مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويأعلام

سيدي أحمد الركَيبي الحفيد

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

ولد سيدي أحمد بن أحمد الركَيبي أو الرقيبي الحفيد (سيدي أحمد الركَيبي الثالث) بقصر الركَيبة أو الركَبة، بإزاء ثنية بين المحاميد ولكتاوة[1]، أو بمنطقة الأخناك، بوادي درعة[2] أو بمنطقة الخروايع، بدرعة[3]، غير بعيد عن طاطا[4].

      ولعله عاش ما بين القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين[5]. حيث عاصر سيدي أحمد بوغنبور، وسيدي أحمد العروسي[6] اللذين لقياه في حكاية طريفة [7].

      وقد حفظ المترجم القرآن الكريم بالروايات السبع في سن مبكرة، بوادي درعة. واشتغل إثر ذلك بالعلوم وكثرة العبادة والسياحة والاختلاء بعيدا عن الناس[8]، وكثرة الرحلة طلبا للعلم[9].

      وحين رجع إلى بلده امتلك نخلا ومواشي وأصولا كثيرة، بمسقط رأسه الأخناك الدرعية[10]. ثم ترك ذلك، وخرج سائحا طالبا علم السلوك إلى أن وصل إلى منطقة الشبيكة، فاختلى هناك في غار، بإزاء جبل زيني، يتعبد فيه عشرة سنوات[11]. وقيل اختلى 16 عاما بجبل “لمسيد”، بالساحل الأطلنتي[12].

     وبعد خروجه من الخلوة، بحسب بعض الباحثين أو قبلها، بحسب بعض آخر، اشترى سيدي أحمد الركَيبي الحفيد أرض “الخروايع” أو “الخنيكَات”  من أصحابها بني الحفيان، بوادي الشبيكة، بإزاء جبل زيني، بساحل البحر الأطلنتي[13].

      وإلى جانب ذلك، أشار بعض الباحثين إلى توسط سيدي أحمد الركَيبي الحفيد بين عرب معقل وسلطان سعدي كان يطاردهم بالصحراء المغربية[14]. وقيل إنه افتدى أحد أبناء قبيلته من الأسر بمال كثير[15]. وكان يصلح بين القبائل[16]. وهي حالات دالة على إسهام المترجم في تأسيس أمن مجالي. ولعله أسهم، بشكل أو بآخر، في مقاومة الغزو البرتغالي إسوة بغيره من صلحاء عصره[17].

      وتحتفظ الرواية الشفهية بذكرى نصائح المترجم للسلطان أحمد المنصور الذهبي، ومبايعته إياه حين لقاءه به، بموضع مغدر السعد[18]، مثل ما تحتفظ بذكرى استنباطه للماء، بموضع “الفرسية“، إرواءً لجيش السلطان المذكور المتجه إلى السودان[19].

      وأسس المترجم مدرسة لتعليم القرآن الكريم وأصول الدين على يد سيدي أحمد النارم الذي كان يدرس أبناء الشيخ فيها[20]. ولعلها نواة قصبة “هنزة” التي جدد بناءها الركَيبيون، على بعد 100 كلم من الشمال الشرقي للسمارة، على وادي القيزات، أحد روافد واد الساقية الحمراء[21].

      وحين توفي المترجم دفن قرب قاعة الشبابين وواد الحبشي الكَبلي، أحد روافد واد الساقية الحمراء، ببلدة الحبشي، الواقعة حاليا بالشمال الشرقي من مدينة السمارة، بعيدا عنها بحوالي 140 كلم[22].

       والله الموفق للصواب والمعين عليه.

الإحالات:

[1] تقييد في نسب وأيام قبيلة الرقيبات، محمد سالم الرقيبي، تقديم وتحقيق: محمد دحمان، مطابع الرباط نت، 2017 م، ص15- 16 والهامش رقم 2.

[2] الشيخ سيدي أحمد الركَيبي، العالم الإدريسي، في: السمارة الحاضرة الروحية والجهادية للصحراء المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، 2002 م، ص19، وص20.

[3] تاريخ قبيلة الشرفاء الركيبات، علي ولد البوهالي، مطبعة فيديبرانت، 2001 م، ص50.

[4] الشيخ سيدي أحمد الركَيبي، ص19 والهامش رقم 2.

[5] جوانب من ثقافة الصحراء، محمد الظريف، الرباط، دار أبي رقراق، 2016 م، ص118، بتحفظ.

[6] راجع: أولياء وصلحاء الصحراء، إدريس نقوري، مطبعة DIMAGRAF، 2018 م، ص194- 195، وص290، وص296، وص314، وص322.

[7] نفسه، ص204، التعليق رقم 13، وص315.

[8] تقييد في نسب وأيام قبيلة الرقيبات، ص17.

[9] راجع: الزاوية الرقيبية، أحمد الوارث، في: المكونات الثقافية للصحراء المغربية، مطبعة المعارف الجديدة، 2001 م، ص113، وص114، وص119، التعليق رقم 28.

[10] تبيين الأشراف أهل دائرة الوسائل، وقبلة كل سائل، الأحسن البعقيلي، الدار البيضاء، المطبعة العربية، 1358 هـ، ص93.

[11] جوامع المهمات في أمور الرقيبات، محمد سالم الرقيبي، تحقيق وتقديم: مصطفى ناعمي، المعهد الجامعي للبحث العلمي، 1992 م، ص71، وص72.

[12] الزاوية الرقيبية، ص114.

[13] تقييد في نسب وأيام قبيلة الرقيبات، ص17- 18 وهوامشهما؛ وغيره.

[14] الساقية الحمراء: “صلحاء وزوايا”، مولود سنادي، في: الصحراء، الإنسان والمجال، تطوان، مطبعة الحمامة، 2017 م، ص168.

[15] التنظيم الاجتماعي والمجالي لمعالم المقدس بالسمارة، محجوب كرماز، في: السمارة الحاضرة الروحية والجهادية للصحراء المغربية، ص223.

[16] جوانب من ثقافة الصحراء، ص119.

[17] نفسه.

[18] الزاوية الرقيبية، ص114- 115.

[19] راجع: تاريخ قبيلة الشرفاء الركيبات، ص53- 54، وص65.

[20] التنظيم الاجتماعي والمجالي لمعالم المقدس بالسمارة، ص222.

[21] الساقية الحمراء ووادي الذهب، ج1، محمد الغربي، الدار البيضاء، مطابع دار الكتاب، د. ت، ص115- 116.

[22] تقييد في نسب وأيام قبيلة الرقيبات، ص19 والهامش رقم 7.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق