مركز أبي الحسن الأشعري للدراسات والبحوت العقديةدراسات عامة

معطلة العرب ومعتقداتهم

« وهم أصناف: في معطلة العرب وفي معتقداتهم يقول عبد الكريم الشهرستاني:
1- منكرو الخالق والبعث والإعادة:
فصنف منهم أنكروا الخالق والبعث والإعادة، وقالوا بالطبع المحيي، والدهر المفني، وهم الذين أخبر عنهم القرآن المجيد: (وقالوا: ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت و نحيا) [الجاثية/24]  إشارة إلى الطبائع المحسوسة في العالم السفلي، وقصرا للحياة والموت على تركبها وتحللها، فالجامع هو الطبع، والمهلك هو الدهر: (وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون)[ الجاثية/24]. فاستدل عليهم بضرورات فكرية وآيات فطرية في كم آية وكم سورة، فقال تعالى: (أو لم يتفكروا ما بصاحبهم من جنة إن هو إلا نذير مبين، أو لم ينظروا في ملكوت السموات والأرض)[ الأعراف/184-185]، وقال: (أو لم ينظروا إلى ما خلق الله)[النحل/48]، وقال: (قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين)[فصلت/9] وقال: (ياأيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم)[البقرة/21]، فأثبت الدلالة الضرورية من الخلق على الخالق، وأنه قادر على الكمال ابتداء وإعادة.
2- منكرو البعث والإعادة:
وصنف منهم أقروا بالخالق وابتداء الخلق والإبداع، وأنكروا البعث والإعادة، وهم الذين أخبر عنهم القرآن: (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام  وهي رميم)[يس/78] فاستدل عليهم بالنشأة الأولى، إذ اعترفوا بالخلق الأول، فقال عز وجل: (قل يحييها الذي أنشأها أول مرة) [يس/79] ، وقال: (أفعيينا بالخلق الأول بل هم في لبس من خلق جديد)[ق/15]
3– منكرو الرسل عباد الأصنام:
وصنف منهم أقروا بالخالق، وابتداء الخلق، ونوع من الإعادة، وأنكروا الرسل، وعبدوا الأصنام، وزعموا أنهم شفعاؤهم عند الله في الدار الآخرة، وحجوا إليها، ونحروا لها الهدايا، وقربوا القرابين، وتقربوا إليها بالمناسك والمشاعر، وأحلوا وحرموا، وهم الدهماء من العرب، إلا شرذمة منهم نذكرهم: وهم الذين أخبر عنهم التنزيل: (وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق)[الفرقان/7] إلى قوله: (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا)[ الفرقان/8] فاستدل عليهم بأن المرسلين كلهم كانوا كذلك، قال الله تعالى: (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق)[ الفرقان/7]شبهات العرب:
شبهات العرب كانت مقصورة على هاتين الشبهتين
إحداهما: إنكار البعث؛ بعث الأجسام.
والثانية: جحد البعث؛ بعث الرسل.
فعلى الأولى قالوا: (أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أو آباؤنا الأولون)[ الصافات /16-17] إلى أمثالها من الآيات، وعبروا عن ذلك في أشعارهم، فقال بعضهم:
حياة ثم موت ثم نشر * حديث خرافة يا أم عمرو  
ولبعضم في مرثية أهل بدر من المشركين:
فماذا بالقليب قليب بدر * من الشيزى تكلل بالسنام
يخبرنا الرسول بأن سنحيا * وكيف حياة أصداء وهام
ومن العرب من يعتقد التناسخ، فيقول:إذا مات الإنسان أو قتل اجتمع دم الدماغ، وأجزاء بنيته، فانتصب طيرا”هامة”، فيرجع إلى رأس القبر كل مائة سنة،
وعن هذا أنكر عليهم الرسول عليه الصلاة والسلام، فقال: (لا هامة، ولا عدوى، ولا صفر).
وأما على الشبهة الثانية: فكان إنكارهم لبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصورة البشرية أشد، وإصرارهم على ذلك أبلغ، وأخبر التنزيل عنهم بقوله تعالى: (وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا)[الإسراء/94]، (أبشر يهدوننا)[التغابن/6]
فمن كان يعترف بالملائكة كان يريد أن يأتي ملك من السماء، (وقالوا لولا أنزل عليه ملك)[الأنعام/8]ومن كان لا يعترف بهم كان يقول: الشفيع والوسيلة لنا إلى الله تعالى هم الأصنام المنصوبة، أما الأمر والشريعة من الله تعالى- إلينا- فهو المنكر…
ومن العرب من كان يميل إلى اليهودية، ومنهم من كان يميل إلى النصرانية، ومنهم من كان
يصبو إلى الصابئة، ويعتقد في الأنواء اعتقاد المنجمين في السيارات، حتى لا يتحرك ولا يسكن، ولا يسافر ولا يقيم، إلا بنوء من الأنواء، ويقول:«مطرنا بنوء كذا»، ومنهم من كان يصبو إلى الملائكة فيعبدهم، بل كانوا يعبدون الجن، ويعتقدون فيهم أنهم بنات الله تعالى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا».

[الملل والنحل لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني
دار ابن حزم-الطبعة الأولى/2005-ص:385-359-360]

 

                                                                                إعداد الباحث: منتصرالخطيب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق