من مصنفات نقد الحديث في القرن الثالث الهجري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى أهل بيته الطيبين، وصحابته الغر الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد:
يعد القرن الثالث الهجري عصرا من عصور الرواية بامتياز؛ حيث ازدهر فيه علم الرواية والدراية، ونقد الحديث، والاعتناء بالأسانيد والمتون والرجال، وبرز فيه أعلام كبار، ومحدثون جهابذة، ونقاد أمناء، اعتنوا بنقد الحديث النبوي سندا ومتنا، وخلفوا مصنفات نفيسة في النقد الحديثي، وبيان علل متونه وأسانيده.
وقد أشار ابن حبان (354هـ) إلى هؤلاء الأعلام الذين نبغوا في النقد الحديثي، وتمحيص المرويات والأسانيد في القرن الثالث الهجري بعد أن ذكر من قبلهم فقال: "...ثم أخذ عن هؤلاء مسلك الحديث والاختبار وانتقاء الرجال في الآثار، حتى رحلوا في جمع السنن إلى الأمصار، وفتشوا المدن والأقطار، وأطلقوا على المتروكين الجرح، وعلى الضعفاء القدح، وبينوا كيفية أحوال الثقات، والمدلسين، والأئمة المتروكين، حتى صاروا يقتدى بهم في الآثار أئمة يسلك مسلكهم في الأخبار جماعةٌ، منهم أحمد بن حنبل (241هـ)، ويحيى بن معين (233هـ)، وعلي بن المديني (234هـ)، وأبو بكر بن أبي شيبة (235هـ)، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي (238هـ)، وعبيد الله بن عمر القواريري (235هـ)، وزهير بن حرب أبو خيثمة (234هـ) في جماعة من أقرانهم ؛ إلا أن من أورعهم في الدين، وأكثرهم تفتيشًا عن المتروكين وألزمهم لهذه الصناعة على دائم الأوقات، أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني رحمة الله عليهم أجمعين"[1]. ثم قال: "ثم أخذ عن هؤلاء مسلك الانتقاد في الأخبار، وانتقاء الرجال في الآثار جماعة، منهم: محمد بن يحيى الهذلي النيسابوري (258هـ)، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (255هـ)، وأبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازي (264هـ)، ومحمد بن إسماعيل الجعفي البخاري (256هـ)، ومسلم بن الحجاج النيسابوري (261هـ)، وأبو داود سليمان بن الأشعث السجستاني (275هـ)، في جماعة من أقرانهم، أمعنوا في الحفظ، وأكثروا في الكتابة، وأفرطوا في الرحلة، وواظبوا على السنة والمذاكرة، والتصنيف والمدارسة، حتى أخذ عنهم من نشأ من بعدهم من شيوخنا هذا المذهب، وسلكوا هذا المسلك، .. ولولاهم لدرست الآثار، واضمحلت الأخبار، وعلا أهل الضلال والهوى، وارتفع أهل البدع والعمى، فهم لأهل البدع قامعون ، وبالسنن شأنهم دامغون "[2].
إن هؤلاء الأئمة الكبار الذين ذكرهم ابن حبان هم اللبنة التي قام عليها صرح النقد الحديثي في القرن الثالث الهجري؛ حيث تركوا إرثا علميا كبيرا، ويعد عصرهم زمن ظهور مصنفات تخصصية مفردة في نقد الحديث النبوي الشريف، ولأهمية الموضوع سأذكر بعض هذه المصنفات، من خلال المطالب الآتية:
المطلب الأول: مصنفات في الضعفاء.
المطلب الثاني: مصنفات في الثقات.
المطلب الثالث: مصنفات جمعت بين الثقات والضعفاء.
المطلب الرابع: مصنفات في العلل.
فأقول وبالله التوفيق:
المطلب الأول: مصنفات في الضعفاء:
ومن المصنفات المؤلفة في الضعفاء في القرن الثالث الهجري:
الضعفاء ليحيى بن معين (233هـ)[3].
الضعفاء لعلي بن عبد الله المديني (234هـ) [4].
الضعفاء الكبير[5] والصغير[6]. لمحمد بن إسماعيل البخاري (256هـ).
الشجرة في أحوال الرجال لأبي إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني (259هـ) [7].
الضعفاء والمتروكين لأبي زرعة الرازي (264هـ) [8].
المطلب الثاني: مصنفات في الثقات:
ومن المصنفات المؤلفة في الثقات في القرن الثالث الهجري:
الثقات والمتتبثون لأبي الحسن علي بن عبد الله المديني (234هـ) [9].
الثقات لأبي الحسن أحمد بن عبد الله العجلي (261هـ) [10].
المطلب الثالث: مصنفات جمعت بين الثقات والضعفاء:
ومن المصنفات التي جمعت بين الثقات والضعفاء معا في القرن الثالث الهجري:
الطبقات الكبرى لمحمد بن سعد الزهري كاتب الواقدي (230هـ) [11].
التاريخ لأبي زكريا يحيى بن معين (233هـ) [12].
الطبقات لخليفة بن خياط العصفري (240هـ) [13].
التاريخ لأبي حفص عمرو بن علي الفلاس (249هـ) [14].
التاريخ الكبير لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري (256هـ) [15].
المطلب الرابع: مصنفات في العلل.
ومن المصنفات المؤلفة في العلل في القرن الثالث الهجري:
علل الحديث للحسن بن محبوب بن وهب الشراد البجلي (224هـ) [16].
العلل لعلي بن المديني (234هـ) [17].
العلل ومعرفة الرجال لأحمد بن حنبل (241هـ) [18].
علل الحديث ومعرفة الشيوخ لأبي جعفر محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي (242هـ) [19].
العلل الكبير لأبي عيسى الترمذي (279هـ) [20].
الخاتمة:
وفي ختام هذا المقال خلصت إلى :
-أن القرن الثالث الهجري يعد عصرا من عصور الرواية بامتياز، ازدهرت فيه علوم الرواية والدراية ونقد الحديث.
-في هذا القرن برز فيه أعلام كبار، ونقاد أمناء اعتنوا بنقد الحديث النبوي سندا ومتنا، وخلفوا مصنفات نفيسة في النقد الحديثي وبيان علله.
-ترك هؤلاء الأعلام إرثا علميا كبيرا من خلال ما ألفوه من مصنفات تخصصية مفردة في نقد الحديث النبوي ومن بعضها:
أ-مصنفات في الضعفاء.
ب-مصنفات في الثقات.
ج-مصنفات جمعت بين الثقات والضعفاء.
د-مصنفات في العلل.
والحمد لله رب العالمين.
*******************
هوامش المقال:
[1] - كتاب المجروحين (1 /130-131).
[2] - كتاب المجروحين (1/ 134).
[3] - انظر: بحوث ي تاريخ السنة المشرفة (ص: 99).
[4] - المصدر السابق (ص: 100).
[5] - المصدر السابق (ص: 101).
[6] - حققه محمود زايد، دار المعرفة ، بيروت، 1406هـ- 1986مـ.
[7] - حققه عبد العليم البستوي، دار الطحاوي الرياض، 1411هـ- 1990مـ
[8] - حققه د سعدي الهاشمي ونشره المجلس العلمي إحياء التراث الإسلامي، الجامعة الإسلامية المدينة، ط1 / 1402هـ - 1982مـ.
[9] - انظر: بحوث في تاريخ السنة المشرفة (ص: 116).
[10] - حققه د. عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت ، ط1 /1405هـ- 1984مـ.
[11] - حققه إدوارد سخاو، ثم حقق بدار صادر عام 1985مـ، ودار الكتب العلمية 1998مـ، ثم دار الخانجي 2002مـ.
[12] - حققه: د. أحمد محمد نور سيف، جامعة الملك عبد العزيز ، ط1/ 1399هـ
[13] - حققه: د. أكرم ضياء العمري، مطبعة العاني، بغداد، ط1/ 1387هـ- 1967مـ
[14] - حققه: د. محمد الطبراني، مركز الملك فيصل 1436هـ- 2015مـ
[15] - حققه: المعلمي اليماني، الفاروق الحديثة ، ط1/ 2011مـ.
[16] - ذكره كحالة في معجم المؤلفين (1 /580).
[17] - حققه محمد مصطفى الأعظمي ، المكتب الإسلامي، بيروت ، ط2/ (د. ت).
[18] - حققه وصي الله محمد عباس، دار الخاني، ط2/ 1422هـ- 2001مـ
[19] - انظر: شذرات الذهب في أخبار من ذهب (2 /231).
[20] - حققه صبحي السامرائي وآخرون، عالم الكتب، ط1/ 1409 هـ- 1989مـ.
***************
لائحة المصادر والمراجع:
بحوث في تاريخ السنة المشرفة. لأكرم ضياء العمري. مكتبة العلوم والحكم المدينة المنورة. د.ت.
شذرات الذهب في أخبار من ذهب .لابن العماد الحنبلي. دار الكتب العلمية. 2012 مـ.
كتاب المجروحين من المحدثين. لابن حبان البستي. ت: أبي محمد محمد بن إنسان فرحات. دار اللؤلؤة. د.ت.
معجم المؤلفين. لعمر رضا كحالة. مؤسسة الرسالة. بيروت ط1/1414هـ- 1993مـ.
*راجعت المقال الباحثة: خديجة ابوري