هو طاووس بن كيسان، الخولاني الهمداني، قيل اسمه ذكوان وإنما لقب بطاووس لهيبته ولعلو فقهه، ولأنه كان طاووس الفقهاء، والمقدم عليهم في عصره، يماني المولد، فارسي الأصل، من التابعين، محدث ثقة، وفقيه فاضل، وعابد زاهد، وحجة حافظ.
اختلف في تاريخ مولد هذا التابعي رضي الله عنه، يقول الإمام الذهبي ـ رحمه الله ـ «أراه ولد في دولة عثمان رضي الله عنه، أو قبل ذلك» وعبارة الذهبي هذه، توحي بأنه ولد في خلافة عثمان ويحتمل أن يكون في آخر خلافة عمر، والاحتمال الأقرب أن يكون ولد قبل ذلك، في أواسط خلافة عمر رضي الله عنه، فقد ذكر أنه توفي سنة 106هـ على الأصح، عن بضع وتسعين سنة من عمره. أما خير الدين الزركلي فقد حدد في كتابه: أن طاووسا ولد سنة ثلاث وثلاثين للهجرة، وتوفي سنة مئة وست للهجرة، وهذا القول يتفق مع رأي من قال: إنه توفي عن بضع وسبعين سنة، كما ذكر ذلك الإمام النووي رحمه الله.
ولد طاووس ونشأ باليمن، وأدرك خمسين صحابيا، سمع من زيد بن ثابت، وعائشة، وأبي هريرة، وزيد بن أرقم، وابن عباس الذي لازم وصاحب لفترة طويلة، وتأثر بمنهجيتة في العلم وفي المواقف أيضا، فكانت أكثر روايته في الحديث وفي التفسير عنه, حتى عد أكثر تلامذته حفظا للمأثور عنه، وكذلك سار على دربه في تجنب خلفاء بني أمية, إلا ما افترضته عليه أمانة النصيحة والطاعة لولي الأمر. كما روى عن جابر، وسراقة بن مالك، وصفوان بن أمية، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وطائفة آخرون...
روى عنه ابنه عبد الله بن طاووس، إبراهيم بن ميسرة الطائفي، وأسامة بن زيد الليثى، وحبيب بن أبى ثابت وعطاء، ومجاهد، والحسن بن مسلم، وابن شهاب، وأبو الزبير، وخلق كثير سواهم...، وحديثه في الكتب الستة، وهو حجة باتفاق.
كان ذكوان من خير الدعاة إلى الله، وكان لا يعدم وسيلة إلا وظفها لهذا الغرض، ولقد علمته المدرسة المحمدية أن الدين النصيحة، فكان لا يخاف في قول الحق، ونصح الولاة والأمراء لومة لائم. وكما ذكرنا سابقا فطاووس لم يكن مفسرا فحسب، بل كان إلى جانب ذلك محدثا وفقيها، وأصح الأسانيد إلى طاووس هي: ما كان من طريق عبد الرزاق عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه، عن ابن عباس، كما أن هناك طرقا أخرى صحيحة.
كان طاووس يحج بيت الله، وكانت الحجة الأربعين له؛ وبينما هو مع الحجيج في مزدلفة، وقيل يوم التروية، فاضت روحه إلى بارئها، ولقي الله، محرما، ملبيا، بعد حياة حافلة بالعلم الغزير، والأعمال الصالحة ، والدعوة إلى الله تعالى. وصلى عليه الخليفة هشام بن عبد الملك الذي كان حاجا في ذلك العام. فكانت وفاته سنة مئة وست للهجرة على الصحيح. رحم الله الشيخ وأسكنه فسيح جناته.
مصادر ترجمته:
التاريخ الكبير للبخاري، تحقيق السيد هاشم الندوي (365/4)، التاريخ الكبير المعروف بتاريخ ابن أبي خيثمة، تحقيق صلاح بن فتحي هلال (310/1)، السلوك في طبقات العلماء والملوك لبهاء الدين الجندي، تحقيق محمد بن علي الحوالي (93/1)، سير أعلام النبلاء للذهبي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط (38/5)، شذرات الذهب في أخبار من ذهب لعبد الحي بن أحمد العكري، تحقيق الأرنؤوط (133/1)، طبقات المفسرين لأحمد بن محمد الأدنروي، تحقيق سليمان الخزي (12/1)، الأعلام للزركلي (224/3)، طاووس بن كيسان اليماني، مروياته وآراؤه في التفسير، من كتب التفسير بالمأثور وكتب السنة المشتهرة جمعا ودراسة، رسالة لنيل درجة الماجستير، مقدمة من الطالب: عبد الله عثمان أحمد (ص: 74-80).