مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

«مفاهيم في التماسك ووحدة بناء النص» من خلال كتاب « قراءة في الأدب القديم» محمد محمد أبو موسى دراسة إحصائية معجمية (حلقة 11)

 كتبته الباحثة هاجر الفتوح

سلسل

 [سلسال/تتسلسل/سلسلة]

سياق المصطلح:

-«وبَقِيَ أنْ نُلاحِظَ ما في هداكَ، والقُرآن، ومَواعِيظ، وتَفْصيل، مِنْ مُراعاةِ النَّظيرِ، وأَنَّ الكَلماتِ كأنَّها مِنْ بَناتِ جِذْرٍ واحِدٍ، تَتَشابَهُ وتَتلامَحُ وتَتَقارَبُ، وهَذا لا يُتهاوَنُ به في تَذَوُّقِ الكلامِ، وخاصَّةً أنَّهُ جَرى كالسّلْسَالِ في الجُمْلةِ الدُّعائيَةِ، الّتي يَتوَدَّدُ بِها كَعْبٌ للمُخْتارِ صَلواتُ الله وسَلامُهُ عَليْهِ»[1]

-«وبَعْدَ هذا الّذي كانَ كلّهُ تَصْويرًا لحالِ الشَّاعرِ، والّذي تَراهُ يَتَسَلْسَلُ في القَصيدةِ، مُقَنَّعًا قبْل قَولهِ «يَسْعَى الوُشَاةُ بِجَنْبَيْهَا» وسافَرا بَعْدهُ، ثُمّ تَعطّفُهُ لرسُول الله صلّى الله عليْه وسَلَّمَ وطَلبُهُ أنْ يُمْهِلهُ ولا يَأْخُذهُ بأَقْوالِ الوُشاةِ، ثُمّ بَيانُ حَالِ مقامِهِ في مَقامٍ لوْ يَقومُ به الفِيلُ لظَلَّ يَرعدُ…»[2]

-«…وبَعدَ هَذا ذَكرَ مَشْيَهمْ إلى الحُروبِ، ثُمّ لِقاءَ العَدُوِّ الّذي أَشارَ إليْهِ بقَولهِ: «يَعْصِمُهُمْ ضَرْبٌ» وهكَذا تَتَسَلْسَلُ المَعانِي، ويَأْتي بَعْضُها في إِثْرِ بَعْضٍ…»[3]

-«ولِكلِّ قَصيدةِ مَوْقِفٌ ومَقامٌ كما يَقولُ العُلماءُ، وَوَعْيُ مَقامِها جُزْءٌ منِ وَعْيِ كَلِماتِها، لأنَّ هَذا المَوْقِفَ والمَقامَ هُو الّذي صاغَ هذهِ اللُّغةَ، وقدْ داخَلَ هذهِ اللُّغةَ وانْدَسَّ فيها وقَدْ تَكونُ مُداخَلتهُ للُّغةِ مُداخَلَةً ظاهِرةً، وقدْ تكونُ خَفيَّةً، أعْني تَرى المَوْقِفَ والمَقامَ يَسْتَخْفي في ضَبابِ اللُّغةِ، أو يَتَسَلْسَلُ في سَطحِ يَنْبوعِها، وقدْ تَكونُ قِيمةُ القَصيدةِ في ضَبْطِ وإِتْقانِ تَسَلْسُلِ هذهِ المَعاني، وقَدْ نَبْلُغُ بِذلكَ الغَايةَ، ولَيسَ بِلازِمٍ أنْ تَكونَ هُناكَ مَعانٍ في البَاطنِ وراءَ الظَّاهِرِ» [4]

-«وقوله:

فَأَرْسَلَ في عَيْنَيْهِ مَاءً عَلَاهُمَا /// وَقَدْ عَلِمُوا أنِّي أطُبُّ وأعْرَفُ

الفاءُ فيهِ مُرْتَبِطَةٌ بِسِلْسِلَةٍ وَضِيئَةٍ منَ الفاءاتِ، وجِذْرها عنْد قَولهِ «دَعَوْتُ الّذي سَوَّى السَّماواتِ أيْده» وأَوَّلُها الفاءُ في قوْلهِ: فَنُسْعَفُ وهِي مُرْتَبِطَةٌ بقَولهِ «ليشغلَ عنِّي بعْلها» والمَعْنى لِيشْغل فَنُسْعفَ… وهكَذا تَرى تَكْوينَ المَعاني وعَلاقاتِها، وارْتِباطاتِها ووسائِلَ هذا التَّكوينِ وهذهِ الارْتِباطاتِ» [5]

-«قُلتُ إنَّ هذهِ النَّغمةَ الأولى التي أَطْلَقها أبو ذُؤَيْبٍ والتي هيَ مُحاوَلةٌ مِنهُ جادّةٌ لِأَنْ يَكْظِمَ تَوجُّعَهُ فلا تَعْلو لهُ صَرخةٌ، والّتي هي مُغالَبَةٌ لِمَوجَةِ الحُزنِ الّتي تَطْغى على نَفسِهِ فَتْقهرُها، هذِه النَّغمةُ شاعَتْ في القَصيدةِ كُلِّها، وتَراها تَظْهرُ كُلَّما اشْتدَّتْ على الرَّجلِ وطْأةُ الحُزنِ، وانْظرْ كيْف تَسَلْسَلَتِ المَعاني بعْدَ هذا البَيتِ البارِعِ…»[6]

-«بَدأَ الشَّاعرُ بعْدَ هذا البَيتِ الّذي كانَ كأنَّهُ مُحاوَلةٌ في دَفْعِ وطْأةِ الإِحْساسِ بالفَقْدِ ومَوْجةِ الحُزنِ القَاهرِ يَحْكي أَوْجاعَهُ، فَأُميْمةُ تَسْألُهُ ما لِجسْمِكَ شاحِبًا، وما لِجَنْبهِ لا يُلائِمُ مَضْجعًا، ويقُول لَها «أَوْدَى بَنيَّ فَأَعْقَبُوني حَسْرَةً»، وأنَّهُمْ سارَعُوا لهَواهُمْ وما أَحَبُّوا منَ الجِهادِ فَتَخَرَّمَتْهُمُ المَنِيَّةُ إلى آخِرِ الأَبْياتِ الّتي تَرى مَعانِيَها تُساقُ هذا المَساقَ القَصصِيَّ الحَزين، وتَجْري في أُسْلوبِ الحِوارِ والتَّساؤُلِ، وهذهِ وسيلةٌ بَيانيَةٌ جَيِّدَةُ المَعاني والمَشاعِرِ هُنا تَجرِي مُتَماسِكةً ومُتلاحِقةً لأنَّها جَاءتْ في جَوابِ سُؤالٍ وها هُو الشَّاعرُ يُسَلْسِلُهَا ويَقُصُّها كلَّها لِيُجيَب عَنْ قَولِها “ما لجِسْمِكَ شاحِبًا”….يَروِي قِصّةَ بَنيهِ الّذينَ سَبقُوا هَواهُ وكانَ هَواهُ أنْ يَموتَ قَبْلهمْ، وأَنّهُ بَقِيَ بَعْدهُمْ بِعَيشٍ ناصِبٍ وأنَّهُ قابِعٌ يَنْتظِرُ المَوتَ فَهو لاحِقٌ بِهمْ، وهُناكَ مَنْ يَلْحَقونَ به والأحْياءُ جَميعًا تَنْتَظِمُهمْ هذهِ السِّلْسِلَةُ المُتَتابِعةُ نَحو العَدمِ، فكلُّ واحِدٍ مِنْهمْ سابِقٌ للمَوتِ ومَسْبوقٌ بهِ، يَحكي لنا الشَّاعرُ هذا ويَحْكي قِصَّةَ صِراعِهِ معَ المَوتِ ومُحاولَة دَفْعهِ بَنيهِ، ولكنَّ المَوتَ غَلبهُ لأَنَّهُ قُوّةٌ إذا أقْبَلتْ لا تُدْفعُ وهَكذا»[7]

-«أمَّا المَسْألةُ الثَّانيةُ الَتي أَوْمأَ إليها الحَاتِميُّ وهي نِظامُ القَصيدةِ واتِّساقُها، وهَيأة بِنائِها وأنَّ كلَّ جُزءٍ منْ أجْزائِها يَعْملُ مُتَعاوِنًا مع بَقيَّةِ الأجْزاءِ في تَحْقيقِ هَدفِها وتَكامُلِ غَرضِها، وأنَّ هذهِ الجُزئياتِ الّتي وظَّفها الشَّاعرُ، وحَدّدَ لها مَواقِعَها هيَ في تَكامُلِها وتَعادُلِها وتَناسُقِها بِمثابَة خَلقِ الإنْسانِ وأَعْضائِهِ، هذا يَحْتاجُ في كَثيرٍ منْ قَصائدِ الشِّعرِ إلى مَزيدٍ منَ البَيانِ والشَّرحِ والصَّبرِ والتَّأمُّلِ، وذلكَ لأنَّ المْسألَةَ أدَقُّ وأَعْقدُ مِنْ أنْ تَرى القَصيدةَ ذاتَ تَسَلْسُلٍ مَنْطِقِيٍّ ظاهِرٍ، وأنَّ عَلاقاتِ أَجْزائِها أشْبهُ بعَلاقاتِ القَضايا بالمُقَدِّماتِ في الدَّلالاتِ العَقْليةِ، وإنَّما تَرى مَسارَ المَعاني والخَواطرِ في نَفسِ الشَّاعرِ أبْعدَ غْوْرًا، وأخْفَى مَسْلكًا منْ هذهِ الرُّؤْيةِ السَّطحيةِ أو منْ هذا التَّسَلْسُلِ المَنْطِقِيِّ الّذي تَراهُ عنْدَ صِغارِ الشُّعراءِ، أو صِغارِ المُنْشِئينَ، الّذينَ يُرتِّبون عَناصِرَ المَوْضوعِ على حدِّ تَرتيبِ التَّلاميذِ في كِتابةِ الإِنْشاءِ» [8]

-«قدْ يَبدُو التَّسَلْسُلُ في هذهِ الأبْياتِ تَسَلْسُلًا غَيرَ مَنْطِقيٍّ، وخاصَّةً إذا نَظرْنا إلى البَيتِ السَّادسِ وما يَليهِ، لأنَّنا نَرى أنَّ البَيتَ التَّاسِعَ إلى البيتِ الثَّالثِ عَشرَ كأنَّهُ تَحْليلٌ لقَولهِ «ويَكْرَهُ جَانِبي البَطلُ الشُّجاعُ»…»[9]

-«…وكأنَّ البيتَ السَّابِعَ والثّامنَ وَقعَ حَشوًا بيْن الإِجْمالِ والتَّفصيلِ، وقدْ تَتَوهَّمُ أنَّنا لَوْ أرَدْنا تَرْتيبَ هذهِ الأبْياتِ، وتَسَلْسُلَهَا عَلى  حَدِّ التَّصَوُّرِ الشّائعِ عنْدَ كَثيرٍ منَ الدَّارسينَ لَقَدَّمْنا بَعضَ الأَجْزاءِ لِيتَلاءَمَ النَّسقُ، ويَسْلَمَ التَّسَلْسُلُ منْ عَيبِ الاضْطِرابِ، والحَقيقةُ أنَّ هذه كلَّها تَصوُّراتٌ نَثريةٌ نُفْرغُها على الشِّعر وأنَّ التَّسَلْسُلَ في الشِّعر يَخضعُ لمَقايِيسَ أُخرَى تُسْتَمَدُّ مِنَ الوَعْيِ بطَبيعةِ الإِحساسِ، والإِبْداعِ، وأحْوالِ الانْفِعالِ، وما يُعانِيهِ الشّاعرُ، وأنَّ مِنْ هذهِ المَشاعرِ، والخَواطِرِ، والأفْكارِ، ما يَشْتدُّ تَركُّزهُ، فَيَصوغُهُ الشَّاعرُ صِياغَةً مُجْمَلةً…»[10]

التعريف اللغوي:

جاء في لسان العرب: سلسل: السَّلْسَلُ والسَّلْسال والسُّلاسِلُ: الماءُ العذْبُ السَّلِس السَّهل في الحَلْقِ، وقيل: هُوَ البارِدُ أيضا. وماء سَلْسَلٌ وسَلْسالٌ: سَهْلُ الدُّخول في الحلقِ لعُذوبَتِه وصَفائِه. وقيل: معنى يَتَسَلْسَلُ أنَّه إذا جَرى أو ضَرَبَتْهُ الرّيحُ يَصيرُ كالسِّلْسِلَة. وشَيءٌ مُسَلْسَلٌ: مُتَّصِلٌ بَعْضُه ببعضٍ، ومنه سِلسِلةُ الحَديد.[11]

التعريف الاصطلاحي:

تَسلْسلُ أبْياتِ القَصيدةِ ومَعانيها: تتابُعُ حَلقاتِها وتواليها من أوَّلِها إلى آخِرِها، وتَدرُّجُ أحداثِها حتى يكونَ هذا التَّسلسُلُ باعثاً لها على تَماسُك ألفاظها وانسجامِ مَعانيها.

سوق

 [السياق]

سياق المصطلح:

-«وكَرّر الكَلامَ وتَأمَّل حَذْوَ بِنائهِ، ثُمّ قابل بَينَ:

وهلْ يَنطِقُ المَعروفَ منْ كانَ أَبْكَما

وقوله:         وقـــــــائلُنا بالعُرفِ إلّا تَكلّما

وهَذا ظاهِرٌ في أنّ هذا المَطلعَ مُتمكِّنٌ في مَوْقعهِ ومُتلائِمٌ مع سِياقِ القَصيدةِ ولوْ أنَّ حسّانًا جاءَ بكلامٍ آخرَ ممّا تُذكَرُ به الديَّارُ لَنَبا به مَكانُهُ وشَذَّ ولمْ يَتلاءَمْ معَ سِيَاقِ القَصيدةِ، وهذا منْ أجَلِّ ما نَسْتَكْشِفُهُ في الشِّعرِ ومِنْ أَجَلِّ ما يُكْتبُ في بِناءِ القَصيدةِ وتَرابُطِها وتَسانُدِها» [12]

-«…وهَذا التَّدرُّجُ المُتَصاعِدُ في وصْفِ الشِّدَّةِ فيهِ أنَّها شِدَّةٌ تَتَضخَّمُ وكلّ ساعةٍ أَهْوَلُ منَ الّتي قَبْلها وهَذا جيِّدٌ في الإيماءِ بالسِّياقِ النَّفْسِيِّ الّذي يُريدُهُ كَعْبٌ»[13]

« وكانتْ هذهِ الرّقصاتُ الّتي تَركُضُ فيها الجَنادِبُ الحَصى هي آخِرُ ما وصَف كَعبٌ في بَيانِ شِدّةِ الحالِ التي يَصفُ فيها أوب ذِراعَيْ النّاقةِ وقدْ جاءَ ركضُ الجَنادبِ كَثيرًا في الشِّعرِ في سِيَاقِ الشِّدَّةِ وطُغيانِ الحَرِّ حتّى كأنَّ لُعابَ الشَّمسِ يُذيبُ النّاسَ»[14]

-« ثمَّ قولُهُ:

مِنْ ضَيْغَمٍ مِنْ ضِرَاءِ الأُسْدِ مُخْدَرُه /// ببَطْنِ عَثَّر غِيلٌ دُونَه غِيلُ

تَأَمّلْ اخْتِيارَ ضَيْغمٍ، وإيثارِها عَلى كَلِمةِ أَسدٍ، ومُلاحظةِ ما في ضَيْغمٍ مِنْ صورةِ الضَّيْغمِ، والعَضِّ والقَضْمِ، وهذه الكَلمة تُحْضرُ لكَ منَ الأَسدِ أَعْنفَ ما فيهِ، وأهْولَهُ، وهيَ حالة مَضْغهِ، وضَغْمهِ لِفَريسَتهِ، ثُمّ هيَ مُتَناسِبةٌ مع سِيَاقِ الصُّورةِ المَليئةِ بخَراذِيلِ اللَّحمِ، وكأنَّ هذهِ الصُّورَ منَ الخَراذيلِ، والمعْفور، ومُطرَّحِ البَزَّ، والخِلْقانِ، والمَأْكولِ، كلّ ذلِك خَارجٌ منْ لَفْظةِ ضَيْغمٍ، وهَذا مِنْ أَدَّقِ مُناسَباتِ الأَلْفاظِ لِسِيَاقِهَا، وقالُوا لكلِّ كَلمةٍ معَ صاحِبَتِها مَقامٌ»[15]

-«وتَكْرارُ ذِكرِ عَرَفةَ في القَصيدةِ لهُ دَلالاتٌ كَثيرةٌ، نَتَبيَّنُها بعْدَ دِراسَةِ الصُّورِ الأُخْرى، ومِنها أنَّ عَرفةَ قَبَسٌ مُضيءٌ  في تاريخِ الحِجازِ التي يَسْكُنُها وَلدُ إسْماعيلَ عليه السّلامُ، والفَرزْدقُ مِنهمْ، وهُم مَعَدٌّ الذينَ جَاؤُوا في شعر حسَّان « مَتَى ما تَزِنَّا منْ مَعَدٍّ بعُصْبَةٍ» والفَرزْدقُ يَذْكرُ تَميمًا، ومُضَرَ، والخِلافةَ، والنُّبوَّةَ، وإمارَةَ الحَجِّ، ويَأْتي ذِكرُ عَرفةَ في هَذا السِّيَاقِ عَلى وجْهٍ مَأْلوفٍ جِدًّا، ثُمّ إنَّهُ جَرتْ عادَةُ الشُّعَراءِ أنْ يَذْكُرُوا في نَسيبِهِمْ اصْطِحابَهُمْ لأَراكِ عَرَفةَ، إلى مَنْ يُحبُّونَ وكأنَّهمْ إذا غُسِلتْ أرْواحُهمْ في عَرفةَ مِنْ أَوْضارِ هذهِ الدُّنيا، اشْتاقَتْ إلى الحُبِّ وإلى مَنْ تُحبّ، وهذا صَبْوةٌ وعَفافٌ وصَوْنٌ»[16]

-«وأَعودُ إلى ذِكرِ صُورةٍ مُشابِهةٍ، ومنَ الضَّرورِيِّ أنْ نُقَدِّمَ سِيَاقَهَا لأَنّنا لَنْ نَفْهمَ عَناصِرَها إلّا إذا قَدّمْنا هَذا السِّيَاقَ، والقَصيدةُ كلّها يَجْري فيها معْنى  التّشَوُّقِ، إلى خَليطٍ ذَهبَ»[17]

-«وقَدْ قُلتُ إنَّ ذِكرَ الأَمْكنةِ في مِثلِ هذا السِّيَاقِ تَعنِي تَأْكيدَ الحَقيقَةِ في الصُّورةِ، وأنَّهُ ارْتَحَلَ، ليسَ في شِعرهِ فَحسْبُ، وإنّما قَطعَ هذهِ المَسافاتِ، وهَذا البَيتُ تَأْكيدٌ لقَولهِ «نَهَضْنَ بِنَا مِنْ سِيفِ رَمْلِ كُهَيْلَةٍ» وهَذا التَّأكِيدُ يعْني حِرصَ الشَّاعرِ على إقْناعِنا بأنَّهُ قَطعَ هَذهِ المَسافاتِ، وتَأمَّلْ صِياغَةَ قَولِهِ « ما بَيْنَ يَبْرينَ عَرْضَهُ» وأنَّهُ لَمْ يَقُلْ «ذَرعْنَ بِنا عَرضَ يَبْرينَ»، لأنَّ في قوْلهِ «ما بَيْنَ يَبْرِينَ عَرْضَهُ» تَدْقيقٌ وتَأْكيدٌ وتَكْرارٌ لذِكرِ المَكانِ، كما هُو الحالُ في أُسْلوبِ البَدلِ»[18]

-«المُنازَعةُ منَ النَّزعِ وهُو الجَذْبُ الّذي فيهِ شَيءٌ منَ القُوّةِ، ويَقولونَ رَجلٌ مِنْزَعٌ بِكسْرِ الميمِ وسُكونِ النُّونِ، أي قَويٌّ شَديدٌ، ويَجْري التَّنازُعُ في سِيَاقِ الغَضبِ أكْثرَ منَ التَّجاذُبِ، ومِنهُ المُنازَعةُ بيْن الرَّجُليْنِ أي الخُصُومةُ والمُشاحَنةُ بَيْنهُما، والمُرادُ هُنا مُجاذَبةُ الحَديثِ الّذي فيهِ قَدْرٌ منَ الانْفِعالِ والعُمْقِ، وحَديثُ الصّاحِبةِ حَديثٌ تَنْفعِلُ فيهِ النَّفسُ وكأنَّها تَنْتزِعُهُ منَ الأَعْماقِ، يَسْتوِي في ذَلك ما يكونُ بيْنهُما منْ ذِكرِ المَودَّةِ والصّفاءِ وما يَكونُ مِنها مِنّ الصَّدِّ والدَّلالِ والإِعراضِ»[19]

-«أُريدُكَ أنْ تَتأمَّلَ قيمَةَ هذا في سِيَاقِ ذِكرِ الصّاحبةِ، وأوْصافِ مَحاسِنِها، مِنْ جِيدٍ رَشيقٍ وضِيءٍ، وضَّاحٍ ومُقْلةٍ حَوْراءَ، وطَرْفٍ فاتِرٍ ناعِمٍ، وكيْف يُوجِّهُ الشّاعرُ هذا السُّؤالَ إلى تِلكَ الصّاحِبةِ التي اسْتَبَتْهُ بِمَحاسِنها، وكيْف يَدُلُّ ذلكَ على طَهارةِ القَلبِ، والتَّسامِي بالصّاحِبةِ تَسامِيًا فوقَ كلِّ شُبْهةٍ رَخيصةٍ، والتَّنكيرُ في قوْلهِ «بِغَدْرَةٍ» وبِناءُ الفِعلِ بالمَرّةِ لهُ دَلالةٌ عَميقةٌ في هَذا السِّيَاقِ»[20]

-«…وقَدْ قدَّمَ قَوْلهُ بآمِنِ مالِنا عنْ مَكانهِ في الجُملةِ إذِ الأَصْلُ ونَقِي أحْسابَنا بآمِنِ مالِنا، وإنَّما عَجّلَ الشّاعرُ لأنَّ وِقايَةَ الأَحْسابِ لا يُعتَدُّ بها في هذا السِّيَاقِ القَوِيِّ إلّا إذا كانتْ وِقايةً غالِيةَ الثّمنِ نَفيسَةَ القِيمةِ، وذلِك إنّما يَكونُ حينَ يَبْذلُ خالِصَ المالِ ونَفيسَهُ…»[21]

التعريف اللغوي:

جاء في معجم اللغة العربية المعاصرة: سياق [مفرد]: ج سياقات (لغير المصدر): وهو تَعاقُبُ سِلسلةٍ منَ الظَّاهراتِ في وَحْدةٍ ونِظامٍ … كما أنّه ظروفٌ يقع فيها الحدثُ أو يُساقُ فيها الكلام «شَرح المتَّهم للقاضي السِّياقَ الذي ارْتكبَ فيه جَريمتَه».

 وفي لسان العرب سوق: السَّوق: مَعْرُوفٌ. ساقَ الإِبلَ وغيرَها يَسُوقها سَوْقاً وسِياقاً، وهو سائقٌ وسَوَّاق، شُدِّد لِلْمُبَالَغَةِ؛ قَالَ الْخَطْمُ الْقَيْسِيُّ، وَيُقَالُ لأَبي زغْبة الْخَارِجِيِّ:

قَدْ لَفَّها الليلُ بِسَوَّاقٍ حُطَمْ

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: «وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ»؛ قِيلَ فِي التَّفْسِيرِ: سائقٌ يَسُوقها إلى مَحْشَرِها، وشَهِيد يَشْهَدُ عَلَيْها بِعَمَلِها، وَقيلَ: الشَّهيدُ هُوَ عملُها نفسُه، وأَساقَها واسْتاقَها فانْساقت؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:

لَوْلَا قُرَيْشٌ هَلَكَتْ مَعَدُّ، ///واسْتاقَ مالَ الأَضْعَفِ الأَشَدُّ

وسَوَّقَها: كساقَها؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

لَنَا غَنَمٌ نُسَوِّقُها غِزارٌ، /// كأنَّ قُرونَ جِلَّتِها العِصِيُ

وَفِي الحَدِيثِ: «لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْ قَحْطانَ يَسُوق النَّاسَ بعَصاه»؛ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ استقامةِ النَّاسِ وانقيادِهم إِلَيْهِ واتِّفاقِهم عَلَيْهِ، وَلَمْ يُرِدْ نَفْسَ العَصَا وَإِنَّمَا ضَرَبَهَا مَثَلًا لِاسْتِيلَائِهِ عَلَيْهِمْ وَطَاعَتِهِمْ لَهُ، إِلَّا أَنَّ فِي ذِكْرِهَا دَلَالَةً عَلَى عَسْفِه بِهِمْ وخشونتِه عَلَيْهِمْ. وَفِي الحَدِيثِ: وسَوَّاق يَسُوق بِهِنَّ؛ أَيْ حادٍ يَحْدُو الإِبلَ فَهُوَ يسُوقُهن بحُدائِه، وسَوَّاقُ الإِبل يَقْدُمُها؛ وَمِنْهُ: رُوَيْدَك سَوْقَك بالقَوارير. وَقَدِ انْساقَت وتَساوَقَت الإِبلُ تَساوُقاً إِذَا تَتَابَعَتْ، وَكَذَلِكَ تقاوَدَت فهي مُتَقاوِدة ومُتَساوِقة. وَفِي حَدِيثِ أُم مَعْبَدٍ: «فَجَاءَ زَوْجُهَا يَسُوق أعْنُزاً مَا تَساوَقُ» أَيْ مَا تتابَعُ. والمُساوَقة: المُتابعة كَأَنَّ بعضَها يَسُوقُ بَعْضًا، والأَصل فِي تَساوَقُ تتَساوَقُ كأَنَّها لضعفِها وفَرْطِ هُزالِها تتَخاذَلُ ويتخلَّفُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ. وساقَ إِلَيْهَا الصَّداق والمَهرَ سِياقاً وأَساقَه، وَإِنْ كَانَ دراهمَ أَو دَنَانِيرَ، لأَن أَصل الصَّداق عِنْدَ الْعَرَبِ الإِبلُ، وهي التي تُساق، فَاسْتَعْمَلَ ذَلِكَ فِي الدِّرْهَمِ وَالدّينارِ وغَيْرِهِما. وساقَ فلانٌ مِنِ امْرَأَتِهِ أَيْ أَعْطَاهَا مَهْرَهَا. والسِّياق: المَهْرُ. وساقَ بِنَفْسِهِ سِيَاقًا: نَزَع بِهَا عِنْدَ المَوْتِ. تَقُولُ: رَأَيْتُ فلاناً يَسُوق سُوُوقاً أَيْ يَنْزِع نَزْعاً عِنْدَ الْمَوْتِ، يَعْنِي الْمَوْتَ؛ الْكِسَائِيُّ: تَقُولُ هُوَ يَسُوق نفْسَه ويَفِيظ نفسَه وَقَدْ فَاظَتْ نفسُه وأَفاظَه اللَّهُ نفسَه. وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي السِّياق أَيْ فِي النَّزْع. قال ابْنُ شُمَيْلٍ: رَأَيْتُ فُلَانًا بالسَّوْق أَيْ بِالْمَوْتِ يُساق سَوْقًا، وَإِنَّ نَفْسه لتُساق. والسِّياق: نَزْعُ الرُّوحِ.[22]

التعريف الاصطلاحي:

سِياقُ القَصيدة: مَجْراها وتَسَلسُلُ أجزائها، وسياقُها أيضاً مقامُها الذي قيلَت فيه، وبالسِّياقِ يُفهَمُ معْنى النَّص أو القَصيدةِ ، ولكلِّ سياقٍ وضعٌ حيثُ يَختَلفُ معْنى الكَلمةِ باخْتِلافِ السِّياقِ الّذي تَردُ فيه.

///

سبغ

 [السوابغ]

سياق المصطلح:

-«…وإنَّما ذَكرَ نَسْجَ داوُدَ عليه السّلام لأنَّ الله سُبحانهُ هو الّذي علَّمهُ، صَنْعةَ لَبوسٍ أي صَنعةَ الدُّروعِ، وفي هذا إِشارَةٌ إلى أنَّهُمْ أهْل سِلاحٍ، تَوارثُوهُ كابِرًا عنْ كابِرٍ، ثُمّ هُم رِضوانُ الله عليهِم أنْصارُ نَبيٍّ، فناسَبَ أنْ يكونَ لَبوسَهُمْ لَبوسَ نَبيٍّ، وفي كُلِّ هذا تَوكيدٌ أنَّ قُوّتَهُمْ مِن قُوّةِ السّيفِ الّذي يُسْتضاءُ بهِ، أي قُوّةِ الحَقِّ، وقولهُ «بِيضٌ سَوَابِغُ» أرادَ صَقْلها وصَفاءَها، والسّوابِغُ الفَضْفاضَةُ الطّويلةُ السّابِغةُ، وشكّ حلْقها أي إِدْخالُ بَعضهِ في بَعضٍ كَحَلقِ الفَقْعاءِ، وقدْ قُلتُ إنَّ العَربَ إذا ذَكرُوا الفَقْعاءَ شبَّهوها بالدُّروعِ، وإذا ذَكرُوا الدُّروعَ شَبّهوها بالفَقْعاءِ، وهذا مِنَ التّشْبيهِ الذي يَأتي عَكسًا، كتشْبيهِ الجَداولِ بالسُّيوفِ، والسُّيوفِ بالجَداوِلِ….»[23]

التعريف اللغوي:

جاء في لسان العرب: سبغ: شيءٌ سابغٌ أي كاملٌ وافٍ. وسَبَغَ الشَّيْءُ يَسْبُغُ سُبوغا: طالَ إلى الأرضِ واتَّسَعَ، وأسبغَهُ هو وسَبَغَ الشعرُ سُبوغا وَسَبَغَتِ الدِّرْعُ، وكلُّ شيءٍ طالَ إلى الأرضِ، فهو سابِغٌ. وقد أَسْبَغَ فُلانٌ ثَوْبَهُ أي أوْسَعَه. وسَبَغَتِ النِّعْمَةُ تَسْبُغُ، بالضم، سُبوغا: اتَّسَعَتْ. وإسْباغُ الوُضوءِ: المبالغةُ فيه وإتمامُه. ونِعْمَةٌ سَابِغَةٌ، وَأَسْبَغَ الله عَلَيْه النِّعْمَةَ: أكْمَلَهَا وَأَتَمَّهَا وَوَسَّعَهَا. وإنهم لفي سَبْغَةٍ من العَيْشِ أي سَعَةٍ. ودَلْوٌ سابِغَةٌ: طَويلَةٌ.[24]

التعريف الاصطلاحي:

إسباغُ الشيءِ: إتمامُه وإكْمالُهُ، كإتمامِ أَلفاظِ الشّعرِ، وإلْباسِهَا ما يُوفّيها حَقَّها لبناءِ القصيدة.

///

سكب

 [سكب/يسكبها]

سياق المصطلح:

-«والمُهمُّ أنَّ هذا التَّرخيمَ والنِّداءَ بالهَمزةِ أضْفى على هذا الاسمِ مَزيدًا منَ الرَّشاقةِ واللَّطافةِ والحُبِّ والحَنانِ والقُربِ والدَّلالِ، وبِناؤُهُ على هَيئةِ التَّصْغيرِ بِناءٌ يُوحي بمعْنى الطُّفولةِ والبَراءةِ والمَلاحَةِ، وتَكْرارُهُ في القَصيدةِ يُكرِّرُ ويُؤكِّدُ ضِمنَ ما يُكرِّرُ ويُؤكِّدُ الإحْساسَ بالنَّقاوةِ والطَّهارةِ والبَراءةِ الّذي حاولْنا بَيانَهُ في حَديثِ غَريضِ السَّاريةِ، وانْظُر إلى كَلمةِ التَرحُّمِ والإعْجابِ والمَديحِ في قوْلهِ «وَيْحَكَ» وكيفَ سَكَبَها في أُذنِها القَريبَةِ بهذا الهَمْسِ وهذا البُكورِ، ولِمَ رَحَلتْ وتَركَتْ هذا الجِوارَ الذي نَعِما به زمَنًا كما تَنْعمُ بالحَياةِ الهادِئةِ النّاعِمةِ الطَّاهِرةِ»[25]

-«تَأمّلْ ثانِيةً قَولَهُ: «أنا نَعِفُّ فلا نُرِيبُ حَلِيفنا» وكيف أَكّدَ هذا القَولُ العَفافَ والطّهارةَ والوَفاءَ التي هيَ خُلُقُ الرُّجولةِ الصّادِقةِ والتي يَسْكُبُها الحادِرَةُ أنغامًا عِذابًا في أسْماعِ صاحِبتِه، ولله دَرُّ هذهِ المَرأةِ السّاميةِ التي تَسْتَهويها أحادِيثُ النُّبْلِ والوَفاءِ والعَفافِ والطَّهارةِ»[26]

التعريف اللغوي:

جاء في لسان العرب: سكب: السَّكْبُ: صَبُّ الماءِ. سَكَبَ الماءَ والدَّمْعَ ونحوَهما يَسْكُبُه سَكْباً وتَسْكاباً، فسَكَبَ وانْسَكَبَ: صَبَّه فانْصَبَّ. وسَكَبَ الماءُ بنفسِه سُكوباً، وتَسْكاباً، وانْسَكَبَ بِمَعْنًى. وأَهلُ المَدينَةِ يَقولونَ: اسْكُبْ عَلى يَدي. وماءٌ سَكْبٌ، وساكِبٌ، وسَكُوبٌ، وسَيْكَبٌ، وأُسْكُوبٌ: مُنْسَكِبٌ، أَو مَسكوبٌ يَجْري عَلى وجهِ الأَرضِ مِنْ غَيرِ حَفر. ودمْعٌ ساكِبٌ، وماءٌ سَكْبٌ: وُصِفَ بالمصدرِ، كقولِهم ماءٌ صَبٌّ، وماءٌ غَوْرٌ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:

بَرْقٌ، يُضيءُ أَمامَ البَيْتِ، أُسْكوبُ

كأَنَّ هَذَا البَرْقَ يَسْكُب المطَر؛ وطَعْنَةٌ أُسْكُوبٌ كَذَلِكَ؛ وسَحابٌ أُسْكُوبٌ. وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّكْبُ والأُسْكوبُ الهَطَلانُ الدَّائمُ. وماءٌ أُسْكُوبٌ أَي جارٍ؛ قالتْ جَنُوبُ أُخْتُ عمرٍو ذِي الكَلْبِ، تَرثِيه:

والطَّاعِنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلاءَ، يَتْبَعها /// مُثْعَنْجِرٌ، مِنْ دَمِ الأَجْوافِ، أُسْكوبُ

وَيُرْوَى:

مِنْ نَجِيعِ الجَوْفِ أُثْعُوبُ

والنَّجْلاءُ: الوَاسِعَةُ. والمُثْعَنْجِرُ: الدَّمُ الذي يَسيلُ، يَتْبَعُ بعضُه بَعْضاً. والنَّجيعُ: الدَّمُ الخالِصُ. والأُثْعوبُ، مِنَ الإِثْعابِ: وَهُوَ جَرْي الماءِ في المَثْعَبِ. وَفي الحَدِيثِ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْها: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كانَ يُصَلّي، فيما بَيْن العِشاءِ إلى انْصِداعِ الفَجر، إِحدى عَشْرَةَ رَكْعَةً، فإِذا سَكَبَ المُؤَذِّنُ بالأُولى مِنْ صلاةِ الفجْرِ، قامَ فرَكَعَ رَكْعَتَيْن خَفيفَتَيْنِ؛ قالَ سُوَيْدٌ: سَكَبَ، يريدُ أَذَّنَ، وأَصْلُه مِنْ سَكْبِ الماءِ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ أَخَذَ فِي خُطْبَة فسَحَلَها. قَالَ ابْنُ الأَثير: أَرادت إِذا أَذَّن، فاسْتُعِيرَ السَّكْبُ للإِفاضَةِ فِي الكلامِ، كَمَا يُقَالُ أَفْرَغَ فِي أُذُني حَدِيثًا أَيْ أَلْقى وصَبَّ. وفي بَعْضِ الحَديثِ: ما أنا بِمُنْطٍ عَنْكَ شَيئاً يَكُونُ عَلَى أَهل بَيْتِكَ سُنَّةً سَكْباً. يُقَالُ: هَذَا أَمرٌ سَكْبٌ أَي لازِمٌ؛ وَفِي رِوَايَةٍ: إِنَّا نُمِيطُ عنكَ شَيْئًا. وفَرَسٌ سَكْبٌ: جوادٌ كَثِيرُ العَدْوِ ذَرِيعٌ، مثلُ حَتٍّ. والسَّكْبُ: فَرَسُ سَيِّدِنا رَسولِ اللَّهِ، صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكانَ كُمَيْتاً، أَغَرَّ، مُحَجَّلًا، مُطْلَقَ اليُمْنى، سُمِّيَ بالسَّكْبِ مِنَ الخيْلِ؛ وَكَذَلِكَ فَرَسٌ فَيْضٌ وبَحْرٌ وغَمْرٌ. وغُلامٌ سَكْبٌ إِذا كَانَ خَفِيفَ الرُّوحِ نَشيطاً فِي عَمَلِه. ويُقالُ: هذا أمْرٌ سَكْبٌ أَي لازمٌ. ويقالُ: سُنَّةٌ سَكْبٌ. وَقَالَ لَقِيطُ بنُ زُرارَةَ لأَخيه مَعْبَدٍ، لَمَّا طَلَبَ إِليه أَن يَفْدِيَه بِمِائَتَيْنِ مِنَ الإِبل، وكانَ أسيراً: ما أنا بِمُنْطٍ عَنْكَ شَيْئًا يَكونُ على أَهل بيتِك سُنَّةً سَكْباً، ويَدْرَبُ الناسُ لَهُ بِنا دَرْباً. والسَّكْبَةُ: الكُرْدَة العُلْيا الَّتِي تُسقى بِهَا الكُرودُ مِنَ الأَرض؛ وفي التَّهْذيبِ: التي يُسْقى مِنْها كُرْدُ الطِّبابَةِ مِنَ الأَرض. والسَّكْبُ: النُّحاسُ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والسَّكْبُ: ضَرْبٌ مِنَ الثيابِ رَقِيقٌ. [27]

التعريف الاصطلاحي:

السَّكبُ في كُلِّ شيءٍ: التَّتابُعُ والتَّرادفُ والجَريانُ، وسكبُ الكَلامِ وسَكبُ القَصيدَةِ: انْدِفاعُ ألفاظِها في نَغمٍ مُتَسارعِ يُضفي جَرْسًا وجمالاً في أذنِ السّامعِ في سِياقٍ مُتّصلٍ وبِناءٍ مُتَلاحِمٍ.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

[1] قراءة في الأدب القديم، ص: 68

[2] نفسه، ص: 80

[3] نفسه، ص: 88

[4] نفسه، ص: 89

[5] نفسه، ص: 135

[6] نفسه، ص: 301

[7] نفسه، ص: 302

[8] نفسه، ص: 381

[9] نفسه، ص: 382

[10] نفسه، ص: 382-383

[11] لسان العرب، 11/ 343- 344-345، وانظر الصحاح، 5/ 1732

[12] قراءة في الأدب القديم، المقدمة: د/د

[13] نفسه، ص: 52

[14] نفسه، ص:53

[15] نفسه، ص: 76

[16] نفسه، ص: 116

[17] نفسه، ص: 140

[18] نفسه، ص: 176

[19] نفسه، ص: 197-198

[20] نفسه، ص: 206

[21] نفسه، ص: 209

[22] معجم اللغة العربية المعاصرة، 2/1139، لسان العرب، 10/166-167

[23] قراءة في الأدب القديم، ص: 87-88

[24] لسان العرب 8/ 432-433

[25] قراءة في الأدب القديم، ص: 205-206

[26] نفسه، ص: 207

[27] لسان العرب، 1/469-470

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق