الرابطة المحمدية للعلماء

قبطي يعيد تسليط الضوء على عبقرية خير البرية في كتاب

في ظل تصاعد العداء للإسلام والمسلمين، خاصة بأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وتزايد الأصوات اليمينية المتطرفة الرافضة لوجود جاليات مسلمة، وانتشار ما بات يعرف بـ”الإسلاموفوبيا”، أو الرهاب والتخوف من كل ما له علاقة بالإسلام، أمام كل ذلك تبرز من حين لآخر أصوات تنهل من روح ومبادئ الأديان السماوية القائمة على السلم والسلام، لتقول كلمة حقا في رسول الأنام محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر هذا الأصوات، التي تشهد بالحق، المفكر القبطي الدكتور نبيل لوقا بباوي، الذي يرد على افتراءات المستشرقين والإعلام الغربي والمتعصبين من القساوسة هناك تجاه المصطفى (صلى الله وعليه وسلم)، للتشكيك في شخصيته وصورته، لكي تسود ثقافة المحبة وقبول الآخر رغم اختلاف عقائده.

ورغم كونه مسيحيا أرثوذكسيا، إلا أنه لم يجد أي حرج في تأليف كتاب بعنوان (عبقرية محمد صلى الله وعليه وسلم)، يؤكد فيه عبقرته صلى الله عليه وسلم منذ ولادته ونشأته وشبابه، ودعوته، وإنسانيته، ومعجزاته، وسياسته، وديمقراطيته، وأخلاقه وشخصيته، ومكانته.

ومنذ البداية يثبت المؤلف من خلال استشهاده بالقرآن الكريم، أن الدعوة المحمدية لم تكن لأغراض شخصية، فلقد ورد اسم الرسول (صلى الله وعليه وسلم) خمس مرات في القرآن، بينما ورد اسم إسماعيل 21 مرة، وداود 61 مرة، وإسحاق 71 مرة، وهارون 20 مرة، ولوط 27 مرة، ونوح 33 مرة، وعيسي 83 مرة، وإبراهيم 96 مرة، وموسي 731 مرة.

وهذا معناه ببساطة أن الدعوة المحمدية لم تكن لأغراض شخصية، ولو كانت لذلك لكان اسمه نزل في القرآن أكثر من كل الأنبياء، ولكن اسمه (صلى الله وعليه وسلم) نزل في القرآن أقل من كل الأنبياء، لأن القرآن لم ينزل لأغراض شخصية بالرسول(صلى الله وعليه وسلم) ، بل نزل كدين سماوي لهداية العباد في كل أنحاء الأرض ولنشر الإسلام.

ويعود الكاتب ليذكر بولادة الرسول الأكرم (صلى الله وعليه وسلم) بمكة في دار جده عبد المطلب، يوم الاثنين من ربيع الأول سنة 570 ميلادية من والدته آمنة بنت وهب؛ وكان والده عبد الله في الرابعة والعشرين من عمره عندما تزوج والدته، ولم يقم طويلا معها حيث خرج في قافلة تجارية إلى الشام، وترك زوجته حاملا وعند عودته بالقافلة دخل مدينة (يثرب) ليستريح عند أخواله، ولكنه مرض وتوفي وعمره 26 عاما ودفن بها، وبذلك ولد الرسول صلى الله وعليه وسلم  يتيم الأب من عائلة فقيرة؛ فكل ما تركه والده من أموال هو خمسة من الإبل، وقطيعا من الغنم، وجارية هي أم أيمن حاضنة المصطفى (صلى الله وعليه وسلم) عند ولادته، وقد سماه جده عبد المطلب محمدا.

وهنا تتضح عبقرية الولادة في أن يكون ذلك الطفل من عائلة فقيرة يتيم الأب يستطيع أن يؤثر علي ما يقرب على مليار وربع مليار نسمة من سكان العالم الآن، فلو ولد من عائلة ملوك لكانوا ساعدوه في نشر دعوته، ولكنه ولد فقيرا لم يساعده في نشر دعوته إلا الله سبحانه وتعالى.

وبعد وفاة جده وعمه سلك محمد (صلى الله وعليه وسلم) في عمله رعي الأغنام، ولم يعلمه أحد القراءة والكتابة لأنه نشأ فقيرا وعاش فقيرا، والعبقرية التي تصل إلي حد المعجزة هي كيف لهذا الفقير الأمي أن يقيم دولة فيما بعد تناطح أكبر الإمبراطوريات في ذلك العصر؛ الرومانية والفارسية.

ويأبى صاحب المؤلف إلا أن يستحضر مختلف جوانب حياة الرسول ليوضح سمات العبقرية لديه (صلى الله وعليه وسلم)، حيث يشير إلى أن النبي محمدا في رحلته الأولى إلى الشام مع عمه أبي طالب للتجارة، وكان عمره 12 سنة (سنة 582م)، قابل الراهب بحيري النصراني وتناقش معه، وقد وجد فيه أمارات النبوة من أحلامه وأقواله. وفي هذه الرحلة وبنبوغ الرسول (صلى الله وعليه وسلم) وذكائه المبكر بالفطرة، يعرف أخبار الرومان في الدولة البيزنطية وديانتهم المسيحية، ويعرف الأخبار عن الدولة الفارسية وديانتهم المجوسية، رغم أنه لم يكن يقرأ ولا يكتب.

وتأتي كذلك عبقرية محمد (صلى الله وعليه وسلم) في نشأته؛ فرغم صغر سنه وهو في الخامسة عشرة من عمره لم يخَف أن يشترك في الحرب ويساعد أعمامه من بني هاشم، وأهل قبيلته من قريش، في الانتصار في حرب “الفجار” ضد أعداء قريش من قبيلة (هوازن).

وفي العشرين من عمره في عام 590م حضر صلى الله وعليه وسلم حلف الفضول، رغم صغر سنه، مع أعمامه لرجاحة عقله واتزانه لكي تتعاهد كل العائلات على نصرة المظلوم ورد حقه مهما كان مركز ظالمه وضعف قبيلة المظلوم.

وعندما بلغ صلى الله وعليه وسلم الخامسة والعشرين من عمره، في عام 595م كانت عبقريته في كمال أخلاقه بين أقرانه وبين قبيلة قريش، فكان من خلقه أنه كان أشد زهدا في المادة، وعرف صدقه وأمانته وكرم أخلاقه، ولهذه الصفات عرضت عليه السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أن يخرج في تجارتها إلى الشام مع أحد عمالها وهو ميسرة، وهي الرحلة الثانية للرسول إلى الشام. وتحكي كتب السيرة أن هناك ملكين كان يظلان الرسول (صلى الله وعليه وسلم)، وعندما علمت السيدة خديجة بذلك من ميسرة أخبرت ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان نصرانيا، فأخبرها بأنه سيكون نبي هذه الأمة.

ويورد الكاتب عددا من معجزاته (صلى الله وعليه وسلم)، ليكشف جانبا مهما من عبقرية رسولنا الكريم،  ضاربا المثل بالإسراء والمعراج، وحفظُه (صلى الله وعليه وسلم) وهو أمي للقرآن وإعجاز القرآن، ومعجزة كبوة جواد سراقة بن مالك، ومعجزة نزول المطر في غزوة الخندق، وانشقاق القمر، والبركة في الطعام، ومعرفة الغيب، وشفاء الأمراض، وغير ذلك كثير.

نورالدين اليزيد-عن أخبار اليوم (المصرية)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق