مركز الدراسات القرآنيةدراسات عامة

شهر رمضان: الزمن المقدس في الوحي

رمضان هو موسم لإعادة وضع الأمور في نصابها من حيث الترتيب والأولوية؛ بين التراب وبين نفخة الروح في التركيبة البشرية، وهو أحد تجليات المجاهدة الدائمة؛ بين ثقل المادة الساحبة إلى الأرض، وخفة الروح الدافعة إلى السماء، لأن الروح عندما تتخلص من كثافة المادة التي يطلبها الجسد طعاما وشرابا ونكاحا، تتجلى فيها صفات النفخة الإلهية من رحمة وحلم وكرم وجود.. فيكون رمضان هو شهر الإنسانية، ولذلك كان هو الزمن المقدس.

وهو من العبادات التي يعد الالتزام الزمني جزء من ماهيتها ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ اُلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة/185]، فلا يجزئ صيام الفريضة خارج هذا الشهر إلا بعذر كما فصل الفقهاء،  إنه الزمن الذي قدر الله تعالى أن ينفرد فيه الإنسان بنفسه ونوازعه، ليكتشف أن أكبر أعدائه هي نفسه المثقلة بخصائص الطين المعتم، لذلك جاء رمضان فرصة لجعل هذا الطين زجاجا شفافا، عندما تخالطه روح صافية روضها كبح الشهوات على السمو.

وليعلم الإنسان أن أول ابتلاءاته وأعظمها، هي تركيبته الجامعة بين قداسة النفخة التي منحته الكثير من صفات الله تعالى تكريما وأمانة، وبين كثافة المادة التي جعلته مخلوقا مفتقرا للطعام والشراب والتناسل، ووجه الابتلاء هو التوفيق في إمداد الأولى بأنوار كلام الله المتجلية في الوحي، وإمداد الثانية بمقومات الحياة والاستمرار التي درأها الله تعالى في الكون، بمنهج يراعي التوازن بين عالم الملكوت وعالم الأرض.

ولقداسة هذا الزمن يشهد تغيرا في قانون الابتلاء، فتصفد الشياطين، وتوصد أبواب النار، ببركة اسمه تعالى الغفار،  ويتكرم سبحانه بفتح أبواب الجنة بجاه اسمه الوهاب، قال صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل شهر رمضان فُتحت أبواب السماء، وغلقت أبواب جهنم، وسُلسلت الشياطين»[1] في  إشارة إلى الرحمة الشاملة التي تغمر الخلائق في هذا الشهر، فتتجلى أنوار اسم الله التواب، ليشهد رمضان عودة شاملة للعباد  إلى حضرة الغفار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن صام رمضان، إيمانا واحتسابا، غُفر له ما تقدم من ذنبه»[2].

والصيام وإن كان عبادة بالجوارح فهو خفي خفاء العبادات القلبية، قال الله تعالى في الحديث القدسي: « كلُّ عملِ ابن آدمَ له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به»[3]، فلا أحد يطلع عليك لو خرجت من رمضان بالإفلاس، ولا شياطين تغويك لو عزمت الإخلاص، ولا نوازع تسحبك إلا نفسك الأمارة، ولا إغراء إلا من شهواتك، ولهذا فرمضان هو زمن المراجعة الشاملة والوعي الكامل بقوة  الإرادة الإنسانية.

قيمة الزمن في الوحي:

الزمن هو روح الحياة، ولأننا في قلب الحياة والحياة في قلوبنا لا نراه، والزمن ثروة حضارية مجانية لا يمكن لأمة أن تنهض دون وضعه ضمن المقومات الأساسية للحياة، ولهذا تم ربط جل العبادات المفروضة في الوحي بمواقيت محددة، واعتبر الانضباط الزمني جزءا من ماهية العبادة نفسها، قال سبحانه: ﴿إِنَّ اَلصَّلَوٰةَ كَانَتْ عَلَي اَلْمُومِنِينَ كِتَٰبا مَّوْقُوتا﴾ [النساء/102]، أي على مستوى أجزاء اليوم، فلا صلاة مفروضة قبل دخول وقتها، ولا يتم أداؤها بعد خروج وقتها بل يتم قضاؤها كما يقول الفقهاء، وقال بخصوص العبادة الشهرية: ﴿فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ اُلشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة/185]، فلا يسقط صوم رمضان بالصوم اختيارا في شهر آخر، وقال في شعيرة الحج: ﴿اِلْحَجُّ أَشْهُر مَّعْلُومَٰت﴾ [البقرة/197] أي من السنة، وزيارة البيت الحرام خارج هذا الزمن يعتبر عمرة لا حجا، كما أن الزكاة عبادة مرتبطة بدورة زمنية موسمية أو بحولان الحول، قال تعالى: ﴿وَءَاتُواْ حَقَّهُۥ يَوْمَ حِصَادِهِۦۖ﴾ [الأنعام/142] إلى غير ذلك من التفاصيل التعبدية  التي ترتبط ماهيتها بالزمن.

 وهذا الربط الدقيق للعبادات بالدورات الزمنية القصيرة منها والطويلة، يقصد إلى التأسيس لمحورية الزمن في الوعي الفردي والمجتمعي، باعتباره مقوما أساسيا للبناء الحضاري الإنساني، الذي كلف به المسلمون كمهمة استخلافية تعبدية، وينبع من فلسفة قائمة على خطورة عامل الزمن في قيام الإنسان بوظيفته الوجودية الأولى المتمثلة في التعبد بمفهومه الحضاري الواسع، ولذلك اعتبر فلسيوف الحضارة مالك بن نبي الزمن ضمن المقومات الثلاث الأساسية لقيام الحضارة ونهوض الأمم وتطورها[4].

وقد استفاد فلاسفة الحضارة هذا المعطى الهام من القرآن الكريم الذي اعتبر الزمن قيمة وجودية كبرى، ومن تجليات ذلك  أن الحق سبحانه يقسم بالزمن بعدة صيغ ولعدة أغراض، فقد أقسم بأجزاء اليوم كالفجر والضحى والعصر والليل والصبح كما في قوله: ﴿وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْر﴾ [الفجر/1-2]، وقوله: ﴿وَالضُّحى (1) وَاليْلِ إِذَا سَجى﴾ [الضحى/1-2]، وفي سورة العصر: ﴿وَالْعَصْرِ إِنَّ اَلِانسَٰنَ لَفِے خُسْرٍ﴾[ العصر/1-3] وأقسم بالليل في قوله: ﴿وَاليْلِ إِذَا يَغْشيٰ (1) وَالنَّهارِ إِذَا تَجَلّيٰ ﴾[الليل/1-2] .

 كما أقسم بأعظم زمن عرفه الوجود وهو عمر خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم قائلا: ﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِے سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ [الحجر/72] لأن عمر النبي الأكرم وإن كان محدودا كما كسائر الأعمار إلا أنه ممتد كيفا ومعنى، بما حمله من عظيم البشائر وعميق المصلحة والرحمة للإنسانية إلى نهاية الزمن .

ليلة القدر وقداسة الزمن

تتخلل رمضان ليلة هي أقدس من كل لياليه الساطعة بالقرآن، إنها ليلة القدر﴿اِنَّآ أَنزَلْنَٰهُ فِے لَيْلَةِ اِلْقَدْرِ 1 وَمَآ أَدْريٰكَ مَا لَيْلَةُ اُلْقَدْرِ 2 لَيْلَةُ اُلْقَدْرِ خَيْر مِّنَ اَلْفِ شَهْر3 تَنَزَّلُ اُلْمَلَٰٓئِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْر4 سَلَٰمٌ هِيَ حَتَّيٰ مَطْلَعِ اِلْفَجْرِ﴾ [ سورة القدر]، نال زمن هذه الليلة هذا الشرف، لشرف الوقائع الحاصلة فيه، فهي ليلة خصها الله تعالى بنزول كلامه، وهو أعظم حدث وقع في حياة البشر ﴿اِنَّا سَنُلْقِے عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلاً ﴾ [المزمل/4]، هذا الثقل المعنوي هو الذي جعل ليلة واحدة من رمضان تفضُل ألف شهر من شهور سائر الزمن.

ولأن رمضان هو زمن انتصار البعد الملكوتي في التركيبة الإنسانية، كان تنزل الملائكة في ليلة القدر تتويجا لانتصار النورانية على ظلمة المادة وكثافة الطين، ويمثل تنزل جبريل ملاك ذلك كله؛ لجمعه بين نورانية الملائكة وأنوار الوحي الذي تكفل عليه السلام بمراجعته للنبي صلى الله عليه وسلم كل رمضان، ولأن الكون يؤول إلى الفساد والدمار بدون تعاليم الوحي، فالوحي روح الكون، ومن ثمة كان جبريل هو الروح من ضمن الملائكة، لأنه المكلف برسالة الوحي إلى الأنبياء، ويمكن تلخيص هذه المعادلة كالآتي: إذا كان الوحي هو روح الكون، وكان جبريل هو ملك الوحي،  فجبريل هو الروح من ضمن الملائكة.

ولأن هذه الرسالة معنونة بالسلام، كانت ليلة القدر؛ ليلة الوحي، أهم زمن يتجلى فيه اسم الله السلام، وهي دعوة قوية وصريحة إلى توجيه الإرادة الإنسانية نحو قبلة السلام مع النفس والآخرين والأكوان، سلام ينبثق من أنوار هذه الليلة ذات القدر العظيم لينسحب على كل الزمن.

إن الطاعات والمعاصي تعظم بعظم  الزمان والمكان، ولذلك فكل الحسنات التي يقدمها المؤمن في أزمنة البركة ومواسم الخير، تأخذ  قيمتها من قداسة هذا الزمن؛ فالصدقة في رمضان ليست هي الصدقة خارجه، كما أن العبادة في الحرم ليست هي نفسها خارج أسوار هذا المكان… والصوم في الأيام البيض ليس كالصوم في سائر الأيام، وهناك يوم الجمعة بأنواره في كل أسبوع، وفي الثلث الأخير من الليل هناك ساعات مباركة يتنزل فيها الرحمن إلى السماء الدنيا… والصلاة في البيت ليست هي الصلاة في المسجد، كما أن الصلاة في المسجد النبوي تفوق من حيث الأجر لشرف المكان، أما العبادة في ليلة القدر فلها قدر آخر، والدعاء فيها له شأن آخر…

ولهذا فأكثر الناس تجاوزا للتقدير الفيزيائي للزمن هم: أهل الله المتبوؤون منزلة الإحسان في  سرمدية روحية، تتجاوز القانون التعاقبي للزمن بين الليل والنهار! إذ يصلون الأول بالثاني تسبيحا واستغفارا، ويذكرون الله صبحا وظهرا وعشيا: ﴿فَسُبْحَٰنَ اَللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (16) وَلَهُ اُلْحَمْدُ فِے اِلسَّمَٰوَٰتِ وَالَارْضِ وَعَشِيّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ﴾ [ الروم/16-17]، يذكرونه مع  كل نفَس، وبين النفَس والنفَس يستغفرون: ﴿انَّهُمْ كَانُواْ قَبْلَ ذَٰلِكَ مُحْسِنِينَ (16) كَانُواْ قَلِيلا مِّنَ اَليْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالَاسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الذاريات/16-18].

 فهؤلاء الذين يعيشون تحت نفحات الغيب بتنزيه الذات الإلهية على طول الزمن وعرضه، لا يخضعهم  الزمن الفيزيائي لقوانينه، ولا تحكمهم الساعات الجدارية، فهم بمقام الأنبياء المقربين، قال سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا اَلْمُزَّمِّلُ قُمِ اِليْلَ إِلَّا قَلِيلا (1) نِّصْفَهُۥ أَوُ اُنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (2) اَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ اِلْقُرْءَانَ تَرْتِيلاً (3) اِنَّا سَنُلْقِے عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلاً(4) اِنَّ نَاشِئَةَ اَليْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْـٔا وَأَقْوَمُ قِيلاً﴾[المزمل/1-5]، مقام دونه مجاهدات كبرى، تصير معها راحة الأرواح استغفارا لا هجوعا، ويتوقف الزمن ليأخذ معنى الخلود بتجلي الأنوار العلية، ويملأ طعم السعادة المطلقة كل الزمن.

وهؤلاء أيضا من يقدر الزمن ليس بالحسابات الفلكية ولكن بالوقائع العظيمة التي تتخلله، لأن الزمن الفزيائي وعاء محايد، ولذلك فليلة واحدة من رمضان، ليلة القدر والشرف العالي، ليلة العتق والنوال، حيث تنزل الملائكة وجبريل بالأنوار، يملأ الزمن بالسلام فتصير ليلة بألف شهر.

ولهذا يختلف المجرمون يوم القيامة في مدة مكوثهم في الدنيا بين عشرة أيام ويوم واحد، كما في قوله تعالى: ﴿يَوْمَ يُنفَخُ فِے اِلصُّورِ وَنَحْشُرُ اُلْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذ زُرْقا (100) يَتَخَٰفَتُونَ بَيْنَهُمُۥ إِن لَّبِثْتُمُۥ إِلَّا عَشْرا (101) نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً اِن لَّبِثْتُمُۥ إِلَّا يَوْما﴾ [طه/100- 102] ، بل إن شعورهم  بالزمن الدنيوي الذي عاشوه في الملذات والشهوات قد لا يتجاوز  عشية أو ضحاها ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوٓاْ إِلَّا عَشِيَّةً اَوْ ضُحَيٰهَا﴾[النازعات/45]، وقد يتقاصر تقديرهم لمدة الحياة الدنيا لشدة هول منظر البعث ووطأة مواقف القيامة فيتباطؤ هذا الزمن، حتى يظنون أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة، قال سبحانه: ﴿وَيَوْمَ تَقُومُ اُلسَّاعَةُ يُقْسِمُ اُلْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُواْ غَيْرَ سَاعَة﴾ [الروم/54] وقال: ﴿ وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَة مِّنَ اَلنَّهارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ﴾[يونس/45] وقال في سورة الأحقاف: ﴿كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَة مِّن نَّهارِ﴾[آية 35].

ومع أن تقدير زمن الملذات والشهوات واللهو والغفلة بالنسبة للمجرمين يختلف بحسب أحوالهم ومواقفهم النفسية ، فتراوح  -حسب الآيات أعلاه- بين العشرة أيام واليوم الواحد أو بعض اليوم والعشية أو ضحاها حتى لم يتجاوز ساعة من نهار، ففي الآيات إشارة إلى تبخيس الوحي للزمن الذي استغرقته أعمار المجرمين، لما امتلأت به من تلبية نداء الشهوات وتدسية النفوس بالأهواء، ولفراغها من أداء رسالة الإنسان في الاستخلاف بالإصلاح والإعمار، فصارت السنين بمثابة الأيام وصارت الأيام بمثابة الساعات.

ومن الفلاسفة من تكلم عن هذا البعد غير المادي للزمن مثل بركلي وهيوم ولايبنتز وماخ وبوانكريه والفيلسوف الفرنسي “هنري برغسون” الذي  انتقد فكرة الزمن الكمي واعتبر الزمن النفسي هو الزمن الحقيقي، لأنه الزمن الذي تستشعره النفس البشرية حينما تسبح بخيالها لتشاهد إحساساتها وذكرياتها ولذاتها وآلامها ورغباتها، وهو زمان تتجدد لحظاته مدى الحياة، ولا صلة له بالمكان، لأنه معبر عن الحياة الشعورية، وقد عبر عن ذلك بقوله: “إذا أردت أن أعد لنفسي كأس ماء محلى، فلابد لي مهما فعلت من الانتظار حتى يذوب السكر، هذه الواقعة العادية حافلة بالتعاليم، لأن الزمان الذي علي أن أنتظره لم يعد الزمان الرياضي، الذي يمكن أن ينطبق على طول التاريخ كله للعالم المادي، إنه يتزامن مع فراغ صبري، أي مع قسم ما من ديمومتي أنا، غير القابلة للتقصير ولا للتمديد حسب الإرادة”[5].

وقد قدم الكاتب كرستوف بوميان فلسفة برغسون على أنها فلسفة تنسلك ضمن الاحتجاج على طغيان المادة على المعنى، والكم على الكيف، وأنها محاولة لانتصار الميتافيزيقا على العلم التجريبي في سياق حضاري اجتاحته فلسفات المادة يقول: “الفلسفة البرغسونية تستطيع في الحقيقة أن تؤوَل بوصفها احتجاجا ضد العالم الذي يهيمن عليه زمن الساعات الجدارية، الذي اجتاح المدن خلال عشرات السنين الأخيرة من القرن التاسع عشر، واحتجاجا ضد الزمن الآلي والاصطناعي، الذي لا يأخذ خلال مساره الرتيب، أي اعتبار لتنوع الحالات النفسية للأفراد، الذين يفرض عليهم من الخارج التطابق معه، وباعتبارها احتجاجا ضد التقنية باسم العضوي، وضد العلم باسم ما وراء الطبيعة”[6].

لقد جاء الزمن في الوحي بأبعاد متعددة؛ البعد المادي الفيزيائي الذي تعكسه الساعات الجدارية، والذي يحكمه تقلب الليل والنهار وحركة الكواكب، والزمن النفسي الذي يقدر بالحالات الشعورية للإنسان، والزمن الأخروي السرمدي المتسربل بالخلود والذي يتجاوز قوانين الفيزياء والتقديرات البشرية، والزمن الثقيل القدر؛ بما يتخلله من عظائم الأحداث والوقائع، فتعدل الساعة منه الأيام وتعدل الليلة ألف شهر.

الهوامش:

[1] – صحيح البخاري، كتاب الصوم، باب هل يقال رمضان أو شهر رمضان، رقم 1899

2 – صحيح البخاري ، كتاب الإيمان، باب صوم رمضان احتسابا، رقم 38

3 – متفق عليه

4 -“شروط النهضة” من ص145 إلى 148.

5 – H.Bergson,L’Evolution créatrice(Paris : Alcan, 1907) P :502.

نقلا عن “نظام الزمان” كريستوف بوميان، ص454 بتصرف

6- ” نظام الزمان”، كرستوف بوميان، ترجمة بدر الدين عرودكي، المنظمة العربية للترجمة، توزيع مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت  سنة:2009م.

Science

دة. فاطمة الزهراء الناصري

أستاذة باحثة بمركز الدراسات القرآنية بالرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق