عِنَايَةُ عُلَمَاء المَغْرِب الأَقْصَى بِكِتَابِي: الشَّمَائِل التِّرْمِذِيَّة، وَالشِّفَا لِعِيَاض
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه
د. محمد بن علي اليولو الجزولي*
مقدمة
تعد المدرسة المغربية من المدارس الرائدة التي اعتنت بكتب الشمائل النبوية ، فقد بذل العلماء المغاربة جهدهم في التأليف في موضوع الشمائل النبوية، واهتموا بها من حيث الرواية والدراية، مما ينبئ عن المكانة العلمية التي حظيت بها كتب الشمائل النبوية في الأوساط العلمية المغربية، على مر العصور والأزمان.
ولكن قلة هم الدارسون الذين أولوا اهتمامهم للتعريف بهذا النبوغ المغربي الكبير.
وإسهاما مني في هذا الباب، جاء هذا المقال ليبين مدى عناية المدرسة المغربية واحتفالها بالمصنفات في الشمائل، خاصة ما ألف على شمائل الترمذي، وكتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى لعياض.
وسيقتصر هذا المقال ـ إن شاء الله تعالى ـ على الأعمال الموضوعة على كتاب الشفا لعياض، والشمائل النبوية للترمذي، دون غيرها من المؤلفات في شمائله صلى الله عليه وسلم، حتى لا يطول المقال.
ومن خلال تتبعي للأعمال المغربية الموضوعة على كتاب الشمائل النبوية وكتاب الشفا للقاضي عياض، اتضح لي مدى تنوع هذه المصنفات بتنوع أغراض مؤلفيها، ما بين شرح لهما وهو الغالب الأعم، أو تعليق وحاشية عليهما، أو انتقاء وانتخاب منهما، أو التعقيب والاعتراض عليهما، أو بيان أغراضهما ومعانيهما، أو ختمهما في مجالس علمية، أو جمع وتخريج لأحاديثهما وآثارهما، أو بيان غريب ألفاظهما، أو كلام على رجال أسانيدهما، أو نظمهما وتقريظهما ومدحهما، أو اختصار لأحد شروحهما أو نظمهما، أو غير ذلك من الأعمال، وهذا التنوع العلمي في هذه الأعمال الموضوعة على كتاب الشمائل النبوية، وكتاب الشفا للقاضي عياض قلما يحظى بها ديوان من الدواوين ما خلا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقد حازت الأعمال المغربية الموضوعة على كتاب الشمائل النبوية، وكتاب الشفا للقاضي عياض قصب السبق، في العناية بفن الشمائل المصطفوية، ولا عجب في ذلك إذا هم السباقين إلى الذود عن الجناب النبوي، والمقام المحمدي، ويعتبر عمل أبي الحسن الحرالي المراكشي (637هـ) على الشفا [1] من أقدم ما صُنف في ذلك، ثم يتلوه شرح أبي عبد الله محمد بن أبي غالب بن أحمد بن السكاك المكناسي العياضي (818هـ) على الشفا.[2]
أما عن المنظومات المغربية على كتاب الشفا، فتعد منظومة الإمام العبدري المتوفى عام (700هـ)، من أقدم القصائد التي عارض بها كتاب الشفا، كما تفرد العلامة القاضي أحمد بن الحاج سكيرج العياشي الفاسي المتوفى عام (1363هـ)، في منظومة من (70747 بيتا)، سماها:" مورد الصفا بمحاذاة الشفا".[3]
وليس الغرض هنا استقصاء كل ما ألفه المغاربة على شفا عياض، وشمائل الترمذي، وإنما الغرض الإشارة اللطيفة إلى عنايتهم بهذين المؤلفين المباركين.
أولا: الأعمال على شمائل الترمذي:
1 ـ تقييد على الشمائل للترمذي: لمحمد بن أحمد بن محمد الحُرِيشِي (توفي أوائل ذي الحجة عام 1102هـ)[4]، وهو تلخيص من كتاب: أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل، لابن حجر الهيتمي، مع بعض الزيادات من كتب أخرى غيره، كما نص على ذلك مؤلفه في المقدمة.[5]
2 ـ شرح على شمائل الترمذي: لمحمد بن عبد الرحمن بن زكريا الفاسي (1144هـ).
3 ـ حاشية على شمائل الترمذي: الإمام العلامة اللغوي المحدث المسند فخر المغرب على المشرق، شمس الدين محمد بن الطيب بن محمد بن موسى الفاسي المدني المعروف بالشَّرْكي (1170هـ).[6]
4 ـ جامع الفوائد البهية على الشمائل المحمدية للترمذي: لمحمد بن قاسم جسُوس الفاسي (1182هـ).[7]
5 ـ أشرف الوسائل برواة شمائل الترمذي: لمحمد بن الطيب القادري الفاسي (ت1187هـ).[8]
6 ـ تعليق على شمائل الترمذي: لمحمد التَّاودي ابن سودة المري الفاسي (ت1209هـ).[9]
7 ـ أوائل شرح الشمائل الترمذية : لأبي حامد العربي بن أحمد بن الشيخ التاودي ابن سُودة الفاسي (1229) ، وهو شرح على الشمائل النبوية للترمذي لم يكمل، مات مؤلفه دون إتمامه.[10]
8 ـ حاشية على الشمائل: لعبد الرحمن بن إبراهيم التغرغرتي (1276هـ).[11]
9 ـ زهر الخمائل على ختم الشمائل، ويسمى أيضا: زهر الخمائل من دوحة الشمائل: لأحمد بن قاسم جسوس الفاسي (1331هـ). [12]
10 ـ حواشي على الشمائل: لعبد الكبير بن محمد الكتاني (1333هـ).[13]
11 ـ فتيا السائل في اختصار الشمائل: لمحمد بن جعفر الكتاني (1345هـ).[14]
12 ـ نظم الشمائل المحمدية والسيرة المصطفوية: لعبد الحفيظ بن الحسن العلوي السلطان (1356هـ).[15]
13 ـ المستخرج على الشمائل: لأحمد بن محمد بن الصديق الغماري الطنجي(1380هـ).[16]
ثانيا: الأعمال على شفا عياض:
1 ـ شرح الشفا: لأبي الحسن علي بن أحمد بن الحسن الحَرَّالِي التُّجيبي المراكشي المولد والنشأة (637هـ). [17]
2 ـ معارضة تائية القاضي عياض في الشفا: لأبي عبد الله محمد بن محمد بن علي العبدري المتوفى بعد (700هـ)، عارض بها أبيات القاضي عياض التي ذكرها في كتاب الشفا شوقا إلى الروضة الشريفة، في ثلاثة عشر بيتا مطلعها:
يـا سـاكني دار الحــبيب عــليكم |
| مـــني ســلام طــيب الــنفحات[18] |
3 ـ شرح الشفا: لأبي عبد الله محمد بن أبي غالب بن أحمد بن السكاك المكناسي العياضي (818هـ).[19]
4 ـ إيضاح اللَّبس والخفا في الكشف عن غوامض الشفا لعياض: لعبد الله بن أحمد بن سعيد الزموري (911هـ)، شرح ماتع مفيد في مجلد ضخم، حقق فيه ألفاظ الشفا وضبط لغته، وعرف برجاله، ألفه عام 882هـ.[20]
5 ـ شرح الشفا: لمحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الدلائي(1022هـ).[21]
6 ـ شرح الشفا: لأبي عبد الله وأبي حامد محمد العربي بن يوسف بن محمد الفهري القصري الفاسي (1052هـ). [22]
7 ـ شرح الشفا، لأبي عبد الله مَحمد بن أبي بكر بن محمد الدِّلائي الشرقي (1079) [23]، وهو شرح حافل، أنشد في حقه محمد بن أبي بكر اليازغي في حدائق حدائق الأزهار الندية قوله:
قــد شـرح الـشفا بــشرح أحـــفل |
| أوضــح فــيه كل مــعنى مــقفل[24] |
8 ـ شرح الشفا: لبدر الدين محمد بن يوسف بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب بن عبد الله بن عبد الملك بن عبد الغني المغربي المراكشي البيباني، بدر الدين الحسني: محدث الشام في عصره(1354 هـ). [25]
9 ـ مورد الصفا بمحاذاة الشفا: للقاضي أحمد بن الحاج العياشي سكيرج الفاسي (1363هـ): نظم فيه كتاب الشفا لعياض في 7747 بيتا. [26]
الخاتمة:
وفي ختام هذا المقال أحمد الله تعالى أن وفقني لتناول جزء يسير من عناية المغاربة بكتاب الشمائل الترمذية، والشفا لعياض.
كما أسأله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا العمل في ميزان حسناتي يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
****************
جريدة المصادر والمراجع:
1.الأعلام:قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين المستشرقين: لخير الدين الزركلي، دار العلم للملايين، بيروت، ط15، 2002م.
2.الإكليل والتاج في تذييل كفاية المحتاج: لمحمد بن الطيب القادري، ت: مارية دادي، تقديم: د.محمد بن الشريفة، الجمعية المغربية للتأليف والترجمة والنشر، مطبعة شمس، وجدة، دون سنة الطبع ولا تاريخ.
3.تاريخ الأدب العربي: كارل بروكلمان، ترجمة: د.السيد يعقوب بكر، دار المعارف، مصر، 1977م.
4.تراث المغاربة في الحديث وعلومه: لمحمد بن عبد الله التليدي، دار البشائر الإسلامية، بيروت، لبنان ط1، 1416هـ/1995م.
5.خلال جزولة: لمحمد المختار السوسي، مطبعة المهدية، تطوان، المغرب، د.ت.
6.الزاوية الدلائية ودورها الديني والسياسي: لمحمد حجي، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، طبعة 1409هـ/1988م.
7.سلوة الأنفاس ومحادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء والصلحاء بفاس، لمحمد بن جعفر بن إدريس الكتاني، ت: عبد الله الكامل الكتاني، حمزة بن محمد الطيب الكتاني، ومحمد حمزة بن علي الكتاني، دار الثقافة، الدار البيضاء.
8.سوس العالمة، لمحمد المختار السوسي، مطبعة فضالة، المحمدية، 1380هـ /1960م.
9.شجرة النور الزكية في طبقات المالكية: لمحمد بن عمر بن قاسم مخلوف، ت: عبد المجيد خيالي، دار الكتب العلمية، بيروت ط1، 1424هـ/2002م..
10.طبقات الحضيكي: لمحمد بن أحمد الحضيكي، ت: أحمد بومزكو، مطبعة النجاح الجديدة، ط1 ، 1427هـ/2006م.
11.فتح العزيز في أسانيد السيد عبد العزيز، تخريج محمود سعيد ممدوح أبو عبد الرحمن، دار البصائر، ط1، 1405هـ/1985م.
12.فهرس الفهارس والأثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلسلات: لمحمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني، اعتناء: إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط2، 1402هـ.
13.فهرس مخطوطات خزانة القرويين محمد العابد الفاسي، الطبعة الأولى: 1409/1989.
14.الكواكب الدرية في تراجم السادة الصوفية: زين الدين عبد الرؤوف المناوي المصري (1031هـ)، ت: د.عبد الحميد صالح حمدان، نشر المكتبة الأزهرية للتراث، القاهرة.
15.معجم المطبوعات العربية والمعرَّبة، يوسف إلياس سركيس، مكتبة الثقافة الدينيو، القاهرة.
16.معجم المطبوعات المغربية: لإدريس بن الماحي القيطوني الإدريسي الحسني. مطابع سلا 1988.
17.معجم طبقات المؤلفين على عهد دولة العلويين: لعبد الرحمن ابن زيدان، ت: د.حسن الوزاني، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، ط1، 1430هـ/2009م.
17.الموسوعة المغربية للأعلام البشرية والحضارية، لعبد العزيز بنعبد الله، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية 1395هـ/1975م.
هوامش المقال:
****************
[1] ـ الكواكب الدرية للمناوي 2 /123.
[2] ـ منه نسخة في مكتبة جوتا الألمانية تحت رقم: 2 /83، حسبما أفاد به المستشرق كارل بروكلمان في تاريخ الأدب العربي 6 /271.
[3] ـ الأعلام 7 /158
[4] ـ فهرسة مخطوطات خزانة القرويين لمحمد العابد الفاسي3 /196.
[5] ـ ذكره له ابن زيدان في معجم طبقات المؤلفين على عهد دولة العلويين 2 /271.
[6] ـ فهرس الفهارس (2 /1070).
[7] ـ سلوة الأنفاس: للكتاني (1 /330)، معجم المطبوعات المغربية: ص: 75، ومعجم المطبوعات العربية ص: 207. وهو مطبوع عدت طبعات ، منها طبعة بولاق سنة 1296هـ ، وطبعة محمد أفندي مصطفى، القاهرة، 1306هـ، وطبعة محمد صبيح سنة 1346هـ ، كما طبع بعد ذلك بفاس، والدارالبيضاء، وتبقى الحاجة ماسة في إعادة تحقيق الكتاب على أصوله المعتمدة، مضبوطا ومحققا.
[8] ـ معجم المطبوعات ص:283.
[9] ـ فهرس الفهارس1 /251.
[10] ـ الموسوعة المغربية للأعلام 2 /13.
[11] ـ مخطوط يوجد بالمدرسة العلمية العتيقة، إيمي نواداي، دائرة إغرم، إقليم تارودانت.
[12] ـ معجم المؤلفين 2 /79، الإعلام 2 /472 الترجمة رقم: 322 للمراكشي قال: " وله ختمة الشمائل وقفت عليها في نحو كراسة سماها: زهر الخمائل، من دوح ختم الشمائل".
[13] ـ فهرس الفهارس (2 /743)، وتراث المغاربة (ص: 138).
[14] ـ طبع بفاس سنة 1331هـ.
[15] ـ تراث المغاربة (ص: 288).
[16] ـ فتح العزيز في أسانيد عبد العزيز (ص: 7)، وتراث المغاربة (ص: 253).
[17] ـ الكواكب الدرية للمناوي 2 /123.
[18] ـ تاج المفرق في تحلية علماء المشرق 1 /127.
[19] ـ منه نسخة في مكتبة جوتا الألمانية تحت رقم: 2 /83، حسبما أفاد به المستشرق كارل بروكلمان في تاريخ الأدب العربي 6 /271.
[20] ـ ذكره الحضيكي في الطبقات 2 /413، ومحمد المختار السوسي في خلال جزولة 2 /49، الأعلام 4 /68.
[21] ـ الزاوية الدلائية ص : 276.
[22] ـ الإكليل والتاج في تذييل كفاية المحتاج ص: 499.
[23] ـ شجرة النور الزكية 1 /311، والأعلام 3 /161.
[24] ـ سلوة الأنفاس 2 /95.
[25] ـ الأعلام 7 /158
[26] ـ الأعلام 7 /158
* راجع المقال الباحث: يوسف أزهار