الرابطة المحمدية للعلماء

في ندوة عربية حول ثقافة الطفل

العربي بنجلون يدعو إلى صيانة الهوية الثقافية للطفل العربي

شارك الكاتب المغربي المتخصص في أدب الطفل، العربي بنجلون، في “ندوة ثقافة الطفل العماني” التي نظمتها وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان، أواسط أكتوبر الماضي.

في قاعة المؤتمرات بجامعة السلطان قابوس في العاصمة مسقط، وبحضور عدد كبير من الكتاب والأدباء ومدراء مجلات الأطفال بالعالم العربي، فضلا عن طلبة الجامعة والصحافيين والمهتمين.

ودعا بنجلون، إلى صيانة هوية الموروث الثقافي للأطفال في العالم العربي، خوفا من الاندثار في زمن العولمة.

وقال بنجلون، بعد مشاركته أخيرا، في الملتقى الدولي حول ثقافة الطفل بسلطنة عمان، إن استغلال هذا الموروث في صياغة حديثة لنصوص إبداعية يساهم في تقوية شخصية الطفل وتعزيز ثقته بنفسه ومحيطه الاجتماعي، فضلا عن خلقه للمواطنة الحقة.

وقال بنجلون  ـ حسب ما نقلته جريدة المغربية ـ إن هذا الموروث الذي يوظف في إصدارات الأطفال سواء كان رسميا أو شعبيا، لم يأت من فراغ وإنما هو تراكم كمي وكيفي لتجارب حياتية وفكرية حية لأمم وشعوب متعاقبة. مشيرا إلى أن الموروث العربي أو الغربي، ليس خصوصيا أو إقليميا ضيقا يقتصر على بلدان دون غيرها، مؤكدا أن الإرث الثقافي والحضاري بمنزلة نهر مشترك بين مختلف الشعوب والبشر.

ودعا إلى العناية بالموروث الشفهي كعامل فاعل في تربية الطفل وتنشئته، موضحا أنه يتجلى في الأهازيج الشعبية والأمثال والحكايات والنوادر والأحاجي وفي العادات المتوارثة والتقاليد المتداو لة والأنماط التعبيرية والتشكيلية.

وشدد على ضرورة توظيف اللغة العربية بما يلائم الفئة العمرية المستهدفة دون تقعير أو إغراق في الغموض، كي لا ينفر الطفل من المطالعة ومن هذا الموروث، الذي وصفه بـ “الأصيل”.

وأكد العربي بنجلون، الذي قدم مداخلة في هذا الملتقى الدولي أهمية التركيز على عنصر الخيال في إصدارات الطفل، كونه يشكل العمود الفقري للعديد من الأعمال التراثية كـ”ألف ليلة وليلة” و”كليلة ودمنة”، ملحا ضرورة على غربلة التراث، واعتماد العقل في الانتقاء لا النقل العشوائي، الذي يضر أطفالنا، وأعطى أمثلة مما ينشر في بعض المجلات والمواقع والبوابات الإلكترونية. كما أكد ضرورة استعمال الخيال الإيجابي في تنشيط عقول طفولتنا، وتحريرها من التحجر والتفكير المحدود، وتحويله إلى عامل لخدمة الحاضر وصناعة المستقبل بإيحاءاته الغنية.

ووصف الطفل بـ”الكائن الإسنفجي” الذي يلتقط ما يراه ويسمعه ويقرأه دون فحص أو تمحيص، موضحا أنه يحاول أن يجربه ويتمثله لأنه ينظر إلى الكاتب بعين ملؤها الرضا والثقة.

وأوضح أن الكاتب العربي الحاذق، يحافظ على الموروث في كتاباته ويثريه بما يستجد في العالم من نظريات علمية ليعود الطفل على التفكير المنطقي أولا وليربيه على تفعيل عنصر الخيال فيصبح واقعا ثانيا.

وحمل الإصدارات الموجهة للأطفال والمجلات، مسؤولية وصفها بـ”الجسيمة” في بناء شخصية الطفل العربي روحيا وثقافيا ووطنيا حتى يصبح عنصرا فاعلا في مجتمعه.

وأشار بنجلون إلى أن الملتقى تميز بتنظيم عدد من الورش والأنشطة الفنية والثقافية ونظمته وزارة التربية والتعليم بالسلطنة في 13 من الشهر الجاري واستمرت ثلاثة أيام.

وفي مؤتمر صحافي، حدد الأستاذ علي بن محفوظ المنذري، مستشار وزير التربية والتعليم ورئيس اللجنة المنظمة، أهدافَها المتوخاةَ بقوله”إن وزارة التربية والتعليم تهدف إلى تخريج طفل متزن المزاج، يعي ويتفاعل إيجابيا مع واقعه وعالمه الخارجي، راسما في داخله نوع مستقبله، ومعتمدا على ذاته ومستلهما تراثه وموظفا معطيات عصره العلمية والفكرية “.

وأردف قائلاً “رغم تعدد وتنوع مصادر المعرفة ووسائلها في عصر الفضائيات والأنترنت، إلا أن اكتساب الطفل حب القراءة والمطالعة الحرة يوفر له المورد الأغنى والأخصب لإثراء خياله وإنماء ملكاته وتربية مدركاته، خاصة وأن هذا الشغف بالمعرفة يروي الطفل نفسه بأجمل المعاني والقيم ويغذي وعيه بأفضل الأفكار والمعارف” ولقد كانت هذه الندوة فرصة متاحة لمناقشة وضعية الثقافة الموجهة للطفل العربي بصفة عامة، والعماني بصفة خاصة. وواقع مجلات الأطفال، واللغة العربية باعتبارها مكونا أساسيا للشخصية والهوية.

كما تناولت الندوة تجارب المجلات التي تصدر بمصر وتونس وسلطنة عمان، والملاحق وأهم خصائصها.

وعلى هامش الندوة، أقيمت ورشة لتدريب الأطفال على تحرير الموضوعات، وإعداد أبواب المجلة، وعرضوا في النهاية تصورهم لها، انطلاقا من العنوان إلى الغلاف الأخير. فكانت حقا خطوة تربوية إيجابية لإشراكهم في مشروع ثقافي، يهمهم بالدرجة الأولى.

وسطرتِ الندوة من خلال محاورها المكثفة والغنية هدفها الذي يتلخص في تنمية ثقافة الطفل فكرا وأدبا وفنا ولغة، في ظل الطفرات السريعة والقوية للإعلام والتكنولوجيا والفضائيات والشبكة العنكبوتية والألعاب الآلية، التي أصبحت عاملا في تشكيل شخصية الصغير والكبير معا.

للإشارة، فالعربي بن جلون، كاتب مغربي، من مواليد سنة 1947 في فاس، أصدر صحيفة “الطفل” في أكتوبر 71، وأحرز جائزة اليونسكو عن “قاسم أمين وتحرير المرأة” 75. ونال الجائزة الأولى للعرض الثقافي في المهرجان المغاربي الأول لمسرح الطفل 90.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق