الرابطة المحمدية للعلماء

في منهجية التعامل مع تراثنا العلمي

ذ. عبد السلام طويل: “لا توجد نهضة حضارية لأمة من الأمم تمت بغير بناء موصول على التراث”

استضاف موقع الرابطة المحمدية للعلماء الأستاذ عبد السلام طويل، رئيس تحرير جريدة ميثاق الرابطة، لمناقشة الإشكالات التي تطرحها قضية “التعامل مع تراثنا العلمي“، وللإجابة عن تساؤلات القراء في الموضوع عبر حوار مباشر معهم على شبكة الانترنيت، اعتاد الموقع أن يجريه كل أسبوع.

وأبدى القراء اهتماما متزايدا بقضية التراث، وتركزت أسئلتهم على بحث الإشكالات المعرفية والمنهجية الكفيلة باستلهامه والاستفادة منه، ومعرفة الثابت من المتغير فيه، وكذلك تحديد علاقته بالنصوص المؤسسة )السنة والقرآن(.

وقال الأستاذ عبد السلام الطويل، الحاصل على دبلوم الدراسات العليا في العلوم السياسية بالقاهرة سنة 1999، إن هناك دعوات إلى الثورة على تراثنا أو حتى المطالبة إلغائه في بعض الأحيان، لكنها تبقى دعوات عدمية تعبر عن استلاب الوعي لدى أصحابها؛ لأن إلغاء التراث، في رأي الأستاذ، لا يعني سوى إلغاء الذات.

وأضاف ضيف حوار موقع الرابطة أن “حاجتنا إلى التراث الإسلامي العربي هي حاجة وجودية حقيقية وليست من باب الترف الفكري، بحيث لا توجد نهضة تمت في الهباء، فالعلم كما الحضارة كلاهما يقومان على منطق التراكم، فلا تقدم علمي ولا حضاري بغير تراكم”.

ويسترسل رئيس تحرير جريدة ميثاق الرابطة في رده على دعوات القطيعة مع التراث قائلا: “إن وجودنا الحضاري واستمرارنا التاريخي وهويتنا وذاتيتنا الحضارية تتحدد بالتراث، ولا يمكن أن تتحدد بتراث مستورد من الغير، كما أنه لم توجد نهضة حضارية لأمة من الأمم تمت بغير بناء موصول على التراث، بما في ذلك، النهضة الأوروبية؛ فقد كانت عبارة عن حركة إحيائية كبرى للتراث اليوناني والروماني، والمسيحي”.

لكن ما هو الأسلوب الأنجع للتعامل مع التراث، حتى نتمكن من الاستفادة منه والبناء عليه؟
يجيب الأستاذ الطويل، عضو الجمعية المغربية للعلوم السياسية، أن ذلك ينبغي أن ينطلق من قواعد أساسية هي ضرورة التعامل مع التراث في كليته دون تجزيء، وبما ينسجم ومرجعيته الحاكمة المتمثلة في الكتاب وصحيح السنة النبوية، وأيضا التعامل معه كنتاج إنساني محكوم بشروط إنتاجه الزمانية والمكانية، والنأي به عن التوظيف الإيديولوجي في معترك الصراعات السياسية.

وأبدى بعض القراء تخوفهم من أن النهل من التراث قد يستعيد صراعاته السياسية التاريخية، لكن الأستاذ الطويل، في رده على هذه الأسئلة، يؤكد أن هذا التخوف يزول إذا تم اعتماد منهجية تستوجب النظر إليه كتراث شامل للأمة جمعاء بعيدا عن أية انتماءات طائفية ضيقة، خاصة وأن تراثنا الإسلامي ـ يضيف الأستاذ ـ تراث عالمي جاء نتاج حضارة كانت عالمية في زمانها، كما أنه تراث إنساني يصدر عن قيم الإسلام في الحق والعدل والحرية والمساواة.

وعن العلاقة التي تربط هذا التراث بالنصوص المؤسسة له قرآنا وسنة، يرى الأستاذ الطويل أنها “علاقة الثابت بالمتغير، والمطلق بالنسبي، والأصل بالفرع، فالكتاب والسنة هما النصان المرجعيان الحاكمان لعملية الاجتهاد العقلي والإبداع الحضاري الإسلامي على حد سواء، والتراث الإسلامي يظل دائم الخضوع لروح النص ومقاصده النهائية”.

وطرح أحد القراء إشكالية التعامل مع التراث المخطوط، الذي تم تشويهه من بعض المحققين المتطفلين على الميدان، فأكد ضيف الحوار أن تجميع تراث الأمة المخطوط وتصنيفه، ومعالجته، وتحقيقه، أمر يحتاج إلى استراتيجية تتبناها المؤسسات المعنية على الصعيدين العربي والإسلامي، وتنطلق من وضع ضوابط علمية صارمة للتعامل مع هذا التراث وعدم استغلاله تجاريا.

وأشار رئيس تحرير جريدة ميثاق الرابطة إلى أن “مركز الدراسات والأبحاث وإحياء التراث”، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، يحمل تصورا علميا وعمليا نافعا بحول الله، في مجال التعامل الراشد والعلمي مع ترثنا الإسلامي المخطوط.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق