مركز علم وعمران للدراسات والأبحاث وإحياء التراث الصحراويأعلام

سيدي أحمد الركَيبي الجد

الدكتور مصطفى مختار

باحث بمركز علم وعمران

أسهم البيت الركَيبي أو الرقيبي في تنظيم المجال، بالصحراء المغربية[1]، إسوة بالبيوتات المنتسبة إلى العثرة النبوية الشريفة. حيث شارك صلحاءها وعلماءها في تدبير المجال الصحراوي برمته.

      وينتسب البيت الركَيبي إلى سيدي أحمد بن محمد أو عبد الواحد، حفيد المولى عبد السلام بن مشيش الإدريسي[2]. ويرجع الباحثون اسم الركَيبي أو الرقيبي إلى كثرة مراقبته وتنفيذ أوامر ربه. وقيل نسبة إلى ركب الحاج المغربي، أو نسبة إلى عتق الرقاب بأعداد كبيرة، أو نسبة إلى استقراره بالركَيبة أو الركَبة الواقعة بمنطقة درعة[3].

      ويذكر أكثر من باحث أن الشيخ سيدي أحمد الركَيبي الجد (أحمد الركَيبي الأول) انتقل من إقليم توات إلى درعة[4]. وقيل إن أهل درعة أصابهم قحط شديد، فاستقدموا سيدي أحمد الركَيبي الجد من مراكش أو من غيرها للتبرك به[5]، بشكل يعيد إنتاج سيرة سيدي الحسن بن قاسم (الحسن الداخل) جد الشرفاء العلويين[6].

      وأكد أحد الباحثين أن المترجم انتقل من دوار سيدي عبد الكريم، بجبل الريف[7]. وقيل من جبل السلام (جبل العلم) إلى تافيلالت. ومن هناك انتقل إلى وادي درعة حيث امتلك بها نخلا. ثم ارتحل إلى جبل تيلت، بسوس الأقصى، فوادي نون[8].

      ومن المجال الأخير انتقل إلى واد الشبيكة على ساحل المحيط الأطلنتي، فاشترى من قبيلة بني الحفيان أراضٍ شاسعة إلى الساحل المذكور. وهناك التقى بالسلطان أبي الحسن المريني، فتداول معه على تعمير تلك المنطقة[9]. وقيل إن الأرض التي اشتراها تمتد من واد الشبيكة إلى وادي الخرواع المسمى حاليا واد السينغال. وكان يسيح ببلاد التيرس التي هي بلاد الساقية الحمراء[10].

      والمترجم ممن أسهم في أمن الطرق خلال العصر المريني. حيث يروى عنه أنه ضَمِن تاكنة من عرب معقل أمام السلطان المريني المذكور إثر قطعهم الطريق بين فاس ومراكش، فتبعهم السلطان إلى الصحراء[11].

      ويذكر أكثر من باحث أنه بقي بدرعة حيث دفن بالركَيبة أو الركَبة، أو بتامكَروت، نواحي زاكورة، قادما من محاميد الغزلان[12] أو قادما من الساقية الحمراء، عام 750 هـ أو عام 815 هـ[13]. وقيل دفن في فم وادي الخواريع، بوادي درعة، قرب طاطا[14]. وذكروا أن ابنه سيدي أحمد الثاني دفن بقصر الركَبة أو الركَيبة، بوادي درعة[15]. حيث مزاره الآن على شكل حوش، تابع حاليا إلى إقليم زاكورة. وأشاروا إلى أن حفيده سيدي أحمد الركَيبي الثالث هو من انتقل من درعة إلى الساقية الحمراء[16].

      وبذلك، أسهم البيت الركَيبي أو الرقيبي في تأسيس وحدة ثقافية وطنية رابطة بين شمال المغرب (الريف- جبالة) وصحراءه (بلاد الساقية الحمراء) عبر مدينة مراكش، ومنطقة سوس، وبلاد تافيلالت، وبلاد درعة، وبلاد وادي نون، بوصفها بوابة من بوابات الصحراء المغربية.

والله الموفق للصواب والمعين عليه.

 

الإحالات:

[1] انظر: المهمات في أمور الرقيبات، محمد سالم الرقيبي، تحقيق وتقديم: مصطفى ناعمي، الرباط، المعهد الجامعي للبحث العلمي، 1992 م، 156 ص.

[2] انظر: تقييد في نسب وأيام قبيلة الرقيبات، محمد سالم الرقيبي، تقديم وتحقيق: محمد دحمان، مطابع الرباط نت، 2017 م، ص15- 16.

[3] راجع: أعلام من الصحراء المغربية، محمد الجيلاني لعبدَّ، الداخلة، مطبعة BENSS، د. ت، ص1، وص2، وص5؛ وغيره.

[4] أعلام من الصحراء المغربية، ص8.

[5] الشيخ سيدي أحمد الركَيبي، العالم الإدريسي، في: السمارة الحاضرة الروحية والجهادية للصحراء المغربية، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة، 2002 م، ص18.

[6] انظر: كتاب الاستقصا، ج7، أحمد الناصري، تحقيق: جعفر الناصري & محمد الناصري، الدار البيضاء، دار الكتاب، 1997 م، ص5- 6.

[7] الشرفاء الرقيبات بالصحراء المغربية، ج2، عبد العزيز منير، الدار البيضاء، دار قرطبة، د. ت، ص48.

[8] الزاوية الرقيبية، أحمد الوارث، في: المكونات الثقافية للصحراء المغربية، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة، 2001 م، ص108، وص110، وص112، وص116، التعليق رقم 7.

[9] المعسول، ج12، محمد المختار السوسي، المحمدية، مطبعة فضالة، 1960 م، ص88.

[10] الشرفاء الرقيبات بالصحراء المغربية، ج2، ص49.

[11] جوامع المهمات في أمور الرقيبات، ص44- 45.

[12] راجع: أعلام من الصحراء المغربية، ص2، وص8؛ وغيره.

[13] الزاوية الرقيبية، ص112.

[14] الشيخ سيدي أحمد الركَيبي، ص19 والهامش رقم 2.

[15] مادة الركيبي، أحمد (الابن)، محمد الظريف، في: معلمة المغرب، ج13، ص4427؛ وج26، ص298؛ وغيرهما.

[16] انظر: تقييد في نسب وأيام قبيلة الرقيبات، ص15- 19؛ وجوامع المهمات، ص34، وص70- 72؛ وتبيين الأشراف أهل دائرة الوسائل، الأحسن البعقيلي، الدار البيضاء، المطبعة العربية، 1358 هـ، ص93. وراجع: تاريخ قبيلة الشرفاء الركيبات، علي ولد البوهالي، مطبعة فيديبرانت، 2001 م، ص50- 54، وص56- 57، وص59- 62، وص63، وص64- 66.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق