيضا ). 

– 9 و” الباء ” وردت خمس مرات: بمعنى الإلصاق ( مكررة)، ثم للتبعيض. 

-10” إِلاَّ ” وموضعها واحد في سورة المطففين، تدل على الحصر. 

-11” في ” وردت في السورة خمس مرات: مجازية ( مكررة )، ثم بمعنى على. 

-12” مِنْ ” وعدد أفرادها: أربعة، تبعيضية ( مكررة )، وسببية ( مكررة ). 

-13″ هَلْ” وموضعها واحد في السورة، تدل على التقرير. 

-14” بَلْ ” وموضعها واحد وهي حرف عطف تدل على الإضراب. 

-15” عَنْ ” وموضعها واحد في السورة، تدل على المجاوزة المجازية.  

-16″ ثُمَّ ” وردت في السورة مرتين: عاطفة، للاستبعاد، وعاطفة للتراخي. 

-17” أَلْ التَّعْريفية “، ومجموع أفرادها:  خمسة وعشرون، وقد وردت بهذه المعاني: مفيدة للجنس ( مكررة )،  موصولة ( مكررة )، مفيدة للعهد ( مكررة ). 

-18” إِذَا ” وعدد أفرادها في السورة ستة، وبهذين المعنيين وردت:  ظرفية شرطية، ظرفية صرفة ( مكررة ). 

الهوامش:

(5) انظر: حروف المعاني بين المناطقة والنحاة، فاطمة الحمياني، ص: 34/35، مطبعة الأمنية، الرباط، الطبعة الأولى/2006م. 

(6) البرهان في علوم القرآن، الزركشي، الجزء الرابع، ص: 112 ومابعدها، تح: محمد أبو الفضل إبراهيم، المكتبة العصرية، بيروت/ 2009م. 

(7) المحرر الوجيز، ابن عطية الأندلسي، ج:  3، ص:478، تح: عبد السلام عبد الشافي محمد، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة/1428هـ. 

(8) انظر: البرهان، الزركشي، 4/112 وما بعدها. 

(9)  انظر: الإتقان في علوم القرآن، الإمام السيوطي، ج: 2، ص: 184. 

***

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق