مركز عقبة بن نافع للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعينأعلام

فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

اسمها ونسبها وولادتها:

هي سيّدةُ نساء الأمّة، وأحبُّ الخلق إلى سيّد الخَلق، فاطمةُ الزهراء (الكبرى) بنتُ إمام المتقين رسول الله: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، الهاشمية، صلى الله على أبيها وآله وسلم ورضي عنها. وأمّها السّيّدة خديجة بنتُ خويلد بن أسَد القرشية، سيّدة سيّدات بيت النبوة.كانت تكنّى أمّ أبيها، وتلقّب بالزّهراء[1]. وتُكنى أيضاً بأمّ الحسَن وأمّ الحُسَين، فزَوجُها هو عليّ بن أبي طالب القرشي الهاشمي، وابناها هما الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة.

وُلدت رضي الله عنها سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وكان مولدها قبل البعثة بقليل نحو سنة أو أكثر، وهي أسنّ من عائشة بنحو خمس سِنِينَ[2].

وأمّا ترتيبها بين أخواتها، فقد كانت هي وأختها أمّ كلثوم أصغر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم. واختلف في الصّغرى منها، فقيل: إنّ رقية أصغر منها، والذي رجّحه ابن عبد البرّ في ترتيب بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّ زينب الأولى، ثم الثانية رقية، ثم الثالثة أم كلثوم، ثم الرابعة فاطمة الزهراء[3].

زواجها من عليّ بن أبي طالب:

أنكح رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتَه فاطمة عليّ بن أبي طالب رضيَ الله عنهما بعد وقعة أحد. وقيل: إنّه تزوجها بعد أن ابتنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعائشة بأربعة أشهر ونصف، وبنى بها بعد تزويجه إياها بتسعة أشهر ونصف، وكان سنّها يوم تزويجها خمس عشرة سنة وخمسة أشهر ونصفاً، وكانت سنّ علي إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر[4].

وقد اختلف في مهره إياها، فرويَ أنّه أمهرها درعه، وأنَّه لم يكن له في ذلك الوقت صفراء ولا بيضاء. وقيل: إن عليا تزوج فاطمة رضي الله عنهما على أربعمائة وثمانين، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل ثلثها في الطيب[5].

ذرّيتها:

وُلد لسيّدتنا فاطمة رضي الله عنها الحسن، والحسين، وأم كلثوم، وزينب، ولم يتزوج علي عليها غيرها حتى ماتت[6]. وقد انقطع نسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلاّ من فاطمة[7].

حب النبي صلى الله عليه وسلم لها:

كانت سيّدتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها من أحبّ النّاس إلى أبيها، فهي بنت زوجه خديجة التي رُزق حبّها، وهي التي كانت من أشبه الناس بها، فكانت تقوم مقام أمّها في التخفيف عن آلامه وأحزانه، وتبعد عنه ما تعكّر صفو حياته، وتساعده في شؤون بيته وأسرته، فهي يده اليمنى، وهي حبّة قلبه، ولذلك كانت تبادله حبّاً بحبّ، وتستشيره في شؤونها الخاصة والعامة، وتهتدي بهديه، فهي مثال لتربيته صلى الله عليه وسلّم، ولذلك ورد في فضلها الكثير من الأحاديث الصحيحة تبيّن هذه العلاقة، وقد أفردها بعض العلماء بالتأليف كالحاكم النيسابوري (ت:405هـ) رحمه الله، الذي كتب جزء في فضائلها سمّاه: (فضائل فاطمة الزّهراء).

 روايتها للحديث الشريف:

تشرّفت السّيّدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها برواية الحديث النبوي الشريف، فقد روت عن والدها صلى الله عليه وسلم، وروى عنها: أنس بن مالك، وابنها الحسين بن علي بن أبي طالب، وأبوه علي بن أبي طالب، وسلمى أم رافع زوج أبي رافع، وعائشة أم المؤمنين، وفاطمة الصغرى بنت الحسين بن علي بن أبي طالب مرسلاً، وأم ّسلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم[8]. وروايتها في الكتب الستة[9].

وفاتها رضي الله عنها:

توفيت السيّدة فاطمة رضي الله عنها ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة. وذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيسير. قال محمد بن علي: بستة أشهر. وقد روي عن ابن شهاب مثله. وروي عنه بثلاثة أشهر. وقال عمرو ابن دينار: توفيت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بثمانية أشهر. وقال ابن بريدة: عاشت فاطمة بعد أبيها سبعين يوماً[10]. وهي ابنة تسع وعشرين سنة. وقيل: ثلاثين سنة. وقيل: خمسا وثلاثين سنة[11].

وممّا يتّصل بدفنها، أنّها تعد أوّل من غُطّي نعشها من النساء في الإسلام، وذلك أنّها  قالت لأسماء بنت عميس: يا أسماء، إنّي قد استقبحت ما يصنع بالنّساء، إنّه يطرح على المرأة الثوب فيصفها. فقالت أسماء: يا بنت رسول الله، ألا أريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة! فدعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت عليها ثوباً، فقالت فاطمة: ما أحسن هذا وأجمله! تعرف به المرأة من الرجال، فإذا أنا مت فاغسليني أنت وعلي، ولا تدخلي علي أحداً. فلما توفّيت جاءت عائشة تدخل، فقالت أسماء: لا تدخلي. فشكت إلى أبي بكر، فقالت: إن هذه الخثعمية تحول بيننا وبين بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جعلت لها مثل هودج العروس، فجاء أبو بكر، فوقف على الباب، فقال: يا أسماء، ما حملك على أن منعت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن على بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعلت لها مثل هودج العروس؟ فقالت: أمرتني ألا يدخل عليها أحد، وأريتها هذا الذي صنعت، وهي حية، فأمرتني أن أصنع ذلك لها. قال أبو بكر: فاصنعي ما أمرتك. ثم انصرف، فغسلها علي وأسماء.

 قال أبو عمر ابن عبد البرّ: فاطمة رضي الله عنها أول من غطي نعشها من النساء في الإسلام على الصفة المذكورة في هذا الخبر، ثم بعدها زينب بنت جحش رضي الله عنها، صنع ذلك بها أيضاً[12].

———————————————————————————————-

[1] الإصابة:8/262.

[2] نفسه:8/262.

[3] الاستيعاب:4/1893.

[4] نفسه:4/1893.

[5] نفسه: 4/1893.

[6] نفسه: 4/1893.

[7] الإصابة:8/262.

[8] تهذيب الكمال:35/247.

[9] سير أعلام النبلاء:3/415.

[10] الاستيعاب:4/1893.

[11] الاستيعاب:4/1899.

[12] نفسه:4/1898.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق