مركز ابن أبي الربيع السبتي للدراسات اللغوية والأدبيةدراسات عامة

شاعرية علي بن أبي طالب في الميزان (الحلقة الثانية)

المحور الثاني: إثبات الشعر المنسوب إلى علي رضي الله عنه وعدم الشك فيه أو إنكاره:

ننتقل في هذا المحور إلى الحديث عن الكفة الثانية من الميزان والتي رجح لدى أصحابها أن عليا رضي الله عنه كان شاعرا وأن ديوانه صحيح النسبة إليه، ونعرض فيما يلي النقاط التي يستند إليها أصحاب هذه الكفة:

1- بعض جامعي ديوانه ومحققيه ليسوا من واضعي الشعر أو منتحليه:

يستند الذين لم يشكوا في نسبة الديوان إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى أن بعض جامعي ديوانه ليسوا ممن يتهم بالوضع أو الانتحال، وهم كالآتي:

(الأول) أبو أحمد عبد العزيز بن يحيي الجلودي (322هـ).

(الثاني) علي بن أحمد النيسابوري الفنجكردي النيشابوري (513أو 521هـ).

(الثالث) أبو البركات هبة اللّه بن علي بن محمد المعروف بابن الشجري.

(الرابع) الكيدري المتوفي بعد سنة (576هـ).

(الخامس) ملا قاسم علي بن محمد تقي الخوانساري.

(السادس) الشيخ محمد علي المدرس خياباني (1373هـ).

(السابع) السيد محسن الأمين العاملي (1330هـ)(1).

وقد تكون نية جامعه أحيانا التبرك بكلام الإمام ظنا منه أن عليا رضي الله عنه هو قائله حقا.

وأورد فيما يلي طبعات ديوان علي رضي الله عنه التي وقفت عليها والتي قرأت بعضها، وكذلك التي اطلعت على صورة غلافها الخارجي فقط ولا يمكنني الوصول إليها أو تحميلها وهي كالآتي:

1- ديوان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم وجهه، جمع وترتيب عبد العزيز الكرم.

2- ديوان الإمام علي، جمعه وضبطه وشرحه نعيم زرزور، منشورات دار الكتب العلمية.

3- ديوان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، اعتنى به عبد الرحمن المصطاوي، منشورات دار المعرفة.

4- ديوان الإمام علي، ديوان شعر إمام البلغاء الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، تحقيق الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، منشورات دار ابن زيدون ومكتبة الكليات الأزهرية.

5- ديوان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، تحقيق سالم شمس الدين، منشورات المكتبة العصرية.

6- ديوان أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، دراسة وتقديم ماجدة حمود، منشورات دار رسلان.

7- ديوان الإمام علي كرم الله وجهه، شرحه وقدم له مهدي محمد ناصر الدين، منشورات دار الكتب العلمية.

8- ديوان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، تحقيق عمر فاروق الطباع، منشورات دار الأرقم.

9- ديوان أمير المؤمنين وسيد البلغاء والمتكلمين الإمام علي بن أبي طالب، جمعه وضبطه وقدم له حسين الأعلمي، منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات.

10- ديوان الإمام علي ويليه روائع حكمه وأقواله المأثورة، شرح محمد راجي كناس، منشورات كتابنا للنشر.

11- ديوان الإمام علي أمير المؤمنين وسيد البلغاء والمتكلمين عليه السلام، ويليه القصيدة الكوثرية، منشورات المكتبة الشعبية.

12- ديوان الإمام علي بن أبي طالب، جمع وتحقيق الدكتور يحيى مراد، منشورات مؤسسة المختار.

13- ديوان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، التدقيق اللغوي محيي الدين سليمة، منشورات دار الهدى.

14- شرح ديوان الإمام علي بن أبي طالب، تحقيق رحاب خضر عكاوي، منشورات دار الفكر العربي.

15- ديوان الإمام علي بن أبي طالب، شرح الدكتور يوسف فرحات، منشورات دار الكتاب العربي.

16- ديوان الإمام علي بن أبي طالب، تحقيق الدكتور عبد المجيد همو، منشورات دار صادر.

17- ديوان الإمام علي، إعداد عبد الله سنده، دار الرضوان حلب.

18- ديوان الإمام علي المعروف بـ«أنوار العقول من أشعار وصي الرسول» جمعه قطب الدين محمد بن الحسين البيهقي الكيدري، تحقيق كامل سلمان الجبوري، منشورات دار المحجة البيضاء.

19- ديوان الإمام علي، منشورات مؤسسة التاريخ العربي.

2- الموهبة الشعرية عند علي رضي الله عنه:

لا يمكن إنكار الموهبة الشعرية لعلي رضي الله عنه؛ لأنه من بيت بني عبد المطلب المعروفين بفصاحة اللسان، وملكة الشعر. يقول ابن رشيق: «وليس من بني عبد المطلب رجالا ونساء من لم يقل الشعر، حاشا النبي صلى الله عليه وسلم»(2)، وقد نسب إليه ابن رشيق قوله: “الشعر ميزان القول”، كما أورد بعض شعره ووصفه بكونه مُجَوِّدا.

يقول السيد يعقوب بكر: “ولقد كان علي ذا موهبة شعرية على هذا الأساس، فلقد كان حي النفس، يقظ القلب، متنبه الضمير، يتأثر تأثرا سريعا عميقا بما من شأنه التأثير السريع العميق؛ ولقد كان متقد العواطف حار الانفعالات”(3).

كما أشار بروكلمان إلى موهبته الشعرية أيضا بقوله: “لا شك أن عليا كان على سليقة من الشعر. ولكن من المشكوك فيه كثيرا اشتمال الديوان المنسوب إليه على أشعار صحيحة”(4).

فالموهبة أو السليقة الشعرية لا تكفي حتى يُنسب هذا الديوان بأكمله له، فكثير من بني عبد المطلب لم تصلنا أشعارهم أو وصلت أرجازهم وبعض قصائدهم فقط.

3- ديوان الإمام علي بن أبي طالب وكتابه «نهج البلاغة»:

“نهج البلاغة” هو كتاب جمعه الشريف الرضي يشتمل على خطب ووصايا ورسائل وحكم وأقوال، وهو كديوانه يسيران في اتجاه واحد من حيث الأغراض، فكلاهما ذو صبغة سياسية دينية وكذلك حكمية وعظية.

وهو أيضا مشكوك في نسبته لعلي بن أبي طالب مثله مثل الديوان من باب كثرة هذه الخطب والأقوال كثرة ظاهرة بحيث لا يصح أن تكون كلها له والله أعلم.

4- مصادر شعره:

يستند الذين لم يشككوا في صحة الديوان المنسوب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى جانب ما سبق إلى مصادر شعره، ومن المعلوم أن كثيرا من الأشعار الموجودة في الديوان المنسوب لعلي رضي الله عنه توجد في مصادر مختلفة لا تخفى قيمتها العلمية منها:

كتب السيرة النبوية: مثل السيرة النبوية لابن إسحاق وابن هشام والروض الأنف للسهيلي.

كتب التاريخ: مثل تاريخ دمشق وتاريخ بغداد.

كتب الأدب: مثل الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني، والكامل للمبرد، وديوان الحماسة للبحتري، والعمدة لابن رشيق القيرواني.

المعاجم اللغوية: مثل لسان العرب لابن منظور، والقاموس المحيط للفيروزآبادي، وتاج العروس للزبيدي.

استنتاج عام:

وإني إذ أصل إلى نهاية هذا المقال أجدني أقول في نفسي كلاما أثبته كما يلي:

عندما قرأت ديوانا من الدواوين المطبوعة المتداولة للإمام علي رضي الله عنه وجدتني أتساءل هل حقا قال الإمام كل هذا الشعر فأجيب بالنفي: كلا، وكيف له أن يقول هذا الشعر كله.

ثم إن المسافة بين الشك والإثبات تكون في قصيدة واحدة أو قصيدتين فكيف تكون في ديوان شعري بأكمله متعدد الأغراض والأوزان والقوافي هذا محال المحال.

صحيح أنه قال البيت أو الأبيات وقال أيضا الرجز، أما أن يقول كل هذا الشعر الموجود في الديوان فذلك من عمل الرواة والله أعلم بعلمه.

وأخيرا أقول رجحت عندي كفة أن الإمام علي لم يكن شاعرا بما تعنيه الكلمة من معنى، بل كان راجزا خطيبا فصيحا، وللناس بعدي أقوال وأقوال وإنما دلوت بدلوي ليس إلا، والله تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

1- ديوان الإمام علي دراسة في حقيقته ووثائقه وشروحه وترجماته مقال للشيخ مهدي مهريزي، ترجمة كاظم خلف، منشور بموقع نصوص معاصرة مركز البحوث المعاصرة ببيروت، بتصرف.

2- العمدة 1/36.

3- شعر علي بن أبي طالب، مجلة الرسالة العدد 469.

4- تاريخ الأدب العربي لبروكلمان 1/175.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصادر والمراجع:

– أسرار البلاغة، لعبد القاهر الجرجاني، قرأه وعلق عليه: محمود محمد شاكر، الطبعة الأولى: 1412هـ/ 1991م، منشورات مطبعة المدني بالقاهرة، دار المدني بجدة.

– الأعلام، للزركلي، منشورات دار العلم للملايين، بيروت.

– الإنسان الكامل في نهج البلاغة، لحسن حسن زاده الآملي، ترجمة عبد الرضا افتخاري، الطبعة الأولى سنة 1416هـ، منشورات مؤسسة المعارف الإسلامية.

– تاريخ الأدب العربي، لبروكلمان، تحقيق عبد الحليم النجار ورمضان عبد التواب، منشورات دار المعارف سنة 1977م.

– تراجم المؤلفين التونسيين، لمحمد محفوظ، الطبعة الأولى: 1404هـ/ 1984م، منشورات دار الغرب الإسلامي.

– خزانة الأدب وغاية الأرب، لابن حجة الحموي، دراسة وتحقيق كوكب دياب، الطبعة الأولى: 1421هـ/ 2001م، منشورات دار صادر.

– خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، للبغدادي، تحقيق عبد السلام محمد هارون، منشورات مكتبة الخانجي سنة 1418هـ/ 1997م.

– ديوان الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه، اعتنى به عبد الرحمن المصطاوي، الطبعة الثالثة: 1426هـ/ 2005م، منشورات دار المعرفة، بيروت، لبنان.

– ديوان الإمام علي دراسة في حقيقته ووثائقه وشروحه وترجماته مقال للشيخ مهدي مهريزي، ترجمة كاظم خلف، منشور بموقع نصوص معاصرة مركز البحوث المعاصرة ببيروت.

– ديوان الإمام علي، ديوان شعر إمام البلغاء الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، تحقيق محمد عبد المنعم خفاجي، منشورات دار ابن زيدون ومكتبة الكليات الأزهرية.

– ديوان الشافعي المسمى الجوهر النفيس في شعر الإمام محمد بن إدريس، إعداد وتعليق وتقديم محمد إبراهيم سليم، منشورات مكتبة ابن سينا.

– شعر علي بن أبي طالب، ليعقوب بكر، مقال منشور بمجلة الرسالة العدد 469، سنة 1942م.

– شعراء عباسيون منسيون، لإبراهيم النجار، الطبعة الأولى سنة 1997م، منشورات دار الغرب الإسلامي.

– العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، لابن رشيق القيرواني، حققه وفصله وعلق حواشيه محمد محيي الدين عبد الحميد، الطبعة الخامسة: 1401هـ/ 1981م، منشورات دار الجيل.

– الفتوحات المكية، لابن عربي، ضبطه وصححه ووضع فهارسه أحمد شمس الدين، منشورات دار الكتب العلمية.

– الكامل في اللغة والأدب، للمبرد، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، الطبعة الثالثة 1417هـ/ 1997م، منشورات دار الفكر العربي، القاهرة.

– لسان العرب، لابن منظور، الطبعة الثامنة سنة 2014م، منشورات دار صادر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق