مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويمفاهيم

في الإسناد المالكي عند علماء الصحراء (5) عرض المؤلفات والاحتفاء بالإجازات من الشيوخ

يلاحظ عناية كثير من الفقهاء بهذه الميزة التي كان تحلى بها السلف قبلهم، فقد ثبت عن الامام مالك صاحب المذهب رضي الله عنه أنه قال عن موطئه: “عرضت كتابي هذا على سبعين فقيها من فقهاء المدينة فكلهم واطأني عليه فسميته الموطأ”[1]،

ومن أمثلته ما في ترجمة الشيخ أحمد بابا (1036ه) أنه قال عن شيخه العلامة محمد بَغْيُعُ: “أوقفته على بعض تواليفي فسرّ به وقرَّظ عليه بخطه بل كتب عني أشياء بخطه، وما تجده في رسالة الشيخ محمد بن بادي الكنتي إلى الشيخ أحمد بن أبي الأعراف يبدي له فيها ملاحظاته حول كتابه بستان أهل الدين والعرفان “[2] .

وأيضا ما ذكره الشيخ محمد المامي الباركي (ت 1282هـ) عن نفسه لما نظم فقه خليل فقال في أبيات يصف رحلته:

وتم عرضه على الأعيان                       كالعالم الأكدبجي الرباني

أنخت عنده بتيماس                      في الصيف والجمل ذو أخماس

فوضع الأصبع في يومين                       على جميع المتن دون مين

وإذ تبدى لمحنض بابا                           عشية أعجبه إعجابا[3]

الاحتفاء بالإجازات من الشيوخ

إن الإجازات سمة لافتة في الدرس الفقهي، ولا يمكن استقصاء ما بث منها في كتب الفهارس والتراجم والطبقات لأن ذلك يفوق الحصر.

ومن مظاهر عناية علماء الصحراء بالإجازة الحرص على طلبها وتأريخ ساعة الحصول عليها وتدوين ما يحفها من الأحداث والتفنن في صيغها وغير ذلك، حتى بلغ الاعتناء بالإجازات حد التأليف فيها مثل كتاب: التحفة المجازة في أحكام الإجازة، وشرحها. لمحمد حبيب الله بن سيدي عبد الله بن أحمد مايابى (ت 1364ه/1945)[4].

وقال الشيخ محمد بن العربي الأدوزي متحدثا عن العلامة محمد بن عبد الله الأمين الصحراوي وإجازته له في رجز طويل:

حج وزار وتربى في حجور

 

أهل الهدى فحاز غاية الأجور

أجازني من قبل هذا الوقت

 

حَفِظه رب الورى من مقت

إجازة عمم فيها كل ما

 

كان التعاطي فيه بين العلما

من قبله أجازني شيخنا ذا

 

أبو علي ولحذوه حذا

ما كنت أهلاً إن أجاز إلا

 

أن سَتَرَ المولى العظيمُ الجهلا

من كان في جانب أهل الله

 

لم يعدم الجذب إلى التناهي[5]

 

 

[1] انظر تنوير الحوالك(1/8). وأوجز المسالك (1/33).

[2] من أعلام التراث الكنتي المخطوط الشيخ محمد بن بادي الكنتي نموذجا. تأليف الأستاذ الصديق حاج أحمد آل المغيلي. الناشر: دار الغرب للنشر والتوزيع. السنة 2007م (ص 50).

 [3]بلاد شنقيط المنارة والرباط: (ص237). ونظم الشيخ المامي على المختصر مطبوع صدر عن زاوية الشيخ محمد المامي 2005.

[4] انظر المجموعة الكبرى ليحيى ولد البراء (2/208).

[5] المعسول (5/156)

ذ. وديع أكونين

  • باحث بمركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراوي بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق