الرابطة المحمدية للعلماء

عوائق تدريس الدين الإسلامي في ألمانيا

في الحاجة إلى إيحاءات علوم الحضارة لمواجهة تحديات مسلمي ألمانيا وأوروبا

منذ أن أصدر المجلس العلمي توصياته بأهمية “الدراسات الإسلامي” في الجامعات الألمانية، أصبحت على ما يبدو غاية أن يكون هناك علم إسلامي ألماني هدفاً مشتركاً لجميع الأحزاب السياسية في بلدنا. ويبدو أن العلم والأرضية التي يوفرها لتخريج الأئمة ومعلمي الإسلام في المدارس الألمانية بات يشكل طريقاً مثالية لاندماج المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا، حسب ما جاء في دراسة هامة لكلاوس فون شتوش، وصدرت الأسبوع الجاري في موقع “قنطرة” الإلكتروني، ويعمل فون شتوش أستاذا لـ”علم اللاهوت النظامي” في جامعة بادربورن ويرأس هناك مركز علوم الثقافة واللاهوت المقارن، وقد صدر له مؤخراً كتاب “تنزيل” عن دار نشر :شونيغ” الألمانية.

ويضيف فون شتوش أنه في الوقت نفسه ظهر في بعض الجامعات نوع من مزاج المنقبين عن الذهب، لأن الحكومة الألمانية وعدت بتقديم موارد سخية لتأسيس الفرع الدراسي الجديد. وكل شخص مطلع على حيثيات الأمور يعرف أنه لا توجد جامعة ألمانية واحدة جمعت خبرات كافية في هذا المجال، تمكنها من إنشاء مراكز للدراسات الإسلامية بشكل مستدام ومسؤول ومن مواكبها بشكل كفء. لكن على الرغم من ذلك يُعتقد أن الدعم الحكومي السخي سيُغدق على بعض الجامعات الألمانية المختارة بشكل اعتباطي.

ومن الطبيعي أن يكون تأسيس الدين الإسلامي باللغة الألمانية في البدء تحدياً لمسلمي ألمانيا، إذ بات يُلاحظ هنا وجود ثلاثة اتجاهات مختلفة لردود الفعل في ألمانيا. في البدء يوجد المجددون، الذين تتركز جهودهم على إدخال الإسلام إلى مجتمعنا الألماني بشكل بعيد عن المتاعب والعوائق. وهذه المجموعة محبذة بشكل خاص من قبل الساسة، لأنها تقدم الإسلام بأكثر الأشكال مرونة يمكن تخيلها وتستبعد من هذا الدين كل ما هو مسيء، ملاحظا أن المجددين يمارسون بمهارة عمل جماعات الضغط في الأحزاب السياسية في ألمانيا، لكنهم لا يسيرون بالاندماج المطلوب لمسلمي ألمانيا على طريق التقدم، لأن المسلمين الأكثر تعلماً بعض الشيء يلاحظون حقيقة مدى ضعف قراءتهم التجديدية للإسلام.

ويضيف الباحث أن تدريس الدين الإسلامي في ألمانيا يتطلب إلى مصادر متنوعة وإلى إيحاءات علوم الحضارة، وعليه أن يواجه مختلف الآفاق الخارجية على مادته. لكن في هذا السياق فإن الأمر لا يخلو من إشكالية هيمنة علوم الدين والدراسات الإسلامية، مؤكدا أن الجامعات الألمانية أصبحت معنية بالانتباه في المقام الأول إلى دعم النشء في مجال تدريس الدين الإسلامي، لأنه لا يوجد في الوقت الحالي من الناحية العملية مختصين أو مختصات بالقضايا الفقهية الإسلامية ناطقين باللغة الألمانية قادرين على العمل في هذا التخصص الجديد. إن من المبكر افتتاح مراكز كبيرة لتدريس الدين الإسلامي وإن أي تحرك متسرع يمكن أن يؤدي في النهاية إلى أضرار بالنسبة لاندماج المسلمين الذين يعيشون في ألمانيا، يفوق حجمها تصورات الأطراف الفاعلة في السياسة والمجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق