مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الثانية والعشرون)

[3] الإنجيل: ومن دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم:

1- الديانة المسيحية: قال الله تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) [آل عمران: 3]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَأَمَّا الْإِنْجِيلُ فَاسْمٌ لِلْوَحْيِ الَّذِي أُوحِيَ بِهِ إِلَى عِيسَى عليه السلام فَجَمَعَهُ أَصْحَابُهُ»(1)، وقوله «التوراة» يشير به إلى الديانة اليهودية، أما «الإنجيل» فيشير به إلى الديانة المسيحية أو النصرانية.

ومنه قوله تعالى: (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ) [المائدة: 46].

 [4] أفول الكوكب والشمس والقمر: ومن دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم:

1- نفي الربوبية عنهم: قال الله تعالى: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ  فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ  فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) [الأنعام: 76- 77]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَوجه الِاسْتِدْلَال بالأقوال عَلَى عَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْإِلَهِيَّةِ أَنَّ الْأُفُولَ مَغِيبٌ وَابْتِعَادٌ عَنِ النَّاسِ، وَشَأْنُ الْإِلَهِ أَنْ يَكُونَ دَائِمَ الْمُرَاقَبَةِ لِتَدْبِيرِ عِبَادِهِ، فَلَمَّا أَفَلَ النَّجْمُ كَانَ فِي حَالَةِ أُفُولِهِ مَحْجُوبًا عَنِ الِاطِّلَاعِ عَلَى النَّاسِ، وَقَدْ بَنَى هَذَا الِاسْتِدْلَالَ عَلَى مَا هُوَ شَائِعٌ عِنْدَ الْقَوْمِ مِنْ كَوْنِ أُفُولِ النَّجْمِ مَغِيبًا عَنْ هَذَا الْعَالَمِ، يَعْنِي أَنَّ مَا يَغِيبُ لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَّخَذَ إِلَهًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُغْنِي عَنْ عِبَادِهِ فِيمَا يَحْتَاجُونَهُ حِينَ مَغِيبِهِ. وَلَيْسَ الِاسْتِدْلَالُ مَنْظُورًا فِيهِ إِلَى التَّغَيُّرِ؛ لِأَنَّ قَوْمَهُ لَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ الْمُلَازَمَةَ بَيْنَ التَّغَيُّرِ وَانْتِفَاءِ صِفَةِ الْإِلَهِيَّةِ، وَلِأَنَّ الْأُفُولَ لَيْسَ بِتَغَيُّرٍ فِي ذَاتِ الْكَوْكَبِ، بَلْ هُوَ عَرَضٌ لِلْأَبْصَارِ الْمُشَاهِدَةِ لَهُ، أَمَّا الْكَوْكَبُ فَهُوَ بَاقٍ فِي فَلَكِهِ وَنِظَامِهِ يَغِيبُ وَيَعُودُ إِلَى الظُّهُورِ، وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ يَعْلَمُونَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مُقْنِعًا لَهُمْ»(2).

[5] إرسال يوسف لقميصه: ومن دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم:

1- علامة صدق إخوة يوسف: قال الله تعالى: (اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) [يوسف: 93]، قال الطاهر ابن عاشور: «والأظهر أنه جعل إرسال قميصه علامة على صدق إخوته فيما يبلغونه إلى أبيهم من أمر يوسف عليه السلام بجلبه، فإن قمصان الملوك والكبراء تنسج إليهم خصيصا ولا توجد أمثالها عند الناس، وكان الملوك يخلعونها على خاصتهم، فجعل يوسف عليه السلام إرسال قميصه علامة لأبيه على صدق إخوته أنهم جاءوا من عند يوسف عليه السلام بخبر صدق»(3). وقد قيل: إن قميص يوسف عليه السلام هو قميص ورثه عن أبيه عن جده إبراهيم عليه السلام، ولذلك فهو لا يخفى على سيدنا يعقوب عليه السلام، خاصة وأنه لا يوجد مثله عند الناس، وقد شم سيدنا يعقوب عليه السلام ريح القميص من مسافة بعيدة، قال الله تعالى: (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَن تُفَنِّدُونِ فَلَمَّا أَن جَاءَ الْبَشِيرُ أَلْقَاهُ عَلَىٰ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيرًا قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ).

[6] إيتاء الكتاب باليمين: ومن دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم:

1- الكرامة والتبشير: قال الله تعالى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ) [الحاقة: 19]، قال الطاهر ابن عاشور: «وَإِيتَاءُ الْكِتَابِ بِالْيَمِينِ عَلَامَةٌ عَلَى أَنَّهُ إِيتَاءُ كَرَامَةٍ وَتَبْشِيرٍ، وَالْعَرَبُ يَذْكُرُونَ التَّنَاوُلَ بِالْيَمِينِ كِنَايَةً عَنِ الْاهْتِمَامِ بِالْمَأْخُوذِ وَالْاعْتِزَازِ بِهِ»(4)، وعكسه الإيتاء بالشمال، وهو مما يتشاءم به، وهو إيتاء وعيد.

التاء

[7] توزيع الصوم في الحج إلى ثلاثة وسبعة: قال الله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالعُمْرَةِ إِلَى الحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ) [البقرة: 196]، ومن دلالات توزيع الصوم في الحج إلى ثلاثة وسبعة أنها:

1- أعداد مباركَة: قال الطاهر ابن عاشور: «وقد سئلت عن حكمة كون الأيام عشرة فأجبت بأنه لعله نشأ من جمع سبعة وثلاثة لأنهما عددان مباركان، ولكن فائدة التوزيع ظاهرة، وحكمة كون التوزيع كان إلى عددين متفاوتين لا متساويين ظاهرة لاختلاف حالة الاشتغال بالحج، ففيها مشقة، وحالة الاستقرار بالمنزل. وفائدة جعل بعض الصوم في مدة الحج جعل بعض العبادة عند سببها، وفائدة التوزيع إلى ثلاثة وسبعة أن كليهما عدد مبارك ضبطت بمثله الأعمال دينية وقضائية»(5).

[8] تربص أربعة أشهر: ومن دلالات جعل التربص أربعة أشهر في القرآن الكريم:

1- الحد الأقصى للصبر على فراق الزوج: قال الله تعالى: (لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِن فَآءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 226]، قال الطاهر ابن عاشور: «وقد خفي على الناس وجه التأجيل بأربعة أشهر، وهو أجل حدده الله تعالى، ولم نطلع على حكمته، وتلك المدة ثلث العام، فلعلها ترجع إلى أن مثلها يعتبر زمناً طويلاً، فإن الثلث اعتبر معظم الشيء المقسوم، مثل ثلث المال في الوصية، وأشار به النبي عليه الصلاة والسلام على عبد الله بن عمرو بن العاص في صوم الدهر. وحاول بعض العلماء توجيهه بما وقع في قصة مأثورة عن عمر بن الخطاب [...]، وقد ذكر هذه القصة أبو الوليد الباجي في شرحه على الموطأ المسمى بـ«المنتقى»، ولم يعزها إلى شيء من روايات «الموطأ»: أن عمر خرج ليلة يطوف بالمدينة يتعرف أحوال الناس فمر بدار سمع امرأة بها تنشد:

أَلَا طَالَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهْ*** وَأَرَّقَنِي أَنْ لَا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ

فَلَوْلَا حِذَارُ اللهِ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ*** لَزُعْزِعَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ

فاستدعاها من الغد فأخبرته أن زوجها أرسل في بَعْثِ العراق، فاستدعى عمر نساءً فسألهن عن المدة التي تستطيع المرأة فيها الصبر على زوجها، قلن: شهران، ويقل صبرها في ثلاثة أشهر، وينفد في أربعة أشهر، وقيل: إنه سأل ابنته حفصة، فأمر عمر قواد الأجناد ألا يمسكوا الرجل في الغزو أكثر من أربعة أشهر، فإذا مضت استردَّ الغازين وَوَجَّهَ قوماً آخرين»(6)؛ لأن ذلك أقصى ما تصبر فيه المرأة على فِراق زوجها.

[9] تربص المطلقة ثلاثة قروء: قال الله تعالى (وَالمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلاَ يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) [البقرة: 228]، ومن دلالات جعل تربص المطلقات ثلاثة قروء في القرآن الكريم:

1- براءَة رحم المطلقة من الحمل: قال الطاهر ابن عاشور: «ومرجِع النظر عندي في هذا إلى الجمع بين مقصدي الشارع من العدة، وذلك أن العدة قصد منها تحقق براءة رحم المطلقة من حمل المطلق، وانتظارُ الزوج لعله أن يرجع. فبراءة الرحم تحصل بحيضة أو طهر واحد، وما زاد عليه تمديد في المدة انتظاراً للرجعة. فالحيضة الواحدة قد جعلت علامة على براءة الرحم في استبراء الأمة في انتقال الملك، وفي السبايا، وفي أحوال أخرى، مختلفاً في بعضها بين الفقهاء، فتعين أن ما زاد على حيض واحد ليس لتحقق عدم الحمل، بل لأن في تلك المدة رفقاً بالمطلق، ومشقة على المطلقة، فتعارض المقصدان، وقد رجح حق المطلق في انتظاره أمداً بعد حصول الحيضة الأولى وانتهائها، وحصول الطهر بعدها، فالذين جعلوا القروء أطهاراً راعوا التخفيف عن المرأة، مع حصول الإمهال للزوج، واعتضدوا بالأثر. والذين جعلوا القروء حيضات زادوا للمطلق إمهالاً؛ لأن الطلاق لا يكون إلاّ في طهر عند الجميع، كما ورد في حديث عمر بن الخطاب في الصحيح، واتفقوا على أن الطهر الذي وقع الطلاق فيه معدود في الثلاثة القروء»(7). وفيه أيضا انتظار للزوج عله أن يرجع.

[10] تربص المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام: قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [البقرة: 234]، ومن دلالات جعل تربص المتوفي عنها زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام في القرآن الكريم:

 1- انتفاء الحمل: قال الطاهر ابن عاشور: «وقد جعل الله عِدَّة الوفاة منوطة بالأمد الذي يتحرك في مثله الجنين تحركاً بيناً، محافظة على أنساب الأموات؛ فإنه جعل عدة الطلاق ما يدل على براءة الرحم دلالة ظنية وهو الأقراء على ما تقدم؛ لأن المطلق يعلم حال مطلقته من طهر وعدمه، ومن قربانِهِ إياها قبل الطلاق وعدمه، وكذلك العلوق لا يخفى، فلو أنها ادعت عليه نسباً وهو يُوقن بانتفائه، كان له في اللِّعَان مندوحة، أما الميت فلا يدافع عن نفسه، فجعلت عدته أمداً مقطوعاً بانتفاء الحمل في مثله وهو الأربعة الأشهر والعشرة، فإن الحمل يكون نطفة أربعين يوماً، ثم علقة أربعين يوماً، ثم مضغة أربعين يوماً، ثم ينفخ فيه الروح، فما بين استقرار النطفة في الرحم إلى نفخ الروح في الجنين أربعة أشهر، وإذ قد كان الجنين عقب نفخِ الروح فيه يقوى تدريجاً، جعلت العشر الليالي الزائدة على الأربعة الأشهر، لتحقق تحرك الجنين تحركاً بيناً، فإذا مضت هذه المدة حصل اليقين بانتفاء الحمل؛ إذ لو كان ثمة حمل لتحرك لا محالة، وهو يتحرك لأربعة أشهر، وزيدَت عليها العشر احتياطاً لاختلاف حركات الأجِنَّة قوة وضعفاً، باختلاف قُوى الأمزجة»(8).

[11] التابوت(9): ومن دلالات التابوت في القرآن الكريم أنه:

1- آية الملك: قال الله تعالى: (وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ المَلائِكَةُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [البقرة: 248].

قال الطاهر بن عاشور: «أَرَادَ نَبِيُّهُمْ أَنْ يَتَحَدَّاهُمْ بِمُعْجِزَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى اخْتَار لَهُم شاوول مَلِكًا، فَجَعَلَ لَهُمْ آيَةً تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَهِيَ أَنْ يَأْتِيَهُمُ التَّابُوتُ، أَيْ تَابُوتُ العَهْدِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ فِي يَدِ الفِلَسْطِينِيِّين كَمَا تَقَدَّمَ، وَهَذَا إِشَارَةٌ إِلَى قِصَّةِ تَيْسِيرِ الله تَعَالَى إرجاع التَّابُوتِ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِدُونِ قِتَالٍ»(10). فهي آية الملك.

[12] تبتيك آذان الأنعام: قال الله تعالى: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ) [النساء: 119]، ومن دلالات هذا الرمز في القرآن الكريم أنه:

1- تحريرها للشيطان: قال الطاهر ابن عاشور: «وَقَدْ ذَكَرَ هُنَا شَيْئًا مِمَّا يَأْمُرُ بِهِ الشَّيْطَانُ مِمَّا يَخُصُّ أَحْوَالَ الْعَرَبِ، إِذْ كَانُوا يَقْطَعُونَ آذَانَ الْأَنْعَامِ الَّتِي يَجْعَلُونَهَا لِطَوَاغِيتِهِمْ، عَلَامَةً عَلَى أَنَّهَا مُحَرَّرَةٌ لِلْأَصْنَامِ، فَكَانُوا يَشُقُّونَ آذَانَ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ، فَكَانَ هَذَا الشَّقُّ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، إِذْ كَانَ الْبَاعِثُ عَلَيْهِ غَرَضًا شَيْطَانِيًّا»(11). والمراد هنا أن الشيطان يأمرهم وهم يتبعون أوامره ويستجيبون له.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- التحرير والتنوير 3/149.

2- التحرير والتنوير 7/320- 321.

3- التحرير والتنوير 13/51.

4- التحرير والتنوير 29/130.

5- التحرير والتنوير 2/229.

6- التحرير والتنوير 2/337- 338.

7- التحرير والتنوير 2/391.

8- التحرير والتنوير 2/442.

9- التَّابُوتُ اسْمٌ عَجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ، فَوَزْنُهُ فَاعُولٌ، وَهَذَا الوَزْنُ قَلِيلٌ فِي الأَسْمَاءِ العَرَبِيَّةِ، فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ عَلَى وَزْنِهِ إِنَّمَا هُوَ مُعَرَّبٌ مِثْلَ نَاقُوسٍ وَنَامُوسٍ، وَاسْتَظْهَرَ الزَّمَخْشَرِي أَنَّ وَزْنَهُ فَعَلُولٌ بِتَحْرِيكِ العَيْنِ لِقِلَّةِ الأَسْمَاءِ الَّتِي فَاؤُهَا وَلَامُهَا حَرْفَانِ مُتَّحِدَانِ: مِثْلَ سَلَسٌ وَقَلَقٌ، وَمِنْ أَجْلِ هَذَا أَثْبَتَهُ الجَوْهَرِيُّ فِي مَادَّةِ «توب» لَا فِي «تبت». وَالتَّابُوتُ بِمَعْنَى الصُّنْدُوقِ المُسْتَطِيلِ: وَهُوَ صُنْدُوقٌ أُمِرَ مُوسَى عليه السلام بِصُنْعِهِ، صَنَعَهُ بَصْلَئِيلُ المُلْهَمُ فِي صِنَاعَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَنِجَارَةِ الخَشَبِ، فَصَنَعَهُ مِنْ خَشَبِ السَّنْطِ- وَهُوَ شَجَرَةٌ مِنْ صِنْفِ القَرَظِ- وَجَعَلَ طُولَهُ ذِرَاعَيْنِ وَنِصْفًا، وَعَرْضَهُ ذِرَاعًا وَنِصْفًا، وَارْتِفَاعَهُ ذِرَاعًا وَنِصْفًا، وَغَشَّاهُ بِذَهَبٍ مِنْ دَاخِل وَمِنْ خَارِج، وَصَنَعَ لَهُ إِكْلِيلًا مِنْ ذَهَب، وَسَبَكَ لَهُ أَرْبَعَ حِلَقٍ مِنْ ذَهَبٍ عَلَى قَوَائِمِهِ الأَرْبَعِ، وَجَعَلَ لَهُ عَصَوَيْنِ مِنْ خَشَبٍ مُغَشَّاتَيْنِ بِذَهَبٍ لِتَدْخُلَ فِي الحَلَقَاتِ لِحَمْلِ التَّابُوتِ، وَجَعَلَ غِطَاءَهُ مِنْ ذَهَبٍ، وَجَعَلَ عَلَى طَرِيقِ الغِطَاءِ صُورَةً تَخَيَّلَ بِهَا اثْنَيْنِ مِنَ المَلَائِكَةِ مِنْ ذَهَبٍ بَاسِطِينَ أَجْنِحَتَهُمَا فَوْقَ الغِطَاءِ، وَأَمَرَ اللَّهُ مُوسَى أَنْ يَضَعَ فِي هَذَا التَّابُوتِ لَوْحَيِ الشَّهَادَةِ اللَّذَيْنِ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُمَا وَهِيَ الأَلْوَاحُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ فِي قَوْلِه: (وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الغَضَبُ أَخَذَ الأَلْواحَ) [الأَعْرَاف: 154]. انظر التحرير والتنوير 2/493.

10- التحرير والتنوير 2/492.

11- التحرير والتنوير 5/205.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق