الرابطة المحمدية للعلماء

فتح الله كولن يضيء فضاءات جامعة محمد الخامس

أضاء العلامة والمفكر التركي الكبير، الأستاذ محمد فتح الله كولن، فضاءات جامعة محمد الخامس بالرباط وبالتحديد كلية الآداب والعلوم الإنسانية، وذلك من خلال تحويل كتابه “ونحن نبني حضارتها”، في الندوة الدولية التي نظمها صباح أمس الخميس مسلك “خصائص الخطاب الشرعي وأهميته في الحوار”، بتنسيق مع مجلة “حراء” التركية، إلى مأدبة فكرية التأم حولها ثلة من العلماء والأساتذة الأجلاء الذين قدموا فضلا عن المغرب البلد المنظم من كل من تركيا والأردن والجزائر.

الندوة التي أدارها باقتدار كبير الدكتور العربي بوسلهام، وافتتحت فعالياتها بآيات بينات من الذكر الحكيم، عرفت عرض شريط فيديو خاص يظهر فيه المفكر الأستاذ محمد فتح الله كولن، وهو يناجي من على منبر خطبة جمعة ربه، ويدعو جموع المصلين في جو مؤثر ورهيب إلى التمسك بكتاب الله وسنة المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال وزير التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي، السيد لحسن الداودي في كلمة تلاها بالنيابة عنه الدكتور وائل بنجلون، رئيس جامعة محمد الخامس أكدال، “إن هذا اللقاء الفكري يصب في دعم العلاقات الثنائية التي تجمع المغرب وتركيا، كما يصب في توسيع معارف الأدباء والمفكرين من كلا البلدين بعضهم ببعض..”، وأضاف في مداخلة له في افتتاح هذه الندوة “ستكون لنا الفرصة كذلك في إطار هذه الندوة، للاستفادة من التجربة التركية، ومناقشة المعضلات والمثبطات التي يعاني منها محو دول جنوب ـ جنوب”، مبينا أن من معالم هذا العصر أن مشاكل وقضايا هذه الدول تتشابك وتتشابه.  

واعتبر السيد الوزير، أن عصر التكنولوجية الرقمية الذي نعيشه اليوم عصر لا يرحم، على اعتبار أنه يسير بوتيرة تطور العلوم وسرعتها المتزايدة، مشددا على أن امتلاك أدوات المعرفة يمثل اليوم عنصرا أساسيا من شأنه تحقيق التطور العلمي والاقتصادي والاجتماعي الذي يتماشى ومتطلبات المستقبل.  

وفي نفس السياق تحدث الدكتور عبد الرحيم بنحادة، عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، مبرزا قيمة وقدرات المفكر الأستاذ محمد فتح الله كولن، وقال “نجتمع اليوم للاحتفاء بواحد من أكبر مفكري هذا العصر، ويتعلق الأمر بمحمد فتح الله كولن”، وأكد في مدخلة مماثلة، أن فتح الله كولن كان حريصا على تعلم اللغتين العربية والفارسية، ولذلك تمكن من امتلاك مفتاح البحث في الثقافتين العربية والإسلامية، مشيرا إلى أنه كان يولي أهمية بالغة لميدان التربية والتعليم ويعتبره المدخل الصحيح لتحقيق أي إصلاح مجتمعي، وهو بذلك يكون، يضيف بنحدة، قد استحضر المثال الذي يقول “إذا أردت التخطيط لعشر سنوات فاستحضر الاقتصاد، وإذا أردت التخطيط للأمد البعيد فاستحضر التعليم”.

كما أكد الدكتور عبدالرحيم بنحادة الذي درس لسنوات بالجامعات التركية، أن فتح الله كولن، يعتبر الديمقراطية هي الحل، ومن ثمة شن حربا ضد الأنظمة الشمولية، داعيا الجميع إلى السير على منوال هذا العالم الكبير الذي تلقبه الشبكة العنكبوتية بـ”أبي الإسلام الاجتماعي”.

من جانبه، أشاد الأستاذ أحمد بوكوس، عميد المعهد الملكي للثقافة الامازيغية، بالإنتاج العلمي والفكري والثقافي للمفكر محمد فتح الله كولن، وقال في ورقة قرأها نيابة عنه الأستاذ الوفي النوحي “إن نظرة سريعة في فكر وثقافة هذا الرجل العظيم لجديرة بأن تكشف لنا عن بعض تميزه”، مؤكدا أنه احتل في استطلاع للرأي أجرته مجلة دولية، المرتبة الأولى من بين مائة عالم، ناهيك عن عشرات الاعترافات والشهادات التي قيلت في حقه.

وأضاف عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، “إن المفكر محمد فتح الله كولن يختزل علل المجتمع الإسلامي في ثلاثة عوامل يجملها في الجهل والفرقة والفقر، ونذر نفسه للتخفيف من حدتها”، مشيرا إلى أنه من أجل ذلك قام بتأسيس حركة “كولن” التي تمتلك حوالي ألف مدرسة تضم مختلف المستويات، بالإضافة إلى عشرات الصحف والمجلات ومحطة إعلامية ومؤسسات خيرية ومراكز ثقافية وغيرها.

من جهته، أكد الأستاذ مصطفى أوزجار، المستشار في مجلة “حراء” التركية، أن محمد فتح الله كولن لا ينطلق من خلال كتابه “ونحن نبني حضارتنا”، من ردود أفعال، ولكن ينطلق من مشروع كبير يسعى من ورائه إلى إضافة إضافات نوعية من أجل خدمة الصالح العام، وأشار إلى أنه يعتبر أن الرأسمال الكبير لأي أمة تبحث عن الرقي والازدهار، ليس هو امتلاك التكنولوجيا الحديثة، ولكن رأسمالها هو امتلاك الوعي بأن لها تاريخ حضاري، مبينا أن فتح الله كولن يحمل مسؤولية النهوض الحضاري لجميع المسلمين على اعتبار أنهم يمتلكون كل وسائل ومقومات هذا النهوض ومع ذلك لا يجتهدون في ذلك.

بدوره، أشار المشرف العام على مجلة “حراء”، الأستاذ نوزد صواش، إلى أن كتاب “ونحن نبني حضارتنا”، هو عبارة عن مجموعة من المقالات التي كتبت على مدى عشر سنوات، وأكد أن مجلة “حراء”، نظمت ما  يزيد على 35 ندوة ولقاء على صعيد العالم العربي، مشددا على أن الحاجة اليوم ماسة وأكثر من ذي قبل إلى الحكماء والعلماء من أمثال الأستاذ فتح الله كولن حتى يقودوا المجتمع إلى الخروج من المآزق التي يتخبط فيها.

واختتمت الجلسة الافتتاحية بتوزيع عدد من الهدايا الرمزية على كل من رئيس جامعة محمد الخامس أكدال، الدكتور وائل بنجلون، وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، الدكتور عبدالرحيم بنحادة، كما اختتمت الجلسة وتحت إشراف فضيلة الأستاذ عبدالقادر العافية، بتوزيع شواهد التخرج على بعض طلبة الفوج الأول، فوج الأستاذ محمد بلبشير الحسني، لمسلك الماستر “خصائص الخطاب الشرعي وأهميته في الحوار.   

وتضمن برنامج هذه الندوة العلمية، وعلى مدى يوم كامل، مناقشة عدة محاور في أربع جلسات، تتمحور الأولى منها حول” بناء العقل الحضاري وتشكيل السلوك المتمدن في النفوس”، والثانية حول “فلسفة البناء الحضاري ومقوماته عند الأستاذ محمد فتح الله كولن”، أما الجلسة الثالثة فتتعلق بـ”الانبعاث الحضاري ومرتكزات الإصلاح عند المفكر الأستاذ فتح الله كولن”، فيما يتناول محور الجلسة الرابعة “عوامل النهوض الحضاري عند المفكر فتح الله كولن”.

عبدالرحمان الأشعاري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق