مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

لغة القرآن وبلاغته من خلال كتاب: «معارج التفكر ودقائق التدبر» الشيخ عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني «وقفات التأني عند آيات سورة السبع المثاني (الفاتحة)» «الحلقة السابعة عشرة»

هذه السورة القصيرة العظيمة سورة مؤلفة من درس واحد، جامع لكليات كبرى، هي بمثابة عنوانات عامة للدين الذي اصطفاه الله لعباده الذين خلقهم ليبلوهم في ظروف الحياة الدنيا، ولتاريخهم تجاهه منذ نشأتهم إلى أن تقوم الساعة، وهي العنوانات التاليات:[1]

العنوان الأول:

المبادئ الإيمانية التي يجب أن يؤمن بها الذين خلقهم الله عز وجل ليبلوهم في رحلة الحياة الدنيا وظروفها، وقد دل عليها صراحة وضمنا باللزوم الذهني ومقتضياته، قول الله عز وجل: «بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِين الرَّحْمـنِ الرَّحِيم مَـالِكِ يَوْمِ الدِّين» [الفاتحة الآيات:1- 2-3-4]

يقول الإمام النووي: “اعلم أنَّ مسألة البسْملة عظيمة مهمة ينبني عليها صِحَّة الصلاة الَّتي هي أعظم الأركان بعد التَّوحيد”.[2] والبسملة اسم لكلمة «باسم الله»، صيغ هذا الاسم على مادَّةٍ مؤلفة من حروف الكلمتين «باسم» و«الله» على طريقة تسمى النَّحْت، وهو صوغ فعللِ مُضِيٍ على زنة فَعْلَل مؤلفةٍ مادتُه من حروف جملة أو حروفِ مركَّب إِضَافِي، مما ينطق به الناس اختصاراً عن ذكر الجملة كلها لقصد التخفيف لكثرة دوران ذلك على الألسنة، وقد استعمل العرب النحت في النَّسَب إلى الجملة أو المركب إذا كان في النسبِ إلى صدر ذلك أو إلى عَجزه التباس، كما قالوا في النسبة إلى عبد شمس عَبْشَمِيّ خشية الالتباس بالنسب إلى عبدٍ أو إلى شمس، وفي النسبة إلى عبد الدار عَبْدَرِيّ كذلك وإلى حضرموت حضرمي، قال سيبويه في باب الإضافة؛ أي النسَب  إلى المضاف من الأسماء: « وقد يجعلون للنسب في الإضافة اسماً بمنزلة جَعْفَري ويجعلون فيه من حروف الأول والآخر ولا يخرجونه من حروفهما ليُعْرَف»، فجاء من خلفهم من مُوَلِّدي العرب واستعملوا هذه الطريقة في حكاية الجمل التي يكثر دورانها في الألسنة لقصد الاختصار، وذلك من صدر الإسلام فصارت الطريقة عربية[3]، قال الراعي النميري:[4]

قَومٌ عَلَى الإِسْلَامِ لَمَّا يَمْنَعُوا///مَاعُونَهُمْ ويُضَيِّعُوا التَّهْلِيلَا

أي لم يتركوا قول: لا إلاه إلا الله، وقال عُمر بن أبي ربيعة: [5]

لَقَدْ بَسْمَلَتْ لَيْلَى غَدَاةَ لَقِيتُها ///أَلَا حَبَّذا ذَاكَ الْحبيبُ الْمُبَسْمِلُ

أي قالت بسم الله فَرَقاً منه، فأصل بسمل قال بسم الله ثم أطلقه المولدون على قول بسم الله الرحمن الرحيم، اكتفاء واعتماداً على الشهرة وإن كان هذا المنحوتُ خِليَّاً من الحاء والراء اللذين هما من حروف الرحمن الرحيم، فشاع قولهم بسمل في معنى قال بسم الله الرحمن الرحيم، واشتق من فعل بسمل مصدر هو البسملة كما اشتق من هَلَّل مصدر هو الهيللة وهو مصدر قياسي لفعلل، واشتق منه اسم فاعل في بيت عمر بن أبي ربيعة ولم يسمع اشتقاق اسم مفعول.[6]

إن البدء بـ «بسم الله» في هذه السورة، وفي كل سورة من سور القرآن ما عدا التوبة يرشد المسلم إلى أن يبدأ أعماله وأقواله بـــ«بسم الله الرحمن الرحيم»؛ طلبا لمعونة الله وتوفيقه، ومخالفة للمشركين الذين يبدؤون أعمالهم بأسماء آلهتهم، ذلك أن الله تعالى«أدّب نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم بتعليمه تقديمَ ذكر أسمائه الحسنى أمام جميع أفعاله، وتقدَّم إليه في وَصفه بها قبل جميع مُهمَّاته، وجعل ما أدّبه به من ذلك وعلَّمه إياه، منه لجميع خلقه سُنَّةً يستَنُّون بها، وسبيلا يتَّبعونه عليها، فبه افتتاح أوائل منطقهم، وصدور رسائلهم وكتبهم وحاجاتهم، حتى أغنت دلالة ما ظهر من قول القائل: «بسم الله»، على من بطن من مراده الذي هو محذوف»[7]. وتقديم المعمول هاهنا أوقع كما في قوله:«بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها» وقوله: «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» لأنه أهم وأدل على الاختصاص، وأدخل في التعظيم وأوفق للوجود فإن اسمه سبحانه وتعالى مقدم على القراءة، كيف لا وقد جعل آلة لها من حيث إن الفعل لا يتم ولا يعتد به شرعاً ما لم يصدر باسمه تعالى لقوله عليه الصلاة والسلام «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أبتر»[8]. والباء في قوله: «بِسْمِ اللَّهِ» بَاءُ الإِلْصاق، وهي متعلقة بفعل، والتّقدير: بِاسْمِ اللَّهِ أشْرع في أداء الطّاعات، وهذا المعنى لا يصير مُلخّصا معلوما إلا بعدَ الوقوف على أقسام الطاعات، وهي العقائد الحَقَّة والأعمال الصَّافية مع الدلائل والبيِّنات، ومع الأجوبة عن الشُّبهات[9]. وإنما قال بسم الله ولم يقل بالله، لأن التبرك والاستعانة بذكر اسمه، أو للفرق بين اليمين والتيمن، ولم تكتب الألف على ما هو وَضْع الخط لكثرة الاستعمال وطولت الباء عوضاً عنها، و«الله» أصله إله، فحذفت الهمزة وعوض عنها الألف واللام ولذلك قيل: يا الله، بالقطع إلا أنه مختص بالمعبود بالحق، والإله في الأصل لكل معبود، ثم غلب على المعبود بالحق[10]، وإيضاحا لهذه اللطيفة البلاغية يذكر الطاهر بن عاشور: «أن كل مقام يقصد فيه التيمن والانتساب إلى الرب الواحد الواجب الوجود يعدى فيه الفعل إلى لفظ اسم الله كقوله: «وَقَالَ ارْكَبُواْ فِيهَا بِسْمِ اللّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا»[ هود: 41]، وفي الحديث في دعاء الاضطجاع: «بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِاسْمِكَ أَرْفَعُهُ»، وكذلك المقام الذي يقصد فيه ذكر اسم الله تعالى كقوله تعالى: « فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم» [الواقعة: 74] أي؛ قل سبحان الله: «سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى» [الأعلى: 1] وكل مقام يقصد فيه طلب التيسير والعون من الله تعالى يعدى الفعل المسؤول إلى علم الذات باعتبار ما له من صفات الخلق والتكوين كما في قوله تعالى: «فَاسْجُدْ لَهُ» [الإنسان: 26]، وقوله في الحديث: «اللهم بك نصبح وبك نمسي»؛ أي بقدرتك ومشيئتك، وكذلك المقام الذي يقصد فيه توجه الفعل إلى الله تعالى كقوله تعالى: «فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ»؛ أي نَزِّه ذاته وحقيقته عن النقائص،  فمعنى: « بسم الله الرحمن الرحيم» أقرأ قراءة ملابسة لبركة هذا الاسم المبارك»[11].

ومن الأسرار البلاغية لحذف العامل في بسم الله ذكرها ابن القيم أنه موطن لا ينبغي أن يتقدم فيه سوى ذكر الله، فلو ذكرت الفعل وهو لا يستغني عن فاعله كان ذلك مناقضا للمقصود فكان في حذفه مشاكلة اللفظ للمعنى، ليكون المبدوء به اسم الله كما نقول في الصلاة الله أكبر ومعناه من كل شيء، ولكن لا نقول هذا المقدر وليكون اللفظ مطابقا لمقصود الجنان وهو أن لا يكون في القلب إلا الله وحده، ومنها أن الفعل إذا حذف صح الابتداء بالتسمية في كل عمل وقول وحركة، وليس فعل أولى بها من فعل فكان الحذف أعم من الذكر، فإن أي فعل ذكرته كان المحذوف أعم منه، ومنها أن الحذف أبلغ لأن المتكلم بهذه الكلمة كأنه يدعي الاستغناء بالمشاهدة عن النطق بالفعل، فكأنه لا حاجة إلى النطق به لأن المشاهدة والحال دالة على أن هذا وكل فعل فإنما هو باسمه تبارك وتعالى[12]. والبدء باسم الجلالة « الله » لأنه اسم ما تعنو إليه القلوب عند موقف العقول فتأله فيه؛ أي تتحير فتتألهه وتلهو به؛ أي تغني به عن كل شيء[13]، وهو اسم علم في اللغة العربية على ذات الخالق الرب جل جلاله، الجامع لكل صفات الكمال، والمنزه عن كل صفة من صفات النقصان التي لا تليق بذات الرب الخالق الأزلي الأبدي، ولهذا فلفظ الله هو أعظم أسماء الله الحسنى، ومن خواص هذا الاسم أنه لم يسم به غير الخالق الأزلي الأبدي الرب جل جلاله، لا على سبيل الحقيقة ولا على سبيل المجاز[14]، وفي ذكر لفظ الجلالة الله مقترنا بالوصفين الرحمن الرحيم لمسة بلاغية  وإنما خص التسمية بهذه الأسماء ليعلم العارف أن المستحق لأن يستعان به في مجامع الأمور، هو المعبود الحقيقي الذي هو مولى النعم كلها عاجلها وآجلها، جليلها وحقيرها[15]. والرحمن صفة مشبهة مأخوذة من الرحمة، يقال لغة: رحم: الرَّحْمة: الرِّقّة والتَّعطُّف، والمرْحَمَةُ مثله، وقد رَحِمْتُهُ وتَرَحَّمْتُ عليه، وتَراحَمَ القومُ: رَحِمَ بَعْضُهم بَعْضًا. والرَّحْمَةُ: المغفرة؛ وقوله تعالى في وصف القرآن: «هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ»[الأعراف:52]؛ أَي فصَّلْناه هاديًا وذا رَحْمَةٍ؛ وقوله تعالى: «وَرَحْمَة لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ»[التوبة: 61]؛ أَي هو رَحْمةٌ لأنه كان سبب إيمانهم، ورَحِمَهُ رُحْماً ورُحُماً ورَحْمةً ورَحَمَةً؛ حكى الأَخيرة سِيبَوَيْهِ، ومَرحَمَةً، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ»[البلد: 17]؛ أَي أَوصى بعضُهم بَعْضًا بِرَحْمَة الضّعيف والتّعطُّف عليه[16]، قال الزّجَّاج: الرَّحْمنُ اسم مِنْ أَسماء اللَّهِ عز وجلّ مذكور في الكتب الأُوَل، ولم يكونوا يعرفونه من أسماء اللَّه؛ ورَحِيمٌ فَعِيلٌ بمعنى فاعل كما قالوا سميع بمعنى سامِع وقديرٌ بمعنى قَادِرٍ، وكذلك رَجُلٌ رَحُومٌ وامرأَة رَحُومٌ؛ وقال ابن عبّاس: هما اسمان رقيقان أَحدهما أَرق من الآخَر، فالرَّحْمن الرَّقِيقُ والرَّحيمُ الْعَاطِفُ على خَلْقِه بالرزق؛ قال الجوهري: الرَّحْمن والرَّحيم اسمان مشتقَّان من الرَّحْمة، ونظيرهما في اللّغة نَديمٌ ونَدْمان، وَهُمَا بِمَعْنًى، ويجوز تكرير الاسمين إذا اختلف اشتقاقُهُما على جهة التَّوكيد كما يقال فُلانٌ جادٌّ مُجِدٌّ، وهما من أَبنية المبالغة، ورَحمن أَبلغ مِنْ رَحِيمٌ، والرَّحيم يُوصَف به غَيرُ اللَّه تعالى فيُقَال رَجُلٌ رَحِيمٌ، ولا يُقال رَحْمن[17]. وجمع في البسملة وفي سورة الفاتحة بين اسمي [الله والرحمن والرحيم] لأمور، منها:

– تأكيد الثناء على الله بصفة رحمته.

– الطمع بإنعامه وإحسانه، وهو ما يشعر به حشد أسماء الله الحسنى المشتقة من الرحمة، في مقام الاستعانة به.

– الإشارة إلى شمول رحمته جلائل النعم ودقائقها التي يتفضل بها على عباده في الدنيا وفي الآخرة[18].

والجمع بين هذه الأسماء الثلاثة «الله الرحمن والرحيم» يحمل في ثناياه لونا بديعيا هو التناسب، فاسم اللَّهِ عزّ وجلّ أقوى الأسماء في تَجَلِّي ذاته، لأنه أظهر الأسماء في اللَّفظ، وأبعدُها معنى عن العقول، فهو ظاهر باطن، يَعْسُرُ إنكارهُ، ولا تُدْرَكُ أسرارهُ، قال الحسين بن منصور الحلَّاج:

اسْمٌ مَعَ الْخَلْقِ قَدْ تَاهُوا بِهِ وَلَهًا /// لِيَعْلَمُوا مِنْهُ مَعْنًى مِنْ مَعَانِيهِ

وَاللَّهِ مَا وَصَلُوا مِنْهُ إِلَى سَبَبٍ /// حَتَّى يَكُونَ الَّذِي أَبْدَاهُ مُبْدِيهِ

أما اسمه الرَّحْمَنُ فهو يفيد تجلي الحقّ بصفاته العالية، ولذلك قال: «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى» [الإسراء: 110]، وأمّا اسمه الرَّحِيمُ فهو يفيد تَجَلِّي الحق بأفعاله وآياته ولهذا السبب قال: «رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً» [غَافِرٍ: 7] [19] .

ومناسبة الجمع في البسملة بين علم الجلالة وبين صفتي الرحمن الرحيم أن المُسمِّي إذا قصَد الاستعانة بالمعبود الحق الموصوف بأنه مُولي النعم كلها جليلها ودقيقها يذكر عَلَم الذات إشارة إلى استحقاقه أن يستعان به بالذات، ثم يذكر وصف الرحمن إشارة إلى أن الاستعانة على الأعمال الصالحة وهي نعم[20].

و أثبت بقوله «الحمد لله» أنه المستحق لجميع المحامد لا لشيء غير ذاته الحائز لجميع الكمالات، والحمد هو التحدث على وجه التمجيد بصفات المحمود الجميلة، وهو مرادف لكلمة الثناء، و«أل» في كلمة الحمد هنا استغراقية تعم كل أجناس الحمد وأنواعه وأصنافه وأفراده[21]، وكلمة الله علم في اللسان العربي على خالق الكون الأزلي الأبدي الذي لا أول له ولا آخر، فهو الأول والآخر؛ و«الحمد» مبتدأ  و«لله» خبر ونقول بحسب الصناعة النحوية: جار ومجرور متعلقان بمحذوف هو الخبر [22].

ويلزم من إثبات كل الحمد لله توحيد الله في أزليته وفي أبديته، وفي ذاته وصفاته وأسمائه الحسنى، وهذا هو المبدأ الأعظم لكل أركان الإيمان وهو يتضمن أنه رب كل شيء سواه، وفي ذلك قوله تعالى: «رَبِّ العَالَمِينَ» وكلمة «رب» هي في الأصل مصدر فعل «رَبَّ»، يقال لغة: الرَّبُّ: هو اللَّهُ عزّ وجلّ، هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه، وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق، لا شريك له، وهو رَبُّ الأَرْبابِ، ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ، وَلَا يُقَالُ الربُّ في غَير اللهِ، إلّا بالإِضافة، وربُّ كل شيء: مالكُه ومُسْتَحِقُّه؛ وقيل: صاحبه، ويقال: فلانٌ رَبُّ هذا الشيء أي مِلْكُه له، وكلُّ من مَلَك شيئا، فهو رَبُّه، يقال: هو رَبُّ الدابة، وربُّ الدار، وفلان رَبُّ البيت، وهُنَّ رَبَّاتُ الحِجالِ؛ ويقال: رَبٌّ، مُشَدَّد؛ ورَبٌ، مخفَّف؛ وأنشد المُفضَّل:

وَقَدْ عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه /// رَبٌ، غيرُ مَنْ يُعْطِي الحُظوظَ، ويَرْزُقُ

وفِي حديث أشراط السّاعة:«وأَن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّها، أَو رَبَّتَها»، قال: الرَّبُّ يطلق في اللُّغة على المالكِ، والسَّيِّدِ، والمُدَبِّر، والمُرَبِّي، والقَيِّمِ، والمُنْعِمِ؛ قال: ولا يطلق غيرَ مضاف إلا على اللَّه عز وجل، وإذا أُطلِق على غيره أُضيف، فقيل: ربُّ كذا[23]، وفي حديث إجابة المؤذن: اللهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدعوةِ؛ أَي صاحِبَها؛ وقيل: المتمِّم لها، والزائد في أهلها والعمل بها، والإِجابة لها، ورَبَّهُ يَرُبُّهُ رَبّاً: مَلَكَه، وطالَتْ مَرَبَّتُهم الناسَ ورِبابَتُهم أَي مَمْلَكَتُهم؛ قال علقمة بن عَبَدةَ:[24]

وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي، /// وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي، فَضِعتُ، رُبوبُ

ويُروى رَبُوب؛ وعندي أَنه اسْم للجمع، وإِنه لَمَرْبُوبٌ بَيِّنُ الرُّبوبةِ أَي لَمَمْلُوكٌ؛ والعِبادُ مَرْبُوبونَ للهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَي مَمْلُوكونَ، ورَبَبْتُ القومَ: سُسْتُهم أَي كنتُ فَوْقَهم، وقال أبو نصر: هو من الرُّبُوبِيَّةِ، والعرب تقول: لأَنْ يَرُبَّنِي فُلَانٌ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَنْ يَرُبَّنِي فُلَانٌ؛ يعني أن يكون رَبّاً فوْقِي، وسَيِّداً يَمْلِكُنِي؛ وروي هذا عن صفوان بن أُمَيَّة، أنه قال يوم حُنَيْن، عند الجَوْلةِ الَّتي كانت من المسلمين، فقال أبو سفيان: غَلَبَتْ والله هَوازِنُ؛ فأَجابه صفوان وقال: بِفِيكَ الكِثْكِثُ، لأَنْ يَرُبَّنِي رجلٌ مِنْ قُرَيْشٍ أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَرُبَّني رجلٌ مِنْ هَوازِنَ. قال ابن الأنباري: الرَّبُّ ينقسم على ثلاثة أَقسام: يكون الرَّبُّ المالك، ويكون الرَّبُّ السيد المطاع؛ قالَ اللَّهُ تَعَالَى: «فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً»، أَي سَيِّدَه؛ ويكون الرَّبُّ المصلح؛ رَبَّ الشيء إذا أَصْلَحَه، وأَنشد: [25]

يَرُبُّ الَّذِي يأْتِي منَ العُرْفِ أَنه، /// إِذا سُئِلَ المَعْرُوفَ، زادَ وتَمَّما

ورَبَّ ولَدَه والصَّبِيَّ يَرُبُّهُ رَبّاً، ورَبَّبَه تَرْبِيباً وتَرِبَّةً، عن اللِّحْياني: بمعنى رَبَّاه، وَفِي الْحَدِيثِ: لكَ نِعْمةٌ تَرُبُّها، أي تَحْفظُها وتُراعِيها وتُرَبِّيها، كما يُرَبِّي الرّجُل ولدَه؛ وفي حديث ابن ذي يَزَنَ: أُسْدٌ تُرَبِّبُ، فِي الغَيْضاتِ، أَشْبالا أَي تُرَبِّي، وهو أَبْلغ منه ومِنْ تَرُبُّ، بالتَّكْرير الَّذي فيه، وتَرَبَّبَه، وارْتَبَّه، ورَبَّاه تَرْبِيَةً على تحْويل التّضْعيف، وتَرَبَّاه على تحويل التّضعِيف أيضا: أحسن القيام عليه، ووَلِيَه حَتَّى يفارق الطُّفُولِيَّةَ، كان ابْنَه أو لم يكُن؛ وأَنشد اللِّحْيَانِيُّ:[26]

تُرَبِّبُهُ، مِنْ آلِ دُودانَ، شَلّةٌ /// تَرِبَّةَ أُمٍّ، لَا تُضيعُ سِخَالَها

فكلمات الرَّب والتَّربية والتَّربيب مصادر لأفعال مختلفة في صيغها ومعناها واحد، وهو الإنشاء المتدرج للشيء حيّا كان أم غير ذي حياة، وتعهد الشيء حالا فحالا، وطورا فطورا، بحسب فطرته واستعداداته، فيشمل هذا التعهد بعموم معناه التغذية، والتنمية، والإرشاد، والإصلاح، والتقويم، والحفظ، والرعاية، والتأديب، والتهذيب، والتعليم إذا كان المربي يحتاج تأديبا، أو تهذيبا، أو تعليما، ويشمل أيضا الإمداد المستمر بما يحتاج إليه لبقائه وسلامته، ثم استعيرت كلمة الرب من المصدرية إلى اسم الفاعل، فصارت تطلق كلمة الرب بمعنى المربي[27]، فالربوبية هي الوصف الجامع لكل صفات الله ذات العلاقة والأثر في مخلوقاته، واسم الرب هو الاسم الدال على كل هذه الصفات، ولفظة رب صفة لله أو بدل منه[28]، وكلمة العالمين  تحمل هنا على كل ذي إدراك وفهم وعقل، فيدخل في العالمين الإنس والجن والملائكة، ولا مانع من تخصيصها هنا بالإنس والجن الموضوعين في الحياة الدنيا موضع الامتحان[29]، ومعنى العالمِينَ كل ما خلق اللَّه، كما قال: وهو رَبُّ كل شيء، وهو جمع عالَمٍ، قال: ولا واحد لعالَمٍ من لفظه لأن عالَماً جَمَعَ أشياء مختلفة، فإن جُعل عالَمٌ لواحد منها صار جمعا لأَشياء مُتَّفِقَة، قال الأَزهري: فهذه جملة ما قيل في تفسير العالَم، وهو اسم بني على مثال فاعَل كما قالوا خاتَمٌ وطابَعٌ ودانَقٌ [30]، وهو مضاف إليه مجرور وعلامة جره الياء نيابة عن الكسرة؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.[31]

وقد اختلفت أقوال المفسرين في تفسير لفظة العالمين في القرآن:

  • فمنهم من قال كل موجود سوى الله.
  • ومنهم من قال هم كل من يعقل.
  • وقال ابن عباس هم الجن والإنس فقط، لأنهم هم الذين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، وروي عنه في قول الله تعالى: «رب العالمين»؛ كل الخلق [32].

ثم إن الابتلاء يقتضي أن يرحم الله الممتحنين بإنزال مواد امتحانهم، وبعث الرسل لهم، وإنزال الكتب لهدايتهم، ومعاملتهم بالتيسير ورفع الحرج، والعفو والغفران، فجاء قول الله عز وجل: « الرحمن الرحيم» وقد وصف نفسه تعالى بعد «ربّ العالمين» بأنه الرحمن الرحيم لأنه لما كان في اتصافه بـ «رب العالمين» ترهيب فإنه بـ «الرحمن الرحيم» لما تضمن من الترغيب، ليجمع في صفاته بين الرهبة منه، والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته وأمنع، كما قال: « نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم، وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيم».[الحجر: 49-50] وقال: « غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ» [غافر: 3][33]، وإنما قدم الرحمن – الترقي من الأدنى إلى الأعلى- لتقدم رحمة الدنيا، ولأنه صار كالعلم من حيث إنه لا يوصف به غيره؛ لأن معناه المنعم الحقيقي البالغ في الرحمة غايتها، وذلك لا يصدق على غيره تعالى[34].

ولما  كان الرب المنعوت بالرحمة قد لا يكون مالكا وكانت الربوبية لا تتم إلا بالمِلك المفيد لتمام التصرف، وكان المالك قد لا يكون مَلِكا ولا يتم مِلكه إلا بالمُلك المفيد للعزة المقرون بالهيبة المثمرة للبطش والقهر المنتج لنفوذ الأمر أتبع ذلك بقوله: « مَـالِكِ يَوْمِ الدِّين» وهي صفة رابعة لله [35]، ومالك قراءة عاصم والكسائي ويعقوب وخلف في اختياره، وملك قراءة باقي القراء العشرة، ولفظ «مَالِك» هو من المِلْكِ بكسر الميم بمعنى صاحب حق التصرف بالشيء، فمالك الدراهم والدنانير هو صاحب حق التصرف بها، ومالك البيت هو صاحب حق التصرف بسكناه، وبيعه، وهبته، وتأجيره، وغير ذلك من تصرفات، ومالك الثوب هو صاحب حق التصرف باستعماله وبيعه وهبته[36]، ولفظ ملك هو من المُلك بضم الميم، وهو حق التصرف في كل شيء بالأمر والنهي، والمَلك في الناس هو الذي له حق التصرف بإدارة شؤون مملكته بالأمر والنهي، وعلى الذين هم في دائرة ملكه طاعته وتنفيذ أوامره ونواهيه[37]، وفي هذا المقام قال أهل النحو إن ملكا أمدح من مالك، وذلك أن المالك قد يكون غير ملك، ولا يكون الملك إلا مالكا، وجمع الملك أملاك وملوك، وجمع المالك ملاك ومالكون[38]، ومالكا اسم فاعل من ملك يملك، واسم الفاعل في كلام العرب قد يضاف إلى ما بعده وهو بمعنى الفعل المستقبل، ويكون ذلك عندهم كلاما سديدا معقولا صحيحا، كقولك: «هذا ضارب  زيد غدا»؛ أي سيضرب زيدا[39]، والله عز وجل هو مالك يوم الدين، أي: هو مالك كل شيء في يوم الدين ملكا تاما بالاستقلال الكامل، فلا يشاركه في التصرف بأي شيء أحد، وأطلق اليوم وهو الزمن وأريد به كل شيء فيه مادي أو معنوي، فالملك يوم الدين لله وحده[40]، ولذلك اختير هنا  وصف  ملك أو مالك مضافا إلى يوم الدين[41]، والمراد بلفظ الدين هما الجزاء والمكافأة وظاهر أن تنفيذ الجزاء يستلزم قبله كتاب الأعمال، والمحاسبة عليها، أو عرضها وفصل القضاء، فجاء الاستغناء بلفظ الدين عن كل الأمور التي يقتضيها الجزاء بالعدل[42]، والدين أيضا: الطاعة، كقوله تعالى: « فِي دِينِ الْمَلِكِ»[يوسف:76]، والدين أيضا الملة[43]، قال المثقَّب العبديّ: [44]

تقولُ إذا دَرَأْتُ لها وَضِيني:/// أهذا دِينُه أبدًا ودِيني؟

فوُصِفَ اللَّهُ تعالى بأنه رب العالمين كلهم، ثم عقب بوَصفي الرحمن الرحيم لإفادة عظم رحمته، ثم وصف بأنه مَلِك يوم الدين وهو وَصْف بما هو أعظم مما قبله لأنه ينبىء عن عموم التصرف في المخلوقات في يوم الجزاء الذي هو أول أيام الخلود، فمَلِك ذلك الزمان هو صاحب المُلك الذي لا يشذ شيء عن الدخول تحت مُلكه، وهو الذي لا ينتهي ملكه ولا ينقضي، فأين هذا الوصف من أوصافِ المبالغة التي يفيضها الناس على أعظم الملوك مثل مَلِك الملوك ( شَاهَانْ شَاهْ ) ومَلِك الزمان ومَلِك الدنيَا ( شاهْ جَهان ) وما شابه ذلك، مع ما في تعريف ذلك اليوم بإضافته إلى الدين أي الجزاء من إدماج التنبيه على عدم حكم الله لأن إيثار لفظ الدين ( أي الجزاء ) للإشعار بأنه معاملة العَامل بما يعادِل أَعماله المَجْزِيَّ عليها في الخير والشر، وذلك العدلُ الخاص قال تعالى: « الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لاَ ظُلْمَ الْيَوْمَ» [غافر: 17] فلذلك لم يقلْ ملك يوم الحساب فوَصفُه بأنه ملك يَومِ العدل الصِّرف وصف له بأشرف معنى المُلك، فإن الملوك تتخلد محَامدهم بمقدار تفاضلهم في إقامة العدل وقد عرف العرب المِدْحةَ بذلك[45]، قال النابغة يمدح الملك عَمْرو بن الحارث الغساني ملك الشام:[46]

وكَم جزَانَا بأَيْدٍ غَيرِ ظالمة/// عُرْفاً بعُرف وإنكاراً بإنكارِ

وقال الحارث بن حلزة يمدح الملك عَمرو بن هند اللخمي ملك الحِيرة:[47]

مَلِكٌ مُقْسِطٌ وأَفْضَلُ مَنْ يَمْــ ///شِي ومن دُونِ مَا لَدَيْه القَضَاء

وإجراء هذه الأوصاف الجليلة على اسمه تعالى إيماء بأن موصوفها حقيق بالحمد الكامل الذي أعربت عنه جملة  الحمد لله، لأن تقييد مُفاد الكلام بأوصاف مُتَعَلَّق ذلك المفاد يُشعر بمناسبة بين تلك الأوصاف وبين مُفاد الكلام مُناسبة تفهم من المقام مثل التعليل في مقام هذه الآية.[48]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

[1] معارج التفكر ودقائق التدبر، عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني، 1/285.

[2] المجموع شرح المهذب (مع تكملة السبكي والمطيعي)، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي، 3/334، دار الفكر.

[3] التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، 1/137.

[4] ديوان الراعي النميري، شرح د.واضح الصمد، ص: 206، دار الجيل، بيروت، الطبعة الأولى، 1416هـ-1995م.

[5] ديوان عمر بن أبي ربيعة، ص: 177، دار القلم، بيروت- لبنان، ولفظة الحبيب وردت في الديوان: الحديثُ، ولفظة المُبَسْمِلُ في الديون المُبَسْمَلُ.

[6] التحرير والتنوير، 1/137.

[7] جامع البيان في تأويل القرآن، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الآملي، أبو جعفر الطبري، تحقيق: أحمد محمد شاكر، 1/114، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1420 هـ – 2000 م.

[8] أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي، تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشلي، 1/25، دار إحياء التراث العربي بيروت، الطبعة: الأولى – 1418 هـ.

[9] مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، فخر الدين الرازي، 1/23، دار إحياء التراث العربي بيروت، الطبعة: الثالثة – 1420 هـ.

[10] أنوار التنزيل وأسرار التأويل، البيضاوي، 1/26.

[11] التحرير والتنوير، 1/150.

[12] بدائع الفوائد، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية، 1/25، دار الكتاب العربي، بيروت، لبنان.

[13] نظم الدررفي تناسب الآيات والسور، البقاعي، 1/13.

[14] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/ 19.

[15] تفسير البيضاوي، 1/27.

[16] لسان العرب، ابن منظور، 12/230.

[17] نفسه، 12/231.

[18] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/21.

[19] مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، فخر الدين الرازي، 1/244.

[20] التحرير والتنوير، 1/151.

[21] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/287-288.

[22] نفسه، 1/288.

[23] لسان العرب، 1/399.

[24] شرح ديوان علقمة بن عبدة الفحل، الأعلم الشنتمري، قدم له ووضع هوامشه وفهارسه: حنا نصر الجتي، ص: 28، دار الكتاب العربي، الطبعة الأولى، 1414هـ/1993م. ورد لفظ وكنت في شرح الحماسة: وأنت، ولفظة ربابتي: وردت أمانتي.

[25] لسان العرب، 1/400-401.

[26] نفسه، 1/401.

[27] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/290.

[28] إعراب القرآن الكريم وبيانه، محيي الدين الدرويش، 1/29.

[29] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/291.

[30] لسان العرب،  12/421.

[31] إعراب القرآن الكريم وبيانه، 1/29.

[32] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/292.

[33] الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، 1/140-141.

[34] البحر المديد في تفسير القرآن المجيد، أبو العباس أحمد بن محمد بن المهدي بن عجيبة الحسني، تحقيق: عمر أحمد الراوي، 1/27، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الثالثة، 2010م.

[35] إعراب القرآن الكريم وبيانه، 1/30.

[36] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/295.

[37] نفسه، 1/296.

[38] إعراب القرآن الكريم وبيانه، 1/30.

[39] الجامع لأحكام القرآن، القرطبي، 1/143.

[40] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/295-296.

[41] التحرير والتنوير، 1/174.

[42] معارج التفكر ودقائق التدبر، 1/296.

[43] إعراب القرآن الكريم وبيانه، 1/29.

[44] ديوان شعر المثقب العبدي، تحقيق: حسن كامل الصيرفي، ص: 23.

[45] التحرير والتنوير، 1/176-177.

[46] ديوان النابغة الذبياني، تحقيق الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور، ص:111.

[47] ديوان الحارث بن حلزة، ص: 26، ولفظة القضاء: وردت في الديوان: الثناء، وانظر شرح المعلقات السبع للزوزني، ص: 275.

[48] التحرير والتنوير، 1/177.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق