الرابطة المحمدية للعلماء

ما يجب معرفته عن الوعي الصحي في رمضان

د. عبد المجيد الشرايبي: هذه معالم التعامل الطبي والغذائي الأمثل مع شهر رمضان

كان الخوض في موضوع الوعي الصحي في رمضان، محور ركن “حوار حي” الذي يبثه موقع الرابطة المحمدية للعلماء على شبكة الإنترنت، في نسخته الأخيرة المؤرخة يوم الخميس 26 غشت الجاري، من خلال استضافة الدكتور عبد المجيد الشرايبي رئيس مصلحة الغدد والسكري والتغذية بمستشفى ابن سينا بالرباط.

وخُصّصت أولى ردود الضيف الكريم للحديث عن مشكل سوء التدبير النظام الغذائي خلال شهر رمضان، مؤكدا أن الأمر ليس ناتج عن الصيام، بقدر ما يرتبط بثقل بعض الاختلالات في الوعي الغذائي عند المغاربة، ويتجلى ذلك من خلال العادات يمكنها أن نتعتها بالسيئة خلال شهر الصيام، فإذا حصرنا الأمر في المغرب، يجزم الدكتور عبد المجيد الشرايبي أنه بالعودة إلى بعض الدراسات التي أنجزت حول التغذية فإننا نلاحظ أن المعدل اليومي للمغاربة من تناول السعارات الحرارية يرتفع خلال شهر رمضان وذلك ناتج أساسا على الإفراط في تناول مواد السكرية والمواد الدسمة خلال هذا الشهر في مدة زمنية قليلة، ومع الأسف فإن جميع الظروف تساعد على ذلك نظرا للانتشار ما يعرف بـ”الشهيوات”، ونظرا أيضا لحصص الإشهار التي نحن جميع تحت تأثيرها بواسطة الوسائل المرئية والمسموعة.

وأكد الدكتور الشرايبي أنه من واجب الأطباء والمسؤولين أن يحرصوا على صحة المواطنين، دون أن يستثني الدور الأولي للمواطن نفسه، فبموازاة مع هذا الإشهارات المغرضة يجب أن تكون هناك إشهارات مضادة على شكل برامج وندوات وما إلى ذلك من وسائل التحسيس لجعل المواطن يتناول وجبات معقولة متوازنة في مكونتها السكرية والذهنية بدون بإفراط، منبها أيضا إلى دور الماء والسوائل بصفة عامة في شهر رمضان، واحترام القسط العادي من النوم والذي يجب أن يكون سبع ساعات في اليوم وذلك ما يستوجب تجنب السهر.

وعن طبيعة الأطعمة التي يُحبذ التركيز عليها أكثر، مقارنة مع الباقي، فقد أشار الضيف الفاضل أن كل الأطعمة مباحة في شهر رمضان إلا المحرمة منها على الطبع، مع ضرورة تنوعيه ومراعاة نسب المكونات التغذية بحيث وبصفة عملية يمكننا القول بأنه ونظرا للعادات التغذوية السيئة التي أشار إليها سلفا، يجب الاحتراز من إفراط في تناول المواد السكرية بكثرة وخصوصا السكريات بطيئة الامتصاص، وكذلك الاحتراز من الإفراط في تناول الدهنيات  مع الإشارة إلى أهمية الخضروات والفواكه التي غالبا ما يقل تناولها في الوسط المغربي.

وبالنتيجة، كانت خلاصة الإفطار الأمثل كالتالي: أخذ بضع ثمرات مع كوب من الحليب أو العصير وكذلك قليلا من الشربة (أو “الحريرة”) التي تعتبر من العادات الغذائية المغربية الأصيلة والتي يجب تشجيع تناولها نظرا لغناها وتنوع مكونتها الغذائية، وبالنسبة لطعام العشاء، ويقابل طعام غذاء في أيام الإفطار، فيمكن أخذه مباشرة بعد صلاة التراويح، ثم النوم مبكرا حوالي الساعة 11 ليلا للاستيقاظ للسحور وأخذ بعض السكريات البطيئة الهضم كالأرز وبعض المستحضرات الغذائية المهيئة بالدقيق (من قبيل “البغرير” مثلا أو “الملاوي”..)، ويجب أن لا ننسى أخذ كمية وافرة من السوائل سواء في الإفطار أو في السحور، وكل هذا النظام الغذائي المقترح هو بالطبع خاص بالصائمين الأصحاء الذي لا يعانون من مرض معين وإلا فاستشارة الطبيب المعالج واجبة أولا للسماح أم لا بالصيام ثم باقتراح النظام الغذائي الملائم.

وعن طبائع علاقة المريض بالطبيب، فاعتبر عبد المجيد الشرايبي أنها يجب أن تكون قوية خصوصا قبل شهر رمضان حيث يسأل المريض طبيبه عن إمكانية صومه مما يساعد المريض والطبيب أيضا على إجراء الفحوصات اللازمة لمعرفة حالة المريض الصحية وتمكين طبيبه في ظروف حسنة وقبل حلول شهر الصيام من نصح مريضه، وأضاف الطبيب المسلم الثقة، أشبه بالمفتي الشرعي في هذا الباب نظرا لاختصاصه ولمسؤوليته، وأنه على المريض في هذه الحالة أن يحترم رأي طبيبه لأنه من الوجهة الشرعية قد يكون اقترف إثما إن هو خالف رأي طبيبه.

وعن خطورة حالات الإسهال على الصائم، فهي موازية لشدة الإسهال خصوصا وأن الوقت حار ويوم الصائم طويل مما قد يساعد على الاجتفاف، ويرجى في هذه الحالة استشارة الطبيب لنصح المريض ببعض الأدوية وأيضا كثرة شرب الماء والسوائل مما قد يضطر المريض إلى عدم الصيام.

وعن موضوع ممارسة الرياضة في رمضان، فمن الناحية الطبية، من المستحسن أن تمارس بعد الإفطار وذلك بعد أخذ الجسم الطاقة الضرورية من المأكولات إلا أنه نظرا لقصر الليل فغالبا ما يمارس الصائم رياضة مباشرة قبل الإفطار، وإن كان التأثير السلبي لهذا المعطى قد يكون قليلا بالنسبة للأصحاء، حيث إن خطر الهبوط الحاد للسكري قليل، فإنه يمكن أن يشكل خطورة بالنسبة لبعض المرضى كالمصابين بالسكري وبارتفاع ضغط الدم وكذلك بالنسبة للأشخاص المسنين.

وبالنسبة لمرض السكري، فينصح طبعا، استشارة الطبيب إذ أنه من الأفضل لمرضى السكري ألا يصوموا لاجتناب الهبوط السكري الحاد وكذلك خطر ارتفاع السكري بعد الإفطار. وعند إصرار المريض على الصيام فعلى الطبيب أن يحاول تتبع حالة المريض بصفة دقيقة وذلك حفاظا على صحته وتجنبا للمخاطر التي يتعرض لها.

وبما أننا نعيش هذه الأيام على إيقاع موجة حر شديدة، أشار الدكتور عبد المجيد الشرايبي إلى أنه ينصح بحسب الإمكان تفادي التعرض للحرارة الشديدة في اليوم، مع أخذ كميات كافية من السوائل بعد الإفطار، وتُقدر بحوالي لترين على الأقل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق