مركز دراس بن إسماعيل لتقريب المذهب والعقيدة والسلوكدراسات عامة

قول رُشْدٍ في تأكيد أشعريّة ابنِ رُشْدٍ

كثير من الباحثين خاضوا في عقيدة ابن رشد الجد (ت 520 هـ)، واستشكلوا هل فعلا كان أشعريا أم لا؟

وأنا هنا أتعجب كيف يُناقش مثل هذا من حيث الإمكان وعدمه وهو من حيث الواقع أشعري حتى النخاع في تحليلاته وكتاباته، خاصة في كتابه “البيان والتحصيل”.

لَرُبما كان هذا النقاش مستساغا قبل طبع كتاب “البيان والتحصيل”؛ لأن فتواه المشهورة لا تسعفنا في تأكيد أشعريته أو نفيها، أما وهو في تحليله وبسطه للكلام أشعري النفَس، ويستدل بالمنهج الأشعري في تحليل الحقائق الإيمانية… فلم يعد هناك مجال للشك.

وهذه هي الفقرة التي تهمنا في الفتوى الرشدية التي دار حولها النقاش:

قال ابن رشد الجد في جواب له عن سؤال جاءه في العقيدة الأشعرية من أمير المؤمنين بمراكش علي بن يوسف بن تاشفين المرابطي: ((فلا يعتقد أنهم (أي الأشاعرة) على ضلالة وجهالة إلا غبي جاهل، أو مبتدع زائغ مائل، ولا يسبهم وينسب إليهم خلاف ما هم عليه إلا فاسق…)).

فتاوى ابن رشد (1/ 805) تحقيق د. المختار التليلي.

 ففتوى ابن رشد الجد هذه قيل عنها الكثير وأسيل فيها مداد كثير، وقد جعلها بعض الباحثين دليلا على أشعرية ابن رشد مثل طه عبد الرحمن وغيره، وهو الصواب. وبعضهم مثل محمد عابد الجابري يشكك في صحتها أو يؤولها، نافيا بذلك أشعريته.

والحق أن هذه الفتوى ليس فيها دليل على أنه أشعري، فهو يدافع فيها عن الأشاعرة وأنهم غير مبتدعة، ولكنه لم يصرح بمذهبه في العقيدة هنا، لأن المقام لا يتطلب ذلك، ومدح شخص أو مجموعة من الناس لا يعني الانتساب إلى مذهبهم.

فلو سئل أحدُنا هل الشافعية مذهب حق غير مبتدع؟ لما ترددنا في الجواب بنعم، ولكن هذه الشهادة لا تجعلنا شافعية.

لذلك قلت إن الفيصل في هذا ما سطره في البيان والتحصيل في أكثر من موضع، حيث كان أشعريا في التحليل والشرح والتوجيه، ولم يخرج عن الأشاعرة قيد أنملة، إما تقديما للتفويض المطلق، أو ذهابا مع التأويل المنزه لله تعالى.

نعم قد نجد لابن رشد بعض الأمور الاجتهادية الخاصة به، وما من عالم إلا وله أمور اجتهادية ونظرات خاصة، فالباقلاني ليس هو الأشعري قطعا، والرازي ليس هو الباقلاني، وابن السبكي والسنوسي ليسا كالغزالي… ولكن كلهم كانوا على مذهب الجمهور، مذهب أهل السنة.

وللتنبيه تجدر الإشارة إلى أن الأشاعرة يقدمون في فهم العقيدة التفويض المطلق على “النظر” بعلم الكلام، ولكن إن هم نظروا نظروا  بالعلم لأجل التنزيه. وهذا ما لامسته في كلام ابن رشد الجد رحمه الله أيضا، حيث يقدم التفويض المطلق، ولكن إن خاض خاض بمذهب الأشاعرة.

وهذا المنهج هو الذي لخصه الإمام اللقاني صاحب “جوهرة التوحيد” في منظومته قائلا:

وكل نص أوهم التشبيها    *    أوّله أو فوّضْ ورُم تنزيها.

وأترككم مع كلام ابن رشد بالحرف حتى نتبين هذه المسألة تمام التبين، فلا يبقى الإنسان يتكلم رجما بالغيب. وهو موضع واحد من مواضع كثيرة تحدث فيها بنفس أشعري.

قال في كتابه العظيم النافع “البيان والتحصيل” (16/400 وما بعدها):

(([مسألة: الدعاء بيا حنان وبيا سيدي]:

مسألة قال: ولا ينبغي لأحد أن يصف الله إلا بما وصف به نفسه في القرآن، ولا يشبه يديه بشيء، ولا وجهه تبارك وتعالى بشيء، ولكنه يقول: له يدان كما وصف به نفسه، وله وجه كما وصف نفسه، تقف عندما وصف به نفسه في الكتاب، فإنه تبارك وتعالى لا مثل له ولا شبيه ولا نظير، ولا يروِيَنَّ لنا أحد هذه الأحاديث: «إن الله خلق آدم على صورته» أو نحوها من الأحاديث، ولكن هو الله الذي لا إله إلا هو كما وصف نفسه، ويداه مبسوطتان كما وصفهما {وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] ولا يصفه بصفة، ولا يشبه به شيئا، فإنه تبارك وتعالى لا شبيه له، وأعظم مالك أن يحدث أحدا بهذه الأحاديث أو يرويها، وضعفه.

قال محمد بن رشد: قوله: لا ينبغي لأحد أن يصف الله عز وجل إلا بما وصف به نفسه في القرآن يريد، أو وصفه به رسوله في متواتر الآثار، واجتمعت الأمة على جواز وصفه به، وكذلك لا ينبغي عنده على قوله هذا أن يسمى الله تعالى إلا بما سمى به نفسه في كتابه أو سماه به رسوله، أو اجتمعت الأمة عليه، والذي يدل على ذلك من مذهبه كراهيته في رسم الصلاة للرجل أن يدعو بيا سيدي، وقال: أحب إلي أن يدعوه بما في القرآن، وبما دعت به الأنبياء بيا رب، وكره الدعاء بيا حنان، وهذا هو قول أبي الحسن الأشعري، وذهب القاضي أبو بكر بن الباقلاني إلى أنه يجوز أن يسمى الله تعالى بكل ما يجوز في صفته مثل مسير وجليل وحنان وما أشبه ذلك، ما لم يكن ذلك الجائز في صفته مما اجتمعت الأمة على أن تسميته به لا تجوز كعاقل وفقيه وسخي، وما أشبه ذلك.

وقوله: ولا يشبه يدي ربه بشيء ولا وجهه تبارك وتعالى بشيء، ولكن يقول له يدان كما وصف نفسه، وله وجه كما وصف نفسه، يقف عندما وصف به نفسه في الكتاب، فإنه تبارك وتعالى لا مثل ولا شبيه، ولا نظير قول صحيح بين لا اختلاف فيه بين أحد من أهل القبلة في أنه لا يجوز أن يشبه يديه ولا وجهه بشيء؛ إذ ليس كمثله شيء كما قال تعالى في محكم كتابه، ولا هو بذي جنس ولا جسم ولا صورة.

 ولا اختلاف بينهم أيضا في جواز إطلاق القول بأن لله يدين ووجها وعينين؛ لأن الله وصف بذلك نفسه بكتابه، فوجب إطلاق القول بذلك، والاعتقاد بأنها صفات ذاته من غير تكييف ولا تشبيه ولا تحديد؛ إذ لا يشبهه شيء من المخلوقات، هذا قول المحققين من المتكلمين، وتوقف كثير من الشيوخ عن إثبات هذه الصفات الخمس، وقالوا: لا يجوز أن يثبت في صفات الله ما لم يعلم بضرورة العقل ولا بدليله وتأولوها على غير ظاهرها، فقالوا: المراد بالوجه الذات كما يقال وجه الطريق، ووجه الأمر ذاته ونفسه، والمراد بالعينين إدراك المرئيات، والمراد باليدين النعمتين، وقَوْله تَعَالَى: {بِيَدَيَّ} [ص: 75] أي ليدي؛ لأن حروف الخفض يبدل بعضها من بعض، والصواب قول المحققين الذين أثبتوها صفات لذاته تعالى، وهو الذي قاله مالك في هذه الرواية.

وصفات ذات الباري تبارك وتعالى تنقسم على ثلاثة أقسام:

 قسم منها يعلم بالسمع ولا مجال للعقل فيه، وهي هذه الخمس صفات: الوجه، واليدان، والعينان.

 وقسم منها يعلم بالعقل، وإن ورد السماع بها؛ فإنما هو على معنى تأكيدها في العقل منها، ولو لم يرد بها سمع لاستغنى في معرفتها عنه بالعقل، وهي الحياة والعلم والقدرة والإرادة؛ لأن العلم بالنبوات، لا يعلم إلا بعد العلم بأنه حي عالم قادر مريد، ويستحيل وجود حي بلا حياة، وقادر بلا قدرة، ومريد بلا إرادة.

 وقسم منها يعلم بالسمع والعقل، فيصح العلم بالنبوات قبلها، ويصح العلم بها قبل النبوات، وهي السمع والبصر والكلام والإدراك؛ لأن الدليل قائم من العقل على أنه عز وجل سميع بصير مدرك، والسمع قد ورد بذلك، ويستحيل وجود سميع بلا سمع، وبصير بلا بصر، ومتكلم بلا كلام، ومدرك بلا إدراك.

وما تضمنته هذه الرواية من كراهية مالك لرواية هذه الأحاديث التي يقتضي ظاهرها التشبيه، وإعظامه أن يحدث بها مثل ما روي من: الله خلق آدم على صورته؛ ونحوها من الأحاديث، فالمعنى من ذلك أنه كره أن تشاع روايتها، ويكثر التحدث بها، فيسمعها الجهال الذين لا يعرفون تأويلها، فيسبق إلى ظنونهم التشبيه بها، وسبيلها إذا صحت الروايات بها أن تتأول على ما يصح مما ينتفي بها عن الله تشبيهه بشيء من خلقه، كما يصنع بما جاء من القرآن والسنن المتواترة والآثار مما يقتضي ظاهره التشبيه، وهو كثير؛ كالإتيان في قوله عز وجل: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} [البقرة: 210] ، والمجيء في قوله: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] ، والاستوا في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] ، وقوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] ، والنظر في قوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ} [القيامة: 22] ، والتنزل في قول النبي – عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يتنزل ربنا إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل … » الحديث، والنزول والضحك وما أشبه ذلك.

والحديث في قوله: «إن الله خلق آدم على صورته» يروى على وجهين؛ أحدهما: «إن الله خلق آدم على صورته». والثاني: إن الله خلق آدم على صورة الرحمن، فأما الرواية: «إن الله خلق آدم على صورته» فلا خلاف بين أهل النقل في صحتها؛ لاشتهار نقلها، وانتشاره من غير منكر لها، ولا طاعن فيها، وأما الرواية: «إن الله خلق آدم على صورة الرحمن» فمن مصحح لها، ومن طاعن عليها، وأكثر أهل النقل على إنكار ذلك، وعلى أنه غلط وقع من طريق التأويل لبعض النقلة توهم أن الهاء ترجع إلى الله عز وجل، فنقل الحديث على ما توهم من معناه، فيحتمل أن يكون مالك أشار في هذه الرواية بقوله وضعفه إلى هذه الرواية، ويحتمل أن يكون إنما ضعف بعض ما تؤول عليه الحديث من التأويلات، وهي كثيرة.

منها أن الهاء من قوله: «إن الله خلق آدم على صورته؛» عائدة على رجل «مر النبي – عَلَيْهِ السَّلَامُ – عليه وأبوه أو مولاه يضرب وجهه لطما، ويقول له: قبح الله وجهه، فقال: إذا ضرب أحدكم عبده فليتق الوجه، فإن الله خلق آدم على صورته» وقد «روي أنه سمعه يقول: قبح الله وجهك، ووجهَ مَنْ أشبه وجهك، فزجره النبي – عَلَيْهِ السَّلَامُ – عن ذلك، وأعلمه بأنه قد سب آدم؛» لكونه مخلوقا على صفته ومن دونه من الأنبياء أيضا.

ومنها أن الكناية في قوله على صورته ترجع إلى آدم – عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولذلك ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يكون معنى الحديث وفائدته الإعلام بأن الله لم يشوه خلقه حين أخرجه من الجنة بعصيانه كما فعل بالحية والطاووس اللذين أخرجهما منها، على ما روي من أنه سلب الحية قوائمها، وجعل أكلها من التراب، وشوه خلق الطاووس.

والثاني: أن يكون معناه وفائدته إبطال قول أهل الدهر الذين يقولون: لا إنسان إلا من النطفة، ولا نطفة إلا من إنسان، ولا دجاجة إلا من بيضة، ولا بيضة إلا من دجاجة لا إلى أول.

والثالث: أن يكون معناه وفائدته إبطال قول أهل الطبائع والمنجمين الذين يزعمون أن الأشياء تولدت بتأثير العنصر والفلك والليل والنهار، فأعلم النبي – عَلَيْهِ السَّلَامُ – بهذا الحديث أن الله خلق آدم على ما كان عليه من الصورة والتركيب والهيئة، لم يشاركه في ذلك فعل طبع ولا تأثير فلك، وخص آدم بالذكر تنبيها على سائر المخلوقات؛ لأنه أشرفها، فإذا كان الله هو المنفرد بخلقه دون مشاركة فعل طبع أو تأثير فلك، فولده ومن سواهم على حكمه كذلك.

وقد قيل في ذلك وجه رابع: وهو أن فائدة الحديث تكذيب القدرية فيما زعمت من أن صفات آدم منها ما خلقه الله تعالى، ومنها ما خلقها آدم لنفسه، فأخبر النبي – عَلَيْهِ السَّلَامُ – بتكذيبهم، وأن الله تعالى خلق آدم على جميع صورته وصفته ومعانيه وأعراضه، وهذا كما تقول: عرفني هذا الأمر على صورته إذا أردت أن يعرفكه على الاستيفاء والاستقصاء دون الاستبقاء.

وقد قيل فيه وجه خامس، وهو أن يكون معناه إشارة إلى ما يعتقده أهل السنة من أن الله خلق السعيد سعيدا، والشقي شقيا، وأن خلق آدم على ما علمه وأراد أن يكون عليه من أنه يعصي ويتوب، فيتوب الله عليه، ففي الحديث دليل على أن أحوال العبد تتغير على حسب ما يخلق عليه، وييسر له من الخير والشر، وأن كل شيء بقضاء وقدر.

وقد قيل: إن الكناية من قوله على صورته راجعة إلى بعض المشاهدين من الناس، وأن المعنى في ذلك والفائدة فيه هو الإعلام بأن صورة آدم كانت على هذه الصورة إبطالا لقول من زعم أنها كانت مباينة لخلق الناس على الحد الزائد الذي يخرج عن المعهود من متعارف خلق البشر؛ إذ لا يأتي ذلك من وجه صحيح يوثق به.

ومنها أن الكناية في قوله على صورته راجعة إلى الله عز وجل، وهو أضعف التأويلات؛ لأن الأولى أن يرجع الضمير إلى أقرب مذكور، إلا أن يدل دليل على رجوعه إلى الأبعد، ولا دليل على ذلك إلا ما روي من الله عز وجل: «خلق آدم على صورة الرحمن»، وقد ذكرنا أن بعض أهل النقل لا يصحح الرواية لذلك، وأن الراوي لها ساق الحديث على ما ظنه من معناه، وقد قال بعض الناس: إن ذلك لا يصح أيضا من طريق اللسان؛ لأن الاسم إذا تقدم فأعيد ذكره كني عنه بالهاء من غير أن يعاد الاسم، ألا ترى أنك تقول إذا أخبرت عن ضرب رجل لعبده: ضرب زيد غلامه، ولا تقول ضرب زيد غلام زيد؛ لأنك إذا قلت ضرب زيد غلام زيد يفهم من قولك: إنه لم يضرب غلامه؛ وإنما ضرب غلام رجل آخر اسمه زيد، وليس ذلك بصحيح؛ لأن القرآن قد جاء بذلك، قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم: 85] ولم يقل إلينا، فإنما يضعف الحديث من جهة النقل.

ومع ضعف رد الكناية من صورته إلى الله تعالى، فلها وجوه كثيرة محتملة ينتفي بها التشبيه عن الله تعالى.

منها أن يكون المراد بالصورة الصفة؛ لأن آدم موصوف بما يوصف الله به عز وجل من أنه حي عالم مريد سميع بصير متكلم، ولا يوجب مشاركته له في تسميته والوصف تشبهه به؛ لأن صفات الله تعالى قديمة غير مخلوقة، وصفات آدم محدثة مخلوقة، ويكون فائدة الحديث على هذا الإعلام بتشريف الله إياه بأن أبانه على سائر الجمادات والحيوانات.

ومنها أن يكون إضافة الصورة إليه إضافة تشريف وتخصيص؛ لأن الإضافة قد تكون بمعنى التشريف والتخصيص على طريق التنويه بذكر المضاف إذا خص بالإضافة إليه، وذلك نحو قوله: {نَاقَةَ اللَّهِ} [الشمس: 13] فإنها إضافة تشريف وتخصيص وتشريف تفيد التحذير والردع من التعرض لها، ومن ذلك قَوْله تَعَالَى: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: 29] ، وقوله في المسلمين: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ} [الفرقان: 63] إلى ما وصفهم به، وقول المسلمين للكعبة: بيت الله، وللمساجد: بيوت الله، فشرفت صورة آدم بإضافتها إلى الله عز وجل من أجل اختراعها وخلقها على غير مثال سبق، ثم بسائر وجوه الشرف التي خص بها آدم من فضائله المعلومة المشهورة، فالتشبيه منتف على الله تعالى بهذا الحديث على جميع الوجوه من إعادة الضمير في صورته إلى الله عز وجل، أو إلى آدم – عَلَيْهِ السَّلَامُ -، أو إلى الذي خرج عليه الحديث على ما روي من أنه خرج على سبب، أو إلى بعض المشاهدين، والحمد لله رب العالمين.

وقد ذهب ابن … إلى التمسك بظاهر الحديث، فقال: إن لله صورة لا كالصور، كما أنه شيء لا كالأشياء، فأثبت لله تعالى صورة قديمة زعم أنها ليست كالصور، قال: إن الله تعالى خلق آدم على تلك الصورة، فتناقض في قوله، وتوغل في تشبيه الله تعالى بخلقه، فهو خطأ من القول لا يلتفت إليه ولا يعرج عليه، وبالله التوفيق)).

فكلامه رحمه الله تعالى بنفسه بين واضح لا يحتاج إلا تعليق أو إلى مزيد تفصيل.

رحمه الله تعالى. والله أعلم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق