«معجم الهيآت والإشارات والرموز في القرآن الكريم من خلال تفسير «التحرير والتنوير» للإمام الطاهر ابن عاشور» (الحلقة الثانية)
3- أهميته بين كتب التفسير:
استطعت من خلال قراءتي لتفسير «التحرير والتنوير» أن أجمَع الكثير من النقط التي أحسب أنه تميز بها عن غيره من كتب التفسير.
تفسير مطول: فقد جاء الكتاب في ثلاثين جزءا مقسما على خمسة عشر مجلدا، فهو تفسير حافل بما لذ وطاب من التفسير والشواهد والآراء والحكم والأخبار.
تفسير مُجَدِّد: أخذ المفسر على نفسه أن يأتي بالجديد فقال: «فَجَعَلْتُ حَقًّا عَلَيَّ أَنْ أُبْدِيَ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ نُكَتًا لَمْ أَرَ مَنْ سَبَقَنِي إِلَيْهَا، وَأَنْ أَقِفَ مَوْقِفَ الْحَكَمِ بَيْنَ طَوَائِفِ الْمُفَسِّرِينَ تَارَةً لَهَا وَآوِنَةً عَلَيْهَا، فَإِنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى الْحَدِيثِ الْمُعَادِ، تَعْطِيلٌ لِفَيْضِ الْقُرْآن الَّذِي مَاله مِنْ نَفَادٍ»(9).
تفسير غني بشتى المعارف: إذ إنه يستقي من معارف شتى «وكان ذا أسلوب محكم النسج، شديد الأسر، يذكر بأرباب البيان الأوائل. وكان إذا كتب استجمع مواهبه العلمية، واللغوية، والأدبية، والاجتماعية، والتاريخية، والتربوية وغيرها لخدمة غرضه الذي يرمي إليه. فلا غرو –إذا- أن تجد في كتاباته عن أي موضوع: القصة، والحادثة التاريخية، والنكتة البلاغية، والمسألة النحوية، والأبيات الشعرية، والمقاصد الشرعية، والمناقشة الحرة، والترجيح والموازنة. كل ذلك بأدب عال، وأسلوب راق، ونفس مستريض؛ فتشعر إذا قرأت له أن هذا البحث كتبه مجموعة من المتخصصين في فنون شتى»(10).
تفسير يخوض في دلائل الإعجاز ودقائق القرآن البلاغية: لم يعن الطاهر ابن عاشور رحمه الله بكشف إعجاز القرآن وإظهار ما فيه من دقائق الأفانين البلاغية عناية سطحية بل عني به عناية المتبصر البليغ والمفكر النابغة فكان تفسير «التحرير والتنوير» تفسيرا بلاغيا بامتياز.
تفسير منتقد للتفاسير الأخرى: ينتقد الطاهر ابن عاشور التفاسير الأخرى نقدا بناءا مثل تفسير الطبري والزمخشري وذلك في بعض الأمور التي قصروا في النظر فيها، أو أسرفوا فيها أو غفلوا عنها، والطاهر ابن عاشور يقف من كل ذلك موقف الناقد الحصيف «مظهرا ثقافة إسلامية عقلية تنبه الغافلين، وتوقظ النائمين وتستلهم من هدى القرآن وأثره في النفوس ما يدفع الأمة الإسلامية إلى التطور حتى يستعيد المسلمون بهدايته سيرتهم الأولى في القوة العلمية والسياسية»(11).