الرابطة المحمدية للعلماء

ملتقى مكناس حول الدين والحداثة

احتضنت مدينة
مكناس  خلال الأيام 10و 11و 12 أشغال الملتقى الدولي :”رؤى للعالم
وحداثات دينية : نظرات متقاطعة” بتعاون بين كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة مولاي إسماعيل، والجمعية الدولية لعلماء الإجتماع الناطقين باللغة الفرنسية وذلك بمقر المجلس الجهوي لجهة مكناس تافيلالت.وقد شارك في هذا الملتقى باحثون من جنسيات
مختلفة عربية وغربية وإفريقية. كما تعددت مقارباتهم للمسألة الدينية في علاقتها
بالتحولات الاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية والثقافية. غير أن  الأسئلة المركزية المتضمنة في أرضية هذا
الملتقى حاولت استقطاب الاهتمام حول أمرين اثنين:

– الحداثة
الدينية التي تنطوي في ذاتها على بعد ملغز من حيث أن الإرث النظري لعصر الأنوار
والنهضة في الغرب أقام نوعا من التضاد بين الحداثة من جهة والدين من جهة ثانية.
وعليه يشكل مصطلح الحداثة الدينية تحد بالنسبة للعلوم الاجتماعية يروم تقديم
تفسيرات جديدة للظاهرة الدينية..

– رؤى للعالم
التي تعكس مقاربة متعددة للعالم وتؤكد على الطابع النسبي للمعرفة التي يصوغها
الفاعلون حول العالم. كما أن هذه الصياغة تتم في سياق اجتماعي يشحنها بالقيم
المرتبطة به وكذا بالتدافع الذي يسم العلاقة بين مختلف الفاعلين الاجتماعيين.
 
وقد
توزعت المداخلات حول مجموعة من   المحاور
الرئيسية:

  •     نظرات حول الإسلام.
  •     إعادة تشكل الديني.
  •     دراسات تطبيقية حول التدين.
  •     الأبعاد الدينية للممارسة
    الاجتماعية.
  •     موقف المثقفين المسلمين من
    الحداثة.
  •     الدين والهجرة.
  •     الدين من منظور العلوم
    الإنسانية والاجتماعية.

 
وقد أقرت  مختلف التدخلات المنطلقة من حقول معرفية
متباينة بعودة الديني والاهتمامات الروحية على مستوى الحياة الفردية والجماعية. يشهد
على ذلك الحضور المكثف للتعبيرات الدينية في مختلف المجالات الشعبية والرسمية
والاجتماعية والاقتصادية والسياسية. كما ينطوي هذا الحضور المتنوع للديني على
دلالة أساسية مفادها عمق البعد الروحي في السلوك الإنساني؛ فحتى بعض الممارسات التي تبدو في ظاهراها بعيدة عن التدين
بالمعنى الكلاسيكي تختزن بحثا عن المعنى وتنطوي على محاكاة بعض الممارسات والتعبيرات الدينية
أملا في تحقيق بعض القيم الاجتماعية اللصيقة بالدين من قبيل التحرر من هيمنة
المادة والبحث عن نوع من التوازن النفسي.

غير أن
الإقرار بالعودة القوية للدين والمعتقدات الدينية لا يعني الاتفاق على تفسير واحد
لها. إذ يلجأ البعض، في تناوله  لهذه
الظاهرة، إلى تفسيرات مستمدة من بعض العلوم الاجتماعية التي تربط الدين بمرحلة
تاريخية متجاوزة. و من ثم ينظر إلى الدين من خلال بحثه عن المطلق على أنه انعكاس
لحالة تاريخية اتسمت بالخوف والقلق جراء عجز الإنسان على فهم العالم المحيط به.
ورغم كل التطورات التي عرفتها العلوم الإنسانية والمعرفية، خاصة في ما يتعلق بحدود
العقل والعقلانية، فإن مثل هذه المقاربة ما تزال وفية للأطروحة الوضعية. مما
يجعلها تعيد إنتاج المقولات التي ارتبطت بعصر الأنوار والنهضة الغربية والتي جعلت
من الدين “آلية بشرية متخلفة” لتدبير القلق والخوف.
 
وبجانب هذا الطرح تبرز أطروحات أخرى تعيد النظر بشكل
جدري في هذا المنظور. ذلك لأن الاستعانة بالنقد الموجه إلى الوضعية والعقلانية
الأداتية يتيح  إبراز أهمية الدين وأصالته.
فهو ليس مجرد ردة فعل عن عدم فهم العالم بل هو حاجة إنسانية أصيلة وراسخة وممتدة
في المكان والزمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق