مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةقراءة في كتاب

كتاب: اتساع الدلالة في الخطاب القرآني

الباعث على تأليف الكتاب: 

هذا أمر يدلك عليه عنوان الكتاب إذ كان في الخطاب القرآني. والناظر في مقدمة الكتاب يعلم أن سبب تأليفه راجع إلى شغف المؤلف بكتاب الله وخدمته على النحو الذي تحصل معه الفائدة لقارئه. قال في المقدمة: “وحين فكرت في اختياري موضوع البحث كان شغفي بكتاب الله وخدمته يصدني عما سواه”. فهذا أول باعث, والثاني هو شهوده محاضرة للأستاذ فاضل صالح السامرائي في جامعة الشارقة. قال المؤلف: “وكان أنْ حضرت محاضرة عامة ألقاها أ.د. فاضل صالح السامرائي في جامعة الشارقة تحدث فيها عن جوانب من الإعجاز في كتاب الله, لامس موضوع الاتساع في القرآن فوقع في قلبي ووافق هوى في نفسي”.

فأنت ترى سبيل الباحث في الجامعة, يقتنص الشوارد في اللقاءات العلمية مما يُلقى في المحاضرات والندوات, فيكون ذلك له مادة صالحة لمشروع بحث علمي يُكتب له الطبع فيما بعد.

عنوان الكتاب:

دل الكاتب بعنوان الكتاب دلالة مباشرة على موضوعه, بحيث لم يُبق للمُطلع عليه سبيلا إلى البحث عن مزيد تفسير. فقوله: “اتساع الدلالة” مقتصرا عليها, خرج به ما كان من عمل المباحث الأخرى كالتركيب وغيره. وقوله: “في الخطاب القرآني” خرج به ما كان من جنس الخطابات الأخرى كالشعر والحديث النبوي وسائر النثر على عامته.

أصل الكتاب:

قال المؤلف في الحاشية الأولى من الصفحة 16: “هذا البحث أطروحة دكتوراه بإشراف الأستاذ الدكتور سعيد الأيوبي, نوقشت في جامعة مولاي إسماعيل  بمكناس بالمملكة المغربية يوم الإثنين 2007/01/08  وأجيزت بميزة: مشرف جدا”.

أهمية الكتاب:

كل كتاب إنما يكتسب أهميته من موضوعه ومادته التي يدرسها وينظر في مباحثها. وكتاب الدكتور محمد نور الدين المنجد اكتسب هذه الأهمية لمكان الخطاب القرآني منه. فالكاتب جعل عمله في كتابه مقتصرا على ما في القرآن من أوجه اتساع الدلالة التي جعلها موضوع كتابه, وهذا أمر لم تزل الحاجة إليه اليوم أشد منها في الأعصُر الأُوَلِ, حيث كان الناس حديثي عهد بنزول القرآن الكريم, فيسر لهم ذلك أن يفهموا خطابه ويستوعبوا أحكامه, ولم تكن الأمم قد اختلطت بعدُ بالفتوحات الإسلامية فيفشوَ اللحنُ  وتفسدَ عربية القوم, فالجهل بالعربية جهلٌ بالقرآن على عامته.

واليوم اشتدت الحاجة إلى مثل هذا الكتاب الذي يكشف عن أسرار الإعجاز القرآني من منظور الدلالة التي حاول المؤلف إبراز أهمية فهم تجلياتها في الخطاب القرآني من خلال مفهوم الاتساع. فلا يشك ناظر في كتاب الله أن الكثير من آياته تحتمل أكثر من معنى. ولم يزل المفسرون تضطرب أقوالهم في تحديد المراد من الآية الواحدة, إذ كانت دلالة الكلمة فيها تتسع فتكون حمالة أوجه من المعاني التي لا يقف عليها إلا من أوتيَ فهما ودراية بالعربية وعرف ما دق من معانيها وما لطُف من مبانيها وما اعتاص من مُتسرب أبوابها فأعيا عن طِلابها.

وصف الكتاب:

يقع الكتاب في 464 صفحة. صدر عن دار الفكر في طبعته الأولى 1431 هـ – 2010  م.

وقد قسم المؤلف كتابه إلى أربعة فصول، صدرها بمقدمة عامة وتمهيد تحدث فيه عن مفهوم الاتساع في العلوم, ثم أعقب ذلك بخاتمة لخص فيها ما جاء في خلال الكتاب, ثم ختم بقائمة المصادر والمراجع.

وفيما يلي سأعرض لتلخيص الكتاب للمطلع عليه غيرَ مُسهب في ذلك, فإنما الشأن في هذا الموضع أن أنحوَ سبيل الإيجاز لئلا أطيلَ فأذهبَ برغبة القارئ في الاطلاع على الكتاب إذا هو أتى على كل جزئياته, فلا غنى له عن قراءة الكتاب. وقد اقتصرت على التعريف بكل مبحث مع إيراد مثال عليه إن أمكن ليُفهم, متبعا في ذلك تقسيم المؤلف لفصول ومباحث الكتاب.

المقدمة:

تحدث المؤلف فيها بإيجاز عن بعض جوانب الإعجاز القرآني وحفظ الله لكتابه وتحديه للعرب أن يأتوا بمثله, ثم ذكر فيها سبب اختياره لموضوع الكتاب, وقد تقدم معك القول فيه, ثم أهميةَ الكتاب ومنهجَه الذي سار عليه, وهو اعتماده رواية حفص عن عاصم واقتصاره على آي القرآن  فقط مما احتمل معنيين أو أكثر بسبب نحوي أو صرفي أو لغوي أو بلاغي. وقد عرج المؤلف بعدُ على تلخيص ما جاء في فصول الكتاب, مع ذكر بعض المصادر والمراجع التي اعتمدها ورجع إليها, وهي أُمَّاتُ الكتب في بابها, ككتاب سيبويه ولسان العرب وتفسير أبي حيان وتفسير الزمخشري وخصائص ابن جني وغيرها مما تجده في مَسرد المصادر والمراجع آخر الكتاب.

التمهيد:

تعرض المؤلف في التمهيد إلى تعريف الاتساع تعريفا لغويا واصطلاحيا. وجماع المفهوم من حيث اللغة هو ما يقابل الضيق, ويعبر به كذلك عن الغنى والقدرة على الإحاطة بالشيء.

أما من حيث الاصطلاح, فقد عرفه انطلاقا من بعض العلوم , كعلم القراءات وعلم اللغة وعلم النحو وعلم الصرف وعلم البلاغة. وتحت كل علم من هذه العلوم مباحث عَرَضَ لها بالقول والتمثيل. وفيما يلي طرف من ذلك:

-1  الاتساع في علم القراءات:

قال في الصفحة 23: “يدل مصطلح الاتساع في علم القراءات على إعطاء الحركة فوق حقها من المد لتصبح حرفا”.

فأنت ترى أن الاتساع ههنا متعلق بالصوت.

-2 الاتساع في اللغة:

أ- في المفردات: أورد له مثالا في الصفحة 26/25 في الآية الكريمة: ﴿أفتوني في أمري﴾ [سورة النمل:32] ونقل عن ابن الجوزي قوله في تفسير الآية: “أي بينوا لي ما أفعل وأشيروا علي. عن الفراء أنه قال: جعلت المشورة فتيا, وذلك لسعة اللغة”.

ب- في الأساليب: قال: من ذلك أن يذكر شيئين ثم يخبر عن أحدهما دون صاحبه اتساعا كما قال الله عز وجل: ﴿و إذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما﴾ [الجمعة:11]

-3 الاتساع في علم النحو:

أ- الاتساع في الظرف:

* خصوصية الظرف: نقل في الصفحة 32 عن  الزمخشري قوله: “للظروف شأن, وهو أن تنزلها من الأشياء منزلة نفسها لوقوعها فيها, وأنها لا تنفك عنها, فلذلك يتسع فيها ما لا يتسع في غيرها”.

وهذه قاعدة مطردة عند العلماء في الظروف.

* إسناد الفعل إلى الظرف: مثل له بقولهم: “صِيدَ عليه الوحشُ في يومين”. والتقدير: صيد عليه الوحش في يومين.

* نصب الظرف مفعولا به: قال في الصفحة 36 ناقلا عن ابن السراج: “ومما ورد من هذا القبيل قولهُم: (سرت فرسخين يومين). إن شئت نصبت انتصاب الظروف, وإن شئت جعلت نصبهما بأنهما مفعولان على السعة”.

* الإضافة إلى الظرف: مثل له في الصفحة 37 بقوله تعالى: ﴿ملك يوم الدين﴾ [الفاتحة: 4] والتقدير: مالك الأمر يوم الدين, لأن الظرف واقع فيه الفعلُ فقط.

* نصب الأسماء على الظرفية: هذا كقولك: (دخلت الدار) وإنما هو: دخلت إلى الدار, فانتصب كأنه مفعول للفعل قبله.

ب- الاتساع في المصدر:

* قيام المصدر مقام الظرف: كقولك: (جئتك مَقْدَمَ الحاج) وإنما هو: جئتك وقت مَقدم الحاج.

* الوصف بالمصدر: مثل له في الصفحة 41 نقلا عن ابن جني بقولهم: “مررت بالرجل العلاء”, وقد قال قبل ذلك في نفس الصفحة: “يذهب ابن جني إلى أن المصدر ليس في الأصل مما سبيله أن يوصف به”.

* إضافة المصدر: مثل له في الصفحة 41 بقوله تعالى: ﴿و جاهدوا في الله حق جهاده﴾[الحج:78] وتقدير الكلام: وجاهدوا في الله جهاد الحق.

ت- الاتساع في الحذف:

* حذف المعطوف: مثل له في الصفحة 42 بقولهم: راكب الناقة طليحان. وتقديره: راكب الناقة والناقة طليحان.

حذف المعطوف وترك المعطوف عليه.

* حذف حرف الجر: كقوله تعالى: ﴿كلما دخل عليها زكرياء المحراب﴾ [آل عمران: 37] أي: إلى المحراب, فحذف حرف الجر توسعا.

ومما جاء في هذا الباب, ما روته النحاة من قول جرير, وهو الشاهد 159 من شرح ابن عقيل في تعدية الفعل اللازم بحذف حرف الجر:

                                 تمرون الديارَ ولم تَعُوجوا     ///    كلامكمُ  علي  إذا  حرامُ

* حذف المضاف: مثاله الآية الكريمة: ﴿واسأل القرية﴾ [يوسف:82] وكل عاقل يعلم أن القرية لا تُسأل, وإنما هو: واسأل أهل القرية, فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.

* حذف الموصوف: مثل له في الصفحة 46 بقولهم: 

جاؤوا بِضَيْحٍ هل رأيت الذئب قط؟

فقوله: هل رأيت الذئب قط, جملة استفهامية في موضع وصف لضيح, وإن كانت لا تحتمل صدقا أو كذبا, ولكنه كأنه قال: جاؤوا بضيحٍ يقول من رآه هل رأيت الذئب قط؟ فإنه يشبهه.

ث- الاتساع في الأفعال:

* ذكر “أن” في خبر “كاد”: قال في الصفحة 47: “الأصل في (كاد) ألا تكون في خبرها (أن), لأن المراد بها حصولُ الفعل في الحال, و (أن) تصرف الكلام إلى الاستقبال”. اهـ

كذا قال المؤلف. لكنه وردت شواهدُ في ذلك خرجت عن هذه القاعدة, قال رؤبةُ بْنُ العجاج في ديوانه (مجموع أشعار العرب) الصفحة 34:

وَقُلْتُ نُصْحًا مِنْ أَخِ تَنَصَّحَا   ///    قَدْ كَادَ يَخْشَى قَلْبُهُ أَنْ يَقْرَحَا

* إعمال أفعال الظن إذا تأخرت:

وذلك أن الأصل فيها أن تتقدم أو تتوسط فيعملونها، أما إذا تأخرت فيهملونها، ومن أعملها إذا تأخرت فإنما ذلك من باب التوسع.

* الفعل يُراد به مطلق الحدث:

وذلك كقوله في المثل المشهور: “تسمعُ بالمُعَيْدِيِّ خيرٌ من أن تراه”.

* التذكير والتأنيث:

كتأنيث الجمع واسم (كان) إذا وقع مصدرا منكرا وكان الخبر مؤنثا مقدما، وذلك عند الكوفيين. واستشهد في الصفحة 49 بقول القائل:

وَقَدْ خَابَ مَنْ كَانَتْ سَرِيرَتَهُ الغَدْرُ

ج- الاتساع في الحروف:

هذا باب نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، ويستشهدون في هذا الباب بالآية:﴿ولأصلبنكم في جذوع النخل﴾ [طه:71]

ح- الاتساع في الأسماء:

ذكر تحته أمورا، كنصب المفعول بحذف حرف الجر، ونصب المعرفة ورفع النكرة مع (كان)، والعطف على الضمير المجرور من غير إعادة الخافض، والجمع بين اللام والإضافة، والحمل على المعنى.

خ- آخر الكلام أولى بالاتساع من أوله:

وذلك كالحذف، لا يكون إلا حشوا أو آخرا، ولا يكون في أول الكلام.

د- إزالة الاتساع:

يكون بالتوكيد والبدل والحكاية، فكل ذلك من شأنه أن يزيل الاتساع ويبقي الكلام على أصله.

4- الاتساع في علم الصرف:

وفيه مسائل تندرج جميعا تحت مخالفة القياس، منها وضع جمع الكثرة موضع جمع القلة، والاتساع في الموازين، وإبدال الحروف، وهذا كثير في اللغة.

5- الاتساع في البلاغة:

أ- في علم المعاني: كالتقديم والتأخير، وهو توسع وتفنن في الفصاحة، كقولهم: الليلةَ الهلالُ، والهلال يكون في بعض الليل دون آخر.

ب- في علم البيان: يدخل ذلك تحت أبواب التشبيه والمجاز والاستعارة وفي كل ذلك يرد الاتساع بمعنى المجاز وإسناد الفعل إلى غير فاعله الذي بإمكانه ذلك، كالقول للحيوانات ونحو ذلك. وكل ما خرج مخرج الاستعارة، إذ الشأن فيه ألا يكون على الحقيقة.

ت- في علم البديع: وهو احتمال الكلام لأكثر من معنى يذكره كل واحد على حسب تأويله. فالاتساع في البديع يكون في هذا المجرى.

• الفصل الأول: اتساع الدلالة لأسباب نحوية: 

أولا: اختلاف الدلالة لاختلاف تعلق شبه الجملة:

ويدخل تحته تعدد المعنى لإمكان تعلق شبه الجملة بأكثر من شيء.

ثانيا: اتساع الدلالة لاختلاف الإعراب:

وهذا لاحتمال الكلام أكثر من إعراب واحد، وذلك من حسنات قوة التعبير، لأنه يختصر عدة معان في لفظ وجيز.

ثالثا: اتساع الدلالة لاختلاف عائد الضمير:

وذلك كأنْ يحتمل الضمير عَوْدَهُ على أكثر من اسم، فتتعدد الدلالة حينئذ بتعدد الأسماء.

رابعا: اتساع الدلالة لاكتساب المضافِ التذكيرَ والتأنيثَ من المضاف إليه:

وذلك كأنْ تضيف اسما مؤنثا إلى اسم مذكر، ثم تعيد الضمير عليه مذكرا، كقوله تعالى: ﴿ إن رحمت الله قريب من المحسنين﴾ [الأعراف:56]

خامسا: اتساع الدلالة للجمع بين الفعل واسم المصدر:

كقوله تعالى: ﴿ وأنبتها نباتا حسنا﴾ [آل عمران:37].

سادسا: اتساع الدلالة لاحتمال الوصف والاستئناف:

وذلك كقوله تعالى: ﴿قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ماهي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تومرون﴾ [البقرة: 67]  

فقوله: فافعلوا ما تؤمرون، سبقه فعلان: (قال إنه) و (يقول)، فيمكن أن يكون قائله هو الله سبحانه، أو موسى عليه السلام، لأن الوقف يكون عند قوله تعالى: عوان بين ذلك.

• الفصل الثاني: اتساع الدلالة لأسباب صرفية:

أولا: دلالة الوزن الصرفي على عدد من الصيغ الصرفية:

مثل كون الكلمة الواحدة تحتمل عدة معان بالنظر إلى بنيتها الصرفية.

ثانيا: دلالة الوزن الصرفي على صيغة صرفية ومعنى معجمي، وكلاهما من جذر واحد:

هذا كقوله تعالى: ﴿قل آريتم إن أصبح ماؤكم غورا فمن ياتكم بماء معين﴾ [الملك: 31]

قال المؤلف في الصفحة 202: “في وصف الماء بأنه معين وجهان: أولهما مشتق من (الإمعان)، أي: الماء الجاري الممعن في الجري. والثاني تدل عليه الصيغة والاشتقاق، فمعين (فعيل) بمعنى (مفعول) من (العين)، أي: الماء الظاهر الذي تراه الأعين، وتناله الدِّلاء. فأصله (معيون) ثم جرى عليه ما جرى على (مبيع)”.

ثالثا: تعدد معاني الصيغة الصرفية:

كأنْ تحتمل زِنَةُ الاسم أو الفعل أكثر من معنى، كقولك: (أَعلَمُ)، يجوز أن يكون على أفعل التفضيل، أو فعلا مضارعا.

رابعا: دلالة الصيغة الصرفية على معنيين من جذر واحد:

كقوله تعالى: ﴿فلا صدق ولا صلى﴾ [القيامة: 30] فالفعل (صَدَّقَ) يحتمل أن يكون من التصديق أو التصدُّق.

خامسا:  دلالة صيغة الفعل على زمنين أو على لازم ومتعد:

فمن الأول الفعلُ (أضاء)، يحتمل أن تكون الهمزة فيه للتعدية أو للصيروة.

ومن الثاني الفعلُ (تَوَلَّوا)، يحتمل الماضي، ويحتمل المضارع بحذف إحدي التاءين تخفيفا، وأصله (تتولوا).

• الفصل الثالث: اتساع الدلالة لأسباب لغوية:

أولا: تعدد دلالة حروف المعاني:

تحت هذا الباب مسائلُ حروف المعاني التي تتعدد دلالتها بالنظر إلى إمكان تأويلها على أكثر من معنى، وفيما يلي بعضُها مما عرض له المؤلف بالبيان:

1- (همزة الاستفهام)، بين التقرير والاستفهام الحقيقي.

2- (أل التي للتعريف)، بين العهد واستغراق الجنس.

3-(إلا)، بين الاستثناء المنقطع والاستثناء المتصل.

4- (أم)، بين الاتصال بمعنى المعادلة بين الشيئين والانقطاع بمعنى (بل).

5- (إنْ)، بين الشرطية والنافية والمخففة من الثقيلة.

6- (أَنَّى)، بين المكان بمعنى (من أين) والزمان بمعنى (متى) والكيفية بمعنى (كيف).

7- (أو) بين التفصيل ومجرد العطف.

8- (أيُّ)، بين الاستفهام التقريري والاستفهام الإنكاري.

9- (الباء)، بين السببية  والمصاحبة والظرفية بمعنى (في).

10- (حتى)، بين التعليل بمعنى (كي) والغاية بمعنى (إلى أن).

11- (الفاء)، بين العطف والسببية والاستئناف.

12- (اللام)، بين التعليل والدعاء والعاقبة (الصيرورة).

13- (لا) بين النفي والنهي.

14- (لَمَّا)، بين الجزاء والظرفية الزمانية.

15- (ما)، بين الموصولة والتعجبية والنافية والاستفهامية.

16- (مِن)، بين التبعيض وابتداء الغاية والسببية.

17- (نَا)، بين نون العَظَمة للمفرد ونون الجماعة.

18- (هل)، بين الاستفهام علي اللفظ والجحد على المعنى.

19- (الواو)، بين العطف والحال والاستئناف.

فهذه بعض حروف المعاني التي عرض لها المؤلف ببيان بعض معانيها، وإلا، فإن لبعضها الكثيرَ من المعاني لم يأت عليها المؤلف جميعا.

ثانيا: تعدد دلالة اللفظ:

1/ دلالة اللفظ على معنيين من جذر واحد:

وذلك كأنْ تحتمل الكلمة معنيين مختلفين ويكونان محتملين يصحان في سياق الكلام، ويكونان في اشتقاقهما من جذر لغوي واحد.

2/ دلالة اللفظ على معنيين من جذرين مختلفين:

وذلك كأنْ تكون الكلمة تتشاركها معان من جذر لغوي مختلف، ومنه الآية: ﴿ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون﴾ [يوسف: 49] فكلمة (يُغاثُ)، تحتمل أن تكون من الغيث أو من الغوث.

3/ دلالة اللفظ علي معنيين؛ حقيقي ومجازي:

كإطلاق الكلمة وإرادة معنى آخر تؤديه بقرينة ما، ومنه كلمة (الوجه) بمعناها الحقيقي وهو الجزء من الرأس، وبمعناها المجازي وهو القصد أو الاتجاه.

• الفصل الرابع: اتساع الدلالة لأسباب بلاغية:

أولا: التضمين:

– في اللغة: جاء في اللسان، مادة (ضمن): “ضَمَّنَ الشيءَ الشيءَ، أودعه إياه”.

– في الشعر: أن يضيف إلى بيته أو شطره التام المعنى بيتا أو شطرا لغيره.

– في العَروض: أن لا يستقل معنى البيت إلا بالبيت الذي بعده.

– في القرآن: تضمين القرآن كلاما غير كلام الله، ككلام الملائكة أو الكفار أو المنافقين، أو أن يكون ما بعد الفاصلة متعلقا بها.

* التضمين: قال المؤلف في الصفحة349 : “وحقيقة التضمين أن يتضمن فعل معنى فعل آخر، ويُعدى تعديَتَه، وبذلك يصبح اللازم متعديا، وإن كان متعديا لمفعول به واحد، فإنه يتعدى بالتضمين لاثنين”.

وذكر أن العماد في ذلك يكون في حروف الجر مثل قوله تعالى: ﴿صراط الذين أنعمت عليهم﴾[سورة الفاتحة آية 6] فالإنعام إيصالُ الإحسان إلى الغير, والهمزة فيه لجعل الرجل صاحبَ نعمة، والأصل في الإنعام أن يتعدى بنفسه، أما تعديته بالحرف (على) فلإفادة معنى التفضل تضمينا، فكأنه قال: أنعمت متفضلا علينا.

ثانيا: الحذف:

هذا داخل في باب الإيجاز، وهو أن تحذف ما شأنه أن يكون معلوما لدى السامع. ومما مثل به المؤلف على الحذف اتساعا في الدلالة، الآيةُ الكريمة: ﴿فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض﴾[البقرة:61] ففي قوله: يخرج لنا، حذف لام الأمر تأدبا معه سبحانه وتعالى.

ثالثا: الاستخدام:

ذكر المؤلف أن الاستخدام يقارب التورية في البلاغة، إلا أن بينهما فرقا، فالتورية هي إطلاق لفظ يحتمل معنيين، الأول قريب ليس مرادا، والثاني بعيد وهو المراد. أما الاستخدام فهو إطلاق لفظ بمعنييه اللذين يحتملهما معا مع قرينتين تدلان عليهما.

ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا﴾ [النساء:43] فالصلاة تحتمل أن تكون هي نفسها وتحتمل مكانها الذي تؤدى فيه، لأن قوله: حتى تعلموا ما تقولون، يدل على تأديتها، وقوله: إلا عابري سبيل، يدل على مكان تأديتها.

رابعا: التقديم والتأخير:

من المعلوم أن للتقديم والتأخير دلالةً مهمة، إما بالتخصيص أو الحصر أو غير ذلك. وقد جاء ذلك كثيرا في القرآن الكريم، ومنه قوله تعالى: ﴿ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم﴾ [البقرة: 282] ففي الآية تخصيص الإثم بالقلب بتأخير ذكره.

خامسا: الإخبار بالعام عن الخاص:

وذلك كقوله تعالى: ﴿من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدو للكافرين﴾[البقرة: 97] فلفظة (الكافرين) دلت على من يُعادي ومن هو دونه في ذلك ممن يدخل في حكم الكفر.

سادسا: احتمال الإنشاء والخبر:

في قوله تعالى: ﴿الحمد لله رب العالمين﴾ [الفاتحة: 1] اختلف العلماء في تأويله، فيجوز أن يكون إخبارا بثبوت الحمد له سبحانه، وإنشاءً بذكر الحمد على جهة الثناء والتعظيم، وإخبارا يتضمن الإنشاء.

سابعا: دلالة اللفظ على معنيين مجازيين:

مثل له المؤلف بقوله تعالى: ﴿ ياأيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون﴾ [الجمعة: 9] فلفظ الذكر هنا يحتمل الخطبة والصلاة معا، وهما معنيان مجازيان.

ــــــــــــــــــ

المراجع:

– القرآن الكريم برواية ورش.

– ديوان رؤبة بن العجاج (مجموع أشعار العرب).

– شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك, تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد, طبعة دار التراث- دار مصر للطباعة, سنة: 1400هـ – 1980.

Science
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق