قضايا العلم من أسئلة خاصة إلى أجوبة عالمية
د. محمد الخمسي: الأمة الإسلامية في حاجة إلى "فقه عالمي" يجيب على أسئلة كونية"
قال الدكتور محمد الخمسي، في محاضرة ألقاها في رحاب دار الحديث الحسنية عشية الأربعاء الماضي 04 يناير 2009، إن العديد من القضايا المطروحة في عالمنا العربي والإسلامي مثل البيئة والاقتصاد والأمن لم تعد أسئلة محلية تقتضي أجوبة تقتصر على محيطنا الضيق، وإنما أصبحت قضايا تتطلب الاشتغال ضمن تكتلات في بناء الأسئلة ومعالجتها.
وأضاف د. الخمسي، أستاذ للرياضيات بكلية العلوم بمكناس، إن عصرنا الحالي أصبح محكوما بثلاث قوانين أساسية هي قانون السرعة وتقليص الأحجام واختصار المسافات، لذلك إذا استمر طرحنا لتلك الأسئلة بصيغة تقليدية، فإن من شأن ذلك أن يؤدي إلى "خلل في العلاقة بين النهضة والأفكار والمشاريع والقيادة والنخب والمجتمع".
وأمام التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل، الذي أصبح يصنع الإنسان المعاصر ويجعله يعيش بنفسية وعلاقات خاصة، يرى المحاضر أننا سنصل ـ لا محالة ـ إلى فترة نحتاج فيها إلى "فقه عالمي" يجيب على أسئلة كونية، كما أن "الكليات الخمس" التي تدرس في كليات الشريعة وغيرها أصبحت في حاجة إلى صياغة جديدة عالمية لكي تستفيد منها البشرية جمعاء، لا أن تظل متداولة فقط بين طلاب تلك الجامعات.
وقدم د. محمد الخمسي مجموعة من عوامل التحلل التي عرفها عالمنا الإسلامي، والتي ينبغي تحويلها من أسئلة محلية إلى أسئلة عالمية، وهي قضايا تشكل أيضا مجالا رحبا للبحث العلمي بمفهومه الواسع، مثل معضلة التعصب، وعجز بناء المؤسسات، وأزمة الوعي بالآخر، وموضوع المرأة، والفجوة الرقمية، والاشتغال على الهامش وبمؤسسات مفككة.
ورأى الأستاذ المحاضر أن قراءة التجارب أو النماذج التاريخية مسألة ضرورية لانطلاقة فكرية جديدة، وأن الصراع الحالي هو صراع نماذج حضارية تقدما الإنسانية، والعالم الإسلامي ملزم الآن بتقديم نموذج حضاري بناء على ذاكرته التاريخية، لكن مع تحديد مساحة الثوابت فيها ومجال المتغير الذي يسمح بالإبداع والابتكار.
ويجري تقديم هذه النماذج الحضارية، يؤكد الخمسي، في ظل "توسع ظاهرة رحلة الأفكار والقيم والعقائد بين الأمم والشعوب"، و"الاعتراف بوجود تداول حضاري بين الشرق والغرب"، و"تشكل الثقافة المتعددة المرجعيات وظهور نماذج مشتركة التي تنحو منحى هجين أو متميز داخل الدول".