وحدة الإحياءشذور

شعرية المتخيل في رواية مدائن نون لسعيد العلام

الكتابة الروائية بين الخلق والخرق

إن السؤال الذي يصوغه هذا البحث، يخص خيار التحديث الذي عانقته الرواية العربية عامة والمغربية خاصة، في زمن التحول، وهي تبتدع آليات الحفر في عمق الذات، من أجل القبض على قضايا بالغة التركيب، تنبعث من باطن المجتمع الذي يتنفس في مناخ مشحون بالتناقضات، ويسمه التعقيد

 كل ذلك سعيا إلى اقتناص المواضيع التي تكسب الإبداع أصالته حينما يتقن المبدع الإحساس بواقعه،  رغم بعده عنه، فينشئ أدبا روائيا تتلاقى فيه المشاعر والأفكار، والوقائع، والتراث، والوهم، والحلم…

حيث تمتص اللغة القديم والجديد معا، جريا وراء تأصيل الكتابة بتحريك مركبة الإبداع نحو التجاوز والإضافة، متخطية الاجترار والسكونية؛ لأن الرواية، هذا الفضاء المسكون بعدم الاكتمال والانفتاح، والموسوم بالحركية، لا تتميز أو تتفرد إلا حينما يجدف الكاتب نحو التجدد و التجاوز؛ إنها إذا لم تستطع أن تأتي بما لم تجر العادة  بمثله، كانت كتابة ساكنة، مكتملة، تتقن الاجترار.

تبدو الرواية المتحولة كأنها تسائل ذاتها باستمرار، وتفكر في كينونتها؛ لذا تراها تعمل على  اجتذاب اهتمام المتلقي إلى شكلها قبل كل شيء؛ أي إلى قوانينها الخاصة التي يبتدعها الروائي، في مسار إنشائه الإبداعي للرواية، بما هي مغامرة تسعى إلى الكشف عن صفاء الروح الإنسانية، بين أشتات الحلم، والوهم، والفكر، معيدة تكوين الكتابة من خلال معانقة الحكي للشعر والفلسفة، والجنون، والعي،  والفصاحة، والكسر، والجبر، والموت والحياة…

هكذا، يطفو السؤال إلى السطح: كيف نقرأ نصا تخلى عن النظام والالتئام، وأعلن عداءه للاكتمال والسكونية؟

كيف نتسلل إلى سراديب نص تبنى الخرق مدخلا إلى الخلق؟    

أي معول يسعف على الحفر في أرض ملغومة تتفجر في كل أرجائها المعاني،  والدلالات؛ حتى الصمت فيها بات خزانا للكلام؟

لم تعد الرواية الرافضة للاكتمال تنتظر من يحينها، ويتلقاها جاهزة، لا يحمل من زاد سوى منهجية جاهزة محددة ومجربة، يجربها بدوره، متوهما أنه يقرأ ليكشف مكامن العبقرية في فهمه للمنهج، وتفوقه في تطبيقه.

إن الرواية المغربية والعربية اليوم وهما تغزلان من زبد الرفض والغضب.. عوالمهما: ترفضان منح رخصة قراءتها لمن يعجز عن التوقيع على مشاركته في الإبداع؛ وهو توقيع يلزمه بالبحث عن أدوات قرائية، تتلاءم مع الخاصية الزئبقية للرواية التي لا  تمتلك مسارا خطيا في تشكيلها، ولا تخضع لمقاييس مشابهة لأخواتها، بل يسكنها التحول، وتعمل على ديمومته؛  وتحلم بالتعدد القرائي الذي يفرضه تعدد منافذها الدلالية، وتعدد آفاقها الرؤيوية، بما يجعلها تفرض على القراءة أن تمتلك جرأة الكشف عن ” الأراضي المجهولة[1]” فيها.

ومعلوم أن المعاني مطروحة في الطريق، لا تستحق أن يلتفت إليها إلا حينما يكون وعاءها جديدا، مادة وتركيبا، ورؤية وثقافة، ومعارفا…

والرواية بتشكيلها الجديد، بتركيبها المفتوح، وبطابع عدم الاكتمال الذي يميزها تحدد ماهية المتلقي الذي لا يكون معزولا، و”لا مختصرا في خاصية الفرد القارئ الوحيدة، ذلك أن التجربة التي تخولها له قراءته تجعله يسهم في مسار التواصل[2].”

 معمار المتخيل في “مدائن نون”

إن رواية تسعى إلى تفتيت الإحساس بالعالم، وتفكيك المشاعر والعلاقات، لأجل إعادة تركيبها، وترتيبها، تستدعي، من دون شك، تفتيتا”effritement  قرائيا للنص، يلهث وراء العلامات المشكلة للرواية، باعتبار أنها “جملة” واحدة une phrase  مهما تعددت وتعقدت مكوناتها.

ومعلوم أن القراءة ليست مملوكا للكتابة، ولا القارئ بخادم للمكتوب؛ إذ أن كفاية المتلقي غير مساوية لكفاية الباث، بل وتختلف أرموزات المرسل إليه، كليا أو جزئيا، عن أرموزات المرسل؛ ومع ذلك يمكن للكتابة أن تمارس تعاليها حينما تحكم إغلاق منافذها؛ ليجد القارئ نفسه مدعوا إلى تكسير الحاجز بينه وبين المكتوب الروائي، والتفتيش عما يصنع خصوصية المعمار التخيلي فيه، وهو أمر يستدعي تتبع مسارات النص الإشارية، وملأ ثقوبه السردية.

إنّ “مدائن نون” تفترض قارئا يمتلك كفايات معرفية عديدة؛ لأنها ذات مسالك متعددة ومغالق متنوعة ومنها الافتتاحية.

ومعلوم أن لهذا المكون الروائي دور موقعة الحدث، أو الشخصيات،  أو زمن القصة، أو مكانها… إنه يؤثث المشهد التواصلي بين الكتابة  والقراءة.

غير أن الافتتاحية incipit في هذه الرواية لا تهتم بـ”تقديم” عالم الرواية التخييلي للقارئ؛ فهي تعمل على اقتلاع غيابه، ومن ثمة  تحين  حضوره كـ”منشئ للمعرفة الروائية” وليس مجرد متقبل سلبي لها؛ فالحدث والسياقات المقامية التي يجري فيها، تستثير لدى المتلقي سؤالا يخص العلاقة بين “الكتابة التخييلية والحقيقة الإنسانية” في فرار متواصل للرواية من “السكونية” و”الرتابة” وهي ميزة الكتابة الروائية غير التقليدية..

 حيث يتعمد السارد تخييب آفاق انتظاراته المتزاحمة، والمتوالية، وهو يحكي قصة اللقاء العجائبي الغريب بين رجل وامرأة، في عالم مكاني وزماني عجيبين حيث لا يوجد سواهما، فتشتد حدة التوتر القرائي، وتحتد معاناة المتلقي، وهو يستل للرجل والمرأة في “المدائن” مرجعا من ذاكرته أو معتقده، أو فهمه… بسبب التشابه بينهما وبين آدم وحواء.

ولكن المحكي يأبى إلا أن يقذف بالقارئ في متاهة البحث عن الحدود بين الحقيقي، المحتمل، والممكن، والمستحيل، والمتخيل… فيمضي مفتشا عن الخيوط التي تصل “تراما” و”آدم” و”ريما” و”حواء”.. ولكن سرعان ما تنقطع الأسباب الرابطة بين هذه الأطراف، حينما يكتشف أن “حواء” اسم لإحدى بنات “تراما” و”ريما”.

 والواقع أن هذه الدوامة تخلق فوضى قرائية بما أنها ترج رتابة التلقي، فيختل ميزان القراءة المعهود، والذي ألف فيه المتلقي الأسماء ومدلولاتها. وهذه الغرائبية تنقل المتلقي إلى مرحلة الأحداث التالية، وانتظار الخبر السردي اللاحق ليفهم الترهينات السردية المتعددة: كتابة/قراءة، نصوص حاضرة/نصوص غائبة… وما يستتبع هذا من تقابلات مفاهيمية تحول الرواية إلى موضوع للترهين المفاهيمي بدءًا من العلاقة بين “ريما” و”تراما” مرورا باستجابة أبناء “تراما”  لوصية أبيهم، وانتهاءً بموت الملك “سام”.

وهكذا تتجاذب القارئ مشاهد درامية، فتراه يتحول من مشاهد “الحب” و”الحياة” و”السعادة”.. في الاستهلال[3] إلى مشاهد “الفرقة” و”الشتات” و”المعاناة” و”الموت”في الأجزاء الأخرى المكونة للرواية، وهو ما أسماه كريزانسكي krisinski  بـ”الخيبة  السردية”.

إن مدائن نون تحدد للقارئ ميثاق قراءتها، وفك مغاليقها؛ إذ تدعوه منذ البداية إلى الإصغاء إلى رنات متناغمة تنبعث صاخبة أو خافتة، من أوتار ينقر السارد عليها وهو يروي، تخيليا، حكاية البدايات أو يلامسها وهو يوهم القارئ، بصدى الحقيقة البشرية في القصة.

وللوهم التخييلي تجليات عجيبة في الرواية؛ إنه نشأ مع اللقاء العجائبي بين رجل وامرأة، وتتنامى هذه العجائبية لتصل إلى درجة اللامعقول، حينما يجد القارئ نفسه أمام شخصيات بدون تاريخ، أو عنوان، أو مهنة…

غير أن قراءة “المدائن” تستمد لذتها من هذا القرب الذي تمنحه الرواية للمتلقي من الحدث أثناء جريانه، والخبر السردي فور تشكله؛ إنه يشهد مع الراوي بداية تاريخ الشخصية وانتماءها المكاني والزماني، وتحولاتها.

وإذا بدا الراوي علما  omniscienوهو يحدد هوية “الرجل” “تراما” فإنه يحرص على تقديم المرأة مجهولة الهوية؛ إن الراوي يشهد مع المتلقي مولدها الاسمي فور حياكته من نسج خيوطه  “الريح” و”الماء” الذي غزل منها هذا المركب الاسمي “ريما”. ولعل مشهد بدء الحياة يتحدد ببداية تحدد الهوية الاسمية؛ وهي” إشارة انسجامية”  تدعو القارئ إلى المشاركة في إعادة تفكيك أسماء الشخصيات، والعثور على المبرر الفني للتسمية، لتحيين مقصديه الرواية أو على الأقل الدوران حولها.

وإذا كان العنوان، عادة، “نواة توجيهية” لكل كتابة سردية ترسم للمتلقي مسار تلقيه، بما أنها العلامة الأولى للنص وعتبة الخطاب البدئية، وتضعه على عتبات التلاقي بينه وبين خطاب المحكي، فإن للمدائن مدارات دلالية وأيقونية، تتجاوز مجرد تحديد هوية النص للقارئ أو إخباره؛ لأنها لم تلزم نفسها بقاعدة الإيحاء للمتلقي أو توضيح المعنى له، أو إفهامه ما كان غامضا في الخطاب.

ومعلوم أن العنوان، هذا النص الموازي، بتعبير جيرار جنيت، كيان يتموقع في منطقة لم يحسم في هويتها لتأرجح وجوده بين التعلق بـ”الداخل–نصي intra-textuel  الذي يتسم بهويته التخييلية؛ والتعلق بالخارج-نصيextra-textuel  ذي الخاصية الواقعية”. وهذا التأرجح في منطقة ما بين داخل النص وخارج النص، يجعل هذه المنطقة مجال استراتيجي لتداولية تضمن تلق جيد للنص وهو “تلق  يناسب  أكثر الكاتب وحلفائه” غير أن الثابت، هو اعتراف النص بأهمية العنوان، بالرغم من تموقعه على هامشه؛ لأنه في نظر هوفلheuvel  “ينتمي إلى عالم الحقيقة باعتبار ارتباطه بمتلفظه الأصلي[4]“؛ أي مؤلفه الحقيقي.

إن الأمر يتعلق بقضية الترهين المقدماتي instance préfacelle  بما هو “نص بدئي”، يشتغل في المدائن كترهين ناظم instance auctoriel أي كنواة توجيهية داخل الوضع التخييلي العام، غير أنه يشتغل على أكثر من مستوى: إنه ليس مجرد دليل لساني لأنه ليس “حد أو تخم، إنه عتبة[5].”

إن مدائن نون يحتل موقع البداية الاستفزازية للقراءة عندما ترج فاعلية المتلقي وتعيد توجيهه؛ إنه لعبة تدعو القارئ إلى استكشاف قانونها التخييلي الخاص. هكذا لا تكون المدائن علامة لسانية تحيل على النص، ولكنها بناء منظومي يستمد سماته ومميزاته من علاقاته بالمكونات الأخرى؛ فتتحدد بذلك خصوصية التلقي، حيث تشترط الرواية أن يقيم المتلقي جسرا بين العنوان والعالمين الداخل-نصي والخارج-نصي، خاصة وأن مدائن نون تشكل بؤرة توتر بين ما يعرفه القارئ عن العالم، وعن بداية العمران الإنساني من جهة، وبين معرفة النص، من جهة أخرى، والتي تشير إلى بداية تخيلية مفارقة هي “نشأة  المدائن” يقول الراوي: “عمر الأبناء الثلاثة طويلا {يقصد خاتون ورام ونون} حتى تحولت أكواخهم إلى مدائن كبيرة توج كل منهم ملكا[6].”

” أما مدائن نون فهي  ملاذ آمن لكم و لذريتكم[7]“.

ويوافق الراوي هذا الرأي قائلا: “لقد تفردت مدائن نون بان تكون قبلة لكل التراميين ميممين وجوههم قبل أرض الأجداد، متبركين بعناية أرواحهم الطاهرة[8].”

ثم إن نون أهم أولاد “تراما”؛ لأنه حامل مشعل المعرفة والحكمة، والمكتوي الأول بنارها، والسبب الذي أخرس زوجه “هام” حينما اجتث لسانها من منبته عقابا لها على فرط فطنتها وشدة ذكائها.

وكانت رؤيا “نون” النبأ الذي تفرقت على إثره الأسرة ففارق” تراما” “ريما”.

وهي من جهة أخرى، السبب في إنشاء المدائن، وبناء الحضارات وعمارة الأرض؛ وبذلك تتناسل في المدائن المتناقضات، وتنجدل الثنائيات، فتكاد تنمحي الحدود بين الأشياء وأضدادها: السعادة/الشقاء، الاتصال/الانفصال، الفرقة/الوحدة، الموت/الحياة، الدموع/الابتسام…

إن المدائن ترسم ملامح الوجود الإنساني الموسوم بالتحول، والغرابة، والتناقض.. فالماء في اسم “تراما” و”ريما”، مثلا، ينبوع رمزي تتآلف فيه المتناقضات؛ إنه البداية والنهاية معا.. الحياة والفناء.. حتى أن مشهد الموت يتحول في الرواية، إلى مشهد حياة[9]. ثم إن الماء مهيمن “تيميthématique  يوجه القارئ إلى سبل تشغيله كرافد قرائي  ينشئ  به  ما يملأ الثقوب السردية.

ولعل نصية النص وانسجام الخطاب يتحققان في المدائن وفق مقامات تواصلية يقتضيها السياق الخطابي الذي أدرجت فيه. فاستعادة النص خطابيا، وبطريقة غير مباشرة تجري وفق بناء نصي متسق يتحدد به انسجام الخطاب. هكذا يجد القارئ ترددا لنص العنوان: “انتفض سام خيرة فرسان مدائن نون، وزينة شبابها مخاطبا ملكه[10]“.

غير أن استعادة نص العنوان في روايتنا، لا يتخذ مظهرا تكراريا، بل تتحكم فيه تلوينات مقاميه فتحكم مراميه الخطابية بحسب تنامي الإخبار السردي. فالعنوان يرتبط موضوعاتيا بالكل الروائي، كما يمثل فيه متلفعا بأقنعة متنوعة  ليمنح القارئ خبرا سرديا جديدا. ذلك أن كل نص جديد يستعيد النص المقدماتي ولكنه يتجاوزه حينما يقول شيئا جديدا؛ وهذا الوضع المتناقض في ظاهره، تنتج عنه  حالة توتر مستمرة وتوازن غير ثابت، بين استعادة النصوص والجمل، وتناميها، إنه توتر بين الخبر المعلوم والمعلومة الجديدة.

وللتنامي التخييلي للخبر السردي مظهر خاص في الرواية، موضوع الدراسة؛ إذ هو تنام موضوعاتي متناسل، كل موضوعة تنحدر من الموضوعة الأصل: “إنشاء مدائن عمرانية حسب وصية تراما” ولا تنفصل عنها. وهو مظهر من مظاهر الانسجام النصي بهذا العمل الأدبي. ويشكل الفصل المعنون في الرواية بـ”ديار رام” محطة تستوقف القارئ وتدعوه إلى البحث عن ملاقي العلامتين: “العنوان”، وفصل”ديار رام”.

هكذا ينتصب العنوان كحمولة دلالية جديدة وسياقات مقاميه مختلفة؛ لأن عنوان الرواية ليس له معنى واحدا، وإن بدا متكررا بكامل ظاهر لفظه، أو بجزء منه أو ببديل مرادف لها… ذلك لأن معمار التخييل في الرواية، موضوع الدراسة، ليس خطيا بل يستدعي خبرة قرائية تمكن من اقتلاع المعنى من تجاويف الخطاب، أو توقعه من خلال ضبط  تعالقاته النصية والمقامية والسياقية في خطاب “مدائن نون”.

إن فك مغالق النص يستدعي كفاية سياقية ثقافية؛ والخطاب في هذه الرواية يستدعي تتبع مسارات النص الإشارية، وملأ ثقوبه السردية غير الاعتباطية بل والاعتباطية أيضا، ومن ثمة القبض على النصوص المصاحبة المدرجة في النص insertions contextuelles التي  تعين المتلقي على إنشاء المعنى فضلا عن تنشيط الكفاية الموسوعية للقارئ. 

شعرية المتخيل في رواية مدائن نون لسعيد العلام

الهوامش


[1] . رواية مدائن نون لسعيد العلام.

[2]. pour une esthétique de la réception ,H.R. Jauss ; Gallimard; 1978 p.257.

[3] . رواية مدائن نون ص13.

[4]. vd.heuvel . parole/mot/silence . pour une poétique de l enonciation.ed.josé corti1985 /P.57.  

[5] . G/ genette seuils P.8.

[6] . رواية مدائن نون، ص52.

[7] . المرجع نفسه، ص372.

[8] . المرجع نفسه ص374.

[9] . المرجع نفسه ص33.

[10] . المرجع نفسه ص55.

دة. رشيدة زغواني

كلية الآداب والعلوم الإنسانية/بني ملال

عضو المجلس الأكاديمي للرابطة المحمدية للعلماء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق